الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    وظائف معلم مساعد 2024.. تعرف على الكليات ورابط التقديم    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 6 مايو 2024    د.حماد عبدالله يكتب: "الإقتصاد الجزئى " هو سبيلنا للتنمية المستدامة !!    استقرار سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 6 مايو 2024    جيش الاحتلال يفرض حظرا للتجوال في مخيم نور شمس بطولكرم    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    إعلان بانجول.. تونس تتحفظ على ما جاء في وثائق مؤتمر قمة التعاون الإسلامي بشأن القضية الفلسطينية    تشكيل غير مناسب.. فاروق جعفر يكشف سبب خسارة الزمالك أمام سموحة    هل استحق الزمالك ركلة جزاء أمام سموحة؟.. جهاد جريشة يجيب    خالد مرتجي يكشف أسباب غيابه عن مراسم تتويج فريق الزمالك للكرة الطائرة    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    طقس شم النسيم.. تحسن حالة الجو اليوم الاثنين    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 12 من عمال اليومية في انقلاب سيارة ب الجيزة    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حمادة هلال يكشف حقيقة تقديم جزء خامس من مسلسل المداح    أنغام تتألق بليلة رومانسية ساحرة في أوبرا دبي    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    "وفيها إيه يعني".. فيلم جديد يجمع غادة عادل وماجد الكدواني    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    الصحة تحذر.. إذا ظهرت عليك هذه الأعراض توجه إلى المستشفى فورًا (فيديو)    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    فى ليلة شم النسيم.. إقبال كثيف على محلات بيع الفسيخ فى نبروه||صور    ردا على إطلاق صواريخ.. قصف إسرائيلي ضد 3 مواقع بريف درعا السوري    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    الباشا.. صابر الرباعي يطرح برومو أغنيته الجديدة    بوتين يحقق أمنية طفلة روسية ويهديها "كلب صغير"    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    مصرع وإصابة 6 في حادث انقلاب تروسيكل بمطروح    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    أستاذ اقتصاد: المقاطعة لعبة المستهلك فيها ضعيف ما لم يتم حمايته    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    مصر في 24 ساعة|اعرف طقس شم النسيم وتعليق جديد من الصحة عن لقاح أسترازينيكا    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    3 قتلى و15 مصابًا جراء ضربات روسية في أوكرانيا    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعي فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو إصلاح الحركة التعاونية في مصر
نشر في محيط يوم 07 - 08 - 2012


مركز "محيط " للدراسات السياسة والإستراتيجية
إعداد د . مجدي سعيد

من أوراق المؤتمر المصري الأول للنهوض والتنمية والذي عقد في 16، 17يوليو 2012

تمهيد
"..إن القواعد والقيم والإنجازات الكلاسيكية التي ظلت علامة مميزة للتعاونيات لعقود طويلة يمكنها أن تضيف إسهاما مهما إلى جهود المساعدة الأجنبية المعاصرة الثنائية والمتعددة الأطراف. وإذا كانت التنمية الاقتصادية تمثل عنصرا معززا للتحولات التنموية، وإذا كانت البلدان لن تتحول بدون تنمية اقتصادية وبدون توليد للثروة، فإنه يمكن للتعاونيات أن تساعد في تحفيز تلك التنمية، إلا أن نموذج التعاونيات يقدم – فوق ذلك- كلا من المشاركة والخبرة الاجتماعية والبناء الديمقراطي للمؤسسات، بما يوضح العلاقة الراسخة بين كل من التقدم الاقتصادي والاجتماعي وبين الديمقراطية في البلدان النامية.."
هكذا رصد أحدث تقرير صادر حول التعاونيات الإمكانية التنموية الكامنة فيها، والذي أصدره "مجلس التنمية التعاونية عبر البحار" في أغسطس من عام 2007، وبين فيه كيف يمكن للتعاونيات أن تكون أداة لتطوير المجتمعات النامية في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، وهو ما حدا بنا لاتخاذ مسارات تلك الإمكانية التنموية مدخلا لمقارنة آفاق الحركة التعاونية في العالم بما وصل إليه حال تعاونيات في بلادنا وتحديدا في مصر، بين "نقطة البداية" في أحضان الحركة الوطنية والتي كانت تهدف منها إلى تحرير الأرض والإنسان، وبين "نقطة النهاية" في أحضان الفساد والاستبداد لتصبح حركة ومؤسسات فاترة فاقدة المعنى والروح والحياة..وهو ما أفقدنا إمكانية كانت كفيلة بأن تضعنا – مع غيرها من الإمكانات التنموية المتاحة والمهدرة في آن – في مكانتنا التي تليق بنا كدولة محورية في الشرق العربي والإسلامي.
ولنقرأ على سبيل المثال نبذة من تقرير مصري ورد في "نقطة المنتصف" من حياة الحركة التعاونية المصرية يدل على مدى ما كان متعلقا بتلك الحركة من آمال تبددت على مر الأيام:
"تدل الإحصاءات العالمية الأخيرة للحركة التعاونية في العالم على قيام 810,512 جمعية تعاونية من مختلف الأنواع في مختلف الدول وعدد أعضاء هذه الجمعيات يبلغون 143،260,000 عضوا. والحركة التعاونية في مصر بحالتها الراهنة تمس مصالح أربعة ملايين من السكان، وهذا العدد يمثله أعضاء في الجمعيات التعاونية يبلغ عددهم 800,000 عضوا ينتمون إلى 2000 جمعية تعاونية، وتختلف درجة قيام الجمعيات التعاونية بالخدمات التي يحتاجها هؤلاء الأعضاء في الإنتاج أو الاستهلاك قلة وكثرة بحسب نوع الجمعيات وبحسب القدرة المالية والإدارية لكل جمعية، ولا شك أن الجمعيات التعاونية بحالتها الراهنة في مصر لم تصل بعد إلى سد نسبة كبيرة من مجموع الخدمات التي يجب أن تؤديها لأعضائها. إن ما نرجوه لاقتصادنا القومي من تطور يجب أن يكون في مقدمة أهدافنا القومية ويجب أن يتبصر الرأي العام فيما نحن فيه من افتقار إلى الأخذ بما فاتنا من الانتفاع بالمخترعات الحديثة في الإنتاج وإلا بقي نصيب أمتنا من مجموع ثروة الأمم ضئيلا هزيلا فنمسي ونصبح شعبا من الجياع في عالم قد عمه الشبع، ويبقى السواد الأعظم من أفراد هذه الأمة في مؤخرة الأمم يخيم عليهم الجهل وينخر في بنيانهم المرض فإذا نحن بصرنا الرأي العام بكل هذا ووظدنا العزم على تنمية ثروتنا القومية وأخذنا بأساليب الصناعة الحديثة والإنتاج الكبير فلنحاذر من أن نخلق من هذه الثروة القومية الجديدة وسيلة لتضخم الثروات الخاصة في أيدي القليلين وارتفاع نسبة الفقر بين الملايين، فنحن في حاجة إلى رسم الطريق واضحة المعالم اتوزيع الثروة بين أبناء الشعب على أساس من العدل الاجتماعي في الوقت الذي نحن قادمون فيه على بناء صرح اقتصادنا القومي وتنمية ثروتنا القومية. ونظام التعاون في نظرنا صالح لهذا الغرض وهو جدير بأن يحمل نصيبه كاملا من تنظيم مرافقنا الاقتصادية" .
حول ماهية التعاون ومبادئه
التعاونية كما يعرفها الحلف التعاوني الدولي هي "رابطة ذاتية الإدارة تتكون من أفراد توحدوا طوعيا لتلبية احتياجاتهم وطموحاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة من خلال مشروع يمتلكونه ويديرونه ديمقراطيا بشكل مشترك".
ويؤكد أحد الخبراء على أن التعاون "ليس نظاما وإنما هو أسلوب عمل يقوم على الترابط والتضامن بين مجموعة من الأفراد على أساس من الحقوق والواجبات المتساوية، بهدف رفع مستوى كفاءة ممارستهم لأنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية، والتغلب على ما قد يعترضهم من مشاكل ومصاعب أو يتعرضون له من استغلال يضر بمصالحهم كمنتجين/ أو كمستهلكين"
ومن ثم فهو تجمع طوعي لأفراد (لا تجمع أموال) يتكون نتيجة لحاجة المشاركين فيه، ويستوعب على قدم المساواة الفقراء والأغنياء في آن واحد، ويمكن الأخذ بهذا الأسلوب في ظل نظم اجتماعية مختلفة (رأسمالية أو اشتراكية أو مختلطة)، ويستمد مقومات دوره التنموي من مصدرين أساسيين هما:
1- تجميعه لجهود وإمكانات وطاقات وممتلكات الأفراد المتعاونين الصغيرة والمبعثرة ودمجها وحشدها وتوظيفها على نحو يعظم الانتفاع بها ويزيد من قدراتهم كمنتجين أو كمستهلكين ويمكنهم من الاستفادة من وفورات السعة.
2- قواعد العمل التعاوني التي يسميها الكثيرون "مبادئ التعاون"، وتضم سبعة مبادئ الأربعة الأولى منها أساسية، والثلاثة الأخرى ثانوية وهي كما يلي :

