الملاحظة الأولى: ملاحظة منهجية حيث المفترض أن الدستور القادم هو دستور الثورة , كما أن الدستور هو أب لكل القوانين , و الشعب هو مرجعية الدستور , لذلك فإن المنهج الذي يحكم المنطق الذي تفكر به اللجنة التأسيسية لوضع الدستور يتحدد في قاعدتين : الأول هوية الشعب , و الثانية : مطالب الشعب الثورية , عيش حرية عدالة كرامة , فبدلا من إعمال هاتين القاعديتن لبناء دستور الثورة , لجأت إلى منهج القص اللصق و الترقيع في دستور 1971 . الملاحظة الثانية : تتضمن تطبيق الملاحظة الأساسية السابقة على بعض من مواد المقومات الأساسية للمجتمع على سبيل المثال لا الحصر : المادة واحد كان نص المادة في دستور 1971 " جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديموقراطي يقوم على أساس المواطنة , الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة " , لم يعجب هذا النص اللجنة المخصة و اعادت صياغتها على النح التالي " جمهورية مصر العربية دولة موحدة ذات سيادة لا تقبل التجزئة و نظامها ديموقراطي يعتمد على مباديء الشورى التعددية و المواطنة التي تسوي بين كل مواطنيها في الحقوق الواجبات , الشعب المصري جزء من الأمة العربية و الإسلامية و يتمسك بانتمائه لحوض النيل والقارة الإفريقية و الامتداد الأسيوي" و نحن نرى أن الصياغة المعدلة مليئة بالخلط و الالتباس و عدم التمييز بين انتماء مصر المجتمعي حيث تنتمي إلى الأمة العربية فالشعب المصري جزء من الشعب العربي و انتمائها العقدي الحضاري حيث مصر جزء من الأمة الإسلامية و الشرق بصفة عامة و يدخل في ذلك حوض النيل و افريقيا و أسيا .
ونحن نرى أن رفع هذا الخلط و الإلتباس يقتضى بقاء المادة الأولى من دستور 71 كما هى لأنها تمشى مع إنتماء مصر المجتمعى للأمة العربية و حال أن الشعب المصرى جزء من الشعب العربى , و حيث أن تجزئة الشعب العربى والوطن العربى تجزئة باطلة و غير مشروعة , فإن الشعب المصرى بإعتباره جزء من الشعب العربى يكون ملتزما , مثل غيره من باقى الشعب العربى فى الأقطار العربية الأخرى , بالسعى لتحقيق الوحدة الشاملة و إزالة التجزئة الإستعمارية الصهيونية , هذا السعى الوحدوى العربى تقتضيه سنة التطور و النهوض , و تقتضيه سنة التوحيد التى تهيمن على كل وحدات المجتمع الدولى الآن لتحقيق معدل أسرع للتقدم و الرقى , فهل الوحده و التوحيد حق لكل الأمم والشعوب و يستثنى من ذلك الشعب العربى ؟ لنظل أسرى التجزئة الاستعمارية الصهيونية لنبقى متخلفين تابعين , هذا أمر يرفضه الشرع و كل القوانين السائدة , لذلك نطالب بإصرار على بقاء المادة الأولى كما هى.
لكن الإضافه المستحدثة مهمة , لأن نيات النظام السابق كانت مبنيه على التبعية لأمريكا و الغرب عامة و الصهيونية , و لذلك كان يتجاهل متعمدا النظر شرقا الذى يجسد هوية مصر الحضارية و المكانية , و لأهمية هذا الإضافة نرى استحداث مادة جديدة تضمنها يكون نصها " الشعب المصرى جزء من الآمتين العربية و الإسلامية و هو جزء لا يتجزأ من حوض النيل و القارتين الأفريقية و الآسيوية " . و يجب التنويه و التأكيد هنا على إنه لا تناقض بين إنتماء مصر للأمة العربية و إنتمائها للأمة الإسلامية , كما أن " التوحيد العربى" جزء من استراتيجية التوحيد "الإسلامى" كما أنه يتماهى مع استراتيجيات التوحيد على المستى العالمى , إن التناقض كان مفتعلا صنعته ظروف معينة تقتضى المصلحة الآن عدم الخوض فيها .
مادة الأزهر المستحدثة : تنص المادة كما صاغتها اللجنة على " أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة مقرها القاهرة , ومجالها العالم الإسلامى , و لعالم كله تختص بالقيام على جميع شئونها و تكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضها . و يكون رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف المرجعية النهائية للدولة فى جميع الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية طبقا لمذهب أهل السنة و الجماعة و يكفل القانون ذلك" .
و نرى أن المعوق الأساسى الذى كان يعرقل قيام الأزهر بدوره بإعتباره مرجعية الدولة فى الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع هو تبعية الأزهر للدولة , أو بمعنى أكثر دقة تبعيته للسلطه عن طريق قيام رئيس الدولة بتعيين شيخ الأزهر فى موقعه و كذلك عدم إستقلال الأزهر ماليا.
