سلطت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية اليوم الأربعاء الضوء على المجتمع المصري في ظل ما تشهده مصر من سباق الانتخابات الرئاسية في جولة الإعادة. مشيرة إلى أن عيون العالم تركز الآن على المصير الذي ستؤول إليه الثورة المصرية و سيتحدد في جولة الإعادة المقررة في شهر يونيو المقبل .
وقالت الصحيفة على نسختها الالكترونية "أن هذا السباق اختبار لمدى صعوبة تبنى القيم المدنية الديمقراطية".
وتابعت : "إنه مع مضى الانتخابات قدما تزداد فيه الحيرة والمشاكل في مصر، لافتة إلى أن مصر "عملاق الشرق الأوسط" كانت محور ثورات الربيع العربي التي اندلعت في العام الماضي، والتي أطاحت بأطول حكم ديكتاتوري من خلال انتفاضة شعبية".
وأضافت الصحيفة: "أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومي 16 و17 يونيو المقبل ستكون الجولة النهائية ، التي يختار فيها المصريون رئيسهم الجديد ، وذلك في أول انتخابات حرة وتنافسية تشهدها البلاد" .
واعتبرت الصحيفة أن التصويت قد يعطى دفعة للربيع العربي ، الذي يقع حاليا في شتاء السخط ؛ فالكثير من الشعوب لا تزال تحيا في ظل الحكم الاستبدادي ، وترى أن نتائج الانتخابات في مصر شيئا ثانويا تقريبا مقارنة بحقيقة أنها تحدث بالفعل.
وذكرت الصحيفة إن العالم العربي سيراقب حجم الإقبال على التصويت بين ما يقرب من 50 مليون ناخب مصري ، فضلا عن نزاهة العملية الانتخابية.
وأشارت الصحيفة أن هذه هي العلامات الحيوية حول مدى قدرة المصريين على تبنى للقيم المدنية الديمقراطية، مثل احترام المساواة وآراء الآخرين.
وأوضحت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن استيعاب مثل هذا الكم من المثل العليا لم يكن بالشئ السهل منذ اندلاع الانتفاضة التي استمرت 18 يوما وأنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقد فضل المجلس العسكري الانتقال السريع، مما اضطر المصريون لتعلم الديمقراطية على نحو سريع.
وأشارت الصحيفة إلى خطأ رئيسي تمثل في أن القادة الشباب للثورة فشلوا في التوحد خلف مرشح واحد مؤيد للديمقراطية، وذلك قبل الجولة الأولى من التصويت التي جرت في يومي 23 و24 مايو.
وتابعت الصحيفة:إن النتيجة كانت وجود خيار واسع يتمثل في 13 مرشحا يختار من بينهم الناخبون، وكثير منهم يمثلون النماذج القديمة من الحكم في الشرق الأوسط .
فمن بينهم القومية الاشتراكية، الحكم الإسلامي ، والحكومة المدنية التي تدعم من قبل النخبة العسكرية والأثرياء، ولحسن الحظ لم يكن هناك "نظام ملكي" من بين المرشحين.
وأردفت الصحيفة تقول إن المفاجأة جاءت في الوقت الذي لم يتكبد أكثر من نصف الناخبين عناء النزول والمشاركة في التصويت.
فضلا عن أن المرشحين الاثنين اللذين فازا بمعظم الأصوات يعكسان بالكاد فكرة أن الرئيس يحكم بموافقة المحكومين.
وأكدت الصحيفة تقريرها بأن الخبر السار يكمن في أن المرشحين "محمد مرسي الذي احتل المركز الأولى بنسبة 8،24\% ، وأحمد شفيق الذي احتل المركز الثاني بنسبة 7،24%" لم يفوزا معا في الجولة الأولى سوى بأقل من نصف عدد الأصوات.
ومن جانبها توقعت جماعة الإخوان المسلمين الفوز بنسبة أكبر من 50% ، ولكن لم يحدث ذلك قط ، وذلك نظرا لاستياء الناخبين منهم بسبب غطرستهم -كما تقول صحيفة الصحيفة - في محاولتهم للسيطرة على البرلمان الجديد فضلا عن التراجع عن وعدهم بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية.
أما من جانب أحمد شفيق -آخر رئيس وزراء في فترة حكم مبارك- ففي حين أنه وعد باتخاذ اجراءات صارمة ضد الجريمة والسيطرة على أعمال العنف ، ينظر إليه باعتباره من بقايا النظام السابق "فلول" . بالاضافة ان نسبة الأصوات التي حصل عليها تظهر تلميحات إلى أن قليلا من المصريين اشتاق للأمن الكاذب.
وأضافت الصحيفة أن ما يمكن عمله الآن هو أن مرسى وشفيق في حاجة لتوسيع نطاق جاذبيتهما من خلال قبول أفكار الجماعات المؤيدة للديمقراطية في كيفية بناء المؤسسات المدنية في مصر .
وهناك حاجة إلى إنشاء مؤسسة للديمقراطية وذلك من خلال الكثير من العمل بما في ذلك الضغط الجماهيري المتواصل.
وفي ختام مقالها ، أكدت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" أن مصر لا تستطيع العودة إلى نظام مبارك أو حتى إلى حكم رجال الدين على النمط الإيراني ، فتركيا "مع حزب إسلامي منتخب في موقع المسؤولية" تبدو وكأنها النموذج المثالي .