"كان شوقي علي عظيم مكانته وعلي قدمه الراسخة في الفن , لا يستقر من الدأب بين دور الصحافة كذلك مائدته لا ترفع أطباقها ولا يطوي غطاؤها فهي دائما محفوفة بالصحفيين وغيرهم ممن يخشي أقلامهم ويخاف نقدهم وفي الحق هو الذي صب علي نفسه هذا البلاء فقد أغري به جزعه الشديد من النقد كل هؤلاء السادة فقد عرفوا نقطة ضعفه فاستغلوه" هذا ما شهد به صديقه الكاتب أحمد محفوظ . معركة الديوان يقول أحمد محفوظ عن شوقي أنه لم يره جازعا يوما كيوم ظهور كتاب "الديوان" للعقاد والمازني وفي الحق ان العقاد لم يكن يعني إرضاء الفن في هذا النقد بقدر ما كان يعني شيئا آخر : كان يعني الشهرة علي حساب هذا النقد وقد أطلق شوقي أصحاب الصحف الصفراء الذين كانوا عبيد ماله علي هذه الجماعة "العقاد والمازني" , فأعملوا في أعراضهم تمزيقا وفي أدبهم هدما وكان هذا ما يبغونه لأنه كان سبيلهم إلى الشهرة. وقد عقد الأستاذ أنور الجندي بحثا عن معارك شوقي ونقاده والتي أشهرها وأشرسها معركة الديوان بين شوقي والعقاد.
فقد اصدر العقاد المازني كتاب تحت عنوان "الديوان" عام 1921 وقد ضم دراسة مطولة لشعر شوقي ودراسات أخرى عن المنفلوطي وعبد الرحمن شكري وقد هاجم فيها العقاد شوقي هجوما عنيفا حيث قال : " كنا نسمع الضجة التي يقيمها شوقي حول اسمه في كل حين فنمر بها سكوتا كما نمر بغيرها من الضجات في البلد , لا استضخاما لشهرته ولا لمنعة في أدبه عن النقد فان أدب شوقي ووصفائه من أتباع المذهب العتيق , هدْمَه في اعتقادنا أهون من الهينان ولكن تعففنا عن شهرة يزحف إليها زحف كسيح " رد شوقي لم يكن شوقي يرد علي هذه الحملات ردا صريحا بل كانت له صحف وكتاب ينفق عليهم من أهمها صحيفتين : "عكاظ" لصاحبها الشيخ فهيم قنديل , و"الصاعقة" لمحررها احمد فؤاد وقد واجهت عكاظ الديوان بحملة متصلة تحت عنوان " القافلة تسير" في عشرات المقالات تحت أسماء (النزلة الاولي, النزلة الثانية, ....) , وقد سمي فيها العقاد والمازني باسمي البربري والقزم وقالت عكاظ أن أكبر أخطائها أنها من أخرج للناس العقاد والمازني حشرات الأرض. وقد أورد الشيخ فهيم لشوقي قولا كرد علي هذا النقد يقول فيه " أنا لا ادفع لمن يمدحني ويطعن غيري" وعلق الشيخ علي هذا وقال أن هذا هو ذنب أمير الشعراء في نظر عباس العقاد والمازني . وفي مقال أخر قال: أليس من الجنون والحماقة أن يحاول مائعان كالعقاد والمازني _وهما من نعرف_ إنزال شوقي من العرش الذي يتبوؤه في قلوب الناس ؟؟ رأي المازني في شوقي عندما طلب الدكتور محمد حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة "السياسة" الأسبوعية وقتها مقالا من المازني تعليقا علي حفل أجري لتكريم شوقي وقتها كتب المازني : "لا يا سيدي هيكل" تقيمون كل هذه الضجات والضوضاء حول شوقي وتحفون بالزمر والطبل أرجاء المعمورة كلها ثم تعمدون إلى رجل خفيض الصوت مثلي وتدعونه أن ينهض وسط هذه الزفات المجلجلة ليُفضي لكم برأيه الصريح! لقد خطر لي في هذه الورطة ان انقل مما كتب العقاد في نقد شوقي واذيلها يكلمة واقول: "ليس بعد هذا كلام ناقد , وناقل الكفر ليس بكافر" واخرج انا لا لي ولا علي وادع العقاد مورطا مكاني !!
يذكر أن أمس كانت ذكرى مولد أمير الشعراء أحمد شوقي، والذي ظل شاعرا للقصر حتى نفاه الإنجليز لأسبانيا، فتحول ليصبح شاعر الشعب وأنشد : زمان الفرد يا فرعون ولى و دالت دولة المتجبرينا و أصبحت الرعاة بكل أرض على حكم الرعية نازلينا فعجل يابن إسماعيل عجل وهات النور وأهدِ الحائرينا
مواد متعلقة: 1. 76 عاماً على وفاته .. شوقي "أمير الشعراء"