شهد شمال لبنان اعتبارا من الأسبوع الماضي اشتباكات متواصلة بين الجيش اللبناني وعدد من الاسلاميين بدءاً من طرابلس ووصولا إلى عكار، اثر احتجاز لبناني سني اثر اتهامه بالانتماء لمنظمة إرهابية، ويقول مؤيدوه: "انه استهدف لمساعدته لاجئين سوريين"، مما أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى.
فقد ساد الهدوء الحذر منطقة "الطريق الجديدة" إحدى ضواحي بيروت وسط انتشار كثيف للجيش اللبناني، بعد أن شهدت الأحد، اشتباكات بين عناصر من تيار المستقبل وعناصر من حزب التيار العربي، على خلفية مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد والشيخ محمد المرهب الذي كان يرافقه في حجز للجيش اللبناني لم تتبين ملبساته، واستمرت حتى الثالثة فجرا حيث تدخل الجيش اللبناني فاصلا بين الفريقين.
وقد سمع إطلاق كثيف للرصاص ودوي رصاص، كما قطع عدد من الشباب الطرقات بالقطارات المشتعلة في كل من طرابلس ومنطقة عكار حيث وقع الحادث، وعلى الطريق الساحلي جنوبا وفي منطقة البقاع وفي الطريقة الجديدة في بيروت .
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة 18 آخرين وأضرار مادية جسيمة في المباني والمحال والسيارات بينها حرق مقر حزب التيار العربي، بينما طريق البيرة- القبيات لا تزال مغلقة منذ الأحد، بالسواتر الترابية.
ومن المتوقع أن تتم إزالة السواتر الترابية خلال الساعات المقبلة قبل موعد تشييع الشيخ أحمد عبد الواحد الذي لقى مصرعه برصاص الجيش اللبناني في منطقة عكار بشمال لبنان.
جهود "الداخلية"
وقامت وزارة الداخلية بصب كل الجهود لتطويق ردات الفعل على الأرض ومنع الانزلاق للفتنة التي تم التحذير منها، وراهن مروان شربل وزير الداخلية على وعي اللبنانيين لخطورة المرحلة وعدم الانسياق وراء الدعوات إلى الانقسام، نافيا وجود أي قرار لنشر قوى الأمن الداخلي في مواقع الجيش اللبناني في عكار أو في أية منطقة آخرى.
وأكد شربل أن للقوى الأمنية مهمات تتكامل فيما بينها، والجيش لن يتحرك من مكانه وقوى الأمن كذلك، مضيفا هناك تحقيق باشره القضاء العسكري وعلينا انتظار ما سيؤول إليه لأنه لا يمكن أن يغفل الحقائق وسيعطي كل ذي حق حقه.
وفي حديث لإذاعة "صوت لبنان"، أكد شربل أن ما حصل من أحداث هو ردة فعل عما حصل في عكار والأوضاع متجهة نحن الأفضل، مشيرا إلى أن أغلب اللبنانيين هم ضد ما يحدث ، مناشدا الجميع التعقل خاصة في هذا الظرف الصعب الإقليمي الذي نمر فيه ، ولفت إلى أن الأحداث بطريق الجديدة انتهت والآن الوضع طبيعي.
اشعال الفتنة
من جانبه أكد نهاد المشنوق النائب البرلماني عن كتلة تيار المستقبل أن مسئولية الحادث الذي أدي إلي قتل الشيخ احمد عبد الواحد وإصابة آخرين في شمال لبنان، تقع علي ضابط الجيش، وان هناك مخطط إعلامي؛ لوضع الجيش اللبناني في مواجهة الشعب.
وأوضح أن الجيش اللبناني لم يعتم علي أي حادث من قبل، والدليل علي ذلك اهتمام "رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة" بهذا الشأن؛ لإجراء التحقيق الفوري في هذا الحادث.
وانتقد مهاجمة احد الشيوخ إلي الجيش اللبناني، وإرادة خلق احتقان بين الجيش والشعب، وابرز مدي أهمية الجيش اللبناني في حفظ الأمن الداخلي والخارجي معا.
من ناحية أخرى، أضاف العميد المتقاعد هشام جابر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، أن هناك انقسام سياسي بين الشعب والجيش اللبناني بالفعل، وان الحكومة هي المسئولة بشكل رئيسي عن ذلك الانقسام بين الجيش والشعب.
