خبيرة فى الشئون الصينية: زيارة الرئيس مرسى اظهرت للعالم تغير السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة التجربة الصينية ادهشت المجتمع الانسانى...وعلى مصر استخدام التنمية المستقلة لايجاد نموذج تنموى
بمناسبة مرور 63 عاماً على تأسيس جمهورية الصين الشعبية، هل يمكن أن تلقي لنا نظرة عامة على أهم محاور سياسة الصين الخارجية، ونظرة سريعة، على مستجدات العلاقات المصرية- الصينية؟
تنتهج الصين سياسة خارجية مستقلة ومسالمة في علاقاتها الخارجية، تدعو إلى إقامة نظام عالمي عادل ومعقول وتسعى إلى إقامة علاقات طيبة مع جميع الدول على أساس المساواة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية وتبادل المنفعة، وتعمل الصين على تحقيق التنمية والانسجام داخلياً وتدعيم التعاون والسلام خارجياً، وتأمل من خلال العمل الدءوب أن تؤمن للشعب الصيني حياة أفضل وأن تساهم بشكل أكبر في الحفاظ على السلام العالمي وتدعيم التنمية والتقدم للبشرية.
أما فيما يتعلق بمستجدات العلاقة بين مصر والصين، فالملاحظ أنها تمتد لأكثر من 55 عاماً، والتي بدأت تحديداً في 30 مايو 1956 بعد الاعتراف المصري بجمهورية الصين الشعبية كأول دول عربية وأفريقية تنتهج هذا النهج الدبلوماسي في الاعتراف بحق الصين في تأسيس دولته الحديثة، ونحن هنا بصدد الحديث عن أهمية إعادة النظر لمستجدات هذه العلاقة خاصة بعد ثورة 25 يناير في مصر، وخاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس مرسي للصين، حيث تكتسب هذه العلاقة أهمية كبيرة في هذا التوقيت الذي تسعى فيه مصر إلى إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية والخارجية وإعادة التوازن في العلاقات الخارجية خلال المرحلة المقبلة إلى جانب العمل على دفع الاقتصاد المصري نحو انطلاقة جديدة في ضوء استقرار الوضع السياسي بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وفي عام 1966 أشعل ماو الثورة الثقافية الكبرى وكان في السبعينيات من عمره وقتها، وكان الهدف منها سحق المعارضة التي كانت تقف حجر عثرة أمام مشاريعه النهضوية بالصين من وجهة نظره بالطبع، فقام بإطلاق ملايين الطلبة من المدارس العليا والجامعات ليخدموا كحرس حمر ولكنهم سببوا الفوضى في البلاد، دافعيين بالصين إلى حافة حرب أهلية ضارية.
- وحول تعقيبها على زيارة الرئيس مرسي إلى الصين، والنتائج المترتبة على هذه الزيارة، قالت الخبيرة في الشئون السياسية الصينية ان زيارة الرئيس مرسي للصين قبل زيارته للولايات المتحدة، جاءت للتأكيد على النهج الجديد في السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 25 يناير، في التوجه شرقاً، بعد أن كانت الولاياتالمتحدة والغرب هما الحليف الاستراتيجي الدائم لمصر في عهد النظام السابق، والذي كان يخضع لضغوط وإملاءات حلفائه الغربيين، دون الاهتمام بإتباع نهج مستقل في سياسة مصر الخارجية. فكانت أهداف ونتائج زيارة الرئيس مرسي للصين اقتصادية في المقام الأول. ولم تخلو من محادثات جانبية مشتركة بشأن الشأن السوري وأهمية تقديم الدعم الدولي المناسب للشعب السوري للخروج من مأزقه الحالي.
