تمر اليوم 3 نوفمبر ذكرى بدء حرب الأفيون التي أعلنتها بريطانيا على الصين عام 1839 ، بعدما حاولت الصين منع تداول المخدرات على أراضيها الذي كانت بريطانيا تعمل على نشره تحت ذريعة "حرية التجارة". وانتهت حرب الافيون بانتصار بريطانيا حيث أجبرت - عبر 16 سفينة حربية و 4000 من المشاة البرية- حكومة أسرة "تشينغ الصينية" على توقيع "معاهدة نانجينغ"، التي دفعت الصين بمقتضاها تعويضات كبيرة وتنازلت عن هونغ كونغ، مما فتح الطريق لغزو القوى الغربية الكبرى للصين واحدة تلو الأخرى.
في البداية اهتمت بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، بفتح أبواب الصين أمام تجارتها العالمية، فطلب الملك جورج الثالث من الإمبراطور الصيني شيان لونج توسيع العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن الإمبراطور أجاب بأن إمبراطورية الصين السماوية لديها ما تحتاجه من السلع، وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة.
لم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف تصدير إلا القليل جدًا من سلعها إلى الصين، وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدًا بالفضة، مما تسبب في استنزاف مواردهم منها، لذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاتها، وهي شركة الهند الشرقية البريطانية التي كانت تحتكر التجارة مع الصين إلي زرع الأفيون في المناطق الوسطي والشمالية من الهند وتصديره إلي الصين كوسيلة لدفع قيمة وارداتها من الصين.
تم تصدير أول شحنة كبيرة من الأفيون إلى الصين في عام1781، ولاقت تجارة الأفيون رواجًا كبيرًا في الصين، وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين، وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور، إذ بدأ الشعب الصيني في إدمان الأفيون، وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الأفيون، ثم بدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور يونج تشانج في عام 1829 إلى إصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات، غير أن شركة الهند الشرقية البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلى الصين.
تصاعدت حركة تهريب الأفيون إلى الصين بصورة تدريجية، حيث تم تهريب 200 صندوق في عام 1729م تحوي 608 كيلوجراما من الأفيون، ثم وصل جحم المهربات عام 1792م إلى 4000 صندوق حوت 272 طناً، فانزعجت الصين لهذه الظاهرة، وللخطر الذي يمثله تعاطي الأفيون علي صحة المواطنين، والذي يسبب تدمير المجتمع الصيني، فقد كان الصيني يبيع أرضه ومنزله بل وزوجته وأولاده للحصول على الأفيون.
وإزاء تفاقم هذا الخطر، أصدر الإمبراطور الصيني قرارًا آخر بحظر دخول الأفيون إلى الإمبراطورية الصينية، ثم ذهب ممثل الإمبراطور إلى مركز تجارة الأفيون وأجبر التجار البريطانيين والأمريكيين على تسليم ما بحوزتهم من الأفيون والذي بلغ ألف طن، ثم قام بإحراقه في احتفالية كبيرة شهدها المناوئون لهذا المخدر.
عندها قررت بريطانيا إعلان الحرب على الصين في مثل هذا اليوم عام 1839، لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون، فأرسلت في عام 1840م سفنها وجنودها إلى الصين لإجبارها علي فتح أبوابها للتجارة معها بالقوة، وبدأ ما عرف تاريخيًا ب"حرب الأفيون"، ثم تمكنت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين، احتلال بعض المدن الصينية، وانتهت هذه الحرب بتنازل الصين عن جزر هونج كونج لبريطانيا، والتي أصبحت فيما بعد قاعدة عسكرية وسياسية واقتصادية بريطانية ينطلق منها العدوان على الصين.