وأشار إلي أن ما زعمه السفير السوري أمام الأممالمتحدة هو بمثابة إعلان الحرب علي لبنان، ووجه اللوم إلي الضابط الجيش المسئول عن الحادث، بأنه كان في إمكانه إيقاف السيارة -التي كانت تقل الشيخ وآخرين- بطريقة أخري.
وكانت وقعت اشتباكات بين عناصر من الجيش اللبناني وشبان إسلاميين كانوا يتظاهرون في طرابلس، كما قام أعضاء في تنظيمات إسلامية سلفية بقطع الطرقات الرئيسية في طرابلس بعد توقيف شادي المولوي المنتمي لأحد التنظيمات الإسلامية من قبل الأمن العام اللبناني.
وأعلنت مديرية الأمن العام اللبناني في بيان رسمي أن التوقيف تم على خلفية التحقيق بتهمة صلة المولوي ب "تنظيم إرهابي"، وقال البيان: "إن الاعتقال تم بعد متابعة دقيقة قام بها مكتب شئون المعلومات في المديرية".
وقد وقع إطلاق النار بين الطرفين عندما حاول المتظاهرون الإسلاميون المؤيدون للانتفاضة في سوريا الاقتراب من مقر تابع للحزب السوري القومي الاجتماعي وهو حزب لبناني يناصر النظام السوري.
وكان مائة من الشبان الإسلاميين نصبوا خياما عند المدخل الجنوبي للمدينة وحملوا رايات سوداء عليها عبارة "لا اله إلا الله محمد رسول الله" إضافة إلى العلم السوري القديم الذي يستخدمه معارضو النظام في سوريا.
السياح يغادرون
وشهد مطار بيروت الدولي خلال الساعات ال24 ساعة الأخيرة مغادرة العديد من الخليجيين، فضلا عن مغادرة العديد من الأردنيين والأوروبيين.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن أعداد هؤلاء قليلة نظرا إلى أن الموسم السياحي لم يبدأ بعد.
وذكرت المصادر لجريدة "الأخبار" اللبنانية أن إلغاء بعض حجوزات السفر والإقامة في لبنان بدأ بالتزامن مع عودة التوتر الأمني إلى مدينة طرابلس مؤخرا، وقدرت نسبة الحجوزات الملغاة بأكثر من 20% من مجمل الحجوزات لهذا الصيف، مشيرة إلى أن حركة الحجوزات كانت ضعيفة أصلا مقارنة بالأعوام السابقة.
من جانبه دعا مصدر مسئول في وزارة الخارجية بدولة الكويت اليوم الاثنين، المواطنين الكويتيين المتواجدين حاليا في لبنان إلى مغادرتها حفاظا على سلامتهم، وطالبهم في حال مواجهتهم لأي معوقات سرعة الاتصال بسفارة دولة الكويت في بيروت.
كما دعا المصدر في تصريح له ، المواطنين الكويتيين الراغبين في السفر إلى لبنان إلى عدم السفر في ظل الظروف الراهنة نتيجة تطورات الأوضاع الأمنية المتوترة التي تشهدها لبنان.
وكانت دعت وزارتا الخارجية الإماراتية والقطرية مواطنيها، إلى عدم السفر إلى لبنان نظرا للتوتر الأمني السائد في هذا البلد حاليا، كما طلبت من الموجودين هناك المغادرة.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" أن الوزارة تدعو المواطنين إلى عدم السفر إلى لبنان في الوقت الحالي نظرا لتوتر الأوضاع الأمنية هناك.
وقال عيسى عبد الله الكلباني مدير إدارة شئون المواطنين بالوزارة الإماراتية: "إن هذا الإجراء يأتي انطلاقا من حرص دولة الإمارات على سلامة مواطنيها".
ودعا الكلباني الإماراتيين المتواجدين حاليا في لبنان إلى "المغادرة وفي حال ضرورة بقائهم في لبنان الاتصال بسفارة الدولة في بيروت لمعرفة أماكن إقامتهم ووسيلة الاتصال بهم".
وأصدرت قطر تحذيرا مماثلا نتيجة "للموقف الامني المضطرب" في لبنان، حسبما قالت وكالة الانباء القطرية.
وأوقعت اشتباكات في مدينة طرابلس شمال لبنان بين مسلحين من السنة معارضين للنظام السوري وعلويين موالين، ما لا يقل عن عشرة قتلى فضلا عن العديد من الجرحى.