أكد وزير الخارجية محمد كامل عمرو دعم مصر الكامل لمساعى الاتحاد الإفريقى لمساندة أنشطة إعادة الإعمار والتنمية فى دول القارة الخارجة من النزاعات على أساس من الخصوصية الإفريقية ووفق الاستراتيجيات والأولويات الوطنية لهذه الدول بما يحول دون عودتها للانزلاق مجددا إلى مرحلة النزاع، ويطور فى ذات الوقت آلية مؤسسية إفريقية قادرة على تلبية احتياجات القارة ومواكبة التطور الدولى المتسارع فى مجالات بناء السلام وبناء القدرات المدنية للدول الخارجة من النزاعات. وشدد الوزير -في كلمته اليوم الجمعة أمام الاجتماع الوزاري لاطلاق مبادرة "التضامن مع حالات إعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات بإفريقيا" في أديس أبابا- على أن الحديث عن إصلاح القطاع الأمنى وإعادة تسريح ودمج المقاتلين السابقين فى مجتمعاتهم بالدول الخارجة من النزاعات لم يعد ممكنا دون توفر الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية اللازمة لذلك فضلا عن العناصر الضامنة للسلام والمتمثلة فى الحوار الوطنى والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون بجانب تضافر جهود المجتمع الدولى لدعم تحقيق ذلك".
وأكد أن مصر "تساهم بفاعلية فى تعزيز أنشطة حفظ السلم والأمن الدوليين ودعم قدرات الدول الخارجة من النزاعات، خاصة فى قارتها الإفريقية، وساندت من هذا المنطلق جهود الاتحاد الإفريقى لمنع وتسوية المنازعات وحفظ وبناء السلام، بما فيها تطوير هيكلة المؤسسى وتعظيم استفادته من الخبرة الدولية المتراكمة بالمجالات ذات الصلة.
وأشار عمرو إلى ضرورة تفعيل علاقة التعاون المؤسسى مع الأممالمتحدة وتعزيز الاستفادة من المؤسسات المالية والدول المانحة وضمان اتساق عمل آليات التمويل الدولى ذات الصلة وأولويات إفريقيا وملكيتها لأنشطة بناء السلام وإعادة الإعمار فى الدول الخارجة من النزاعات، وبما يرسى الأسس لانطلاق عملية التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة فى القارة".
وأعرب وزير الخارجية عن تقدير مصر لمبادرة الاتحاد الإفريقي للدعوة لعقد هذا الاجتماع المهم للتضامن مع الدول الإفريقية الشقيقة الخارجة من النزاعات ولدعم جهودها لإعادة بناء المؤسسات وتحقيق الاستقرار وصولا إلى التنمية الشاملة ولتعزيز دور وقدرة الاتحاد الافريقى على التعامل مع مرحلة ما بعد النزاعات فى إفريقيا والبناء على ما تحقق من إنجازات فى هذا الصدد منذ اعتماد قمة بانجول لعام 2006 لسياسة الاتحاد الافريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات.
وقال الوزير إن هذا الاجتماع يمثل فرصة مهمة لمناقشة أحد أكثر الموضوعات اتصالا بجهود صون السلم والأمن فى إفريقيا حيث لم تعد المساعدات الإنسانية والقدرات العسكرية لحفظ السلام وتثبيت الاستقرار قادرة وحدها على إنجاح حالات الانتقال السلمى وإعادة البناء المؤسسي للدول الإفريقية الخارجة من النزاعات خاصة فيما يتعلق بعملية بناء القدرات المدنية ومؤسسات الدولة التى تتطلب مجموعة من العناصر المتكاملة تتمثل فى دعم بناء السلام ومنع تجدد العنف ومعالجة جذور النزاعات وتحقيق الديمقراطية والإنعاش الاقتصادى والتكامل بين مختلف أطراف إعادة البناء والتنمية بمرحلة ما بعد النزاع.
وأضاف أن السنوات الماضية شهدت ومنذ انعقاد قمة مراجعة الألفية 2005، تطورا غير مسبوق بمجالات بناء السلام فى مرحلة ما بعد النزاع خاصة فيما يتعلق بتنسيق جهود المجتمع الدولى من خلال الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية المعنية وفق رؤية متكاملة تحقق التكامل بين حفظ السلم والأمن الدوليين وتوفير الاحتياجات التنموية والاجتماعية والاقتصادية اللازمة لضمان استمرار السلام فى مرحلة ما بعد النزاع.
وأوضح وزير الخارجية أن مصر بادرت باقتراح إنشاء "مركز الاتحاد الافريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاع" وذلك ايمانا منها بمحورية تعزيز دور الإتحاد الإفريقى فى مجال بناء قدرات الدول الخارجة من النزاعات، مشيرا الى أن هذا الاقتراح رحبت به وأقرته قمة الاتحاد الإفريقي الذي عقدت في يناير 2011، وأكدت عليه قمة يناير 2012.
وأشار إلى أن إنشاء هذا المركز المقترح من جانب مصر سيساهم في معالجة الفجوة الهيكلية بمنظومة السلم والأمن الإفريقية من خلال إنشاء آلية قارية للتعامل مع مرحلة ما بعد النزاع بكافة أبعادها السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية ولتنسيق الجهود ذات الصلة إفريقيا ودوليا.
وأوضح عمرو أن إنشاء هذا المركز سيتكامل مع جهود الأممالمتحدة للنهوض ببناء القدرات المدنية للدول الخارجة من النزاعات من خلال ربط الاحتياج بالخبرات الفنية المتاحة وتحقيق التنسيق والتواصل بين الدول المساهمة وتلك المتلقية للقدرات وكذلك تفعيل التعاون بين الجنوب/الجنوب فى هذا الصدد.
وقال إن مصر "تجدد العرض المقدم منها لاستضافة هذا المركز فى القاهرة وتوفير كافة الموارد اللازمة لتشغيله، بما فيها المقر، أخذا في الاعتبار الحاجة الملحة لتعزيز جهود إعادة الاعمار وبناء السلام فى إفريقيا والأثر المتوقع لانشاء المركز فى تعزيز قدرة القارة على مواجهة التحديات ذات الصلة وتطبيقا لمبدأ "أفريقيا تساند أفريقيا".
وأضاف الوزير أن مصر بما لها من إمكانيات متعددة على استعداد لمواصلة المساهمة فى بناء القدرات البشرية والمؤسسية وتطوير عناصر البنية التحتية لكافة الدول الإفريقية الشقيقة الخارجة من النزاعات إضافة لتطوير هياكل الاتحاد الإفريقى، مشددا على أن مصر ستواصل دفع بناء قدرات الدول الخارجة من النزاعات خلال فترة عضويتها الحالية بمجلس السلم والأمن الإفريقى.
وقال "التحديات الجسيمة التى تواجه قارتنا فى تحقيق الأمن وبناء السلام والأشكال الجديدة للنزاعات الإفريقية وامتداداتها الإقليمية باتت تتطلب رؤية أكثر شمولا من جانبنا تحول دون تجدد النزاع وتعمل على تثبيت الاستقرار من خلال تعزيز بناء القدرات"، وإن مصر لذلك "تدعم هذه المبادرة وتؤكد التزامها بمساندة جهود الاتحاد الافريقى فى هذا الصدد".
تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن مصر قامت عام 1994 بانشاء مركز القاهرة الإقليمي للتدريب على تسوية النزاعات وحفظ السلام في افريقيا بهدف دعم جهود تحقيق وإحلال السلام والاستقرار في إفريقيا، وهو الأمر الذي يؤهل القاهرة لتلعب دور منارة افريقية في مجال دراسات حفظ السلام والاعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات.