رغم المحاولات التي قامت بها من جانب قيادات وطنية مصرية ومسئولين رسميين جرت على مدار الأيام الماضية مع السلطات الكويتية، لمنع ترحيل مواطنيها الذين أوقفوا في الكويت وينتمون لحزب الدستور والتيار الشعبي، إلا أننا نجد أن تلك المحاولات جميعها باءت بالفشل ، حيث أصرت السلطات الكويتية على تنفيذ قرار ابعاد المصريين وترحيلهم. وتم توقيف هؤلاء بعد تجمعهم في احتفال يحمل طابعاً سياسياً على صلة بالأوضاع المصرية الداخلية، الأمر الذي دفع قوات الأمن الكويتية إلى التدخل.
فقد استقبل مطار القاهرة أمس الاثنين 19 مصريا، تم ترحيلهم من الكويت، إثر اتهامهم قبل أيام، بالتجمع بدون تصريح وجمع تبرعات مالية للتيار الشعبي وحزب الدستور.
ليست الأولى
وهذه ليست المرة الأولى التي ترحل فيها الكويت مصريين لهذه الأسباب ، حيث قامت في ابريل / نيسان 2010 أي قبل الثورة ، بترحيل عدد من المصريين الذين اعتقلوا في الكويت لمشاركتهم في تجمع دعما لنشاط الدكتور محمد البرادعي.
وكان مصدر امني كويتي أفاد بأن السلطات الكويتية اعتقلت ما بين 20 و25 مصريا، وبعض هؤلاء "اعتقلوا خلال تجمع صغير عقد في السالمية (ضاحية مدينة الكويت - شرق) ودعا إليه عبر الانترنت لدعم محمد البرادعي" .
وكانت الكويت قد أبدت حرصها على عدم التدخل في الشئون الداخلية لمصر ونفت وجود اى دوافع سياسية ، وراء قرارها بترحيل عدد من المواطنين المصريين ، الذين يعملون على ارضها إلى القاهرة ، وذلك حينما قامت قامت بترحيل بعض المصريين اثر مشاركتهم فى تجمع دعما لنشاط البرادعي .
انتقادات حقوقية
وشنت وقتها منظمات حقوقية حملة انتقادات واسعة ضد الحكومة الكويتية بعد اعتقالها مؤيدى البرادعى المقيمين على أراضيها، وترحيلها لهم .
ودعت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الكويت إلى "وقف اضطهاد المعارضة المصرية"، وطالبتها بالإفراج الفورى عن جميع المعتقلين المصريين ووقف إجراءات ترحيلهم، والسماح لهم بالعودة إلى منازلهم بالكويت ، بينما تقدم المركز العربى لاستقلال القضاء ببلاغ، إلى الأممالمتحدة ضد الحكومة الكويتية، بشأن الواقعة نفسها.
وأرسلت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان خطاباً إلى سفير الكويت بالقاهرة، تطالب فيه بالتحقيق فى واقعة الترحيل التعسفى، ودعته للعمل على استعادة حقوقهم.
وفى الكويت، أصدرت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بياناً بعد اعتقال مؤيدي البرادعي ووصفت فيه الإجراءات التى اتخذتها السلطات الأمنية الكويتية ب"التعسفية"، مؤكدة أنها "تتنافى مع أبسط المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التى التزمت بها الكويت".
محاولات فاشلة
وبعد التوقيف الأخير لمصريين بالكويت قامت مصر بمحاولات عديدة للإفراج عنهم وعدم ترحيلهم ، فكان أيمن علي مستشار الرئيس المصري محمد مرسي لشئون المصريين في الخارج قد أجرى عدة اتصالات بالخارجية المصرية والسفارة المصرية بالكويت والخارجية الكويتية وبالمستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية لمتابعة المستجدات بشأن المصريين الذين ألقي القبض عليهم في الكويت ، لوقف الترحيل .
وقال مستشار الرئيس :"إننا ننطلق جميعا من حرصنا على حقوق كل مصري في الخارج وألا يتعرض لظلم أو اضطهاد ونناشد المصريين في الخارج كذلك إظهار الوجه الحضاري لمصر واحترام نظم الدول التي يعيشون فيها".
من جانبه قال عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية :"إن محمد عمرو وزير الخارجية، أثار الموضوع مع وزير الخارجية الكويتي قبل أيام، كما أجرى السفير المصري اتصالات مع وزير الداخلية الكويتي، وواصلت السفارة والقنصلية المصريتين اتصالاتهما، لمحاولة إلغاء قرار الإبعاد، إلا أن السلطات الكويتية تمسكت بتطبيق نص القانون، الذي يمنع جميع المقيمين، من التجمع بدون إذن مسبق".
