حرمة الدماء والأموال في ضوء خطبة حجة الوداع، موضوع خطبة الجمعة القادمة    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    وزارة العمل: توفير 7 ملايين و240 ألفا فرصة عمل فى الداخل والخارج منذ 2014    المشاط: ترفيع العلاقات بين مصر واليابان يؤسس لمرحلة جديدة لتلبية تطلعات البلدين    إزالة 465 حالة إشغال طريق مخالف بمراكز البحيرة    تدشين 3 خطوط جديدة للشركة الوطنية مصر للطيران بالقاهرة خلال يوليو المقبل    ارتفاع أسعار المكرونة واللحوم وانخفاض الجبن اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    اليوم تسيير 27 رحلة جوية إلى الأراضي المقدسة    وزير الخارجية السوداني: روسيا من الدول التي ستشارك في إعادة إعمار السودان    منظمة العمل العربية: متابعة طلب فلسطين بالعضوية الكاملة فى "العمل الدولية"    بايدن يعتذر لزيلينسكى عن تأخير المساعدات العسكرية لأوكرانيا    غدا.. الأهلى يواجه النجوم ودياً استعداداً لفاركو فى الدورى    القائمة النهائية لمنتخب إسبانيا المشاركة في يورو 2024    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    مقتل سوداني بمساكن عثمان بأكتوبر    تسهيلات لراحة الحجاج.. بعثة الداخلية تستقبل آخر فوج بالمدينة المنورة| صور    مصرع شخصين داخل بيارة أثناء التنقيب عن الآثار بالبحيرة    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    نيللي كريم تستعرض إطلالتها الساحرة في حفل زفاف جميلة عوض | فيديو    تشييع جنازة نادر عدلى في العاشر من رمضان اليوم والعزاء بالمعادى غداً    أحكام الأضحية.. ما هو الأفضل: الغنم أم الاشتراك في بقرة أو جمل؟    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024    «مفيش بشر».. شوارع الوادي الجديد خالية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    مذكرة تفاهم بين مصر وجامبيا للتعاون في إدارة الأنهار المشتركة والتحلية    مصر وروسيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    عيد الأضحى- فئات ممنوعة من تناول الممبار    بروتوكول تعاون لاستقطاب وافدين من أوروبا والخليج للعلاج بمستشفيات «الرعاية الصحية»    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بمناسبة عيد الأضحى.. زيارة استثنائية لجميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    أكسيوس: فشل اجتماع القاهرة لإعادة فتح معبر رفح    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    اليوم.. سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام في برنامج بالخط العريض    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص على الطريق الدائري في القليوبية    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنيسة "سمعان" وأسطورة تنصّر الخليفة المعز لدين الله
نشر في محيط يوم 04 - 10 - 2012

في حضن جبل المقطم الشهير الذي يحيط بالقاهرة, يربض دير سمعان الخراز, الذي تتسع مدرجاته للآلاف من المسيحيين, لكن شهرته الأكبر تأتي من قصة شعبية صدقها البعض وتروي عن الراهب البسيط الذي يعمل في صناعة الأحذية واستطاع أن يتحدي الخليفة المعز لدين الله الفاطمي, ويحرك جبل المقطم من مكانه, وهو ما أثار أعجاب الخليفة المعز, فارتد عن الإسلام, ودخل المسيحية, وتنزل عن عرشه لابنه العزيز, وترهبن بقية حياته, وبعد مماته دفن في كنيسة أبو سيفين بمصر القديمة!.


ويشتهر الدير كذلك بالنقوش البديعة التي تزين الجبل, وهي نقوش تصور أجزاء من تاريخ المسيحية في مصر , ورحلة العائلة المقدسة إليها فرارا من بطش الرومان , وآيات من الإنجيل منها" من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد ".

وشبكة الإعلام العربية "محيط", إذ تتناول أسطورة نقل جبل المقطم, تؤكد أنها لا تمس صلب العقيدة المسيحية, ولا تشكك في إيمان أحد, وإنما هي تدرس الحادثة من الناحية التاريخية المحضة, مثلما فعلت من قبل مع طائفة البهرة, والتي تعتقد أن الحاكم بأمر الله الفاطمي يربض خلف محراب جامعه في شارع المعز, وهم ينتظرونه أن يخرج ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وظلما!

والقديس سمعان كان يعمل في دباغة الجلود وصناعة الأحذية, ولهذا كان يلقب بسمعان الدباغ أو سمعان الخراز أو سمعان الإسكافي.

وتروي المصادر الكنسية عنه ما يدل على إيمانه, إذ أتت إليه امرأة لتصلح حذائها, وبينما هي تخلعه, إذ انكشف ساقاها, فوقعت عيناه عليها, وفي الحال عاقب الخراز نفسه على ذنبه, وضرب أحدي عينيه فأفرغها من ماء الحياة, منفذا وصية الكتاب المقدس التي تقول" إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم ".

