اختلفت اللبنانيون حول النتائج التي ستسفر عنها زيارة بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر الى لبنان ، فبينما توقع البعض ان تنعكس هذه الزبارة بالخير والسلام ونشر الهدوء والاستقرار على البلاد والا يعود مرة اخرى الى الانقسامات والتناحر السياسى، بينما يرى آخرون أن لبنان سيدخل في هدنة سياسية تستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري فقط بسبب الزيارة التى تنتهى غدا الاحد. وتأتي زيارة البابا فى وقت تشهد المنطقة تظاهرات عنيفة ومواجهات احتجاجاً على فيلم مسىء للإسلام والنبى محمد صلى الله عليه وسلم أُنتج فى الولاياتالمتحدة.
حدث كبير
من جانبه وصف رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري زيارةا البابا الي لبنان بالحدث الكبير والاستثنائي بالنسبة إلي لبنان واللبنانيين. ورأي الحريري في بيان لمكتبه الاعلامي في بيروت أن هذه الزيارة تعد بمثابة بادرة أمل للبنان أرض الرسالات الحضارية والعيش المشترك. لبنان المساواة والتنوع والحريات.
رسالة طمأنة
ووصف مفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني زيارة البابا بأنها رسالة طمأنة للمسلمين والمسيحيين . في الوقت نفسه اعتبر أن الصراعات في المنطقة سياسية وليست مذهبية، محذرا من فتنة كبرى بين السنة والشيعة إذا ما تصاعدت الأزمة في سوريا.
وقال قباني ما يجري في المنطقة من صراعات ليس له مثيل ولكن الإيجابية فيها إن الصراع ليس إسلاميا مسيحيا وليس إسلاميا إسلاميا اذ لا يوجد قضية دينية مطروحة في الإعلام .
وأضاف من هنا تأتي أهمية زيارة بابا الفاتيكان الى لبنان، فهي تساهم في طمأنة المنطقة بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، لأن المسيحيين لديهم هواجسهم قبل أحداث المنطقة وازدادت بعدها . وحول رسالة بابا الفاتيكان إلى لبنان، تمنى قباني أن تكون الرسالة نفسها التي ننادي بها كرؤساء للطوائف الروحية هي السعي لتحقيق الوئام بين اللبنانيين كي لا تتحول الخلافات فيما بينهم الى ما هو أخطر .
ونوه قباني بإمكانات لبنان في تقديم رسالة تعايش للعالم يحملها بابا الفاتيكان معه في ختام زيارته، لافتا إلى أن لبنان بها ثمانية عشر طائفة يتعايش ابناؤها بعضهم مع بعض. واعتبر مفتي لبنان ان الخلافات بين اللبنانيين هي سياسية الطابع وليست طائفية ، وقال أسبابها سياسية، إما لنفوذ معين في الداخل او تبعية لنفوذ في الخارج .
التحاور والالفة
وأعرب عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب هاني قبيسي عن أمله أن تشكل زيارة البابا منطلقا جديدا تكرس المحبة والالفة والعيش المشترك، في زمن تكثر فيه المؤمرات.
وقال " لعل هذه الزيارة تشكل منعطفا تاريخيا للبنان وللمنطقة لكي ننتقل من الاقتتال والاختلاف الى التحاور والى المحبة والالفة والمودة".
وتابع أن ما نشهده في هذه الايام بعد فيلم أساء للرسول "ص"، أن أصابع الصهاينة تمتد لزرع الخلاف بين المسلمين وبين المسيحيين، وبين المسلمين والمسلمين، وبين المسيحيين والمسيحيين.
وأشار مستشار رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري غطاس خوري إلى ان الجو الايجابي الموجود في زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر سينسحب الى ما بعدها، متوقعا ان يشارك رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة الحوار المقبلة.
من جانبه رحب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور نبيل شعث بزيارة البابا إلى المنطقة، ودعاه إلى مواصلة جهوده الرامية إلى إحلال السلام.
وأضاف: "نتمنى للبابا بنديكتوس السادس عشر اقامة طيبة في المنطقة... ونأمل أن تعطيه هذه الزيارة رؤية واضحة حول ما يدور في المنطقة... ونكرر دعوتنا بكل احترام الى البابا للاعتراف بدولة فلسطين كخطوة ملموسة نحو تلبية الحقوق الفلسطينية العادلة والمشروعة، وكاستثمار تاريخي في السلام".