وسعى حزب الدستور على مدار الأيام الماضية إلى إجراء اتصالات متعددة لحل الأزمة مع السلطات المصرية والكويتية ولكنها لم تنجح في حل المشكلة.
وأكد الحزب- في بيان أصدره، مساندته لأعضائه ولجميع من تم ترحيلهم ورفضه لما تعرضوا له من إهانة وقمع للحريات في دولة الكويت.
"جريمة تستحق وقفة"
وبعد الإعلان عن ترحيل المواطنين المصريين ، استنكر حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي المصري، قرار الكويت بترحيل 19 مصريا بسبب انتمائهم لأحزاب سياسية وارتداء ملابس تحمل شعارات تلك الأحزاب.
ووصف صباحي، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي"تويتر"، موقف الكويت بأنه جريمة في حق مصر والمصريين، مؤكدا أن الوضع أصبح يتطلب وقفة جادة للحفاظ على كرامة المصريين، قائلا: "تكرار إبعاد مصريين وترحيلهم دون جريمة ارتكبوها أمر صار يستحق وقفة جادة، كرامة المصريين فوق كل اعتبار".
وعرض صباحي هذه القضية على لجنة العلاقات الخارجية بالتيار الشعبي والذين قاموا بمحاولة احتواء الأزمة وعدم ترحيل هؤلاء المصريين ولكن السلطات الكويتية أصرت على ترحيلهم.
وقرر حمدين صباحي تأجيل سفره إلى غزة ضمن وفد القوى المدنية المتجهة إلى قطاع غزة، وذلك لاستقبال المصريين الذين تم ترحيلهم من الكويت على أن يتجه اليوم أو غدا إلى غزة لدعم الشعب الفلسطيني ضد الهجمات الإسرائيلية. وكان مصطفى النجار البرلماني السابق قد طالب الرئيس مرسى والخارجية المصرية بالتدخل الفوري لوقف ترحيل 19 مصريًا بالكويت، يتم ترحيلهم الآن بلا جريمة سوى ارتدائهم تيشرتات أحزابهم.
وأضاف النجار من خلال تغريدة له على "تويتر"، "الكويت قامت بترحيل مصريين قبل الثورة لانتمائهم للجمعية الوطنية للتغيير والآن ترحل منتمين لأحزاب مصرية تجمعوا معًا، هل يليق بمصر الثورة ذلك؟".
الإخوان والمعارضة
على صعيد آخر، نفى محمود غزلان المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر الشهر الماضي ، وجود أي علاقة للجماعة بأحداث الكويت الأخيرة ، مشددا على أنها "لا تتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة أخرى مهما كانت".
وكانت صحيفة "حديث المدينة" الكويتية قد اتهمت إخوان مصر بالتدخل بدعم التحركات المعارضة في الكويت ووصفت المشاركين في المظاهرات ب"الخونة إخوانجية الكويت"، وقالت إن قوات الأمن الكويتية ألقت القبض على أحد قيادات الإخوان أثناء مشاركته في المسيرة المعارضة لقانون الانتخابات الجديد، معتبرة المظاهرات تهدف إلى التآمر على نظام الحكم في البلاد.
وقال إن "الإخوان المسلمين في مصر لا يتدخلون في الشئون الداخلية لأي دولة مهما كانت ولا يحرضون على حكومتها ويرجون أن تستقر الدول وأن تحل المشاكل في كل الدول العربية بين الشعوب والحكومات بطريق سلمي وعبر وسائل ديمقراطية".
وشدد غزلان على أن الجماعة تدين العنف من جميع الأطراف وتتمنى التقدم والازدهار لجميع دول المنطقة العربية والإسلامية، مؤكدا على أن الجماعة لا علاقة لها بأحداث الكويت على مختلف المستويات.