• باب العضوية المفتوح: في المنظمات التعاونية ويعني ذلك أن العضوية اختيارية، وأنها لا تمنع عن أحد تتوفر فيه شروط الانضمام، وأنه يتاح لكل عضو التخلي عن العضوية أو الانسحاب منها .
• الديمقراطية التعاونية: ويعني ذلك: ديمقراطية الإدارة التعاونية، ووفقا لها يتمتع كل عضو بحق متساو في الترشيح لعضوية هيئاتها الإدارية وفي التصويت لاختيار أعضاء هذه الهيئات مهما اختلفت أو تباينت مساهماتهم في رأس مالها، على أساس صوت واحد لكل عضو. وفي هذا الإطار لا يجوز لعضو واحد أن يمتلك أكثر من حصة معينة من الأسهم، ولكل عضو أن ينوب في التصويت عن عضو واحد فقط، ويعني المبدأ أيضا أن السلطة العليا هي للجمعية العمومية. ويتيح هذا المبدأ إطارا جيدا لتعلم وممارسة الديمقراطية من المستوى القاعدي، ويتيح أكبر مشاركة في اتخاذ القرار بما يحمي مصالح الأكثرية .
• العائد على المعاملات : ووفقا لها: يوزع ما تحققه المنظمة التعاونية من فوائض بين أعضائها بنسبة مساهمة كل منهم في تحقيق هذه الفوائض فالتعاونيات لا تهدف إلى المتاجرة ولا إلى تحقيق أرباح من وراء أنشطتها، وإنما ينصب عملها في المقام الأول والأخير على تحقيق مصالح أعضائها بحمايتهم من استغلال الآخرين لهم عندما يشترون منهم أو يبيعون لهم، ومن ثم فإنها في المقابل تتنزه عن أن تستغل الآخرين، ويترتب على ذلك أن المنظمة التعاونية وهي تمارس نشاطاتها لخدمة أعضائها، تحقق فائضا يساهم كل عضو في تحقيقه بمقدار ما يساهم به في نشاطاتها ويستحق منه بنفس القدر أيضا، وهذا ما يعبر عنه بالعائد على المعاملات. ويقترن بتلك القاعدة قاعدة أخرى فرعية تقصر التعامل مع التعاونية على أعضائها فقط إلا في حالات الضرورة . ويوزع الفائض على أربع حصص، كل منها لوظيفة من وظائف التعاون وذلك على الوجه التالي:
- تكوين أموال احتياطية لاستثمارها في الجمعية التعاونية ولتطويرها.
- دفع الفوائد المحدودة على رأس المال.
- الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، كمساعدة أعضاء الجمعية في حالة المرض أو تقديم الخدمات لأطفال الأعضاء، والخدمات الثقافية للأعضاء..إلخ.
- أما باقي الفائض أو الجزء الأكبر في الغالب فيتم إعادته للأعضاء، ويتم توزيع هذا الجزء على الأعضاء بنسبة معاملات كل عضو مع الجمعية، وليس بحسب ما يملكه من أسهم، ولذلك يطلق على هذا الجزء اسم "العائد على المعاملات"، وله طرق متعددة في توزيعه، كما أن له دلالة هامة: ففي الجمعية التعاونية تسمى الأرباح "الزائد المقبوض Troppercus" ويدل على معنى خاص، فهو يؤكد للأعضاء أن الجمعية قد اقتضت منهم ثمنا مرتفعا عن الثمن الحقيقي (للسلع أو الخدمات)، لذلك فهي تقوم برده لهم بعد أن أقفلت حساباتها الختامية، واستطاعت تقدير قيمة الزيادة في الأسعار. ولهذا الأمر دلالة نفسية في توضيح طبيعة "التعاون"، وفي تبيان الفرق بينه وبين المشروع الخاص .
• الفائدة المحدودة على رأس المال: حيث "يقوم البنيان التعاوني على العنصر الإنساني والعلاقات الاجتماعية، قبل أن يرتكز على رأس المال، لذلك نجد أن رأس المال في الجمعيات التعاونية، لا يعطي أرباحا، كما هو الحال في المشروعات الرأسمالية، بل يغل فائدة محدودة، والتي تقاس بنسبة مئوية من القيمة الاسمية للسهم، على أن الجمعية لا تلتزم بدفع الفائدة على رأس المال، إلا إذا وجدت لديها أرباحا تسمح بدفع هذه الفوائد. وهو ما يختلف عن فائدة السندات في الشركات المساهمة، والتي تستحق لأصحابها سواء خسرت الشركة أو حققت أرباحا .
• التعامل نقدا: وهي من الأسس التي تكفل حسن سير الجمعيات التعاونية للاستهلاك. ويرتكز على اعتبارات اقتصادية واجتماعية، فمن الناحية الاقتصادية: يمثل البيع الآجل (بالتقسيط) خطرا على أموال الجمعية، ويعرضها للضياع، ومن الناحية الاجتماعية فإنه يقصد به عدم تشجيع الأفراد أو إغرائهم على التعامل في حدود تزيد عن مواردهم الحقيقية، وهو أمر يتعارض مع الأفكار التعاونية. كما أن البيع بالنقد يحقق مبدأ المساواة والعدل بين الأعضاء .
• الحياد الديني والسياسي : ويعني ابتعاد الحركة التعاونية وجمعياتها عن الزج بنفسها في أي معترك ديني أو سياسي، وأن تلتزم الحياد إزاء المشكلات السياسية والدينية، ولا يعني ذلك حرمان أعضاء الحركة/ الجمعية من اعتناق ما يشاءون من مذاهب سياسية أو دينية، ولكن ينبغي على الجمعية/ الحركة ألا تنتمي لحزب من الأحزاب، وألا تأخذ في اعتبارها عند قبول الأعضاء أو ترشيحهم لعضوية مجلس الإدارة انتماء أحدهم السياسي أو ديانته .
• نشر التعليم التعاوني : ويعد هذا المبدأ تطبيقا للروح التعاونية التي ترمي لخدمة أعضائها وتأتي في مقدمة هذه الخدمات الارتفاع بمستواهم الثقافي، ومن هنا أصبح نشر التعليم والثقافة التعاونية من الأغراض التي تضعها الحركة/الجمعيات التعاونية نصب أعينها، بما يؤدي لاتساع آفاق تفكيرهم، وزيادة تمسكهم برسالة التعاون، ورفع كفايتهم الفنية وزيادة خبرتهم. وتضيف بعض الجمعيات التعاونية خدمات اجتماعية أخرى، كإقامة النوادي وتعبيد الطرق، وإقامة المستشفيات، وتقديم العلاج إلى أعضائها .
وقد أضاف الحلف التعاوني الدولي مبدأين جديدين بعد دمج المبادئ من الثالث إلى الخامس وفق الرؤية القديمة في مبدأ واحد (الثالث وفق الرؤية الجديدة) وتعديل صياغة باقي المبادئ، وقد نص المبدأين الجديدين على:
• التعاون بين التعاونيات: تخدم التعاونيات أعضاءها بشكل أكثر فاعلية وتقوي الحركة التعاونية بالعمل معا، من خلال البنى المحلية، والقومية، والإقليمية، والعالمية.
• الاهتمام بالمجتمع: تعمل التعاونيات من أجل التنمية المستدامة لمجتمعاتها من خلال سياسيات موافق عليها من قبل أعضائها .
وتعتمد مبادئ التعاون تلك بالأساس على مجموعة من "القيم التعاونية" نص عليها الحلف التعاوني الدولي وهي: العون الذاتي (بين أعضاء التعاونية)، والمسئولية الذاتية، والديمقراطية، والمساواة، والعدالة، والتضامن. وفي تقاليد مؤسسيه، يعتقد أعضاء التعاونية في القيم الأخلاقية للصدق والانفتاح والمسئولية الاجتماعية والاهتمام بشئون الآخرين.


