لحظات صعبه عاشها اهالى" قرية ابو كريم" فى مركز ديروط بأسيوط اثر تلقيهم نبأ فقدان سبعة من أبنائها الذين راحوا ضحية الحادث المروري المروع الذي وقع مساء السبت الماضي جنوب مدينة طبرق الليبية وهم في طريقهم للبحث عن فرص عمل داخل الأراضي الليبية. وسادت حالة من الحزن أهالي القرية الذين ابدوا سخطهم علي كل ما دفع أبناء قريتهم للسفر في هذه المغامرة المشئومة, رغم ان الكثير من أهل وشباب القرية سافروا الى قارة أوروبا منذ سنوات طويلة وعادوا بالأموال الوفيرة,ولكن الجديد هذه المرة ان اهالي وشباب القرية والذين غرر بهم أفراد العصابة الشيطانية صوروا لهم السفر الى ليبيا بطريقه غير شرعيه بانه الخلاص وفرشوا لهم الارض مالا وذهبا وهميا.
"محيط" التقى اهالى الضحايا والذين خرجوا فى مشهد جنائزي مهيب لتشييع جثامين ضحايا الهجرة غير الشرعية الى ليبيا وأضفوا أجواء جديدة من الحزن التى خيمت على القرية ورفض الأهالي وصفها لأنها أقوى من اى وصف وحرصت الجهات المسئولة علي إطلاع الأهالي علي أسماء الشباب المتوفين حيث عثر البعض علي أبنائهم ضمن قوائم الضحايا .
شباب القرية تحدثوا لمحيط عن انتشار الوسطاء او السماسرة بين أزقة قريتهم اذ يقومون بالاتفاق مع شبابها وإقناعهم بالسفر الي ليبيا حيث حلم الثراء السريع و يأخذون منهم مبالغ مالية تصل الى ثلاثين الف جنيه للفرد الواحد حيث يضطر الشاب الى بيع المواشى والمشغولات الذهبية المملوكة لأسرته أملا فى تعويضهم إياها عقب عودته من رحله العذاب ,ويقوم السماسرة باستكتاب أفراد أسرة الشاب والحصول على إقرارات او إيصالات أمانة علي بياض بباقي المبالغ.
ويؤكد الشباب على استمرارهم فى السفر الغير الشرعي عن طريق سماسرة تجارة البشر الذين يستغلون شغف الشباب ورغبتهم الشديدة فى السفر للخارج ويحصلون منهم على مبالغ مالية كبيرة ويردون لهم المقابل بالموت والضياع .
يقول "محمد "شقيق احد الضحايا "احمد خميس"-28 سنه أن أخيه كان بلا عمل منذ سنوات، وقرر فجأة السفر إلى ليبيا مثل كل شباب القرية، حتى يتمكن من إيجاد فرصة عمل وتوفير تكاليف زواج وحياة كريمة، حيث إن الكثير من شباب القرية يعمل فى دول عربيه و أوروبية.
وأشارت "ام عباس " والده احد الضحايا وهو" ابراهيم فتحى "-16 سنه, أن ابنها كان طالب بالصف الثاني الصناعي، وقرر ترك المدرسة والسفر، لتكوين مستقبله، خصوصًا أن والده متوف منذ سنوات وتركهما بلا مصدر رزق, لافته فى صوت يملؤه الحزن والأسى ان معظم شباب القرية لا يجد عملاً، ويجلس علي المقهي طوال النهار وأمام التليفزيون طوال الليل، والسفر هو الحل الوحيد لتخليصهم وتخليصنا من حياه الفقر والبطالة.
ويضيف " خليفه ابو بكر" والد "صلاح ابو بكر" احد ضحايا الحادث, انه تلقى الخبر من من إحدى سيدات القرية وأكدت أن ابنه لقى حتفه وهو برفقه ابنها ,و انه سافر مع أصدقائه لرغبته فى الهجرة الى ليبيا ولكن دون علمه.
أما شقيقه "عبد الرحمن الشيبانى" احد الضحايا فقالت ان أخيها متزوج ولديه طفل لم يكمل العام و كان يعمل سائقا لسيارة نصف نقل ,وأشار والحزن يعتصره ان كل ماكان يتقاضاه لم يكن يكفي قوت يومه واحتياجات طفله وكان عازما علي السفر بشدة وأمام إصراره لم نملك الا الرضوخ بعدما فشلنا في منعه وكان اخر كلماته كان "هسافر يعني هسافر حتي لو هاموت لازم اسافر "وكانت زوجته واجمة تنساب دموعها علي وجهها غير مصدقة فقدان زوجها للابد ولم تقو علي الحديث و ظلت تحتضن طفلها.
