يبدو أن مسلسل الفتاوى الدينية التي تخرج علينا بين الحين والآخر لإثارة الكثير من الجدل ، لا يزال مستمرا ، والتي كان آخرها أن المسلمين مكلفون بتطبيق تعاليم الشرع ، ومنها إزالة التماثيل وعلى رأسها الأهرامات وأبو الهول ، حيث نجد مرجان سالم الجوهري القيادي بالدعوة السلفية بمصر وعضو تنظيم الجهاد بأفغانستان الذي قام بهدم تمثال "بوذا" هناك، يهدد بهدم تمثال أبو الهول والأهرامات وكافه التماثيل الأثرية، حيث شبهها بالأصنام التي كانت تعبد في عهد رسول الله، زاعماً أن "هناك العديد من الفئات في المجتمع المصري تعبد هذه التماثيل". والآثار المصرية في الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، فبداخل المملكة العربية السعودية مدينتان هما ( الفاو ) و (تيماء) تم الكشف فيهما من عشرات السنين عن آثار مصرية فرعونية خالصة من بقايا معابد مصرية هناك، و لو أراد العرب بعد الإسلام محو هذه الآثار لفعلوا .
لكن العرب بعد الإسلام لم يحطموا الآثار في أي من البلدان التي فتحوها لأنها لم تعد تدل إلى على كونها وثائق تاريخية لمعرفة معلومات عن العصور السابقة .
"السياحة" تستغيث وتعليقا على ذلك ، وصف عادل عبد الرازق عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، هذه الفتوى، لها أثر بالغ على السوق السياحية بمصر.
وأضاف عبد الرازق، أن هذه الفتوى تناقلتها مواقع أجنبية، نقلا عن الصحف والمواقع المصرية، خاصة المواقع الألمانية التي رصدت الفتوى وناقشتها.
وتابع عبد الرازق أن الغرب وصف أصحاب مثل هذه الفتاوى ب"المتخلفين'' - على حد وصفهم، لافتا إلى أن فتاوى من هذا النوع تدمر سوق السياحة المصري، وهناك حالة استنفار خارجية تسود دول أوروبية، حيث تساءل خبراء سياحيون عالميون: ''هل نبحث عن مخرج لأزمة مصر السياحية وتخطى ما سبق، أم أن هناك عودة إلى الوراء''.
وطالب عبد الرازق وزير الإعلام والقنوات الخاصة، بعدم ذكر أي واقعة تحدث في المدن الساحلية بأنها في سيناء، مشددا على أهمية ذكر المناطق بالتفصيل وعدم التساهل في نقل المعلومة.
من أنتم؟
وفي معرض رده على تلك التصريحات, قال القيادي البارز في حركة "النهضة" الإسلامية التونسية عبد الفتاح مورو "من انتم حتى تقولون ذلك, هل (الصحابي) سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه حينما جاء إلى مصر قام بتحطيم التماثيل?".
وأضاف "أن النبي صلى الله عليه وسلم حطم التماثيل في عهده لأنهم كانوا يعبدونها أما أبو الهول والأهرامات فليس هناك احد يعبدها وبالتالي فأنت مخطئ وفكرك خطأ ومخالف للشرع".
وتابع مورو "أطعموا الجائع واضمنوا لهم عيشة كريمة بدلا من عيشة البهائم اولا قبل ان تطالبوا بتطبيق الشريعة".
كما قال "ايه شريعة التي تريدون تطبيقها هل لديكم شريعة تحل أزمات المسلمين التي صدرها الغرب?".
واشار إلى ان "ارضاء الله يتطلب حل مشكلات الناس وتوفير الحياة الكريمة أولا بدلا من عيشة البهائم ثم تحدثوا عن تطبيق الشريعة ويجب ان نكون مهيئين للعيش بحرية وكرامة بدلا من إهانتنا بلا شيء".
وقال الدكتور مبروك عطية أستاذ ورئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف :"إن الفتوى التى صدرت مؤخرا من أحد الدعاة والتى تطالب وتبيح هدم الأهرامات وتمثال أبو الهول جانبها الصواب من جميع النواحى العلمية والشرعية والفقهية".
