وزير الدفاع يتحدث عن دور مصر في مساندة القضية الفلسطينية.. ماذا قال؟    استجابة لطلبات الجالية المصرية.. وزارة الهجرة تقترح تسيير رحلات جوية مباشرة بين القاهرة وسول    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024.. الرابط والتفاصيل    القائم بأعمال رئيس جامعة بنها الأهلية يتفقد سير الامتحانات بالكليات    وزير المالية: الدولة تحشد كل قدراتها لدفع النشاط الاقتصادي إلى الأمام    محافظ القليوبية يضبط 4 سيارات نقل تلقي مخلفات بناء في أرض زراعية    مواعيد وأماكن قطع المياه في عدة مناطق غرب الإسكندرية اليوم    النائب عمرو هندي: العالم كله أثنى على دور مصر لحل القضية الفلسطينية    بمشاركة زعماء وقادة.. ملايين الإيرانيين يلقون نظرة الوداع على رئيسي (فيديو)    مستشار أبو مازن: يجب استكمال مسار الاعتراف بدولة فلسطين حتى النهاية    الفصائل الفلسطينية تستهدف 3 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في مخيم جباليا    خسائر ب8 ملايين دولار.. أهالي جنين يتفقدون آثار العدوان الإسرائيلي على المدينة    سلمي أيمن وملك إسماعيل تتأهلان لنهائي بطولة نهائي كأس العالم للخماسي الحديث    23 لاعبا في قائمة الأهلي لمواجهة الترجي في نهائي دوري الأبطال    هل تلغى كأس الكونفدرالية؟.. كاف يفجر مفاجأة عن بطولات الموسم القادم وموعد السوبر الإفريقي    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    وصول جثمان شقيق هاني أبوريدة إلى جامع السلطان حسين بمصر الجديدة "صور"    ضبط شخصين بمطار القاهرة حاولا تهريب عملات محلية وأجنبية للخارج    «السياحة»: تشكيل لجان لتذليل أي عقبات أمام الحجاج المصريين    ننشر الصور الأولية من مسرح حادث مقتل مدرس داخل سنتر تعليمي بالمطرية    حادث ميكروباص معدية أبو غالب.. قوات الإنقاذ النهري تبحث عن جثة الضحية الأخيرة    عاجل.. رفض طعن منة شلبي وتأييد حكم حبسها    «أزهرية مطروح»: انطلاق أعمال تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية    حيثيات الحكم بتغريم شيرين عبد الوهاب في قضية سب المنتج محمد الشاعر    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر في مصر رغم طرح فيلمين جديدين بدور العرض    لحظة رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج 2024.. «لبيك اللهم لبيك» (فيديو)    أدوار دنيا سمير غانم المتنوعة خلال مسيرتها الفنية: أخرها روكي الغلابة    هل يجب على الحج بمجرد استطاعتي أم يجوز لي تأجيله؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مستشار الرئيس: مشروع تصنيع مشتقت البلازما استراتيجي.. والسيسي يدعمه    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    أسعار السمك في أسيوط اليوم الخميس    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    جامعة النيل تستضيف ورشة عمل حول "الظاهرة الثقافية لجمع المقتنيات"    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    رئيس جهاز مدينة 15مايو يتفقد المشروعات الجارية.. ويجتمع بمسئولي الجهاز    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    توريد 211 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    أحمد العوضي ب «لوك جديد» في احدث ظهور له..ويوجه رسالة (صورة)    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشار .. لا تحسب أنك ستنجو من الحرائق التي هددت بإشعالها في المنطقة
نشر في محيط يوم 04 - 06 - 2012

نذكر جميعاً تهديدات بشار حول عزمه إشعال المنطقة كلها إذا ما حاول الغرب التدخل عسكرياً في سوريا؟، ونذكر أن الأهداف التي حددها- إلى جانب قصف إسرائيل بالصواريخ- تقع جميعها في دائرة الانتقام من الدول العربية التي يعتبرها مناصرة للثورة السورية وبخاصة دول الخليج العربية.

ومن أبرز ما استهدفه هذا التهديد إيقاط الخلايا الشيعية النائمة التي يدعي بشار وجودها في بلدان الخليج العربية، بهدف نشر الفوضى والاضطراب ضد أنظمة تلك البلدان وحكامها. كما استهدف إشعال الحروب الطائفية والعرقية والمذهبية في كل بلدان المنطقة بهدف تقسيمها إذا ما تعرضت سوريا- على حد قوله- للتقسيم .. في الوقت الذي تشي كل الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها نظامه بحق الشعب السوري، بأنه عاقد العزم على إعلان كيان علوي في الساحل السوري الذي تقطنه أغلبية علوية إذا ما تأكد له حتمية سقوط نظامه.