عودة التوتر
في المقابل، توقع عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب شانت جنجنيان أن يعود التوتر إلى الملفات السياسية العالقة بعد وقت من انتهاء الزيارة، معتبرا أن ملفات كثيرة منها قضية الوزير الأسبق ميشال سماحة وقانون الإنتخابات ستفرض نفسها على الساحة السياسية بعد أن تعكس زيارة البابا جوا من التوافق على البلاد.
وتمنى عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب وليد خوري أن تؤدي زيارة البابا إلى فترة من الصفاء الذهني لدى الكثير من السياسيين لأن هناك الكثير من المشاكل التي تحتاج إلى حلول جذرية.
واعتبر أن الملفات الأهم في الفترة المقبلة هي تلك المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية حيث من المتوقع أن تكون هناك إعتراضات من قبل البعض بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب لأنها لا تزال تحتاج إلى التمويل.
مظاهرات ضد الزيارة
وقبل بدء الزيارة سقط قتيل لبناني خلال اشتباكات بين قوات الأمن ومحتجين على الفيلم المسىء للرسول، وزيارة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر الجمعة إلى لبنان. وأشعل مئات المحتجين النار فى أحد مطاعم كنتاكى بمدينة طرابلس شمال لبنان، مرددين هتافات تندد بزيارة بابا الفاتيكان وشعارات مناهضة للولايات المتحدة، فيما قالت مصادر أمنية إن أحد المحتجين قتل وأصيب آخران.
وقام بعض المتظاهرين بتمزيق لافتات ترحب باستقبال البابا الذى تستمر زيارته إلى لبنان 3 أيام.
وفيما وصف "بنديكت" الانتفاضات فى العالم العربى التى أدت إلى الإطاحة بأنظمة ديكتاتورية فى تونس ومصر واليمن بأنها "ايجابية" رأى أن «الكرامة العربية المتجددة تعنى تجديد مفهوم العيش معاً وتسامح الغالبية والأقلية والحرية يجب أن تتواكب مع حوار أشمل، وليس هيمنة طرف على الآخر". بينما طالب الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين البابا بالاعتذار للمسلمين أسوة بالاعتذار لليهود. وأوضح الاتحاد - الذى يرأسه يوسف القرضاوى - فى بيان أنه يطالب البابا ب"الاعتذار للمسلمين عما قاله فى محاضرته فى ألمانيا، وعما حدث من المجازر فى الأندلس، كما اعتذر لليهود".
وفى عام 2009 تبنى بنديكت السادس عشر اعتذار سلفه يوحنا بولس الثانى لليهود عن دور الكنيسة فى اضطهادهم، كما جدد تجريم من ينكر حدوث «المحرقة» إبان الحقبة النازية.
الاستعداد للزيارة
واستعدت الدولة اللبنانية بكل طوائفها وأحزابها وتياراتها السياسية والدينية وهيئاتها لاستقبال بابا الفاتيكان قداسة البابا بنديكت السادس عشر فى زيارته التاريخية للعاصمة اللبنانية بيروت عقب إصراره على القيام بهذه الزيارة رغم التوترات الامنية التى ظهرت مؤخرا فى بعض المناطق اللبنانية، خاصة فى جوار الدولة اللبنانية القريبة من حدودها سوريا.
وازدانت شوارع وميادين العاصمة بصور قداسة البابا وترفرف الاعلام اللبنانية عاليا على المنازل والابنية الحكومية والخاصة واحيطت الاشجار والطرقات بالزينات واللوحات الفنية ذات الالوان البهية ومصابيح الاضاءة المعبرة عن ترحيب لبنان دولة وحكومة وشعبا بقداسته، وتشديد رئيس المجلس النيابى نبيه برى قائلا اننا سنستقبل قداسته برش الورود والارز من ارض المطار.
مواد متعلقة: 1. تدابير في مطار بيروت مع وصول البابا ومغادرته لبنان 2. بابا الفاتيكان يبدأ زيارة إلى لبنان وعلماء المسلمين يطالبونه بالاعتذار 3. بابا الفاتيكان يزور لبنان وسط الحرب في سوريا واحتجاجات على فيلم مسيء للإسلام