اما "سميرة "زوجه الضحية "احمد ابو سليمان" فتقول ان زوجها كان يعمل فى محل فراشه ويحصل على 500 جنيه شهريا، ولديه طفله تبلغ من العمر سنة وشهرين وكانا فى انتظار طفلهما الثاني ، وتؤكد أن زوجها خرج الى عمله فى الصباح مثل كل يوم و فوجئت به يتصل بها فى الثانية بعد منتصف الليل يقول لها "أنا ركبت سيارة علشان أسافر علشان أخلص من السواد اللى أنا شايفه ومعايا ناس من البلد ماتقلقيش وبلغى امى انى بحبها اوى ".
وأكدت أنه لم يكن فى نيته السفر إلا أنه تقابل مع خاله ويدعى "احمد سيد "وهو أحد الضحايا ايضا ,وقال له ان هناك سيارة سوف تسافر الى ليبيا واصطحبه معه ولم نكن نعلم شيئا عن سفره وليس لديه أى أوراق ولا جواز سفر ولا أى شىء ولم يصطحب معه أغراضه,وأكدت أن السمسار اتصل بهم وهددهم بعدم الإدلاء بأي تفاصيل عنه، وإلا سوف يعرض حياة أبنائهم للخطر.
ويضيف "سعيد إبراهيم "صديق احد الضحايا وهو "احمد سالمان" انه كان يحلم بالاستقرار لأسرته بالكامل وطموحه مثل باقي الشباب في البحث عن المكان الذي يساعده علي تحقيق هذا الحلم وسفره الى ليبيا كان مفاجأة فقد سبق له السفر في العام الماضي قبل قيام الثورة الليبية ونجح في الدخول، وظل عامًا كاملاً هناك إلا أن الشرطة قبضت عليه، وتم ترحيله ولكن هذه المره اتصل به احد السماسرة وعرض عليه السفر بعد فشله فى الحصول على عمل عقب عودته ووافق بدون تفكير.
وفي منزل "محمد عبيد "احد الضحايا كان الجو مشوبا بالقلق في انتظار وصول الجثمان وحاولنا الحديث لكن جلال الموت وهيبته سيطر علي الموقف الا ان وضع "عبيد "كان أكثر اختلافا لأنه ميسور الحال ويتمتع بحالة ميسرة ومنزل أسرته يرتفع لأربع طوابق شاهقة ويحتل مساحة كبيرة الا ان المغامرة كانت الدافع وراء سفره ورغبته في الاستقلال و أراد ان يبني مستقبله بنفسه فهو لم يتزوج بعد,وسافر ليحقق حلمه الذي يراود معظم الشباب بالقرية .
وقال عم "محمد نصر" احد الضحايا ان راتبه الشهري 100 جنيه فقط وان لديه 5 من الأطفال بمراحل تعليمية مختلفة مما جعله يعاني شظف العيش وضيق ذات اليد وأوضح انه اخبر احد السماسرة عن رغبته في السفر الي ليبيا لانتشال اسرته من الفقر لكنه لايستطيع دفع اية مبالغ مقدما ,فرأف السمسار بحاله وطلب منه التوقيع علي ايصال امانة بمبلغ 20 الف جنيه وفاجأه بالاتصال وطلب حضوره للسفر مساءا ويضيف انه لم يكن بحوزته سوي 100 جنيه ادخرها للاتصال بزوجته وطمأنتها عند وصوله الي الحدود الليبية.
وأوضح "على محمود"- ابن شقيق احد الضحايا انه كان نعم الشباب فقد كان يحمل مسئوليه الأسرة بالكامل و اعتاد السفر إلي ليبيا بالتعاقد ولمدة ست سنوات حيث تم الاستغناء عنه بعد انتهاء العقد بسبب عدم وجود التخصص، وعاد إلي مصر ولمدة عامين كان الدخل ضعيفا ويقوم بالصرف من مدخراته ومع صعوبة المعيشة جاءت فكرة السفر المشئومة.
كانت قريتى" ابو كريم" فى ديروط و"الزرابى" فى ابو تيج قد شيعتا جثامين تسعه من شبابهم والذين راحوا ضحية الحادث المروع الذي وقع مساء السبت الماضي جنوب مدينة طبرق الليبية وهم في طريقهم للبحث عن فرص عمل في الاراضى الليبية ,وكانت جثث المتوفين (محمد عبيد محمد . وأحمد خميس غيضان . وعليان أحمد . وعبد الرحمن شيباني . ومحمود عبد الحميد شيباني . وصلاح خليفة أبوبكر. وأحمد سالمان عبد العال . وعلاء عبد الناصر رشوان . وإبراهيم فتحي نصر) قد وصلت إلى مطار أسيوط الدولي على متن طائرتين عسكريتين قد أقلعتا من مطار سيدي برانى الحربي بتعليمات من المشير محمد حسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة.