يأمل أهالي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي أن تنجح المقاومة المسلحة في أسر جندي اسرائيلي آخر للمقايضة به لإطلاق دفعة جديدة من أسراهم لتكرار صفقة التبادل التي حدثت مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط. ويمر غدا الخميس العام الأول على تلك الصفقة الشهيرة "الوفاء للأحرار" التي تمت برعاية مصرية ومن خلالها تم إطلاق سراح 1027 أسيرا وأسيرة مقابل تسليم شاليط لإسرائيل بعد خمسة أعوام من أسره بغزة في عملية نفذتها ثلاثة فصائل مسلحة عرفت باسم "الوهم المتبدد".
أصعب قرار
ونجحت هذه الصفقة في الإفراج عن قادة ومسئولين كبار في أذرع مسلحة من مختلف الفصائل في مقدمتهم حركة حماس ، اذ تعد أضخم ثمن دفعته إسرائيل في مقابل جندي واحد، لأنها شملت إطلاق أسرى أودوا بحياة 570 إسرائيليا، مما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقول بعد التصديق عليها إن "الموافقة على هذه الصفقة هو أصعب قرار اتخذته في حياتي".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن حجم العقوبات "الأحكام" التي تم فرضها عبر المحاكم الإسرائيلية على 477 أسيرا وأسيرة من هذه الصفقة بلغت أكثر من 92 ألف عام في السجن.
ورغم مرور عام على هذه الصفقة التاريخية إلا أن الاهتمام بتفاصيلها وبنودها لم يتوقف ، فقد طالب قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني حركة حماس التي تولت التفاوض بشكل غير مباشر عبر الوسيط المصري مع الاحتلال بالإفراج عن كامل بنود الصفقة وإعلانها، إلا أن حركة حماس أكدت أكثر من مرة انه لاتوجد أي بنود سرية للصفقة.
كواليس الصفقة
من جهتها كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" قبل يومين جزءا من كواليس الصفقة ، فقد ذكرت انه بعد ثلاثة أعوام من وقوع شاليط أسيرا التقى الوسيط الألماني جرهارد كوناد مع مجموعة من قادة حماس على رأسهم قائد الذراع العسكري للحركة والمسئول عن احتجاز شاليط أحمد الجعبري في قطاع غزة وطرح الوسيط الألماني مقترحه لإبرام صفقة التبادل إلا أن الجعبري بعد قراءة المقترح اتهم الوسيط بعدم الحيادية وتحيزه لإسرائيل وأصدر تعليماته إلى الوسيط الألماني بمغادرة غزة وأن لا يعود مطلقا.
وأضافت الصحيفة أنه تم فتح قناة مفاوضات غير رسمية بين إسرائيل وحركة حماس، وكان الخيط الأول نسجه ناشط السلام الإسرائيلي جرشون بسكين مع شريكه حنا سنيورة حيث فتح الاثنين قناة اتصال مع نائب وزير الخارجية في حكومة غزة غازي حمد.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن حماس كانت مستعدة لتقديم تنازلات أكبر قبل عام من إطلاق سراح شاليط ولكن تم رفض المبادرة غير الرسمية في هذا الشأن من قبل حكومة اسرائيل.
وكان الدكتور محمود الزهار القيادي البارز في حركة حماس الزهار قد ذكر في وقت سابق لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن مفاوضات إطلاق شاليط بدأت بعد أسبوع من خطفه.
وعلق الدكتور عطا الله أبو السبح وزير الأسرى بغزة قائلا إن الاحتلال خضع لشروط المقاومة الفلسطينية وهذه الصفقة تؤكد نجاح وانتصار نهج المقاومة وفشل نهج المفاوضات.
وأضاف ان المقاومة انتصرت في هذه الجولة وأرغمت الاحتلال على التوقيع على الصفقة ضمن شروطها معتبرا أن هذه الصفقة ستعطي زخما كبيرا للمقاومة الفلسطينية.
وتابع "الاحتلال راوغ في المفاوضات لسنوات من أجل الالتفاف على شروط المقاومة ولكن تمسك المقاومة بشروطها والضغط الداخلي على نتنياهو والتحولات في المنطقة العربية أجبر رئيس الوزراء الاسرائيلي على أن يوقع مرغما على هذه الصفقة".
نجاح للمقاومة
واعتبر عبد الناصر فروانة الباحث الفلسطيني المختص في شئون الأسرى أن هذه الصفقة تسجل نجاحا للمقاومة بغزة وأنهم يمتلكون خبرة عالية في التكتيك والإخفاء والسرية اذ استطاعت إخفاء شاليط لأكثر من خمس سنوات متواصلة في قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته 360 كم مربع رغم ما تملكه إسرائيل من تكنولوجيا حديثة ، وقدرات عسكرية وأمنية متطورة.
وتابع "هي الصفقة الأولى التي تتم وبنجاح فوق الأراضي الفلسطينية ، لتضاف لسلسلة عمليات تبادل عديدة نفذتها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية منذ أن بدأتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 23 يوليو عام 1968".
ويضيف عبد الناصر فروانة أن من بين مجموع من تحرروا في إطار الصفقة ( 284 ) أسيرا صدر بحقهم أحكاما بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة و(95) أسيرا من " عمداء الأسرى " ممن مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاما بينهم (27)أسيرا مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد وأن خمسة أسرى من هؤلاء كانوا معتقلين منذ أكثر من ثلاثين عاما.
وانتقد فروانه بعض الإخفاقات والملاحظات ذات العلاقة بالمفاوض منها ضبابية النصوص وغياب الوضوح لبنودها بخلاف غياب الضمانات الفعلية التي يمكن أن تلزم الاحتلال بتطبيق كامل لكل ما ورد في الاتفاقية .
وكان قد بدأ تنفيذ الصفقة على مرحلتين الأولى صباح الثلاثاء 18 أكتوبر، حين أفرجت سلطات الاحتلال عن 477 أسيرا فلسطينيا وتسليمهم إلى الصليب الأحمر الدولي، فيما قامت حماس بتسليم الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط إلى مصر إيذانا ببدء عملية التبادل.
ونقل الأسرى إلى قطاع غزة والضفة الغربية والخارج، حيث توجهت ثلاث طائرات سورية وقطرية وتركية إلى مطار القاهرة لنقل الأسرى الفلسطينيين الأربعين الذين أبعدوا خارج الأراضي الفلسطينية.
ونفذت المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى في 18 ديسمبر 2011 بعد الإفراج عن 550 أسيرا، ليصل عدد الأسرى المفرج عنهم 1027 أسير وأسيرة.
وتعتقل إسرائيل حاليا 4500 أسير فلسطيني بينهم 320 اسيرا على بند الاعتقال الإداري الذي يتيح تمديد سجنهم من دون تقديم لائحة اتهام بحقهم. مواد متعلقة: 1. الفلسطينيون يتجاهلون مقاطعة نادي برشلونة لحضور شاليط «الكلاسيكو» 2. جلعاد شاليط يكشف تفاصيل أسره بقطاع غزة 3. حماس تعرض فيلم وثائقي عن عملية أسر شاليط