أضف إلى ذلك أنه هدد بقيام إيران بقصف القواعد الأجنبية وأبار النفط في الدول الخليجية إذا ما تعرضت سوريا لغزو عسكري، الأمر الذي ينطوي على عدوان إيراني صريح على دول الخليج العربية. كما أشار إلى أنه سيطلب من حزب الله اللبناني قصف إسرائيل بصواريخ وصفها بأنها غاية في التطور، ولا تعرف الدوائر الاستخبارية الغربية مدى قوتها التدميرية الهائلة!!.

إلى هنا نستطيع أن نتفهم المبررات التي دفعت ببشار لإطلاق مثل هذه التهديدات .. لكن أن يبادر هو نفسه بتنفيذها (دون أن نرى أي مؤشرات على قرب تدخل أجنبي في سوريا)، فهذا أمر لا نستطيع أن "نمنطقه" سوى أنه بات يشعر أن نظامه بدأ يتهاوى وأن مصيره إلى زوال.

ما يدفعنا لطرق هذا الموضوع، ما رأيناه في الأيام القليلة الماضية وما زلنا، من اشتباكات مسلحة بين سكان جبل محسن الذي تسكنه أغلبية علوية، وبين حي التبانة الذي تسكنه أغلبية سنية في مدينة طرابلس اللبنانية, والتي أدت لوقوع عدد من القتلى والجرحى بين الطرفين، إضافة لإشاعة أجواء القلق بين سكان المدينة.

زد على ذلك، التوتر الذي أشعله اغتيال شيخ سني في منطقة "عكار المجاورة" لطرابلس، حيث يُعتقد على نطاق واسع بأن النظام في سوريا يقف وراء ذلك الاغتيال. والمعروف أن مدينة طرابلس الشرق التي تقطنها أغلبية سنية، ذاقت الأمرين من رجال المخابرات السورية أثناء الوجود العسكري السوري في لبنان الذي دام نحو ثلاثة عقود، الأمر الذي يمكن اعتباره البداية المثالية لإشعال حرائق في لبنان تقوم (شئنا أم أبينا) على أساس طائفي.

التفسيرات التي ذكرها المراقبون للوضع في طرابلس من وجهة نظر النظام السوري، تتلخص في أن أهل طرابلس يؤيدون الثورة في سوريا، ويقدمون لعناصرها التسهيلات التي تعينهم في الحصول على السلاح عن طريق تهريبه عبر الحدود. كما يقومون باستقبال الثوار والمدنيين الذين يضطرون لمغادرة مدنهم وقراهم التي تتعرض لقصف الدبابات والمدفعية والصواريخ التابعة لجيش بشار وشبيحته، وتقديم المساعدات الممكنة لهم من إيواء وطعام وعلاج.

غير أن ثمة تفسيراً آخر لاشتعال الموقف في تلك المدينة- بحسب رأي المراقبين- وهو ذلك العداء الذي يكنه أهلها لنظام الأسدين، حيث ذاقت على يد رجال المخابرات السورية الأمرَّين. فكان من الطبيعي- والحال هذه- أن يؤيد أهل طرابلس الثوار السوريين الذين ينتمون للمذهب السني، شأنهم شأن الأغلبية العظمى من أهل هذه المدينة كما ذكرنا.

لكن هذه التفسيرات لا يمكن أن تكون السبب في إشعال الحرائق في طرابلس وفي هذه الوقت بالذات، وبعد مضى أكثر من ثلاثة عشر شهراً على ثورة الشعب السوري. ذلك أن ما تشهده المدينة بين الحين والأخر من اشتباكات بين أهل التبانة وسكان جبل محسن، كان يُعدًّ- قبل ثورة الشعب السوري- أمراً عاديا ودائما ما يمر بسلام؟.

لكن الاشتباكات التي جرت وما زالت تجري بين الفريقين في الفترة الأخيرة، لا يمكن تقويمها بمعزل عما يجري في سوريا. فبرغم الهدوء الحذر الذي عادة ما يسود المدينة بعد تدخل الجيش اللبناني، وتوقف الحكومة عن القيام باعتقالات يفسرها أهل طرابلس بأنها مشايعة للنظام في سوريا .. غير أن المدينة ما زالت تعيش على صفيح ساخن يهدد بامتداد لهيب الفتنة الطائفية لمناطق أخرى من لبنان، وما يتبع ذلك من احتمال إشعال حرب أهلية قوامها الطائفية البغيضة.

