دعت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعدم الانصياع للدعوات الدولية المتزايدة لتسليح المعارضة السورية والسعي للتعاون مع روسيا الحليف الوثيق لدمشق في إقصاء الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم عن طريق "التغيرالسلمي"، وذلك لتجنب نشوب حرب أهلية في البلاد. وطالبت الصحيفة في سياق تحليل إخباري أوردته على موقعها الالكتروني اليوم الخميس واشنطن باستغلال طموح روسيا لدعم نفوذها في منطقة الشرق الأوسط من أجل الضغط عليها لضمان رحيل سلمى نسبيا لبشار الأسد..لافتة إلى أن هذا هو بيت القصيد في دعم موسكو لخطة كوفي عنان للسلام ذات النقاط الست.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن الوقت قد حان أيضا لدعم المعارضة في سوريا لخطة كوفي عنان للسلام واعتبار موافقة الرئيس السوري بشار الأسد خطوة نحو"التغيرالسلمي" للسلطة .. محذرة من مغبة السقوط في براثن حرب أهلية من شأنها أن تجلب الدمار وتسقط المزيد من القتلى في البلاد.
وانتقدت الصحيفة الخطة ذات النقاط الست التي اقترحها مبعوث الأممالمتحدة كوفي عنان.. قائلة إن هناك عدة نقاط ضعف تشوبها، غير أنها اعتبرت أن موافقة دمشق عليها قد تكون الخطوة الأولى في طريق "التغيير" في سوريا الذي من شأنه أن يطيح بالأسد بطريقة سلمية دون تعكير صفو الاستقرار في البلاد.
ودعت الصحيفة إلى الاستفادة من الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ بدء ثورات الربيع العربي، وعدم اتخاذ خطوة التدخل العسكري في سوريا من أجل حل وسط لإنقاذ الشعب السوري من بطش الطاغية بشار الأسد.. مشيرة إلى ضرورة إعطاء فرصة ل"خطة السلام" التي استغلتها كل من روسيا والصين للعب دور البطل الطيب عقب اقتصارهما على أدوار الشر، في إشارة إلى الفيتو الروسي الصيني الأخير في مجلس الأمن ضد مشروع القرار السوري، مرجحة أن يقوم الرئيس الروسي المنتخب ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين بالتوسط من أجل ضمان رحيل سلمى نسبيا لبشار الأسد.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هناك اعتقادا سائدا بأن نزول الثوار عن مطالبهم الثورية وتراجع بعض الدول عن دعواتها الحماسية للتدخل العسكري في سوريا ولاسيما فرض حظر جوي على دمشق، والاكتفاء فقط بالحلول الدبلوماسية المعتدلة قد يعد تصرفا "جبانا"، غير أن الصحيفة حذرت من خطر موافقة الغرب على خطوة التدخل العسكري في سوريا..معتبرة أنه قرار من شأنه حصد المزيد من أرواح الأبرياء، فضلا عن تدمير ميزان القوى "الحساس" في سوريا.
وتابعت الصحيفة مطالبة بضرورة الحذر من سيناريو عملية الانتقال السلمي للسلطة في سوريا والعبرة من السيناريو الذي شهدته العراق من قبل.
واعتبرت الصحيفة أن الحرب على العراق وإعدام الرئيس العراقي صدام حسين كانا أحد أبرز الأخطاء ضررا على المنطقة، حيث دمرت الولاياتالمتحدة البنية التحتية والجيش العراقي.. معتبرة أن الغزو الأمريكي للعراق أعطى للعراقيين "نفحة" من الديمقراطية غير أنه أطاح باستقرار العراق وأرجعها عشرات الخطوات للوراء.
وحذرت الصحيفة من تكرار واشنطن لنفس الخطأ في سوريا على الرغم من تزايد نداءات المعارضة لتسليحهم من أجل مواجهة أعمال القمع الوحشية التي يمارسها نظام بشار الأسد، منوهة إلى أن خطوة التدخل العسكري في سوريا لن تقدم سوى الفوضى في البلاد وسط إصرار الأسد وطائفته العلوية على التشبث بزمام الأمور في البلاد مهما كلف الأمر من إزهاق المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء في سوريا، معيدة إلى الأذهان الانقلاب العسكري الذي قاده حافظ الأسد والد بشار في عام 1960.
ونوهت الصحيفة في ختام تحليلها إلى أنه في حال فشل الانتقال السلمي للسلطة وفشل المساعي الدبلوماسية الرامية لحل الأزمة في سورية، فستندلع حرب أهلية في سوريا.. مرجحة أن تسيطر المليشيات السنية على المدن الرئيسية مثل حمص وحماه وإدلب، في حين سيتراجع العلويون إلى أجزاء من محافظة دمشق واللاذقية في الشمال، مما قد يدفع الأسد إلى تقمص دور "ملك الحرب" والاستعانة بأسلحته الكيماوية للحفاظ على سيطرته على البلاد، حيث ستفقد الغارات الجوية الغربية في ذلك الوقت قدرتها على إنقاذ الشعب السوري.