فلسطين: صدر حديثاً ديوان جديد للشاعر الفلسطيني سميح القاسم والذي جاء بعنوان "أنا متأسف" والصادر عن منشورات الحكيم للطباعة والنشر الناصرة فلسطين سنة 2009، وفيه يدافع الشاعر عن إنسانيته، ودموعه وصموده وحقه في الوجود وعن روح الإنسان. ووفقاً لصحيفة "الزمان" اللندنية ينقل القاسم فقرات دالة من التوراة "سفر يشوع" تحديدا وذلك لتحقيق هدفين الأول: تعرية لنفسية وعقلية الإسرائيلي الذي يواجهه الشاعر وهي عقلية متعالية وعنجهية وتقوم علي التكبر وإقصاء الآخر وإبادته، أما الهدف الثاني فهو تقديم خطاب مقابل وصورة مناقضة لما رسخته الأسطورة التوراتية عن الفلسطيني. يقول في ديوانه : اختر لأجل صغارك أفقا جديدا من الياسمين ومن حنطة الفرح البشري. تعلم قراءة روحك بين سطور كتابي وحاور عذابي حبيس مراياك أنت غريق الضباب وساعة رملك يغتالها الوقت.فاخرج إلي الشمس والناس. لاتلتفت للوراء. وغادر ظلامك دون إياب .. وتعلو درجات الإنسانية عندما تتأسف الضحية علي الجلاد، الضحية المتهمة زورا وبهتانا وعدوانا بالتوحش تتألم لأن الجلاد أعمي لا يري إلا نفسه ولا يبدع إلا الدم والرصاص والقتل: أحاول شلال نور. وتبدع شلال دم وأصنع نعلا لطفلي، ليمشي وتصنع نعلا لطفل وتكسر فيها القدم وتوغل في الوهم توغل صوب العدم وتبلغ الضحية في هذا الديوان قمة السمو إذ تخاطب الجلاد كإنسان فرغم أن أفعاله هي أفعال الشر المطلق إلا أن الشاعر ينظر إلي ما وراء ذلك ويخاطب في جلاده إنسانيته الغائبة إذ يري فيه إنسانا من لحم ودم فهو أخ في الأصل لأن الإنسان أخ الإنسان وهو عدو في الواقع الحي المعيش لأنه إختار بمحض إرادة التاريخ والأسطورة الحقد والقتل. لماذا إذن يا أخي وعدوي نجازف بالوقت والعمر ظلُّ... ... تأمل قليلا. تالم قليلا. تعلم قليلا مناخ الحياة النبيل النظيف المشرف وقل متأسف أنا متأسف وفي موقع آخر يقول أخوك أنا يا عدوي اللدود. أخوك فلا تختصرني بطيش شعاراتك الرائجه..... وكف أعاصيرك الهائجة وأيضا وآن الأوان لتفتح عينيك حتي تراني وتخجل مما أعاني وتحلف أنا متأسف ووفقاً "للزمان" فإن موقف الشاعر المتآسف على عدوه ليس نتيجة تعب أو استسلام كما قد يتبادر إلي الذهن إذ يؤكد القاسم في أكثر من مناسبة في الديوان علي أن الجلاد هو الذي سيستسلم في النهاية وليس الفلسطيني لأن قدر الفلسطيني البقاء والصمود والخلود: أرد وسوف أظل أرد وسوف أرد أعد أصدُّ بكفي ومخرز عيني وقلبي وصلبان شعبي......... وأصرخ أصرخ حتي يلبي هدير البراكين من كل صوب وحدب وأضرب أضرب رعبا برعب تقاتلني دون جدوي وتقتلني دون جدوي أنا الحكمة الباقية أنا حجر الزاوية جدير بالذكر أن سميح القاسم هو واحداً من أبرز شعراء فلسطين، انصرف إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبي، وتعرض للسجن أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية، ويتناول في معظم أشعاره الكفاح ومعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي. كما كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته الحالية إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.