مركز "محيط" للدراسات السياسية والإستراتيجية كتب محمد شعبان حسنيين
مقدمة لقد تفضل بعض المخلصين فى منظمات انسانية فقرأوا كتاباتى التى قدمت فيها حقائق عن ضحايا التعذيب فى مصر وباكستان واميريكا ، فقدموا إلى مقترح قيم يفيد أن هيئات دولية مهتمة بجمع مادة ضحايا الحرب على الارهاب ، أفدت,' من هذا الإقتراح خصوصاً أن الحياة خارج السجن فيها متسع من الوقت للتفكير والكتابة بعد تلاشى جو المعتقلات غير السوى بالقهر والتعذيب والإيذاء البدنى والنفسى جراء التفتيش المفاجئ على الاوراق التى كتبها الاسرى والمعتقلين خشية تهريبها ، فأخذت بإضافة ملف مستقل عن كتاباتى السابقة أقدمه ضمن ملفات ضحايا الحرب الاميريكية على الارهاب ، وإن كنت أرى ان أفضل مصادر تغطية مادة ضحايا الحرب على الارهاب فئتين:
الفئة الاولى : هم الاشخاص الذين تعرضوا للتعذيب وعاشوا تلك الفترة العصيبة الا إنسانية والا أخلاقية فى أقبية سجون الاستخبارات واجهزة الامن ومعتقلات سرية فى مصر وباكستان وسجون اميريكا بقاعدة قندهار وبجرام وقاعدة شندن بأفغانستان وقاعدة جوانتناموا بكوبا وغيرها من سجون المخابرات السرية ، وقد لمست عن قرب ان كثيرا من الضحايا يرون الهروب من واقع المأساة حلا يندفع إليه الضحايا خشية الانتقام مرة أخرى فأجهزة التعذيب لازالت موجودة وتحتفظ بسرية أماكنها وسرية عناصرها فى المجتمع أو كمحاولة لنسيان الألآم أو يدفعون إلى الهروب من واقع المأساة بدوافع شتى – خاصة ممن تعرضوا لعمليات التعذيب القذرة –
الفئة الثانية : وهى أجهزة الإستخبارات حيث أنها مصدر له إطلاع شامل ووافى على المعلومات المستقاة من الفئة الأولى ومارست عليهم وسائل وأدوات التعذيب بكل صوره والوانه ومراحله الطويلة نسبيا لسنوات او القصيرة لشهور ، إلا أن طبيعة عمل تلك الجهات وكونها طرفاً فى النزاع والعداء والخصومة يجعلها مصدر مطعون فى شهادته وعدالته وتصريحاته حيث انهم خصم غير شريف ومتهم مطعون فى امانته ، فثمة لمحات مروعة قادمة للعالم من أروقة اجهزة المخابرات القاتمة التى تبدو وكأنها تعود بنا الى عصر إنسان الغابة تحاول هذه الاجهزة تنفيذا لأوامر اميريكا الزج بالبشرية الي عصر الغابة فى القرن 21 لغرض اشاعة الكراهية بين الامم والحضارات .
وسأقوم بمحاولة متواضعة بإلقاء الضوء على جوانب من واقع المأساة التى طالت ظلالها شبه الإسطورية الأبرياء من ضحاياها وأصحابها الذين اقترن اسمهم بحادثة الفاجعة الامريكية المسماة الحرب على الارهاب
مرحلة الولاء والتحالف منذ بداية سنوات الحرب الاميريكية على الارهاب كنت قد قضيت نحوا من تسع سنوات فى المعتقلات بين باكستان ومصر ، كانت ظروف إعتقالى بداية مرحلة سياسة الولاء والتحالف الإستخباراتى بين مصر و باكستان مع المخابرات الامريكية فيما أسموه بالحرب على الإرهاب وأتذكر الأن كيف كان موقف التجمع العربى الاسلامى فى باكستانوافغانستان رافضاً إحتلال أميريكا لأفغانستان من اراضى دولة باكستان ، وكيف فتحت أراضيها فى مؤامرة إستهدفت من ورائها إستقبال بضعة ألاف من شباب المسلمين من بلاد شتى بعضهم جاء للعمل الإغاثى وتقديم المعونات الانسانية والمساعدات العينية من بطاطين وملابس واموال فى ظل الحصار الاقتصادى الذى فرض على افغانستان ، بعد ان واجهت افغانستان صعوبات بالغة فى توفير المواد الغذائية ، ارتفعت معها اسعار الوقود فى فصل الشتاء القارس البرودة – الذى يستورد من إيرانوباكستان للمدنين والفقراء – الذين تشبثوا بالبقاء فى افغانستان أو فشلوا فى النزوح الى مخيمات اللاجئين الافغان فى دول الجوار بباكستانوإيران فى ظل الحصار الاقتصادى الذى تم فرضه بعد إنسحاب الهيئات الدولية بناءا على القرارات الاميريكية لهم بالإنسحاب .
