قررت لجنة تحكيم جائزة الأركانة العالمية للشعر خلال اجتماعها بالعاصمة المغربية الرباط الثلاثاء الماضي بالإجماع منح الجائزة في دورتها الرابعة للشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف لاسهاماته الثرية في عالم الشعر علي مدار ستة عقود. وأصدرت لجنة التحكيم الجائزة التي يمنحها بيت الشعر في المغرب بالتعاون مع مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، برئاسة الناقد السوري صبحي حديدي، وعضوية شاعري تونس منصف الوهايبي، محمد الغزي، والناقد المغربي بنعيسى بوحمالة، وشاعري المغرب حسن نجمي ونجيب خداري بيان أعرب خلاله عن أحقية سعدي بحصد الجائزة العالمية. وأكد بيان لجنة التحكيم أنه "في إطار التقليد الاحتفائي بالشعراء، المغاربة والعرب والعالميّين، الذي سنّه "بيت الشعر في المغرب" تفعيلا منه لمواثيقه وأعرافه التأسيسية، وبعد أن حازها في الدورات الثلاث السابقة الشعراء الصيني بي ضاو، والمغربي محمد السرغيني، والفلسطيني محمود درويش، تؤول جائزة "الأركانة" العالمية للشعر، لعام 2009، إلى الشاعر العربي الكبير سعدي يوسف. وذلك تحية رمزية من "بيت الشعر في المغرب"، وعموم الشعراء المغاربة، لاسم شعري شامخ وكذا لمنجز شعري مديد ثريّ، يغطي حوالي ستة عقود. وتابع "وإذن، وجائزة "الأركانة" ترسو في دورتها الحالية، فإنّما هي تسدي قسطا من مديونيّة معنوية طائلة لشاعر محنّك، فطن، ومبتكر لا يمكن التّطرق إلى الشعرية العربية المعاصرة واستثارة كبريات قضاياها وأسئلتها بمعزل عن استحضار البصمة القوية والنوعية التي كانت له. والشاعر سعدي يوسف صاحب ال 75 عاما من مواليد مدينة البصرة سنة 1934 حصل علي ليسانس في الآداب، وغادر العراق في سبعينيات القرن الماضي متنقلا بين عدة دول عربية وغربية، ليستقر منذ سنة 1999 ببريطانيا. صدر لسعدي العديد من الدواوين والمجاميع الشعرية منها قصائد مرئية (1965)، قصائد أقل صمتاً (1979)، خذ وردة الثلج ، خذ القيراونية (1987) ، إيروتيكا (1994)، حانة القرد المفكر (1997) والشيوعي الأخير يدخل الجنة (2007). حاز سعدي العديد من الجوائز الأدبية والشعرية الرفيعة أبرزها جائزة سلطان العويس،الجائزة الايطالية العالمية، وجائزة (كافافي) من الجمعية الهلّينية، جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ (2005)، جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا (2008). ومن المقرر أن يتم تسليم درع وشهادة الجائزة للشاعر سعدي يوسف في حفل شعري كبير ينظم يوم 24 أكتوبر 2009 بمسرح محمد الخامس بالرباط. من إبداعات الشاعر العراقي الكبير قصيدة "طبيعة": في تشرين الأول في باريس الأشجار تغطي الأرصفة المغبرة بالذهب الريح تخفف من وطأتها وتسيل مع الذهب الغابات رسائل ثم بريد جوي من ريف يعلن: أني المنسي أقيم هنا .. بيتي من ذهب وغبار. في قصيدته الأولى "منزه الأنهار الثلاثة" يقول الشاعر: أشرعة بيض بجع أبيض غيمات خريف بيض... الشمس تسخن في المرج مراياها والأشجار كأن ضحى الجنة يفتح بوابته هل أدخل؟ نورس بحر من عدن ضل وها هو يهبط مرتبكا بين البجع الأبيض والأشرعة البيض أما "قصيدة يائسة" فيقول فيها: البلاد التي نحب انتهت من قبل أن تولد البلاد التي لم نحب استأثرت بما قد تبقى من دم في عروقنا نحن كنا أهلها قل: بلى ولكن تولانا سعير من أول الخلق هل كنا نياما أم غافلين لم يبق عندي من تراب أريد أن يتلاشى هابطا من أصابعي البلاد التي نحب انتهت ومما قال الشاعر نقرأ من قصيدته "لمن اكتب الآن؟: لا شأن لي بالعراق ولا بالعواصم لا شأن لي بالصداقات فاترة أو بالنساء اللواتي تخلين عني ولا شأن لي بالبنادق والطائرات المغيرة لمن اكتب الآن..؟ أكتب كي لا أموت وحيدا!