تطور التعاونيات في مصر من الحيوية إلى الفتور
مرت حركة التعاونيات المصرية طوال تاريخها الذي يصل مائة عام بمراحل عدة، ذات ملامح مختلفة، وقد تناول هذا التاريخ العديد من مؤرخي حركة التعاون في مراحلها، وركزوا في التأريخ لتلك المراحل- في الأغلب- على التطور التشريعي والكمي والنوعي للحركة من حيث عدد الجمعيات وعدد أعضائها ورأس مالها وأنواع النشاط الذي تمارسه، كما تناولوا التطورات السياسية والاقتصادية في مصر التي مثلت البيئة التي تطورت فيها الحركة ما بين نظام سياسي ملكي، إلى نظام سياسي جمهوري، وما بين توجهات اقتصادية رأسمالية واشتراكية، لكن أحدا منهم – على الأقل فيما نعلم- لم يتناول التطور الكيفي للحركة وشكل المنحنى الذي اتخذته أو المنحدر الذي سلكته طوال مائة عام من بداية دافقة بالحيوية تتمثل في حرارة أهدافها في تحقيق الاستقلال والتنمية الحقيقية، وفي التزامها الكامل ب "روح التعاون"، ثم مرورها بحركة تأميم وإلحاق وإفراغ كبرى من المضمون ووأد للروح في منتصف الطريق، وصولا إلى نهاية فاترة متكلسة متأزمة لا تمثل إضافة حقيقية للتنمية إلا إذا كانت مجرد الأرقام هي المؤشر الوحيد لذلك، وصلت فيه الحركة إلى وضع آسن شاخت فيه وعليه الحركة حتى استعصت على الإصلاح، سواء إصلاحها أو الإصلاح بها ومن خلالها.
وعلى ذلك فإننا يمكننا أن نقسم مراحل تطور الحركة التعاونية إلى مرحلتين كبريين، الأولى مرحلة التأسيس، ثم التقنين الضابط والمحدد للحركة بشكل جزئي قابل للإصلاح، والتي امتدت من عام 1908 إلى عام 1952. والثانية مرحلة النفق المظلم المنحدر كيفا -والصاعد كما !!- فيما بعد ثورة 1952 وحتى الآن، وذلك نتيجة لاضطراب النظام الاقتصادي المتبنى، ونتيجة لتغير علاقة السلطة بالحركة وبغيرها من مظاهر حياة المجتمع الأهلي المتمثلة في الحركات/ المؤسسات الأهلية الطبيعة والتي قامت بالأساس على الإلحاق والتأميم والإفراغ من المضمون والروح. وإذا كانت هذه هي قراءتنا للتطور الكيفي للحركة التعاونية، إلا أن ذلك لا يغني عن قراءة التطور التشريعي والكمي لها من خلال المصادر المتاحة:

الوضع الحالي للتعاونيات في مصر والأمل في إصلاحه
قبل أن نتحدث عن الوضع الحالي للحركة التعاونية من حيث التقييم نود أن نوضح حجم الحركة التعاونية المصرية وهيكلها الذي يضم:
• الاتحاد العام للتعاونيات وينظمه قانون 28/1984 ويتبع إداريا لرئيس مجلس الوزراء
• 5 اتحادات نوعية مركزية يوضح أوضاعها الجدول التالي :

البند/النوع الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي الاتحاد التعاوني الإنتاجي المركزي الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي الاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي الاتحاد التعاوني للثروة المائية
القانون 109/1975 110/1975 122/1980 14/1981 123/1983
الجهة الإدارية وزارة التجارة والصناعة وزارة التنمية المحلية وزارة الزراعة وزارة الإسكان وزارة الزراعة
عدد الجمعيات 4005 + 20 اتحاد إقليمي 482 7000 2038 93
عدد الأعضاء 4 مليون 58184 أكثر من 4 مليون على مساحة 7.2 مليون فدان 2 مليون 89712
حجم الأعمال 10 مليار جنيه 10 مليار جنيه 25 مليار جنيه مليون وحدة سكنية (8 مليار جنيه) أكثر من مليار جنيه

• إضافة إلى ذلك يتبع الاتحاد عدد من الهيئات النوعية وهي:
- دار التعاون للطبع والنشر وتتبع مجلس الشورى.
- المعاهد العليا التعاونية وتتبع وزارة التعليم العالي.
- الجمعيات العلمية وتتبع وزارة الشئون الاجتماعية.
- الجمعيات التعاونية التعليمية وتتبع وزارة التربية والتعليم.