واقتناعا منا بالدور التاريخى و الحضارى المتجدد للأزهر فى الحفاظ على هوية المجتمع و مقوماته الأساسية فإننا نرى فك الإرتباط ليس بين الأزهر و الدولة , و إنما بين الأزهر و السلطة التنفيذية , و يتحقق ذلك عن طريق إعادة صياغة المادة كما يلى : " الأزهر الشريف هيئة إلامية مستقلة , مقرها القاهره , و مجالها العالم الإسلامى و العالم كله , و تقوم هيئة كبار العلماء بالأزهر بإختيار شيخ الأزهر بالإنتخاب المباشر , و تقوم مؤسسة الأزهر بوضع أسس موازناتها المالية بإستقلال عن ميزانية الدولة , و تختص هيئة الأزهر بالقيام على جميع شئونها , و يكون رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف المرجعية النهائية للدولة فى جميع الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية طبقا لمذاهب أصل السنة و الجماعة , و كذلك مراعاة صيانة المقومات الأساسية للمجتمع , ويكفل القانون ذلك ."
مادة مستحدثه جديدة : نرى أن الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع – هويته- ليست مهمة الأزهر وحده , و إنما هى مهمة الأزهر و الكنيسة معا , لمواجهته الهجوم الطائفى المسلط علينا و التغريب الحضارى الذى يستهدف هويتنا إستقلالنا.
لذلك نرى إستحداث مادة تنص على " تتولى مؤسسة الأزهر و الكنيستين الكاثوليكية و الأرثوذكية تشكيل لجنة تكون دائما كهيئة , و تختار العضوية فيها بالانتخاب من الجهات الدينية المسئولة , لمدة 5 سنوات وفقا للقانون , و تكون مهمتها منع و اقتلاع جذور الفتنة فى المجتمع و الحفاظ على مقوماته الأساسية و هويته الحضارية"
مادة 3 : نصها فى دستور 71 ما يلى " السيادة للشعب وحده , و هو مصدر السلطات و يمارس الشعب هذه السيادة و يحميها , و يصون الوحده الوطنية على الوجه المبين فى الدستور " .
و قد رأت اللجنة المختصة نقلها كما هى دون تغيير , فى حين أن هذا النص لم يمنع تغييب الشعب و ظهور ما أجمع على ظهوره فقهاء القانون و السياسة و هو " الدولة العميقة" , كما أن هذا النص لم يمنع تغول السلطة القضائية فى الفترة الماضية بحيث غلبة الصفة الأساسية على هذه السلطة , و خرجت بعيدا عن مهامها القضائية مما هدد الوحدة الوطنية للبلاد لأنها هيمنت على السلطتين التشريعية و التفيذية , نعلم أن الدستور سيتضمن أبوابا للسلطات , و لكننا نرى أن يتم صياغة هذه المادة بما يحقق فعلا السيادة للشعب و يمنه هيمنة سلطة على السلطات الأخرى , و الإستئثار بالسياده لنفسها , و عليه نرى الماده صياغتها على النحو التالى " السياده للشعب وحده , و هو مصدر السلطات و عليه مراقبتها بواسطة مؤسساته المختلفة , و يمارس الشعب هذه السيادة و يحميها , و يصون الوحده الوطنية , و يتشكل فى سبيل تحقيق ذلك " لجنة صيانة الدستور المحافظ عليه" على الوجه المبين فى الدستور القانون , و تكون مهمتها التأكد من دستورية القوانين و المواد القانونية و الفصل فى المنازعات بين سلطات الدولة المختلفة " , و من المهم التأكيد هنا أن هذه اللجنة ليست جزءا من أو تابعة إلى أى سلطة من سلطات الدولة الثلاث القضائية و التشريعية و التفيذية.
المادة 6 : نصها فى دستور 71 كالآتى : "الجنسية المصرية ينظمها القانون " , و إعادت اللجنة المختصة صياغتها على النحو التالى : " الجنسية المصرية يحددها القانون و لا يجوز بحال إسقاطها عن مصرى و كذلك لا يجوز الاذن بتغييرها ممن اكتسبها إلا فى حدود القانون ".
و نرى أن صياغة المادة فى دستور 71 أوفق من صياغتها الجديدة من قبل اللجنة , لأن الصياغة الجديدة لا تتعامل مع الوضع الإقليمى على حقيقته , إذ هو واقع صراع , و من ثم فإن الجنسية المصرية من حيث سحبها أو إسقاطها تكون بحسب كل حالة بظروفها و ليست فى حاجه إلى صياغة مطلقة, لذلك نرى أن تبقى المادة كما هى دون تعديل.
الماده 8 : نصها فى دستور 71 كما يلى : " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين " , إن هذا النص يصبح لا قيمة له إذا لم تكن فرصة العمل موجوده أصلا فى المجتمع , و هى الحالة الموجوده فعلا فى مجتمعنا بسبب غلبت الطابع الإستهلاكى و تهميش الطبيعة الإنتاجية للإقتصاد القومى , بسبب تبعية هذا الإقتصاد للإقتصاديات الأمريكية و الغربية و الصهيونية و بسبب غياب الإرادة الوطنية المستقلة , و لذلك فإنه تعديلا للأوضاع السائدة و تماشيا مع مطالب الثوار فى العيش و الحرية الكرامة و العدالة الإجتماعية , فإننا نرى تعديل النص المعدل للمادة بحيث يكون كالتالى : " توفر الدولة فرص العمل لجميع المواطنين القادرين على العمل , فالعمل حق , و تتولى خطة التنمية الاجتماعية الشاملة تحقيق ذلك , و تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون تمييز"