* هناك من المفكرين من ضللتهم الدعايات السوداء عن السجناء السياسيين *أقترح على الرئيس مرسي أن يؤدي صلاة الجمعة إماماً أو مأموماً في سجن العقرب *لا ينبغي أن نعاقب السجين مرتين على جريمة واحدة *إن لم يصدر الرئيس فوراً أمراً بالإفراج عنهم يجب أن يعاد محاكمتهم فورا وتعويض من ظلم منهم منذ عهد المخلوع *الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.
كتب عمرو عبد المنعم
قبل أيام قليلة من العيد أصيب الدكتور كمال الهلباوي (المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين) بوعكة صحية شديدة لزم علي أثرها السفر لتلقي العلاج في لندن ، وكان قد تلقي رسالة هامة من سجناء العقرب وعلي رأسهم النزيل / أكرم أحمد فوزي ، ذلك السجن الذي تعرض في نفس التوقيت لحملة شرسة من قبل من مصلحة السجون بقيادة اللواء محمد نجيب.
شرح أكرم فوزي ما حدث لهم وما يجيش في صدره من معاناة بسب تلفيق التهم من النظام السابق، والذي مازال نظام مرسي يعاملهم بنفس المعاملة حتى الآن، حيث زاد الأمر حدا ، بأن تم تجريدهم قبل أيام العيد بقليل من أمتعتهم الشخصية وأدواتهم الخاصة في حملة بربرية عليهم في الزنازين .
الهلباوي لم يترك مناسبة إلا وشرح فيها مأساة سجن العقرب، حضر أكثر من لقاء لتوثيق جرائم التعذيب في عصر مبارك ، بل وعندما تقدم الزميل والأخ العزيز منير أديب بنشر كتابه القيّم "عنابر الموت" الذي يقص فيه جزءا بسيطا من مأساة السجون والمعتقلات في عهد مبارك ، كتب الهلباوي مقدمة الكتاب مطالبا بفتح تحقيق في كل الجرائم التي حدثت في عهد المخلوع مبارك. رسالة د. كمال الهلباوي مفعمة بالمعاني الإنسانية ، وخاصة لو عرف القارئ الكريم أنه أصيب بعدها بوعكة صحية شديدة ألمت به في الغالب نتيجة حزنه وهمه الشديد من خبر التضييق علي سجناء العقرب بهذه الطريقة (رده إلينا سالما معافى بإذن الله) فلم يستطع نشرها لسفره المفاجئ إلي لندن لعمل الفحوصات اللازمة لحالته الصحية الحرجة . وفيما يلي تفاصيل الرسالة المعنونة : محاولة للفهم
سجن العقرب لايزال يلدغ
تلقيت رسالة يوم 19 أكتوبر 2012، من الأخ الكريم الأستاذ/ أكرم أحمد فوزي والمسجون مؤبد، منذ 20/8/2005. الرسالة تتحدث باسم 23 سجيناً في سجن العقرب، الذي ينبغي في ظني أن يتغير اسمه وطبيعته والمشرفون عليه من الضباط وصف الضباط بعد الثورة المباركة، وأتمنى في المستقبل ألا نرى فيه سجيناً واحداً إلا المجرم الذي ثبت إجرامه بحكم محكمة لا يقبل النقض .