أزمة الحركة التعاونية في مصر:
"الحقيقة المؤكدة أن القطاع التعاوني في مصر يواجه أزمة حقيقية حادة.. تجعله عاجزا مشلولا مجمدا..غير قادر على خدمة أعضائه من ملايين المواطنين" ، هذه الوضع المتأزم للتعاونيات في مصر الذي عبر أكثر من مصدر عن جانب منه أو من أسبابه ومظاهره:
فالنمط التعاوني الموجه (الذي عاشته مصر خاصة خلال الستينيات وأوائل السبعينيات): وفيه ازدادت ممارسات التدخل الحكومي ودورها في التوجيه والهيمنة على مقدرات الحركة التعاونية فتقلصت فرص العمل التعاوني في حرية اختيار تشريعاته الملائمة وأشكال تمويله الذاتي وتقوية بنياناته القاعدية، وانسحب ذلك على ضعف الحركة التعاونية ممثلة في عدم تنظيم تداول المراكز القيادية، وضعف الكفاءة الإدارية لوحدات الحركة وسيادة السياسات التسعيرية والضريبية والجمركية التي لا تتماشى مع مبادئ الحرية الاقتصادية، وغياب الأنشطة الفعالة في مجالات التدريب والإحصاء ونظم المعلومات" .
وهذا النمط التعاوني الموجه بالرغم من تغير السياسات الاقتصادية للدولة من انفتاح، وخصخصة، وإلغاء الدعم وانتهاج سياسات ليبرالية على المستوى الاقتصادي لم تنعكس في شكل تطبيق لجميع القيم الليبرالية في باقي مجالات الحياة وبخاصة المجال السياسي فلم تنعكس في إرساء للديمقراطية ولا لحرية العمل الأهلي، ومن ثم فإن "الحركة التعاونية غير مؤهلة في المرحلة الحالية لتلعب دورها على الوجه الأكمل، ذلك أن الظروف التي كانت التعاونيات تمارس فيها نشاطها فيما سبق خلال فترة التخطيط المركزي تختلف اختلافا جذريا عن الظروف الجديدة: فالتعاونيات – كالنقابات- كانت تعتبر إحدى إدارات الدولة، وكانت الحركة التعاونية تعتمد اعتمادا كليا على "دعم الدولة لها" باعتبار أن التعاونيات (وعلى الأخص التعاونيات الزراعية والاستهلاكية في مصر) كانت مسئولة عن تنفيذ خطة الدولة، وتخضع خضوعا كاملا للإشراف الإداري، وليس أدل على ذلك من وجود هذا الجهاز البيروقراطي الضخم بوزارات الجهات الإدارية المشرفة على الحركة التعاونية في وزارات الزراعة والتجارة والتموين والإسكان والتعليم والإدارة المحلية، بل إن الإتحاد العام للتعاونيات في مصر يتبع إداريا رئيس مجلس الوزراء .
وليت الأمر توقف عند حدود البيروقراطية والسيطرة الحكومية على تلك الحركة "الشعبية" لكن الأمر امتد إلى تسرب أمراض "الاستبداد" إلى داخل الحركة وتجلى في عدد من المظاهر نقتطف منها ما يلي:
• مافيا الحركة التعاونية: "نحن في مصر مازلنا في القطاع التعاوني نطحن الهواء..ونحرث في البحر وندور في حلقات مفرغة..ونبدد الجهود في الصراعات الصغيرة..والمصالح الذاتية والجري وراء المنافع الخاصة والمناصب..ونبعد الكفايات..ونفسح المجال واسعا للسماسرة والمستفيدين والمتسلقين والمتاجرين بأهداف التعاون (..) إن التشخيص الحقيقي لأسباب عجز الحركة التعاونية المصرية وجمودها..وحالة السلبية واللامبالاة عند القاعدة العريضة..يؤكد أن هناك مافيا تسيطر كالإخطبوط على الحركة التعاونية..وللأسف هي محدودة العدد. ومعروفة بذيولها وأذنابها وأدواتها. لقد تحولت هذه المافيا المحدودة العدد إلى لوردات وباشوات وبكوات الحركة التعاونية..وأتخمت بالثروة الحرام..من السمسرة والعمولات على حساب مصالح الملايين من الأعضاء. بالصوت العالي والأساليب اللا أخلاقية وسياسة فرق تسد وأساليب البلطجة، وفي غياب الرقابة الشعبية الفعالة..وسيادة ظاهرة السلبية واللامبالاة فالمافيا مستمرة..وسيطرة المافيا المحدودة العدد على القطاع التعاوني لها ظواهر عديدة وصور يعرفها الجميع..أدت إلى وجود نتائج خطيرة أبرزها: أن النظرة (..) إلى القطاع التعاوني أنه قطاع سيء السمعة لسيطرة بعض المنحرفين على مقدراته. فقدان الثقة بين العضوية العريضة وقيادات المنظمات التعاونية. السلبية التي تفشت بين أعضاء مجالس الإدارة..مما أتاح الفرصة للانتهازية أن تتسع..وللمافيا أن تتوحش وتتشعب. غياب الولاء والانتماء للعقيدة التعاونية..وانصراف الرأي العام عن النظام التعاوني .
• ديمقراطية صورية: في مصر..دور الجمعيات العمومية..وهي البرلمانات الشعبية التعاونية معطل تماما..وصوري..وهناك سلبية من الأعضاء ومقاطعة صامتة في حضور هذه الجمعيات للشعور بصوريتها وعدم جدواها. في مصر مجالس الإدارة..مجالس الوزراء التي تدير الجمعيات والأداة التنفيذية لتنفيذ الخطط والقرارات التي أقرتها الجمعيات العمومية.. لا تمارس دورها الحقيقي وغائبة تماما تاركة كل الاختصاصات للمديرين والأجهزة الوظيفية. النتيجة سيطرة قلة على إدارة البنيان التعاوني من القاعدة إلى القمة..في غياب الرقابة الشعبية..وفي غياب ممارسة ديمقراطية الإدارة التعاونية..مما أدى إلى الطريق المسدود الحالي الذي وصلت إليه الحركة التعاونية المصرية .
• أزمة أخلاق: الأزمة الحقيقية التي تعيشها الحركة التعاونية المصرية.. هي أزمة أخلاق..واختفاء روح المحبة بين القيادات التعاونية..الأزمة الحقيقية للحركة التعاونية..هي ظاهرة الصراعات الشخصية الصغيرة..وغياب التنسيق والتكامل..وعدم الأخذ بالمبدأ التعاوني الأصيل..جوهر الفكر التعاوني..الكل في واحد..الفرد للمجموع..والمجموع للفرد..الأزمة الحقيقية للحركة التعاونية..أنها تعيش في جزر منعزلة متباعدة بعيدة عن الوحدة أحد الأصول الأساسية للتعاون..الأزمة الحقيقية للحركة التعاونية بروز الأنانية ..والفردية..وسيادة المصالح الشخصية. رغم النقد الذاتي المرير والمستمر لمسيرة التطبيق التعاوني المصري والسلبيات الموجودة .
هذه فقط بعض أبرز أعراض المرض الذي أصاب التعاون في أحضان البيروقراطية طوال مما يقرب من 56 عاما صارت فيها الحركة التعاونية أعجاز نخل منقعر..نخر فيها سوس الفساد..وكانت البداية التنازل عن مبدأ..مبدأين من "مبادئ التعاون" بدعوى الضرورة..فانتهى الحال بأن أكلت الأرضة باقي المبادئ، والعجيب أن القوم من الكتاب المحتكرين لسوق الكتابة التعاونية والمتقدين لعيوبها لا يريدون أن يصارحوا أنفسهم بأن الحركة التعاونية..لم يعد لها من التعاون إلا اسمه، وأنها فقدت روحها الأهلية والشعبية..فصارت جسدا ميتا..وأنى لجسد ميت أن يحيي الأمة المصرية بالتنمية القاعدية والمبثوثة؟
هل من أمل في بعث أو نشور؟
الأمل الوحيد للحركة التعاونية، والهدف الأسمى الذي يجب أن يسعى إليه المجتمع هو في خوض معركة طويلة للتحرر التعاوني تهيئ المناخ ل "نمط تعاوني حر: تتلاشى فيه ممارسات التدخل الحكومي في الأنشطة التعاونية (تشريع- إدارة – رقابة- ..إلخ) حتى يسهل على التعاونيين توجيه أنشطتهم التعاونية ورسم سياساتهم واختيار قراراتهم، والمؤشر هو "حرية اتخاذ القرار التعاوني" والذي تتعاظم فيه فرصة التعاونيين في اختيار تشريعاتهم، وتوجيه أموالهم واستثماراتهم، وإنشاء مؤسساتهم التعليمية والتدريبية والإعلامية، وتوثيق صلاتهم بالحركات التعاونية العالمية والتفاعل معها وتقوية بنياناتهم التعاونية بمختلف المستويات" .
لكن الآراء اختلفت في كيفية الوصول إلى هذا الهدف، فورشة العمل المعنونة ب "التعاونيات كمنظمات تنموية وشعبية (المعوقات والآفاق)" أصدرت عددا من التوصيات رأى المشاركون فيها أنها يمكن أن تؤدي لتحقيق الهدف، وتشمل تلك التوصيات :
• تعزيز الطابع الشعبي للتعاونيات: يتحقق الطابع الشعبي للمنظمات التعاونية بقدر تخلصها من هيمنة الأجهزة الحكومية وبقدر خضوعها للإرادة الحرة منذ لحظة تأسيسها حتى تصفية نشاطها ويتطلب ذلك:
- إعادة النظر في العلاقة الحالية بين الأجهزة الحكومية والمنظمات التعاونية.
- ألا يكون تأسيس المنظمات التعاونية بإذن من الجهة الإدارية وألا تتدخل هذه الجهة في عملها بما يعوق إدارتها لشئونها، ولا أن تقرر حلها أو وقف نشاطها عقابا لها، ولا أن تحل نفسها محل المنظمة التعاونية.
- حرية اتخاذ القرار التعاوني بدون تدخل من أي جهة خارجية.
- دعم الوحدات التعاونية القاعدية لتكون أساسا قويا للتطور الديمقراطي للبنيان التعاوني.
- دعم الهوية المؤسسية الشعبية للتعاونيات كمنظمات أهلية تعبر عن إدارة أعضائها.
- مشاركة التعاونيين في جهود دعم التطور الديمقراطي للمجتمع المصري.
• تعميق الديمقراطية الداخلية للتعاونيات: وذلك من خلال الإصرار على إعمال آليات الديمقراطية الداخلية التي تكفل قيام علاقات ديمقراطية بين الأعضاء، وتأكيد اختيارية العضوية وحرية الانضمام للتعاونية والانسحاب منها، وحق العضو في الترشيح للمواقع التعاونية القيادية وانتخاب المرشحين والتصويت على القرارات دون انتقاص لهذا الحق من قبل الجهة الإدارية، ومن خلال وضع الأعضاء بأنفسهم للائحة الداخلية، والتأكيد على قاعدة صوت واحد للعضو الواحد، ومن خلال العمل على تسجيل اجتماعات الجمعيات العمومية ومساهمة معظم أعضائها فيها، ووضع ضمانات لتداول المراكز القيادية التعاونية لإنهاء جمود النخبة القيادية وتكوين قيادات جديدة.
• الإطار التشريعي: حيث لم تعد التشريعات التعاونية الحالية ملائمة لقيام المنظمات التعاونية بدور فاعل في التنمية في ظل الظروف الجديدة وهناك إجماع على ضرورة إعادة صياغة هذه التشريعات لإجراء تعديلات جوهرية تكفل تمكين التعاونيات من ممارسة نشاطها بحرية وقيامها بدورها التنموي بفاعلية مع التأكيد على طبيعتها كمنظمات أهلية وذلك من خلال:
- إصدار تشريع موحد ومرن يقتصر على المبادئ العامة ويترك لكل قطاع تعاوني وضع نظامه الأساسي.
- إصدار تشريع موحد يخصص بابه الأول للمبادئ العامة، ويخصص باب مستقل لكل قطاع تعاوني.
- إجراء تعديلات جوهرية في التشريعات القائمة تتفق مع توجهات دعم الديمقراطية وإزالة العقبات من خلال النص على أن تكون التعاونيات وحدها المختصة بتحديد قواعد عملها الداخلي، وتحديد العلاقة مع الأجهزة الحكومية بحيث تكون علاقات تعاون دون تداخل في الأدوار، مع حرية اتخاذ القرار التعاوني، وأن يكون للتعاونيين الرأي الأول في تحديد التعديلات التي ستدخل على التشريعات.
• التنسيق بين التعاونيات: ضرورة وجود إستراتيجية متكاملة في مجال العمل التعاوني القومي وصولا إلى تكامل الأدوار والوظائف بما يؤدي إلى رفع الكفاءة الاقتصادية وتعظيم الفائدة الاجتماعية، ويشمل التنسيق مجالات الإنتاج، والتسويق، والنقل، والتمويل، وتبادل المعلومات، والتثقيف والإعلام.
• التدريب والتثقيف والإعلام التعاوني: أهمية قيام الاتحادات التعاونية المركزية بالاهتمام بنشر الوعي التعاوني في المجتمع، وتطوير الصحافة التعاونية ووسائل الإعلام الجماهيرية، والسعي لتخصيص مساحة أكبر في برامج الإذاعة والتليفزيون، والتوسع في التدريب التعاوني، والتأكيد على تطوير علاقة المعاهد التعاونية بالحركة التعاونية وتطوير مناهجها الدراسية للتواؤم مع المتغيرات الجديدة.
• التعاون والمجتمع: مطالبة التعاونيين ببذل أقصى جهد لتهيئة المجتمع المصري بما يسمح بنجاح جهود التنمية والتحول إلى ممارسة ديمقراطية حقيقية تسمح بازدهار المنظمات الشعبية غير الحكومية، ويبرز في هذا الصدد مجموعة من الواجبات الأساسية مثل:
- المساهمة في حل مشاكل اجتماعية مؤثرة في فاعلية التعاون مثل مشكلة الأمية وسيادة القيم الفردية والنفعية.
- المساهمة في الجهود الرامية لتعزيز التطور الديمقراطي للمجتمع المصري.
- المساهمة في تقديم خدمات اجتماعية للمواطنين الذي يعملون في النشاط التعاوني.
- أن تكون التعاونيات طرفا في النشاط الثقافي والفني والأدبي بما يخدم دعم وتأكيد القيم الإيجابية.
• دعم الدور التنموي للتعاونيات: ويتطلب ذلك حل مجموعة من المشاكل الأساسية:
- مشكلة التمويل: حيث ازدادت أهمية توفير التمويل الذاتي للنشاط التعاوني من خلال: تطوير صناديق الاستثمار والتمويل الذاتية وتبادل التنسيق بينها، وتعاون كافة المنظمات التعاونية في إنشاء صندوق للتمويل يتوفر له رأس مال كبير، والسعي فورا في إنشاء بنك التعاون، وتحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى بنك تعاون زراعي.
- ضعف نظم إدارة التعاونيات: هناك ضرورة لتحديثها والاستعانة بكوادر إدارية متخصصة مؤهلة تكون قادرة على إجراء البحوث والدراسات لتقييم فاعلية الأداء وإجراء المسوح التسويقية المحلية والخارجية ودراسة العرض والطلب للمنتجات التعاونية.
- التخلف التكنولوجي: وضرورة إجراء تطوير عاجل في أدوات الإنتاج بالمؤسسات التعاونية وما يتطلبه ذلك من دمج التعاونيات الحرفية والصغيرة في الهيكل الصناعي، والتوسع في التدريب والتلمذة الصناعية، والاستفادة من التوجهات التكنولوجية الجديدة، والدخول في ميادين مستحدثة كالصناعات الزراعية والتغليف والتعبئة ومخاطر الائتمان وغيرها.
- المشاكل مع الأجهزة الحكومية: ضرورة حل المشاكل مع مصلحة الضرائب والجمارك والتأمينات الاجتماعية والرسوم المحلية والرخص.
- غيبة المعلومات: بإنشاء بنك للمعلومات أو قاعدة للبيانات تساهم فيها كافة المنظمات التعاونية في مصر، والاشتراك في قواعد البيانات العالمية.
- ضرورة دراسة المحددات التي تؤثر على فاعلية الدور التنموي للتعاونيات: من محددات فكرية تطرح الحاجة إلى تطوير الفكر التعاوني، ومحددات تنظيمية وإدارية كالعلاقة مع أجهزة الدولة والنتائج المترتبة على سياسة التكيف الهيكلي، وضعف مقومات المجتمع المدني وندرة الكفاءات الإدارية والتنظيمية، والمحددات المرتبطة بالإمكانات المادية المتاحة للتعاونيات، والمحددات المرتبطة بطبيعة المبادئ التعاونية خاصة محدودية العائد على رأس المال وبطء القرار التعاوني.
• مواصلة دراسة الحركة التعاونية: هناك حاجة لمزيد من دراسة واقع الحركة التعاونية المصرية واتجاهات تطورها مستقبلا، خاصة دراسة مشاكل التمويل والتشريع والديمقراطية التعاونية، والطابع المؤسسي الشعبي للتعاونيات، وأوجه التنسيق التعاوني، ودراسة مشكلات الواقع الراهن ومبادرات مواجهة هذه المشكلات، واستطلاع رأي التعاونيين في كيفية تطوير الحركة التعاونية، ودراسة أساليب التنسيق في مجال التسويق والتوزيع.