ففي حادث تزامن وقوعه مع أحداث طرابلس، اتهم النظام في دمشق الجيش السوري الحر باعتقال خمسة عشر لبنانيا من أبناء الضاحية الجنوبية في بيرون كانوا عائدين من زيارة دينية في إيران، ما أثار موجة من الغضب الشديد بين سكانها التي تقطنها أغلبية شيعية، والذين قاموا بإحراق إطارات السيارات وإغلاق الطرق. ولم يهدأ الموقف إلا بعد مداخلة من السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي طالب الغاضبين بالكف عن إغلاق الطرقات، وتعهد لهم بأن الدولة ستبذل أقصى ما تستطيع لإطلاق سراح المختطفين وعودتهم سالمين.

وكالعادة رأينا نظام بشار والثوار السوريين يتبادلان الاتهام حول عملية الاختطاف هذه، كما رأينا كيف أن المحادثات التي كانت تجري حول إطلاق سراحهم قد توقفت فجأة، بسبب مداخلة السيد حسن نصر الله، بعد أن كان نجاحها قاب قوسين أو أدنى بحسب الوسطاء، كما طالب الخاطفون السيد حسن نصر الله بتقديم اعتذار عن التصريحات التي أدلى بها حول هذه العملية.

والسؤال الآن : إلى أي مدى يمكن وصف ما جرى ويجري من اشتباكات بين سكان جبل محسن وسكان حي التبانة في مدينة طرابلس اللبنانية، بأنه مجرد اشتباكات عادة ما كانت تقع بين الفريقين لسبب أو لآخر .. سرعان ما تنتهي وتعود المياه لمجاريها؟، أم أن الأمر- هذه المرة- يختلف على أساس الاعتقاد بأن بشار قرر البدء في تنفيذ تهديداته بإشعال المنطقة (إذا ما تعرضت سوريا لتدخل عسكري غربي) بادئاً بالجارة "لبنان"؟!!.

أغلب الظن أن بشار قرر البدء في تنفيذ تهديداته، حيث يُعتقد على نطاق واسع، أنه بات يشعر أن الخناق بدأ يضيق من حوله، وأنه آخذ في التصاعد بمعدلات عالية تهدد جدياً بانهيار نظامه.

فثمة ظواهر لا يستطيع بشار تجاهلها تؤكد جميعها أن الأحداث في سوريا لا تسير لصالح النظام، ما قد يكون السبب في دفعه للبدء في تنفيذ تلك التهديدات أو بعض منها، حتى يتمكن من إقامة كيان علوي مستقل على النحو الذي أشرنا إليه.

ولعل من أبرز تلك المظاهر:

1- بات العديد من المدن والمناطق السورية- بحسب تصريحات المراقبين الدوليين- تحت سيطرة رجال المقاومة السورية، ما يعني أن الإرهاق والوهن بدأ يظهر على جيش بشار وشبيحته، مقابل تصاعد قوة فصائل المقاومة السورية التي بدأت تنفذ عمليات نوعية ضد قوات النظام.

2- أصبح المجتمع الدولي على قناعة بأن من الصعب عليه السكوت على ما يرتكبة جيش النظام وشبيحته يومياً من مجازر مروعة بحق السكان المدنيين، وبخاصة بعد أن شاهد حجم البشاعة التي اتصفت بها المجزرة الرهيبة التي ارتكبها جيشه وشبيحته بحق سكان بلدة "الحولة"، والتي راح ضحيتها نحو 135 شهيداً من بينهم ما لا يقل عن خمسة وثلاثين طفلاً جرى ذبح الكثير منهم بالأسلحة البيضاء.

3- عدم تنفيذ أي من بنود مهمة كوفي عنان الستة، وبخاصة البند الاول الذي ينص على وقف إطلاق النار. فقد بات عنان مقتنعا أن النظام السوري غير مستعد لتنفيذ هذا البند، وبخاصة أنه يعتبر المقاومة السورية ليست أكثر من جماعات إرهابية يجب القضاء عليها أولاً، حتى يتسنى وقف إطلاق النار. وهذا يعني- في النهاية- أن بشار ما زال يصر على الاستمرار في استخدام الخيار العسكري في مواجهة كل أشكال المقاومة، سواء التظاهرات منها أو التشكيلات العسكرية وبخاصة ما يسمى بالجيش السوري الحر.