وتعتمد الكنيسة في إثباتها لحادثة نقل المقطم وتنصر الخليفة المعز بعدها، على كتاب لراهب قبطي عن تاريخ الكنيسة اسمه "الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة" .

المؤرخ محمد عبد الله عنان في كتابه "مصر الإسلامية.. وتاريخ الخطط المصرية", ينكر تماما صحة واقعة تنصر الخليفة الفاطمي, ويذكر أن الكتب المسيحية تؤكد أن واقعة نقل المقطم حدثت في عهد البطريق أبرام (إفرايم), والذي رسم بطريقا في سنة 975م, وأنه ترتب على وقوع الحادثة أن أذن الخليفة للبطريق ببناء كنيسة أبي سيفين (في مصر القديمة), "فبنيت حوالي سنة 980 م في عهد المعز", كما جاء في كتاب "تاريخ البطاركة" لصاحبه الأسقف ساويرس.

والمتأمل لتلك التواريخ, يكتشف أن واقعة تحريك المقطم لابد أن تكون قد وقعت فيما بين عامي 978 و 979 م, فيما توفي المعز في ديسمبر سنة 975 م, أي قبل وقوع المعجزة المزعومة بثلاثة أعوام على الأرج.

ويقدم عنان دليلا على زيف الحادثة فيذكر " تقول الأسطورة الكنسية أيضا أن المعز بعد أن نزل على الخلافة لابنه العزيز تنصر وترهب ودفن في كنيسة أبي سيفين.. "فمتي وقع ذلك؟ إن المعز لم ينزل عن الخلافة أثناء حياته قط, بل توفي وهو خليفة, وكان ابنه العزيز ولي عهده حتى وفاته..ودفن المعز في نفس القصر الفاطمي بتربة الزعفران أو التربة المعزية التي كانت قطعة من القصر الكبير".

ويورد عنان دليلا تاريخيا على عدم صدق أسطورة تحريك الجبل , بتأكيده على الخلاف الذي نشب بين العباسيين والفاطميين, إذ كل من الدولتين على السيطرة على العالم الإسلامي , واعتمدتا في دعايتهما السياسية على شرف الانتساب إلى النبي محمد صلي الله عليه وسلم , فالعباسيين هم أبناء العباس عم النبي , أما الفاطميون فهم الأجدر بالخلافة , لأنهم أبناء فاطمة الزهراء بنت النبي.

واشتدت الحرب بين الفريقين , فسعت الدولة العباسية إلى تقويض أساس الفاطميين بالطعن في نسبهم , فزعمت أن الفاطميين ليسوا بمسلمين, حتى أن الخليفة العباسي القادر بالله جمع في عام 402 هجريا – أي بعد وفاة المعز بسنوات طويلة – كبار الفقهاء والقضاة وأكابر الشيعة في محل ملكه ببغداد , وكتبوا محضرا رسميا تضمن الطعن في نسب الفاطميين خلفاء مصر "وأنهم ليسوا من آل البيت ..بل هم كفار زنادقة, وفساق ملاحدة, أباحوا الفروج وأحلوا الخمور وسبوا الأنبياء".

يقول عنان " ومسألة الطعن في نسب الفاطميين هذه والطعن في شرعية إمامتهم وتعاليمهم مشهورة في التاريخ الإسلامي , ولكن لم يقل أحد من خصومهم قط أن المعز لدين الله تعمد أو تنصر. ولو صحت هذه الأسطورة , بل لو جرت فقط مجري الإشاعة أو التهمة , لما غفل عنها العباسيون قط , ولأثبتوها في مطاعنهم الرسمية , وروجها مؤرخوهم , ولذكرها أكثر من مؤرخ مسلم , ولكن إجماع الرواية الإسلامية على تجاهلها وإغفالها في كل ما وجه إلى الفاطميين من صنوف المطاعن , مما يقطع باختلافها وتزويرها".

ويبدو أن تلك الأسطورة كان لها رواجا في العصور الوسطي , فنجد الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو , والذي سافر عبر العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر الميلادي إلى بلاد الصين , قد تحدث عن حادثة نقل الجبل في كتابه , بالجزء الأول في الفصل الثامن , لكن يورد الحادثة في مكان بعيدا تماما عن القاهرة , إذ يزعم أنها حدثت مع الخليفة المستعصم بالله , أخر خلفاء بني العباس في بغداد قبل أن يقتحمها هولاكو التتري . ويزعم بولو أن الخليفة تنصر ومات على النصرانية.

لكن كيف ظهرت تلك الأسطورة ؟ هذا ما يجيب عنه الأستاذ عباس العقاد في كتابه "فاطمة الزهراء والفاطميون" , حيث يري أنها شائعة نبتت بعد وفاة المعز بعدة سنين , لتكون موئل عزاء للمسيحيين مما لقوه من اضطهاد أيام الخليفة المخبول الحاكم بأمر الله الفاطمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.