لكن السؤال يبقى بعد 13 عاما من إقامة تلك الورشة وصدور تلك التوصيات، من الذي سيقوم بتنفيذ التوصيات وصولا إلى الهدف المنشود، وهو ليس بالأمر اليسير بل إنه يتطلب نضال طويل الأمد محاط بصعوبات تكافئ طول وإزمان المرض العضال الذي أصاب الحركة التعاونية، صياغة التوصيات ذاتها توحي بفاعلين اثنين:
أولا السلطة: من خلال تغيير تلك النخب ذاتها، ودون ذلك كما هو معلوم خرط القتاد، أو تغيير قناعات النخبة المسيطرة على الأمور في مصر وإقناع "الحدأة أن تسقط بعض الكتاكيت"، ولن يكون ذلك إلا من خلال ممارسة الضغط الشعبي النابع أصلا من وجود وعي بضرورة وأهمية النضال من أجل تحرير التعاونيات وسائر أشكال العمل الأهلي من الأسر الحكومي.
ثانيا: التعاونيون أنفسهم: وحال قياداتهم كما رأينا فلم يغيرون البقرة الحلوب التي يحلبونها كل صباح؟ ربما يكون الأمل الوحيد النضال من القاعدة إلى القمة وهو لا ولن يسلم أيضا من مخاطر وصعوبات، ويتطلب النضال أيضا لخلق بيئة ملائمة تساعد في أن يؤتي النضال القاعدي أكله، ومن ثم فإننا نرى ضرورة وجود فاعل ثالث وهو:
ثالثا: قوى المجتمع الصالحة: وهذا يتطلب:
- بث الوعي بأهمية التعاونيات بأساليب مختلفة وهو وعي غائب تماما على سبيل المثال لدى الشباب المتحمس للعمل الأهلي ومساعدة المجتمع.
- تشكيل قوى ضغط مجتمعية لإحداث ثورة في العمل التعاوني وتجييش القوى المجتمعية لتحريره.
- السعي لإيجاد بدائل مؤسسية تعاونية المبادئ إما من خلال الإطار القانوني التعاوني المتاح مع السعي إلى تغييره أو من خارج الإطار القانوني القائم بالرجوع إلى إطار القانون المدني الذي بدأ به عمر بك لطفي، أو أي إطار آخر يسمح بتطبيق المبادئ التعاونية وهو ما يتطلب دراسة قانونية متعمقة في البدائل المتاحة.
إن إحياء الحركة التعاونية هو جزء من عملية إحياء المجتمع المصري والعربي ككل من خلال بث الروح في تنظيماته الأهلية الطوعية وطوائفه المعبرة عن مصالح فئاته المختلفة، وهو واجب جهادي يتطلب نفسا طويلا وحكمة وصبرا، فليس بالعمل الخيري وحده يحيا المجتمع أو تتحقق التنمية والنهضة المنشودة.
مبادئ الرعاية الواضحة للبيئات القانونية والتنظيمية الممكنة للتعاونيات
المبدأ بيانه
حماية التحكم الديمقراطي للأعضاء يجب أن تحمي القوانين الخصائص الديمقراطية للتعاونيات، مانحة السيطرة في المنظمة لأعضائها
حماية الحكم الذاتي والاستقلال التعاونيات هي أعمال قطاع أهلي، ومن ثم يجب على القانون أن يحمي الحكم الذاتي للتعاونيات واستقلالها عن سيطرة الحكومات والأفراد، والكيانات الأخرى غير أعضاء التعاونيات
احترام العضوية الطوعية يجب على القانون أن يحمي الطبيعة الطوعية لعضوية التعاونيات، حيث يجب أن تكون مسئولية تحديد عضوية التعاونيات من مسئولية التعاونيات، لا أن تملى بالقانون أو من قبل الحكومات
طلب المشاركة الاقتصادية للأعضاء يجب على القانون أن يحمي ويحث على تحمل الأعضاء لمسئولياتهم، بما في ذلك واجب المساهمة العادلة والتحكم الديمقراطي في رأس مال التعاونية
الحث على المعاملة المنصفة يجب على القانون والتنظيمات أن ألا تكون أقل تحبيذا للتعاونيات من سائر الأعمال التي تعمل في نفس القطاع، كما يجب أن تكون حامية وحساسة لثنائية التعاونيات والشركات، حيث يجب أن يكون إنفاذ القانون وتسوية النزاعات، والترخيص للتعاونيات يتم بنفس الطريقة التي تتم مع غيرها من مشاريع الأعمال
حماية الوصول إلى الأسواق يجب أن توضع إجراءات تنظيمية خاصة للقطاع توفر الراحة المعقولة والحوافز حينما تكون ملائمة، والتي تمكن أشكال المشاريع التعاونية المختلفة أن تعمل
توفير إطار تنظيمي متماسك وكفء يجب أن يكون الإطار التنظيمي بسيطا، قابل للتنبؤ، وكفء، كما يجب أن يقلل من التباطؤ البيروقراطي ومن المعوقات أمام تشغيل المشاريع، كما يجب أن يتجنب النزاع والازدواجية مع القوانين الأخرى. ويجب أن يسلم أمر وضع التنظيمات التي تحترم مشاريع التعاونيات إلى المؤسسات التي تحتوي على أكثر الخبراء المتخصصين ملاءمة
حماية الإجراءات القانونية يجب أن تخضع المنظمات التعاونية وأعضاءها للإجراءات التنظيمية للقانون، بما في ذلك الحق في الاستماع، والتمثيل القانوني، والطعون النزيهة على قرارات الدولة التي تؤثر في التعاونيات أو أعضائها
تجنب تضارب المصالح أدوار الدولة في إنفاذ القانون، وتسوية النزاعات والترخيص والترويج يجب أن تدار بطريقة تتجنب الازدواجية، والتأثيرات غير المرغوبة، وأن تتجنب تنازع المصالح