4- المطالبة بتنفيذ بعض بنود الباب السابع(باستثناء استخدام القوة) بحق النظام السوري بسبب عدم الوفاء بالتزامه نحو مهمة عنان.

5- اتهام السعودية للنظام السوري بأنه يعمل على إشعال حرب اهلية في سوريا ولبنان على أساس طائفي.

6- التحول المتوقع في موقف روسيا والصين نحو الوضع في سوريا. فقد ترددت تعليقات وتحليلات صحفيه حول موقف هذين البلدين الذي كان وما زال مؤيداً بشدة لبشار، عن أنهما باتا قريبين من قبول النموذج اليمني لحل المسألة السورية، ما يعني قبولها بتنحي بشار الأسد كأساس لإيجاد حل سلمي للمسألة.

7- الإشارات التي بدأ النظام الإيراني يبثها (على استحياء) للعالم أولاً ولبشار ثانياً، بأنه سيكثف جهوده نحو تثبيب وجود نفوذه في لبنان، الأمر الذي ينطوي على تلميح بتخفيض سقف دعمة لبشار أو التخلي عنه إذا ما اقتضى الأمر.

ومما قد يؤيد هذا القول تلك الدعوة التي وجهها السيد حسن نصر الله لمختلف التيارات السياسية في لبنان، حول إقامة جبهة لبنانية تتصدى للتحديات التي تواجهه، والتي ترتبط دون أدنى شك بالوضع في سوريا واحتمالات التدخل العسكري الغربي فيها.

8- وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن إيران وحزب الله بدءا يدركان أن زوال نظام بشار هي مسألة وقت وأن سقوطه بات أمراً حتمياً، ما يدعوهما للعمل سريعاً لاحتواء النتائج السلبية التي ستعود على وضع إيران وحزب الله في لبنان بخاصة والمنطقة العربية بعامة.

9- ما قاله بشار في خطابه في مجلس الشعب السوري مؤخراً عن أنه لا مهادنة ولا تسامح مع الإرهاب، (ويقصد بالإرهاب فصائل المقاومة السورية المسلحة)، وأن حسم المسألة في سوريا يمكن أن تتم بصورة نهائية حين يجري الاشتباك بالأيدي مع هؤلاء الإرهابيين، ما يعني أنه على وشك القيام بعملية عسكرية شاملة وأخيرة على كل المدن والمناطق التي تظهر مقاومة فاعلة ضد النظام.

10- المواقف غير الفاعلة التي تقفها الجامعة العربية من الجرائم التي يرتكبها جيش بشار وشبيحته بحق المدنيين السوريين، تعني في النهاية رغبتها في إحالة المسألة السورية للهيئة الأممية. بل ذهبت إلى حد طلبها تطبيق بعض بنود الباب السابع من الميثاق الأممي بحق النظام السوري (باستثناء استخدام القوة العسكرية).

وحتى هذا الاستثناء قد تُجبر على التخلي عنه إذا ما قرر المجتمع الدولي التدخل عسكرياً لوقف الجرائم التي يرتكبها النظام. ولا يقلل من وقوع هذا الاحتمال تصريح أمين عام الجامعة العربية محمد العربي، عن رفض دول الجامعة المشاركة في تدخل عسكري يتم بموجب الباب السابع من الميثاق الأممي.

وحيال هذه الظواهر التي لا يُشك فيها، أصبح لزاماً على بشار الأسد أن يستعد لمواجهة سقوط نظامه. فهو يعلم أن المبادئ والمثاليات والعواطف، ليست من مصطلحات القاموس السياسي الدولي وبخاصة في صياغة العلاقات بين الدول التي تقوم على المصالح المتبادلة. فقد قارب الإدراك بأن إيران الحليف الرئيس الذي يمده بالمال والدعم السياسي، لن تضحي بمصالحها إذا ما رأت أن استمرارها في دعم نظامة سيصل بها إلى مواجهة مع الشعوب العربية وأنظمتها أولاً، وإلى مواجهة مع المجتمع الدولي ثانيا.

كما يعلم جيداً أن تجاوزه لسقف الدعم الذي تمنحه روسيا والصين لنظامه، يعني تخليهما عن دعمه إقليميا وأممياً. والتجاوز الذي نعنيه هو إصراره على المضي قدما في استخدام الخيار الأمني المغلط الذي وصل إلى حد التوحش في المذبحة التي ارتكبها نظامه ضد أهالي بلدة الحولة.

