اعتبر الدكتور عمار علي حسن ، المحلل السياسي الإجتماعي ، أن أدب نجيب محفوظ مليئا بروح الصوفية ، وقال في احتفالية "بيت السناري" بمئوية أديب نوبل أن المجموعة القصصية "حكاية بلا بداية و بلا نهاية " يتحدث محفوظ فيها عن طريقة الأكرمية المتخيلة ، ويناقش علاقة الشيخ بالمريد و الاحتلال الانجليزى، وكيف أن الأموال كانت تهبط على بعض من يعتبرون أنفسهم من أصحاب الكرامات. وأشار عمار إلى أن محفوظ يتشرب البيئة المحيطة به ، فحين عمل بوزارة الاوقاف وصف حياة الموظفين فى أعماله "قلب الليل" و" المرايا" و"حضرة المحترم" ، وتطرق لعالم السينما حين كان رئيسا لجهاز الرقابة عليها . وفي رواية "اللص و الكلاب" نجد مشهد لقاء سعيد مهران بالشيخ على الجنيدى ، وينصحه الشيخ بالتوضأ والرضا بقضاء الله . أما في حديثه عن الطريقة الأكرمية المتخيلة ، فيناقش محفوظ قصة صاحب طريقة استغلها لتكوين ثروة . ويلقي الضوء على مدعي التصوف الذين يذهبون للتبرك بالأضرحة ولكن قلوبهم مليئة بالدنيا . وفى رواية "يوم قتل الزعيم" يصف محفوظ رجلا المعاش يعيش على تخوم التصوف بنوع من اللذة ، ويكرر الحديث النبوى ( حبب الى من دنياكم النساء و الطيب و جعلت قرة عينى فى الصلاة ) ولكن الرجل يبدل الصلاة بالطعام . أما في رواية "ملحمة الحرافيش" فنجد التكية التى تجمع بين عاشور الناجى و الشيخ عرفة زيدان ، ويسرد محفوظ الحياة بعيدا عن التكية المليئة بالظلم والحياة بداخلها التي تملأها السكينة بين الناس ، في إشارة لأثر الدين ، والتكية هي لفظ صوفى ابتدعه ذو النون التى توفى فى العام 245 هجرية وظلت حتى عصر صلاح الدين الأيوبي الذى اقام التكايا و ( الخان قاوات ) لإطعام المريدين ، وهم الذين سيستخدمهم كجبهة ضد التيار الشيعى فى مصر ، ولتطهير بقايا الاثار التى تركتها الدولة الفاطيمية من رواسب اقتصادية و اجتماعية .. وفى رواية "رحلة ابن فطومة" يشرح الدكتور عمار أن نجيب محفوظ قدم التصوف كحل انسانى ، حين يخرج ابن فطومة من بيته الذى اسماه بيت المشرق غير راض عن أحواله .. فينطلق بحماره الى دار تسمى دار الحيرة ، و يسعد بكم الحرية التى يلقاها هناك و حديثه عن الرأسمالية و التدافع بين اقتصاديات السوق , لكنه سريعا يكتشف عيوب و ثقوب هذا المجتمع ، فيشد الرحال الى دار الامان , فيعجب بالمساواة و الاشتراكية و اجتماع الناس على مشاكل بعضهم ، لكن أيضا سريعا ما يكتشف عيوب و ثغرات هالكة لهذا الدار . و فى هذه الرواية يبعث محفوظ برسالة أن الإنسان يبحث عن حلول لمشكلاته ولتأمين حياته ، ولا يجده إلا في الدين والقرب من الله .