متطلبات وملامح مشروع قانون جديد للتعاونيات
- أن يكون تشريعا متخصصا: فلا يجوز أن يعتبر التشريع التعاوني جزءا من قانون آخر، يحكم هيئات ومنظمات غير الجمعيات التعاونية، كقانون الشركات المساهمة نظرا لاختلاف طبيعة كل منهما، أو قانون الجمعيات الأهلية، نظرا لأن للجمعيات التعاونية أغراضا اقتصادية تحتاج إلى معالجة خاصة.
- أن يكون تشريعا موحدا: بمعنى أن يشتمل على الأحكام العامة المنظمة لكافة أنواع الجمعيات التعاونية، فالواقع أن هذه الجمعيات رغم تباين أغراضها وتعدد أنواعها، تحكمها مبادئ أساسية واحدة، لذلك فإن صدور تشريع موحد للتعاون، ليؤكد في وضوح وحدة الحركة التعاونية، وتلك قضية من قضايا الحركة التعاونية، في الوقت الراهن: فالحركة التعاونية في مصر يتقاذفها عدد كبير من القوانين (317 لسنة 1956 والذي يطلق عليه "قانون التعاون"، والجمعيات التعاونية الزراعية 122 لسنة 1980، ثم قانون التعاون الاستهلاكي رقم 9 لسنة 1975، والتعاون الإنتاجي رقم 110 لسنة 1975، ثم القانون 14 لسنة 1981 (قانون التعاون الإسكاني)، والقانون 123 لسنة 1983 (قانون تعاونيات الثروة المائية)، والقانون 28 لسنة 1984 (قانون الاتحاد العام للتعاونيات)، ثم قانون الجمعيات التعاونية للمعاهد والمدارس الخاصة (1990)، وكل هذا التعدد في القوانين جعل الحركة التعاونية جزرا منعزلة، وكل حركة تعمل بعيدا عن الحركات التعاونية الأخرى فانعدمت روح الوحدة بين الحركة التعاونية.
- أن يكون التشريع منطويا على البساطة: بمعنى أن يكتفي بإيراد المبادئ العامة والقواعد الأساسية، وأن يترك التفصيلات الدقيقة للوائح التنفيذية للقانون، وللأنظمة الداخلية للجمعيات التعاونية، ففي هذا السلوك التشريعي، تيسير على المشرع، وعلى الجمعيات التعاونية في آن، ذلك أنه إذا اقتضت الظروف إدخال تعديلات معينة، فإنه يسهل إجراؤها، إذا كانت مقررة في لوائح، عما كان منصوص عليها في صلب القانون، كما أن ترك بعض التفصيلات للأنظمة الداخلية للجمعيات، يفسح المجال للتغيير فيها تبعا للأحوال والظروف الخاصة بكل جمعية.
- أن يكون التشريع التعاوني قاصرا على ما يلي:
• التعريف بالجمعيات التعاونية: ويجب أن يكون هذا التعريف مرنا بدرجة تكفي لإدراج كافة أنواع الجمعيات التعاونية تحته، كما يجب أن تتوافر النصوص اللازمة لحماية كافة الجمعيات التي تشكل وفقا للقانون وتسجل بمقتضاه.
• تثبيت المبادئ التعاونية الرئيسية: وهي:
1- باب العضوية المفتوح: التعاونيات هي منظمات طوعية، مفتوحة لكل الأشخاص القادرين على استعمال خدماتها والراغبين في قبول مسئوليات العضوية، دونما تمييز نوعي، أو اجتماعي، أو عرقي، أو سياسي، أو ديني.
2- الإدارة الديمقراطية: التعاونيات هي منظمات ديمقراطية يديرها أعضاؤها، الذين يشاركون بفاعلية في وضع سياساتها وفي صناعة القرار فيها، الرجال والنساء الذين يختارون كممثلين هم محاسبون أمام الأعضاء. وفي المستوى الأولي للتعاونيات يتمتع الأعضاء بحقوق تصويتية متساوية (عضو واحد، صوت واحد) كما أن التعاونيات في المستويات الأخرى تنظم أيضا بطريقة ديمقراطية.
3- المشاركة الاقتصادية للأعضاء: يشارك الأعضاء بعدالة في، ويديرون بديمقراطية رأس مال تعاونيتهم. ويكون جزءا من رأس المال هذا – على الأقل- الملكية المشتركة للتعاونية. ويتلقى الأعضاء عادة عائدا محدودا- إذا كان ثمة عائد- على رؤوس الأموال التي شاركوا بها كشرط للعضوية. ويخصص الأعضاء الفوائض لأي من أو كل الأغراض التالية: تنمية تعاونيتهم، ربما من خلال وضع احتياطيات، وجزء على الأقل يكون للتوزيع على الأعضاء المستفيدين بنسبة معاملاتهم مع التعاونية، وفي دعم الأنشطة الأخرى التي يوافق عليها الأعضاء.
4- الإدارة الذاتية والاستقلال: التعاونيات هي منظمات ذات إدارة ذاتية، وعون ذاتي، يديرها أعضاؤها، وإذا دخلت في اتفاقيات مع منظمات أخرى، بما فيها الحكومات، أو رفعت رأس المال استنادا إلى مصادر خارجية، فإنها تفعل ذلك على أسس تضمن الإدارة الديمقراطية بواسطة أعضائها وتحافظ على ذاتية التعاونية.
5- التعليم والتدريب والمعلومات: تزود التعاونيات بالتعليم والتدريب كل من أعضائها، وممثليها المنتخبين، ومديريها، وموظفيها، بما يعينهم على المساهمة الفعالة في تنمية تعاونياتهم. وهي تعلم عامة الناس- بخاصة من النشء وقادة الرأي.
6- التعاون بين التعاونيات: تخدم التعاونيات أعضاءها بشكل أكثر فاعلية وتقوي الحركة التعاونية بالعمل معا، من خلال البنى المحلية، والقومية، والإقليمية، والعالمية.
7- الاهتمام بالمجتمع: تعمل التعاونيات من أجل التنمية المستدامة لمجتمعاتها من خلال سياسيات موافق عليها من قبل أعضائها.
• التأكيد على الالتزام بالقيم التعاونية التي نص عليها الحلف التعاوني الدولي: وهي: العون الذاتي (بين أعضاء التعاونية)، والمسئولية الذاتية، والديمقراطية، والمساواة، والعدالة، والتضامن. وفي تقاليد مؤسسيه، يعتقد أعضاء التعاونية في القيم الأخلاقية للصدق والانفتاح والمسئولية الاجتماعية والاهتمام بشئون الآخرين.
• التأكيد على الطبيعة الأهلية والطوعية للتعاونيات، بما ينفي بكل قوة ووضوح أية تبعية أو خضوع للحكومة.
• تكوين الجمعيات التعاونية وسيرها: بحيث يشار إلى الإجراءات الخاصة بهذا التكوين وعدد الأعضاء، ورأس المال، والحصص، والمسئولية، والإدارة والرقابة، وحل الجمعيات واندماجها.
• الامتيازات التي يمكن منحها للجمعيات التعاونية: كالامتيازات الضريبية والمالية وغيرها من المعونات والإعفاءات، وفي هذا المجال يتعين على التشريع التعاوني أن يعطي الفرصة لاعتماد الحركة التعاونية على نفسها، ويقتضي الأمر أيضا معاملة القطاع التعاوني على نحو مماثل للقطاع الاستثماري في الإعفاءات والمزايا التي تمنح للمستثمرين، وأن يتاح للتعاونيات حرية التصدير والاستيراد.
• تكوين الاتحادات الأدبية والتجارية وتهيئة الوسائل اللازمة للتشاور: حيث يجب أن يشتمل التشريع التعاوني على القواعد المنظمة لوسائل تبادل الرأي فيما يعود على الحركة التعاونية بالنفع، حتى يضمن لها الوقوف على قدميها، بغير مساعدة خارجية، وذلك عن طريق النص على تشكيل الاتحادات التعاونية، التي تدرس ما يعترض الحركة التعاونية من مشاكل، وتدمير ما يلزم لحلها، وعقد المؤتمرات التعاونية التي تستعرض التجارب المختلفة التي تمر بها الحركة التعاونية في الداخل والخارج، والمقترحات التي يرى التعاونيون الأخذ بها للنهوض بالحركة التعاونية.
• تحديد السلطة المكلفة بتنفيذ القانون: يجب أن يبين التشريع السلطة المكلفة بتنفيذ القانون، ويفضل أن تكون هذه السلطة واحدة، ففي ذلك توفير للإجراءات ومن ثم الوقت والجهد. فيجب أن يعهد المشرع لنفس السلطة، بتولي مسألة التسجيل والإشراف، وإنهاض للحركة التعاونية، كما يجب أن يحدد سلطات هذا الجهاز الحكومي، ويفضل أن تكون علاقة التعاونيات بالحكومة علاقة تسجيل بإيداع الأوراق، والشهر، وأن يعهد بالرقابة المالية إلى الأجهزة التعاونية العليا (الاتحادات التعاونية مثلا).