العلاقات في سطور
وتتسم العلاقات المصرية الكويتية بسمات وخصائص تؤكد عمق الترابط الرسمي والشعبي بين البلدين تؤكدها الزيارات المتبادلة سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي، ولعل الخصوصية التي تميزت بها علاقات البلدين هي التي جعلتها تتنامى على نحو سريع وتزداد رسوخًا، علاوة على ذلك تتميز هذه العلاقات علي مدي تاريخها الطويل بتطابق وجهات النظر حيال القضايا الحيوية التي تهم الأمتين العربية والإسلامية والتي تقوم علي ثبات المواقف ووضوح الرؤى.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين نمواً مطرداً على كافة الأصعدة، انعكاساً للدفعة القوية التي اكتسبتها هذه العلاقات إبان العدوان الذي تعرضت له الكويت على يد النظام العراقي السابق بعد أن أكدت مصر رفضها للعدوان ودفاعها ووقوفها إلى جانب الحق الكويتي، مثلما وقفت دولة الكويت مع مصر أبان العدوان عليها عام 1967 وحرب أكتوبر عام 1973.
وعلى الصعيد الاقتصادي وقعت الدولتان أول اتفاق بينهما في أبريل عام 1964 تلاه عدة اتفاقات أخرى منها الاتفاق الموقع بين غرفتي التجارة في يونيو 1977 واتفاق التعاون الاقتصادي والفني عام 1998 واتفاق التعاون الفني في مجال المواصفات والمقاييس ومراقبة الجودة في نفس العام وأصبحت الاستثمارات الكويتية في مصر تحتل المركز الأول ، كما تعتبر دولة الكويت سوقاً كبيرة للعمالة المصرية، والكويت بفوائضها المالية يمكن أن تكون مصدراً للاستثمار في مصر، كما أنها تعتبر سوقاً تجارية تشكل منفذاً مهماً للصادرات المصرية.
وفي عام 1998 تأسست اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، لتحقيق القدر الأكبر من التنسيق والتعاون المشترك في مجالات التعاون المختلفة، كما ترتبط الدولتين بالعديد من بروتوكولات التعاون بين المؤسسات (السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية والفنية والإعلامية والقضائية والأوقاف والشئون الإسلامية..) والمؤسسات المناظرة في كلا البلدين.
واصلت العلاقات السياسية المتميزة بين مصر والكويت وتيرة تطورها، حيث تعددت الزيارات واللقاءات بين مسئولي البلدين على كافة المستويات، والتي كان أخرها زيارة للرئيس السابق مبارك للكويت في 23-12-2009, التى عقد خلالها وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مباحثات ، تناولت مجمل القضايا الإقليمية والدولية خاصة قضايا الشرق الأوسط .
وعلى المستوى الثقافي ترتبط البلدان بعلاقات مميزة، وليس أدل على ذلك من أن هناك تزايدًا ملحوظًا منذ عام 1993 في علاقات البلدين في مجال الدعوة والشئون الدينية والمشروعات الخيرية. فبعد توقيع بروتوكول التعاون بين مصر والكويت أواخر عام 1994 اكتسب التعاون بينهما في هذا المجال اتجاهًا أكثر حيوية وتقدمًا.. وإلى جانب الوفود والبعثات التي يرسلها الأزهر الشريف للكويت في شكل وعاظ ودعاة ومجيء أعداد من طلبة الكويت إلى مصر لتلقي علوم الفقه والدين، تشارك الكويت مع مصر في مشروعات جمع وطبع كتب التراث إضافة إلى النشاط الكبير الذي تضطلع به مؤسستان كويتيتان في مصر.. الأولى جمعية إحياء التراث الإسلامي والثانية بيت الزكاة الكويتي بالقاهرة.
أما العلاقات الإعلامية فيحكمها بروتوكول التعاون الإعلامي المشترك الذي وقع بالقاهرة في 3/8/1998، وقد شهدت الفترة الأخيرة تكثيفًا للعلاقات الإعلامية بمبادرة من الجانبين .
وازدادت العلاقات الإعلامية رسوخًا بتوقيع مذكرة التفاهم الإعلامي المشترك بين وزارة الإعلام الكويتية والهيئة العامة للاستعلامات في يونيو 2004، وبموجبها قامت الهيئة العامة للاستعلامات بتدريب عدد من الكوادر الإعلامية من العاملين في القطاعات المختلفة لوزارة الإعلام الكويتية.
وتم توقيع مذكرة تعاون إعلامي مشترك بين الهيئة العامة للاستعلامات ووكالة الأنباء الكويتية (كونا)، تهدف إلى توثيق وتعزيز أواصر التعاون الإعلامي في 14 يناير 2007. مواد متعلقة: 1. وزيرا خارجية الكويت ومصر يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية والتطورات الراهنة 2. وزير «الخارجية الكويتى» يتوجه إلى القاهرة 3. عودة 19 مصريا من الكويت بعد الإصرار على ترحيلهم