وبعض هؤلاء الشباب وصل للحرب فى صف طالبان رافضا العدوان الاميريكى باحتلال افغانستان بعد حصارها .
كيف تم حصار هؤلاء الشباب منذ الوهلة الاولى لوصولهم الى إسلام اباد وبيشاور وكويتا ؟ وفتحت لهم معابر الحدود دون قيد او شرط وسهل لهم الالتحاق بطالبان سواء للعمل الإغاثى او العمل المسلح - وإسلام اباد – تعلم تماما أن هؤلاء الشباب صفقة سيتم بيعها لأميريكا والتضحية بهم فمعظمهم وصل لتوه للمرة الاولى لافغانستان يجهل اللغة والجغرافية والدروب والشعاب والحرب الافغانية ، فقد حكمت عليهم قبل عبورهم الى الحدود الافغانية بتيه أشد من تيه عسكر الجيش المصرى فى سيناء امام عسكر يهود وهزيمته عام 1967.
ثم عادت وفتحت حدودها فى مؤامرة لصيد الفلول المنهكة والمتعبة والتائهه القادمة من ميدان الحرب على الارهاب بعد ان قام عناصر ISI وعملائهم بإعطائهم الأمان للعبور مجددا ( تحت زعم الانحياز الى فئة مسلمة هى باكستان!) وبهذه المؤامرة الدنيئة وقعوا فى حبائل وسلة المخابرات التى قامت بتعذيبهم بأقذر وسائل التعذيب الجسدى والنفسى وبيعهم فى صفقات كل بثمنه حتى صار المسلم المغترب المتواجد على اراضى باكستان يتراوح ثمنه من 750 دولار الى مئات الالاف من الدولارات الى ملايين الدولارات فى حالة كتابة التقارير الامنية عنه من جاره او صديقه يكشف عنه مزاعم وظنون وشكوك أنه ارهابى فصارت كلمة عربى فى باكستان تعنى انه من تنظيم القاعدة وكلمة مسلم اوزبكى او تركى او فارسى تعنى انه من ارهابى طالبان ثم يتم تسليمه لقمة سائغة الى مخابرات isi لبيعه صفقة الى اميريكا حتى ولو اتضح لهم انه سائق تاكسى او بائع خضروات بسيط يقدمونه على انه من الخلايا النائمة للقاعدة وطالبان ! وأكثر هؤلاء الذين تسلمتهم مصر واميريكا فى صفقات من باكستان لم تثبت عليهم أى تهمة، وكثيرون منهم لم توجه لهم أى تهمة وآخرون منهم أمضوا سنوات السجن المقررة لهم وتعدوها بسنوات طويلة و لازالوا تحت الاعتقال حتى اليوم ، وهناك قوائم بدعاوى تعذيب غير عادية شملت المتهمين وتعدتهم إلى نسائهم وأطفالهم وأهاليهم وألقى بهذه الدعاوى داخل أدراج محكمة الغلق ، وكأنها لم تكن .
اهداف الحملة على الاسلام باسم الارهاب بعد 11\9
بعد أحداث واشنطن ونيو يورك 11 سبتمبر 2001 أصبحت الحملة على الاسلام باسم الحرب على الارهاب واصبحنا نقدم فى وسائل الإعلام على ان المسلمين يمثلون الإرهاب وهى الأزمة التى يتصدى لها العالم و يجب أن تزال هذه الأزمة بقيام توجيه الضربات الوقائية بالإعتقالات والتعذيب ولا يهم ان يكونوا منهم ضحايا وابرياء من بلاد شتى -خاصة مصر - فإستمد كلا من النظام المصرى والباكستانى ثقافته الامنية والاستخباراتية من المخابرات الاميريكية التى تقوم على تكهن فى تفسير عمليات وهمية ، لنفى الحقائق والانسانية عن ابرياء وضعفاء، خاصة مع خصومهما السياسين فى الخارج والمقيمين تحديدا فى باكستان بعقد صفقات – بيع وشراء - بشأن اعتقالهم من المخابرات الباكستانية الى المصرية .