النظام القانوني للجمعيات التعاونية
يقتضي النظام القانوني للجمعيات التعاونية تناول 7 نقاط:
التعريف بالمنشأة التعاونية بالنص على:
- أن الجمعية التعاونية هي إحدى صور الجمعيات الشعبية.
- تمييز المنشأة التعاونية عن غيرها من التنظيمات الشعبية.
- العنصرين المميزين للجمعية أو المنشأة التعاونية أنها:
• جمعية شعبية (تنظيم اجتماعي): تتكون من جماعة من الأشخاص الذين تنبهوا من جهة لتشابه احتياجاتهم في مجال معين من مجالات الحياة، ومن جهة أخرى إلى إمكانية إشباع هذه الحاجات بصورة جماعية على نحو أفضل من إشباع كل منهم لحاجاته بطريقة فردية.
• مشروع اقتصادي: وهو المشروع المشترك الذي يهدف أساسا لإشباع حاجات الأعضاء في الجمعية.
- الطبيعة الاجتماعية للمنشأة التعاونية: تجمع للأعضاء قائم على الاختيار الحر.
- القواعد الاجتماعية التي تحكم العلاقات التعاونية: العضوية التعاونية تضفي أهمية على العنصر البشري قبل التفاتها للعنصر المادي، وهي قواعد أساسية في إدارة التعاونيات وهي في مجملها مستقاة من المبادئ التعاونية:
• قاعدة المساواة: في الحقوق والواجبات، على اختلاف الأعضاء في الجنس أو الدين أو المعتقدات السياسية أو الوسط الاجتماعي
• قاعدة النسبية أو العدالة: تنطبق هذه القاعدة حين يتعلق الأمر بتوزيع الفائض من الأرباح بعد تخصيص جزء للاحتياطي، فهذا الفائض يعود على الأعضاء بنسبة تعامل كل منهم مع الجمعية أو بمعنى أدق بنسبة مساهمة كل منهم في تكوين هذا الفائض (وليس بحسب عدد الأسهم المشتركة في تكوين رأس المال) وبذلك تكون فكرة النسبية هنا محققة للعدالة.

تأسيس الجمعيات التعاونية:
ويتم ذلك وفقا لشروط موضوعية وأخرى شكلية:
الشروط الموضوعية: بالنص على اسم الجمعية والغرض منها ومقرها، والأعضاء المؤسسين ومسئولياتهم ورأس مال الجمعية (وهو رأس مال غير محدود وهو ما يميز التعاونيات عن شركات الأموال أو الأشخاص).
الشروط الشكلية: ويتضمن ذلك:
• وضع نظام الجمعية الذي يقوم بإعداده المؤسسون ليشتمل على الأعمال التي تزاولها ومنطقة عملها ومقرها وتكوين رأس مالها وقيمة الأسهم زكيفية دفعها واستردادها والتنازل عنها وأقصى ما يجوز أن يملكه العضو من أسهم وشروط قبول الأعضاء وواجباتهم وشروط فصلهم وانسحابهم وعدد أعضاء مجلس الإدارة ومدته واختصاصاته وكيفية اجتماعه وطريقة انتخاب أعضائه واختصاصات الجمعية العمومية وقواعد دعوتها ومواعيد اجتماعاتها وطريقة معاملة غير الأعضاء وتوزيع الأرباح والخسائر وقواعد تعديل نظام الجمعية وحلها واندماجها وتصفية أموالها.
• شهر عقد التأسيس: والذي تكتسب التعاونية بعده الشخصية الاعتبارية، والذي يتم في الجهة الإدارية المختصة، وينشر ملخصه في الجريدة الرسمية، وتشمل الإجراءات الحالية تقديم طلب مشفوع بمحضر انتخاب اللجنة المؤقتة الموكل بها إتمام الإشهار، ونسختان من عقد التأسيس ونظام الجمعية موقعة من المؤسسين، ومشروع البرنامج السنوي للجمعية، وإيصال إيداع رأس مال الجمعية، وكشف بأسماء المكتتبين وقيمة اكتتاب كل منهم.
• الجهاز الإداري للجمعيات التعاونية: ويشمل:
- الجمعية العمومية: وهي السلطة العليا داخل الجمعية التعاونية والتعبير الحقيقي عن مبدأ ديمقراطية الإدارة، فإذا ما تمت دعوة الجمعية العمومية على الوجه الصحيح قانونا، كانت قراراتها متى صدرت بالأغلبية المطلوبة قانونا نافذة في مواجهة كافة أعضاء الجمعية، حتى المتخلفين منهم عن الحضور. يسمح بالاشتراك في عضوية الجمعية العمومية، لجميع الأعداد المسددين لسهم واحد في بعض النظم، وللجزء المسموح به من السهم في بعضها الآخر، كما تشترط بعض النظم الداخلية أداء العضو لقدر معين من التزاماته كشرط لممارسة حقه في حضور الجمعية العمومية، وتنقسم الجمعيات العمومية إلى أنواع: سنوية، طارئة، واستثنائية.
- مجلس الإدارة: هو الجهاز التنفيذي الذي يتولى إدارة الجمعية وتنفيذ تعليمات وقرارات الجمعية العمومية ويتولى بصفة عامة مباشرة حسن سير العمل بالجمعية التعاونية، ويتخذ ما يراه من قرارات في هذا الصدد بشرط ألا يكون ذلك من اختصاص الجمعية العمومية.
- الجهاز التنفيذي: يختص مجلس إدارة الجمعية التعاونية بتعيين العاملين بالجمعية وتحديد اختصاصاتهم وأجورهم وأخذ الضمانات عليهم ومراقبة أعمالهم وتوقيع الجزاء عليهم وإخلاء طرفهم، ويدخل في هذا النطاق حق مجلس الإدارة في أن يعين مديرا للجمعية يصبح مسئولا أمامه عن حسن سير العمل بالجمعية.
• حقوق وواجبات الأعضاء: تتميز حقوق وواجبات الأعضاء في الجمعية التعاونية بأنها علاوة على كونها حقوق وواجبات الشركاء في المشروع، فهي أيضا حقوق وواجبات العملاء بالنسبة للتعاونيات الاستهلاكية، والموردين بالنسبة للجمعيات المهنية، والعمال بالنسبة للتعاونيات الإنتاجية، إذ أن العضو يجمع بين صفة الشريك والعميل في نفس الوقت، وتشمل حقوق الأعضاء ما يلي:
- المشاركة في إدارة الجمعية
- الاستفادة مما تقدمه الجمعية من خدمات
- حق الانسحاب من الجمعية
- الاستفادة مما تحققه الجمعية من فائض وفق قاعدتي: الفائدة المحدودة على رأس المال، والعائد على المعاملات.
- استرداد قيمة ما أداه من أسهم في حالة تصفية الجمعية
بينما تشمل واجبات الأعضاء ما يلي:
- الوفاء بالتعهدات الخاصة بالاكتتاب في الأسهم
- الالتزام بالتعامل مع الجمعية
- تحمل جزء من خسائر الجمعية
- احترام لوائح النظام الداخلي للجمعية