وأضاف عطية أن مثل هذه الفتوى غريبة على مسامع المصريين وأنها تتناقض وتصطدم بصحيح القرآن والسنة النبوية المطهرة حيث أن من أصدر مثل هذه الفتوى يظن ويعتقد أنها تعبد من دون الله وهذا غير حقيقى ولا يحدث ولم يذهب مصري على الإطلاق للسجود للأهرامات أو لتمثال أبو الهول وهو ما ينفى عنها تهمة الشرك وينفى عن المصريين أيضا تهمة عبادة أبو الهول والأهرامات من دون الله.
وأضاف عطية إن الأهرامات مذكورة فى القرآن الكريم وذلك فى قوله تعالى "وفرعون ذى الأوتاد" حيث قال بعض المفسرين فى تفسير الأوتاد بأنها "الأهرامات العاتيات الشامخات" فالله ذكرها بالقوة والشموخ ولم ينص على أنها أوثان أو أصنام تعبد من دون الله ولم يحط من قدرها أو يحقر من شأنها.
مؤامرة صهيونية
من جانبها انتقدت انتصار غريب منسق حركة ثوار الآثار، الدعوة لهدم الآثار، وقالت الحركة في بيان لها :"إنه لم نر في التاريخ أحدا هدم الآثار فى العصور الاسلامية كلها، إنما الحقد على الحضارة المصرية القديمة هذا لا يملكه إلا الصهاينة، واتهمت الحركة الداعين لهدم الآثار بالعمالة للكيان الصهيونى".
وتقدمت ببلاغ رسمى لكل من يهمه الأمر بالتحقيق فى تهمة التخابر وتعكير الأمن العام و إهانة حضارة مصر لصالح مخططات الكيان الصهيونى.
وواصل بيان الحركة: هذه الدعاوى بدأت بالادعاء في القنوات المتأسلمة من سنوات بأن فرعون الخروج هو رمسيس الثاني على الرغم من أن القرآن لم يذكر لفرعون الخروج اسماً، وعلى الرغم من أن الآثار لم تقل لنا للآن من هو فرعون الخروج وعلى الرغم من أن عالمة الآثار الفرنسية اليهودية الديانة الراحلة ديروش كريستيان نبلكور - ذكرت فى كتابها عن رمسيس أن التوراة مجرد كتاب أساطير و قصص لا نركن إليه فى أخذ المعلومات.
وأضاف البيان أن هذا مخطط صهيونى قديم بدأ برحلة مؤمياء رمسيس الثانى لفرنسا، وإجراء فحوصات عليها لاثبات أن رمسيس مات غريقا، ولم يتم إثبات شئ، ثم بإدعاء أنهم بناة الأهرام. وها هم الأن ينفذون باقى المخطط الصهيونى مستعملين خزعبلات يدعون أن مرجعيتها دينية على الرغم من أن القرآن ذكر أن سيدنا سليمان صنع التماثيل للزينة، وعلى الرغم من أن الآثار مجرد مصدر من مصادر التأريخ والقرآن أمرنا بأن نتدبر وندرس أحوال من سبقونا.
تشديد الحراسة
وبعد تلك الدعوة أعلنت وزارة الداخلية، ان الأجهزة الأمنية تتعامل مع الدعوة التي أطلقھا أحد شیوخ الحركة السلفیة الجھادیة "على محمل الجد"، خاصة أن صاحب هذه الدعوة سبق وشارك في تحطیم تمثال بوذا في أفغانستان قبل عشر سنوات.
وقال مصدر مسئول بالداخلية في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، إن "أجھزة الدولة تتعامل مع مثل هذه الدعوات على محمل الجد، وتتخذ الاحتیاطات اللازمة لمنع مخالفة القانون أو الإعتداء على الأملاك العامة أو الكنوز الأثریة بما في ذلك منطقة الأهرامات".
وأشار المصدر إلى أن الشرطة والسلطات الأمنیة في المنطقة الأثریة الواقعة في محافظة الجیزة، اتخذت الاستعدادات اللازمة لمواجھة أي اعتداء على الآثار، باعتبارها أحد مصادر الدخل القومي لما تجلبھ من سیاح لمصر. مواد متعلقة: 1. دار الافتاء تؤكد تحريم الإتجار في الأثار او التنقيب عنها 2. حركة ثورية : الدعوة لهدم الآثار مؤامرة صهيونية 3. «شباب الثورة» يرفض التهديد بهدم الاهرامات