معاملة الكرامة وأن يعامل أي سجين في السجن معاملة لا تهدر الكرامة، لأن السجن –كما زعموا بل كما هو مفروض-إصلاح وتهذيب، ولا ينبغي أن نعاقب السجين مرتين على جريمة واحدة، كما أنني ممن يرون إبعاد من شارك في تعذيب المساجين وخصوصاً السياسيين منهم عن العمل بالسجون. وقد أورد الكاتب الصحفي منير أديب في كتابه المعنون"عنابر الموت-قصص واقعية من داخل السجون المصرية- " قصصاً من الواقع المؤلم الذي عاشه الإسلاميون في السجون يندى لها جبين الإنسانية، وهى كما قلت في المقدمة التي كتبتها للكتاب، بلاغات مستعجلة إلى النائب العام ضد القضاة والضباط وصف الضباط الذين اشتركوا في تلك الجرائم، وضد من حاكموا السياسيين أمام محاكم عسكرية أو مدنية جائرة ما أنزل الله بها من سلطان أيام المخلوع. الذين وقفوا ضد النظام السابق وقفات وأعمال فيها عنف برؤية الخروج على الحاكم كما فهموا من الإسلام، ليسوا مجرمين، فقد اجتهدوا وأخطئوا في اجتهادهم رغم عدالة مطالبهم، بل إن بعضهم أخطأ الفهم وتابوا وأنابوا عن ذلك الفهم، وكتب المراجعات العديدة شاهد حي على تلك التوبة والرجوع إلى الوسطية، وخير من يمثلهم في ذلك الأخ الشيخ ناجح إبراهيم- على سبيل المثال لا الحصر. سجناء العقرب كتب أخي أكرم فوزي- كما قلت- الرسالة التي أرسلها من السجن نيابة عن كل المساجين، (أحمد سلامة مبروك عبد الرازق، وأحمد سعد شعلان، ومحمد خميس السيد إبراهيم، وأحمد السيد سعد شعراوي، وياسر عبد القادر عبد الفتاح، وأحمد السيد محمود المنسي، وفرج حماد حماد المعني، وسعيد إبراهيم محمد، وجمال أحمد عبدالعال، ومحمد عبدالله رباع سليمان، ويونس محمد محمود عليان، وأسامة محمد عبدالغني، ومحمد جابر صباح حسين، وبسام حماد حماد، ويسري عبد المنعم نوفل، ومحمود عيد محمد دبوس، وجمال حسين حسين أحمد، ومحمد مصطفى السيد أحمد، وأنور حامد عباس عبد المولى، وصفوت محمد عثمان، وسيد عجمي مهلل معوض، وعلاء عبدالغني.)
أنا لا أعرف أحداً من هؤلاء معرفة شخصية، والرباط بيننا هو الأخوة في الدين والوطن، وما أجملها من أخوة تفرض واجبات كثيرة، نعم ليس بيننا صلة ، ولكنني أعرفهم جميعاً من مواقفهم الوطنية العظيمة في الوقوف صامدين في وجه الظلم قبل الثورة. أعرفهم شباباً وقفوا ضد هذا الظلم، يوم أن كان بعض كبار المسئولين في الدولة حتى اليوم، يغضون الطرف عن ذلك الظلم المبين، ولا ينبسون ببنت شفه، كما يقول العرب، من هؤلاء السجناء من حكم عليه بالإعدام أو المؤبد أو المؤبد+10سنوات، ثم أعيد التحقيق معهم لتأكيد الظلم عليهم، وظلوا في السجن حتى اليوم.
المطلوب من الرئيس مرسي، وقد كان سجيناً يوماً ما- ويعرف الجميع المحاكمات العسكرية وغيرها من المحاكمات الظالمة- أن يتأكد بنفسه من الزنازين التي يعيش فيها هؤلاء الشرفاء وإن أخطئوا في اجتهادهم، ويقارنها بالأماكن التي ينزل فيها ويعيش فيها بعض الفلول مثل سجن المزرعة، وهم الذين أجرموا في حق هذا الشعب المسكين، ولا نزال نعاني من آثار ظلمهم وفسادهم – قطعاً المقارنة ستكون واضحة، رغم أن الأدلة دائماً تختفي وقت الحاجة إليها. كل أبناء الحركة الإسلامية كانوا يتمنون زوال الفساد والظلم والديكتاتورية قبل الثورة وكلهم كان يتمنى شيوع الحريات والعدل، ولكن اجتهاداتهم تباينت في كيفية التغيير، أو الإصلاح.