وتنافسا نظام حسنى مبارك ونظام برويز مشرف على رضى البيت الابيض فالأول كان يريد أن يضمن لولده توريث عرش مصر من بعده والثانى كان يريد ضمان بقاءه كقاديانى طائفى منبوذ على عرش باكستان فقاموا بتشييد السجون السرية وتشييد المعتقلات على شكل قبور من الخرسانة المسلحة فوق سطح الارض مملؤة بزنازين كالتوابيت الحديدية المغلقة على المقبورين وهم أحياء بجوار زنازين فى اعماق ابار مظلمة تحت الارض ، إسلوب مدمر للأسرى والمعتقلين والسجناء دون ان تقع أدنى مسؤلية أو إدانة على أى مسؤل أو أى إعتراف بأى حقوق للإنسان الأسير ، واتبعوا سياسة تعتمد العرض على المعتقل العمل معهم مرشد ، فى حالة رفضه العمل معهم تتحول سياستهم إلى حالة تشبه سعار الكلب فى إستخدام كل وسائل القمع البدنى وممارسة التعذيب بالكهرباء إلى الإغتصاب الى القهر النفسى تحت التعذيب البدنى بهدف الإذلال والتصفية بدءاً بإهانة المقدسات وسب الدين والرب والرسول إلى إجبار المعتقلين على السجود لصورة الطاغوت حسنى مبارك وللطاغوت برويز .
و صاحب الحملة الإعلامية إنطلاق حرب بكامل مظاهرها العنيفة من أميريكا ، إنطلقت من باكستان الحليف الاستراتيجى لأميريكا بقارة أسيا وإنطلقت من مصر الحليف الاستراتيجى لاميريكا بقارة افريقيا وإنطلقت من اوروبا وانطلقت من المحيط الهادى والهندى والاطلسى ، ومنذ 11\9\2001 إلى الان حرب عنصرية أطلقوا عليها الحرب الاميريكية على الارهاب ، فصار الإرهاب شأنًا دوليًا، و شعارًا للحرب التى تشنها أميريكا ضد افغانستان والعراق ، واصبح تدويل مشكلة الإرهاب منحصرًا فى مجرد منح الشرعية الدولية للتجاوزات الامريكية بحق المسلمين والعالم ، ومنحصرا في مجرد تمويل حملاتها بالأموال، والمشاركة فيها بالجنود الذين تنحصر مهمتهم فى حماية جنود الإحتلال الأمريكى من ضربات المقاومة فى افغانستان 1 كانت مزاعم الحرب على الارهاب محاولة اميريكية للسيطرة على العالم بأساليب خلق الخطر وتضخيمه لطرح نفسها بعد ذلك منقذ وبائع للخدمات الامنية بأفدح الأثمان الاقتصادية والسياسية . .
استثمار وليس إلتقاء مصالح
لقد حاولت الجماعات الاسلامية الحليفة للمخابرات الباكستانية الاعتراض على حكومة بلادها واعتبرت قرارات برويز ضد افغانستان خيانة وتأزمت الاحداث وتفاقمت مباشرة بينهما ، فدولة باكستان دولة طائفية يسيطر على نظامها السياسى منذ نشأته الطائفة الاسماعيلية بل هم دعاة الانفصال عن الهند وهى دولة تستثمر بعض الجماعات الإسلامية ، للتسول الاقتصادي بإسم مكافحة الارهاب اوالحرب على الارهاب ، فتواجد الجماعات الإسلامية والاحتفاظ بها بل دعمها احيانا ً من قبل باكستان – هو ليس من باب إلتقاء المصالح كمايروج البعض بل هو من باب اخر عبارة عن رسائل يوجهها نظام اسلام اباد الطائفى إلى عدة مسارات منها.
مسار المنظومه العالميه:
حيث تركز على معني ومضمون وهو دعم نظام إسلام أباد والمحافظة عليه لإمكانه مناهضة اي قوة إسلامية مسلحة بازغة أو ناشطة أو ناشئة في القاره الهنديه وفي افغانستان مع قدرته بالتعامل مع الجماعات الإسلاميه بالتوظيف ثم بالتصفية بأنواعها، بالاضافه إلى التعاون الإستخباراتي والأمني معه عندما يقتضي الامر من أجهزة المخابرات الغربيه المهتمة برصد الحركة الإسلامية.
المسار الثاني :
رسائل موجهة إلى الجماعات الإسلامية ذاتها التى تتعاون مع مخابرات باكستان بدعوى التقاء مصالح معناها ومضمونها ومحتواها أن نظام إسلام أباد هو الذي يدعمها ويغض الطرف عن جميع تصرفاتهم ووجودهم عندما يوجهون فاعليتهم المسلحة كخط دفاع أول في صف الجيش لصالح الامن القومي وغير مسموح لهم بتجاوز ممارستهم إلى التشكيك في شرعية النظام أو تكفيره أو الخروج عليه وقتاله ومنازعته سلطاته، بل عليهم ان يكونوا عبداً مطيعاً يفعل بهم النظام ما يشاء!.