لقد حققت زيارة الرئيس مرسي للصين، نتائج إيجابية، والتي أثمرت عن إبرام اتفاقيات استثمارية تخطت قيمتها ال 5 مليارات دولار في مجالات نقل التكنولوجيا والبتر وكيماويات والطاقة الجديدة والمتجددة والتنمية المتكاملة والأدوية والكهرباء والسيارات وتحلية المياه، وغيرها، إلى جانب استكمال مشروع شمال غرب السويس. خاصة مع تأكيد الجانب الصيني عن إصراره على استكمال هذا المشروع ليصبح بمثابة لبنة جيدة لإقامة مناطق صناعية توضع فيها صناعات مشتركة للجانبين، مما سيتيح أكثر من 40 ألف فرصة عمل جديدة. كما منحت حكومة بكين 70 مليار دولار كمنحة لا ترد إلى مصر.
كما تأتي نتائج الزيارة أيضاً لتطوير العلاقات الصينية - المصرية على كافة المستويات، وخاصة العلاقات التجارية، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات لتنشيط حركة التجارة بين البلدين، بالإضافة إلى التأكيد على سعي مصر إلى أن تكون الصين شريكاً تجارياً كبيراً لها خلال المرحلة المقبلة. كما كان من نتائج الزيارة أيضاً رفع الحظر على سفر السائحين الصينيين إلى مصر، وتوقيع اتفاقيات أخرى لتسهيل نقل السائح الصيني إلى مصر. وعلى الجانب السياحي أيضاً وقعت مصر خلال الزيارة على اتفاقية تأسيس "الاتحاد العالمي للمدن السياحية"، حيث تم اختيار القاهرة كعضو مؤسس للاتحاد، كما تم اختيار العاصمة الصينية بكين لتكون مقرًا دائما للاتحاد العالمي للمدن السياحية. كما أن الحكومة الصينية وافقت على تقديم جناح سياحي كبير باسم مدينة القاهرة بوصفها عضوا مؤسساً للاتحاد العالمي للمدن السياحية من بين 40 مدينة سياحية عالمية، وستقدم الصين هذا الجناح إلى مصر على سبيل الإهداء بمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس محمد مرسي للصين.
وعن التجربة الصينية، وكيف يمكن لمصر أن تستفيد من الصين في كافة المجالات، أكدت حلمي، أن "التجربة الصينية" تعتبر واحدة من أهم التجارب التي أدهشت المجتمع الإنساني حيث لفتت انجازات التنمية المستدامة والمتسارعة خلال ال 30 عاماً الماضية، من تطبيق لسياسة الإصلاح والانفتاح الكثير من العلماء والباحثين داخل وخارج الصين واتخاذها كنموذج للدراسة والمناقشة، ومحاولتهم تلخيص التنمية في الصين منذ الإصلاح والانفتاح وتعميق فهم الناس لمعنى الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. حيث تمتاز التجربة الصينية بأربع خصائص رئيسية هي:
- الملكية، أي تنفيذ الملكية العامة هي الغالبة بينما تتطور الملكية المتنوعة الأخرى. - التخصيص، هو تنفيذ التوزيع وفقا للعمل بوصفه الرئيسي وتعايش أنواع من التخصيصات الأخرى. - تخصيص المواد، وهو تنفيذ تخصيص المواد على قاعدة نظام السوق والتنظيم النموذج رائد من جانب الدولة. - تنسيق التنمية المحلية والدولية، ويأتي عن طريق تنفيذ اعتماد على الذات مع تأكيد على الانفتاح.
كما تعتبر "التجربة الصينية" هي تجربة مرنة ومبتكرة مناسبة لظروف الصين المحلية. حيث يعتقد بعض الخبراء أن تجربة الصين في التنمية تناسب ظروف الصين واحتياجاتها الاجتماعية حيث تسعي لتحقيق العدالة ومزيج من النمو السريع في تطوير تجربة مبتكرة.ويمكن تلخيص هذه التجربة على أنها تجربة ابتكار والعمل الجاد والمبادرة الجريئة والعزم في الممارسة العملية وحماية سيادة الدولة ومصالحها. فنجد أن الابتكار والتجريب والمرونة في التغيير هو روح هذه التجربة وأساس نجاحها. ومما ميز هذه التجربة كذلك، أنها جاءت على عدة مراحل مما جعل لهذه التجربة حصانة من الفشل أو الإخفاق.