اقتراح
أقترح على الرئيس مرسي أن يؤدي صلاة الجمعة إماماً أو مأموماً مع هؤلاء المساجين ويستمع إليهم، وأن يتأكد بنفسه من المحافظة على كرامتهم وآدميتهم وتوفير احتياجاتهم، وعدم مصادرة ما يحتاجون إليه، من أدوات وأدوية وبطاطين، وعدم تجريدهم مما لديهم مما يحتاجون إليه، وهى أدوات ليس فيها سلاح ولا أدوات حادة- كما لا يجوز التنكيل بالسجناء السياسيين ومنع الأهالي من زيارة أبنائهم.
هذا إن لم يصدر الرئيس فوراً أمراً بالإفراج عنهم، كما أفرج عن غيرهم ممن هم في ظروف مشابهة، ويمكن إعادة محاكمة من يستحق منهم إعادة المحاكمة، وتعويض من ظلم منهم منذ عهد المخلوع، حيث تم تلفيق كثير من التهم و القضايا لهم بمعرفة أمن الدولة سابقاً أو غيرها من المؤسسات بتوجيه من المخلوع، ولا يليق بأن يستمر الظلم عليهم أيام حكم الرئيس مرسي الذي جاء إسلامياً وطنياً، وبعد ثورة عظيمة، وكان من بين من عانوا وتعرضوا للظلم والاضطهاد . من واجب الرئيس المصري- ضمن وعوده العديدة- أن يغلق هذا الملف نهائياً ملف السجناء السياسيين وإصدار عفو عام عن كل ضحايا محاكمات المخلوع، أعرف أن هناك من المواطنين الشرفاء ومن المفكرين من ضللتهم الدعايات السوداء عن هؤلاء الشرفاء في السجون، ويرون أن خروجهم من السجون يزيد من أعمال العنف والتدمير، ولذلك فإنهم يدعون إلى عدم خروجهم من السجن.
وهذه النظرة نختلف معها قلباً وقالباً، فهؤلاء، ليسوا مجرمين وليسوا من محترفي الإجرام الذين يبحثون عن الجريمة، وطالما أزيل السبب الذي من أجله ساروا في طريق العنف توقفوا وتابوا وأنابوا وراجعوا مفاهيمهم السابقة ،وإخراجهم هو العلاج لمشكلات كثيرة، أقلها وأهمها الإصلاح الأسري ولم الشمل والقيام بالقسط. الناس صنفان لن آمل الكتابة عن كل مظلوم وأي مظلوم كإنسان، رجلا كان أو امرأة مسلماً كان أو غير مسلم، شيخاً كان أو شاباً، عربياً كان أو غير عربي، فقد فهمت من كلام السلف الصالح وفي مقدمتهم الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، أن الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق. الإمام علي قد تتلمذ في أرقى مدرسة في الإسلام وهى مدرسة النبوة العظيمة التي لا تفوقها مدرسة ولا تعلو على قيمها قيم، كيف لا، والرسول صلى الله عليه وسلم صاحب هذه المدرسة يقول: أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً- ثم جاء تفسير نصرة الظالم في أن ترده عن ظلمه فهذا نصره. وكم أكدت آيات القرآن على أن الله تعالى لا يحب الظالمين، ولا يحب المعتدين، ولا يحب كل خوان أثيم". رجال الأمن والرياسة وأنا أخشى على المسئولين في مصر بعد الثورة وفي مقدمتهم مؤسسة الرئاسة ومن فيها، وكذلك رجال الأمن وحراس السجون، من أن يقع أحدهم ضمن هؤلاء الذين لا يحبهم الله تعالى بكلمة أو قرار أو عمل يصنفهم في تلك الدوائر حيث، إن الرجل ليقول الكلمة لا يلقي لها بالا قد تهوي به في نار جهنم سبعين خريفا، كما جاء في الحديث. والله الموفق د.كمال الهلباوي" انتهى.