فاستمرار هذا الإصرار (الذي ما زال ملتزماً به) يعني إفساداً محققاً للعلاقة بين روسيا والصين من جانب/ وبين الشعوب العربية من جانب آخر. كما يعني إضعافا لمكانتهما في المجتمع الدولي باعتبارهما قوى عالمية يتوجب عليهما القيام بالدور الذي يتناسب مع مكانتهما، في التصدي للجرائم التي ترتكبها الحكومات الدكتاتورية ضد شعوبها.

ليس من شك أن هذا الإصرار المريب لبشار على الاستمرار في استخدام العنف المغلظ في محاولة قمع الثورة السورية، ليس ناجماً عن غباء سياسي أو عناد تعسفي. فهذا النظام لم يكن ليستطيع الاستمرار لأربعة عقود ونيف .. ولم يكن ليستطيع الاستمرار في ارتكابه لجرائمه ضد الشعب السوري، لولا أن مؤسسيه أحكموا القواعد التي قام عليها هذا النظام والتي مكنته من مواجهة ثورة عارمة في الربع الأخير من القرن الماضي، حيث قضى على نحو 35 شهيداً من أهالي حماة عام 1982، وحين قضى على أكثر من خمسة عشر ألف شهيداً في المواجهة الراهنة بينه وبين ثورة الشعب السوري الراهنة.

لذلك فإن من الطبيعي أن يتحسب هذا النظام "نظام الأسدين" من احتمالات الفشل التي قد تواجهه، والتي قد تصل به إلى حد التعرض للانهيار .. فيقوم بوضع خيارات تمكنه من الإفلات من تبعات هذا السقوط إذا ما وقع.

وفي ضوء تهديداته التي ذكرنا بتفجير الوضع في المنطقة إذا ما تعرض لتدخل عسكري يستهدف إسقاطه، يبدو أنه عاقد العزم على تنفيذ ما يستطيع من هذه التهديدات. فنحن على يقين من أن بشار يعلم جيداً أنه لا يملك القدرة على تفعيل كل تلك التهديدات، ذلك أن معظمها هي في أيدٍ لا يستطيع التحكم فيها ونعني بها إيران وحزب الله من ناحية، والدعم الروسي الصيني له من ناحية أخرى.

وحتى إشاعة الفوضى في لبنان الذي اعتاد نظام الأسدين النظر إليه على أنه محافظة تابعة لسوريا .. لا يستطيع تفعيل كل مخططاته الإجرامية فيه، بدليل أن حزب الله دعا مؤخراً إلى توافق بين التيارات السياسية في لبنان بهدف إيجاد جبهة قوية تستطيع الوقوف أمام التحديات التي قد تواجه لبنان في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة. وهذا يعني أن حزب الله بدأ يتحسب من نتيجة كل خطوة يخطوها حيال الاستمرار في دعم هذا النظام.

لذا فإن الخيار الوحيد الذي يعتقد بشار أنه سينجح في تحقيقه حين يصل نظامه حافة خطر السقوط، هو عقد صفقة مع سيد الكرملين الجديد القديم "فلاديمير بوتين" ..تقضي بسلخ المنطقة الساحلية التي تقطنها أغلبية علوية عن سوريا، وإقامة كيان علوي مستقل فيها، مقابل السماح لروسيا بإقامة قواعد بحرية وبرية وجوية وصاروخية على أرض هذا الكيان.

ومع ذلك نتساءل: هل يسمح الغرب الذي يهيمن على الكثير من بلدان المنطقة، والذي يمتلك مصالح غاية في الأهمية بالنسبة لأمنه القومي .. هل يسمح للروس بإقامة تلك القواعد دون أن تصدر عنه ردود فعل غاضبة من الغرب؟.

أغلب الظن أن الروس- إن صدق حدسنا- بشأن قيام كيان علوي يسمح بوجود قواعد عسكرية لروسيا على أرضه- سوف يدخلون في مفاوضات مع أمريكا والدول الغربية الرافضة لمثل هذا الاحتمال، تؤدي لعقد صفقة ما بين الطرفين لن تكون بالقطع في صالح الكيان العلوي المحتمل.

وهنا على بشار وقادة نظام الأسدين بعامة أن يدركوا، أنهم لن يستطيعوا الحفاظ على كيانهم إذا ما قام لسبب بسيط، وهو أن اللعب مع الكبار لا يُسمَح به إلاَّ للكبار ..

فهل يعي بشار وعائلته ومريدو "نظام الأسدين" هذه الحقيقة؟!!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.