فمخابرات باكستان - اكثر من اي جهاز مخابرات اخر في العالم - تبذل اقصي جهد لإمكانية استنزاف الحركة الإسلامية وإحباطها بعد توظيفها وتعمل على إفراغها من مضمونها -بعد توظيفها- ومن ثم يتم تحويل الحركة الإسلامية بكل فصائلها إلى حركة عابرة بلا مردود، نجحت مخابرات ISI فى توظيفها لحماية الامن القومى الباكستانى اولا ثم لحادثة تاريخية، هناك في الشرق الغارق في التبعية والعمالة للحضارة الغربية المسيطرةعلى المنطقة بمعسكره بقيادة اميريكا
الخلاصة :- ان نظام إسلام اباد وجد نفسه بإختياره وإرادته يضحي بحلفائه من الجماعات الاسلامية وبحركة طالبان المرتبطة بعلاقات وطيدة مع اسلام اباد من كابل وقندهار ، معولاً في ذلك على العوائد المالية العائده عليه متنكرا لفضل طالبان ، ففى كابول كان بحوزة سلطات طالبان كمية لابأس بها من العبوات الإشعاعية
المضبوطة مع مهربين قادمين من بلاد ما وراء النهر، خاصة طاجكستان، وشحنات
أخرى كانت من مخلفات السوفييت فى أفغانستان، بعضها كان للإستخدامات الطبية،
وقد دفع باكستانيون أموالا قليلة، ولكنهم حصلوا على أكثر من قيمتها من شحنات
مشعة ، يعرفون هم وحدهم قيمتها، وربما ساعدتهم فى مشروعهم النووى الذى ظهر بعد ذلك بعدة سنوات
ما تبقى لدى الطالبان من شحنات وسمحوا للعرب بفحصها كانت مزيفة، ومجرد
مشاريع إحتيال( 1*) ،تنكرت باكستان لكل ذلك مقابل بعض المواقف المتواطئة بالانضمام الرسمي للحلف الدولي في اطار الرؤية الأميريكية لإعادة صياغة افغانستان صياغه استراتيجية جديدة موالية لها ولما يخدم مصالحها ونفوذها وسيطرتها على المنطقه تحت دعاوى ومزاعم الحرب الاميريكية على الارهاب .
لم تكن الاعمال العدوانية التى تورطت فيها باكستان فى الصراع الاميريكى ضد الابرياء والضعفاء تحت مزاعم الحرب الاميريكية على الارهاب هى فقط ماأثارت حفيظتنا إنما الوحشية التى رافقت ذلك العدوان الاميريكى العنصرى والمبادئ الطائفية للنظام الاسماعيلى الذى يترأسه حاكم عسكرى قاديانى الديانة أشد بغضا للمسلمين ولأهل السنة على الخصوص من ادارة الحرب الاميريكية ذاتها يشبه – مع نظامه فى عدائه لأهل السنة من المسلمين – إلى حد كبير الفاشية والنازية فى تعاملها مع غيرها أبان الحرب العالمية الثانية وماقبلها ! ( ذكرت بعض التفاصيل فى مقالتنا خيانة تحت سماء روالبيندى )
كانت مأساة أثارت حفيظة الكثير من شرفاء العالم و أثارت حزناً شديداً وقصصاً مؤلمة داخل مئات العوائل من أمة الاسلام وأثارت حزناً شخصياً لى جعلتنى أردد المقولة الشهيرة لأميريكا عن نظام إسلام اباد ( الباكستانى يبيع أمه بروبيتين ) !!
لقد مثلت باكستان فى الصراع الاميريكى الضخم فى الحرب على الارهاب دوراً لاإنسانى ولاأخلاقى أنبثق عن هذا الدور مأساة الاف من الغرباء المهاجرين العرب والمسلمين وتشريد ملايين الافغان ثم ملاحقتهم ومطاردتهم ومضايقتهم فى سبل العيش بشتى الطرق بدءأ من الاهانات الى تعاطى الرشوة الى الاعتقال التعسفى داخل الاراضى الباكستانية بغية عودتهم مرة اخرى الى افغانستان التى فقدوا فيها كل شئ تحت نيران القصف الاميريكى الباكستانى المشترك الى تعذيب واعتقال المسلمين المغتربين من افارقة الى اسيويين من طلاب الى موظفين الى مطاردين من انظمة بلادهم فى وسط اسيا الجمهوريات المستقلة حديثا عن الاتحاد السوفيتى - ، ولا زالت باكستان الى الان تشارك فى دور لاأخلاقى ولا إنسانى كحليف استراتيجى فى الحرب الاميريكية على الارهاب وتزعم انها دولة مستقلة مساوية لغيرها من الدول !!! (*1) بتصرف نقلا عن كتاب رحلة الافغان العرب لأبوالوليد المصرى (2*) نقلا من كتاب رحلة الافغان العرب لاابووليد المصرى مصطفى حامد العدوان الاميريكى الباكستانى عنصرى طائفى