مالية الجمعيات التعاونية:
تحتاج الجمعيات التعاونية إلى رؤوس أموال لمباشرة أنشطتها أو التوسع فيها ويسري هذا القول على التعاونيات باختلاف أنواعها، ونظرا لأن الجمعيات التعاونية تلتزم في كافة أنشطتها بالمبادئ التعاونية وبخاصة مبدأ الاعتماد على النفس، فإن الجمعية يجب أن تعتمد في المقام الأول على مواردها الذاتية وعلى الأخص يقع على عاتق أعضاء الجمعية، والمستفيدين من نشاطها أن يقوموا بتمويل الجمعية عن طريق اكتتاباتهم في رأس المال تطبيقا لفكرة الاعتماد على النفس التي هي دعامة الحركة التعاونية، غير أن اعتماد الحركة التعاونية على مصادرها الذاتية أي على اكتتابات الأعضاء وما تحققه من احتياطات الجمعية في أغلب الأحيان لأسباب عدة.
مصادر تمويل الحركة التعاونية: وهي إما داخلية أو ذاتية وهي نوعان: رأس المال والاحتياطات، المصادر الخارجية للتمويل: القروض والودائع، والإعفاءات والمزايا.
الرقابة على أموال الجمعيات التعاونية:
يقتضي الأمر أن يكون على أمور الجمعية ممن يتصفون بالنزاهة والأمانة وأن يعملوا على احترام ما يقرره القانون من أحكام بصدد التصرفات المالية للجمعية، وبهذا الصدد قضى القانون لوجوب تعيين السنة المالية للجمعية التعاونية، وحدد الدفاتر التي يجب على الجمعية الإمساك بها (الدفاتر التجارية، والحسابية، ودفتر للأسهم، ودفتر محضر الجلسات)، ثم بين الجهات المختصة بمراقبة الجمعية والتأكد من صحة تصرفاتها (رقابة داخلية متمثلة في الجمعية العمومية ومراجع الحسابات والاتحادات التعاونية، ورقابة خارجية متمثلة في الجهة الإدارية المختصة والوزير المختص (تحتاج لمراجعة وتدقيق في مشروع القانون المقترح لتحديد سلطات الجهة الإدارية والوزير بما لا يجور على استقلالية التعاونية وبما يضمن سلامة الأداء المالي)
الاتحادات التعاونية
إن وضع تصور كامل للنظام التعاوني يقتضي أن نستعرض أيضا علاقة الوحدة التعاونية الأولية "الجمعية التعاونية" بغيرها من الجمعيات التعاونية، وقد سبق أن بينا أن الحركة التعاونية تهدف من الناحية الاقتصادية والاجتماعية إلى القضاء على الوسيط في السلسلة الإنتاجية الرأسمالية، وأن نجاح الحركة التعاونية ككل في أداء مهمتها يتوقف على مدى اتساع المسافة التي يمكنها أن تحتلها على طول السلسة الإنتاجية ما بين المنتج والمستهلك، ومن ثم فإن اتجاه الجمعيات التعاونية للاتحاد فيما بينها هو في آن تعبير عن طبيعة التضامن في الحركة التعاونية ورد على اتجاه المشروعات الرأسمالية نحو التكتل والتركيز، واخذ الاتحادات التعاونية صورا تختلف باختلاف الغرض الذي تسعى إلى تحقيقه وبطبيعة الوظائف التي تؤديها الجمعيات للأعضاء، كذلك فإن الاتحاد التعاونية تختلف باختلاف نطاق نشاطها، فقد تكون اتحادات إقليمية تضم الجمعيات القائمة في منطقة معينة على اختلاف أنواعها، كما قد تكون اتحادات نوعية فلا تضم إلا الجمعيات التعاونية المنتمية إلى نوع معين من فروع التعاون كالجمعيات التعاونية الاستهلاكية أو الإنتاجية أو الزراعية..إلخ.
انقضاء الجمعيات التعاونية وحلها وتصفيتها
أما الانقضاء فيكون وفقا للقانون الجاري في حالات:
• إذا انتهت المدة المعينة لها ولم يمد أجلها
• إذا أتمت الأعمال التي أنشئت من أجلها أو طرأت عليها أحوال تحول دون إتمامها
• إذا نقص عدد الأعضاء عن عشرة
• إذا اندمجت الجمعية في جمعية أخرى

أما الحل، فهو إما:
• حل اختياري: بقرار من الجمعية العمومية على أن ينص نظامها على كيفيته
• حل إداري: للوزير المختص في حالة إذا طرأ عقبات تحول دون إتمام الأعمال التي أنشئت من أجلها أو إذا ضاع رأس المال كله أو بعضه (وهذه أسباب عجيبة تفتح الباب للتدخل الحكومي ويجب غلقها وتركها للجمعية)
• حل قضائي: للوزير المختص ولكل ذي شأن (؟!!) الحق في طلب حل الجمعية من المحكمة الابتدائية في حالات: اشتغالها بالمسائل السياسية، أو إذا ثبت أنه من المتعذر عليها مواصلة عملها بانتظام (أبواب أخرى للتدخل يجب غلقها)

الآثار المترتبة على الانقضاء والحل:
انقضاء شخصيتها الاعتبارية وتوقف كل نشاطها وتصفيتها حيث يعين من أصدر قرار الحل مصفيا أو أكثر لمباشرة إجراءات التصفية، وأول ما يلاحظ على هذا الإجراء هو أن المشرع لم يتطلب شروطا خاصة فيمن يعين مصفيا ويتولى المصفون سلطة مجلس إدارة التعاونية المنحلة ويتم تحويل موجودات الجمعية إلى أموال سائلة توزع لدى فيضانها لكل مساهم قيمة أسهمه، أو توزع أعباؤها لدى عدم كفايتها على أصحاب الأسهم كل بحسب نصيبه.

المصدر الرئيسي لهذا الجزء القانوني:
أحمد حسن البرعي، الوسيط في القانون الاجتماعي، الجزء الرابع: تشريعات التعاون، القاهرة، دار النهضة العربية، 1998.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.