اجتماع حول قدرة الدول الأعضاء في إنقاذ منطقة اليورو بروكسل: في الوقت الذي تسيطر فيه حالة الشكوك والقلق على الدول الأوروبية ازاء قدراتها على احتواء أزمة الديون السيادية، يعقد وزراء الخزانة والمال لدول منطقة اليورو اجتماعهم مساء اليوم في العاصمة البلجيكية بروكسل في محاولة لمعرفة قدرة الدول الأعضاء على احتواء الأزمة ومواجهة تنامي متاعب المؤسسات المصرفية. ويتمحور اللقاء الذي يسبق اجتماعاً على مستوى وزراء المالية لجميع دول الاتحاد الأوروبي حول إشكالية تعزيز قدرات آلية دعم الدول المتسيبة والمهددة. ومن المقرر أن يشارك في الاجتماعات الوزارية الأوروبية مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان حيث تحولت المؤسسة النقدية الدولية إلى طرف رئيس في إدارة أزمة اليورو خلال الأشهر القليلة الماضية. وسمح الاتحاد الأوروبي لصندوق النقد في مايو/آيار الماضي بالمشاركة المباشرة في إدارة أزمة ديون اليونان وفق شروط مشتركة بينه وبين المفوضية، وقد أعاد الصندوق الكرّة نهاية الشهر الماضي بالمساهمة المالية والفنية في إدارة أزمة ايرلندا. وونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" دعوة رئيس صندوق النقد الدولي الذي يحضر رسمياً أعمال وزراء الخزانة والمال الأوروبيين إلى تغيير جذري وسريع في منهج تعامل الدول الأوروبية مع الأزمة المالية عبر تعزيز قدرات صندوق الإنقاذ الأوروبي. أولاً وتمديد صلاحياته بشكل واضح إلى ما بعد عام 2013 ، ثانياً وثالثاً إشراك المصرف المركزي الأوروبي في استصدار سندات مضمونة على المستوى الاتحادي الأوروبي للتأمين على ديون الدول المهددة وشرائها عند الضرورة مباشرة وهو الأمر الذي أثار جدلاً ساخناً بين مختلف الهيئات والمؤسسات والمسئولين الأوروبيين بشأن هذه الخيارات. ويتعرض المصرف المركزي الأوروبي الذي يشارك رئيسه جان كلود تريشيه في الاجتماعات الأوروبية لضغوط كبيرة لتمكين الدول المتعثرة من ضمانات أوسع تمكنها من مواجهة مضاربات أسواق المال. وقالت مصادر دبلوماسية في بروكسل اليوم إن عدّة اتصالات مكثفة جرت خلال الساعات الأخيرة بين كبار مسئولي منطقة اليورو بما فيهم رئيس المنطقة جان كلود جونكر ورئيس المصرف المركزي الأوروبي والرئيس الأوروبي ومفوض شئون النقد الاتحادي أولي رهين لتجنب إثارة بعض الدول خلال اللقاء الوزاري الأوروبي لما يحمله ذلك من تداعيات وخيمة. وتجري المواجهة الفعلية في الواقع بين ألمانيا التي ينظر إليها على إنها الجهة الوحيدة القادرة على تقديم الضمانات الفعلية لأسواق المال وتمكين الدول المتسيبة من المظلة النقدية الضرورية. لكن برلين تطالب بتحوير الاتفاقيات الاوروبية لتمديد التعامل بآلية الإنقاذ الاوروبية إلى ما بعد 2013 أولا, وثانيا الاتفاق حول إجراءات محددة وصارمة لمعاقبة الدول المتسيبة في حالة إخلالها بأجندة الإصلاح المتفق عليها على الصعيد الاتحادي. وتتعرض اسبانيا والبرتغال لضغوط كبيرة للقبول بدعم أوروبي طارئ وتجنيب منطقة اليورو اتخاذ تدابير عاجلة ومتسرعة تحت ضغط الأسواق. لكن الحكومة الاسبانية والتي سنّت تدابير تقشفية قاسية ترفض التنازل عن سيادتها في إدارة ديونها العامة وتخشى من ردة الرأي العام. ويبدو صندوق النقد الدولي في الجبهة الأمامية حاليا في إدارة أزمة اليورو في غياب توافق سياسي أوروبي. ويرى رئيس صندوق النقد الدولي أن تمديد آلية الإنقاذ الاوروبية يعدّ أمرا جيدا ولكنه غير كافي. وتمثل هذه النقطة المحددة موضوع الجدل المتنامي بين الأوروبيين في مواجهة عوارض الأزمة المستفحلة. وتدفع بعض الاطراف حاليا إلى تجاوز المنهج المعمول به حتى الآن والتوجه إلى إنشاء وكالة أوروبية للديون واستصدار سندات مضمونة أوروبيا ورفع حجم صندوق الإنقاذ. ولكن مثل هذه الإجراءات قد تتسبب حسب المحللين في ردة فعل عكسية من جانب الأسواق لأنها سترفع من قيمة سندات الديون الجديدة لكونها مضمونة أوروبيا ولأنها ستعكس درجة الهلع الفعلية التي تواجه التكتل الأوروبي ولكن في حالة الاكتفاء بالتدابير المعلنة والمحدودة فإن الأسواق ستعتبرها غير كافية.