أما كيف يمكن أن تستفيد مصر من التجربة الصينية الناجحة في التنمية، فعلي مصر والمصريين أن يدركوا أنه في عالمنا اليوم الذي يشهد تغيرات هائلة، يكون جميع المذاهب والنظم والأنماط والطرق على محك الزمن والتطبيقات. على خلفية تباين الظروف الوطنية في مختلف البلدان، لا يوجد النمط الأفضل أو الأنفع أو النمط الصالح للجميع، بل يوجد فقط النمط الأكثر مواءمة للظروف الوطنية. فقد تم اكتشاف الطريق التنموي الصيني انطلاقاً من ظروفها الوطنية. لذا، يجب أن تعي مصر جيداً أهمية التنمية المستقلة وإيجاد نموذج تنموي تحتذي به خاصة بعد ثورة 25 يناير، وعلى حكومة مصر والمصريين أن تعي أيضاً التغيرات العميقة والمعقدة التي طرأت على بيئتها الوطنية والدولية، وعليه، فيجب أن تولي مصر الجديدة في فترة ما بعد ثورة 25 يناير، اهتماماً أكبر لاستخلاص واستغلال تجاربها الناجحة والاستفادة من التجارب الصالحة للبلدان الأخرى ودراسة المشاكل والتحديات الجديدة التي تعترض طريقها إلى الأمام، بما يفتح آفاقاً أرحب للتنمية السلمية.
- وأخيراً، حول الحكمة التي يمكن استخلاصها من الصين، أوضحت الخبيرة في الشئون الصينية، قائلة لقد تعلمت أنا شخصياً من الصينيين حب واحترام العمل بل وتقديسه، حتى أن العمال الصينيين في المصانع أضحى لهم نشيد خاص يستهلون به يومهم مفاده: "كلنا عائلة واحدة". وهذا وإن دل إنه يدل على أهمية العمل الجماعي، والعمل بروح الفريق، لرفع عجلة الإنتاج. ومن هنا فيجب علينا أن نستفيد من التجربة الصينية في مجال تسهيلات الاستثمارات، ومجال المشروعات الصغيرة التي نجحت فيها الصين نجاحاً منقطع النظير.
كما يجب علينا أن نتذكر دائماً الحكمة الصينية القائلة: "لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد". فلو تأملنا مغزى هذه الحكمة الفريدة من نوعها، لأدركنا أننا نعيش في عالم متغير ومتسارع، وما لم نستفيد من تجارب الآخرين، ونلحق بالركب سنضيع في الطريق، كما ضاع منا خلال اعهد النظام السابق. أما وقد جاء عصر التغيير وأبهرنا العالم بثورتنا "ثورة 25 يناير" المجيدة، فأن العالم الذي وقف يصفق لنا طويلاً على ما صنعناه، ينبغي له أن يقف لنا أيضاً تقديراً واحتراماً عندما نفيق من عثرتنا الاقتصادية، وننتهج طريق التنمية الخاصة بنا. ساعتها فقط سينحني لنا العالم، وسننهض كي نجني ثمار ما زرعناه بالعرق والتعب والجهد، بدون النظر إلى الوراء، فالمستقبل لازال أمامنا طويلاً. وكل ما علينا أن نتعلم ونعمل، وأن ننحي خلافاتنا جانباً من أجل الهدف المنشود. مواد متعلقة: 1. الصين تسرع الخطى للتعاون الإقتصادى مع القاهرة 2. سفير الصين لدى مصر: زيارة الرئيس مرسي لبكين كانت ناجحة 3. بنك التنمية الصيني يساهم في مشروع قناة السويس