فكرة جعل الشباب جزءا أساسيا من جهود التنمية، عكسها بصدق شعار "تسخير العائد الديموجرافي من خلال الاستثمار في الشباب"، الذي اتخذه الاتحاد الأفريقي ليكون شعاره خلال عام 2017 الحالي، وبالتالي جاء عنوانا رئيسيا للقمة ال 29 للاتحاد الإفريقى المنعقدة حاليا في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، حيث تضمنت القمة عقد جلسة رئيسية لمناقشة هذا الموضوع الحيوي، وقامت خلالها الدول الأعضاء في الاتحاد بعرض تجاربها الوطنية في مجال تمكين الشباب وإعدادهم للمستقبل. وتعتبر هذه القمة التي يرأس وفد مصر فيها المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجي، قمة تاريخية حيث إنها تعقد لأول مرة بمشاركة كافة الدول الأفريقية الخمس والخمسين بعد انضمام المملكة المغربية خلال القمة السابقة (الثامنة والعشرين)، للاتحاد الإفريقي، والتي عقدت في يناير الماضي، كما إنها أول قمة للمفوضية الجديدة للاتحاد الإفريقي التي انتخبت في يناير 2017. يأتي اختيار موضوع "تسخير العائد الديموجرافي من خلال الاستثمار في الشباب" عنوانا للقمة إدراكا من قادة ملوك ورؤساء الدول الإفريقية بأهمية دور الشباب في التنمية باعتبارهم جيل المستقبل حيث ينتمي معظم سكان القارة الإفريقية لفئة الشباب، فضلا عن الحاجة لتعزيز الاستفادة من طاقات الشباب ومواجهة التحديات والمعوقات العديدة في هذا الصدد. مصر تشارك مشاركة فاعلية في القمة باعتبارها من الدول المؤسسة للاتحاد، وتعد صاحبة تجربة رائدة وفريدة في استثمار طاقات الشباب، والبداية كانت بإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي 2016 عاما للشباب، خلال الاحتفال بيوم الشباب في 9 يناير من العام الماضي، ضمن حزمة قرارات لتأكيد اهتمام الدولة بالشباب، وفي يونيو من نفس العام دعا الرئيس لعقد مؤتمر وطني للشباب في مدينة شرم الشيخ لمناقشة حوار الدولة مع الشباب والخروج بتوصيات تعبر عنهم. وفي 25 أكتوبر عام 2016، افتتح الرئيس المؤتمر الوطني الأول للشباب، والذي شارك فيه على مدى 3 أيام حوالي 3 آلاف شاب مثلوا كافة شرائح المجتمع وقطاعات الشباب المصري من جامعيين ورياضيين ومثقفين وسياسيين، وأسفر المؤتمر عن عدة توصيات من أبرزها إعداد تصور سياسي لتدشين مركز وطني لتدريب وتأهيل الكوادر الشبابية وعقد مؤتمر شهري للشباب يشارك فيه الوزراء والمسئولون وممثلو الشباب من جميع الأطياف والاتجاهات. وفي ديسمبر الماضي احتضنت القاهرة المؤتمر الدوري الأول للشباب الذي شهد متابعة لما تحقق من توصيات في مؤتمر شرم الشيخ، وفي إسوان عقد المؤتمر الثالث للشباب، بمشاركة شبابية ملحوظة وخرج بعدة توصيات من أهمها إنشاء الهيئة العليا لتنمية جنوب مصر، وإنهاء كافة المشروعات التنموية بمنطقة نصر النوبة ووادي كركر، وإطلاق مشروع قومي لإنشاء مناطق صناعية متكاملة للصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بالإضافة إلى توصية بالعمل على توسيع نطاق إجراءات الحماية الاجتماعية من خلال تطوير "برنامج تكافل وكرامة "، والإسراع في إنشاء مناطق للصناعات التعدينية والسياحة العالمية. وفي إبريل الماضي عقد المؤتمر الرابع للشباب في محافظة الإسماعيلية، بمشاركة غير مسبوقة من الشباب المصري، والذي شمل جانب من شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، وعددا من الشباب ممن تقدموا بطلب لحضور المؤتمر من خلال موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت. وفي هذا المؤتمر تم تدشين مبادرة "أسأل الرئيس" وهي تطبيق إلكتروني تم إطلاقه على الموقع الإلكتروني للمؤتمر، تتيح الفرصة لأي مواطن لتوجية أسئلة للرئيس، وخرج المؤتمر بعدة قرارات من أبرزها اعتبار عام 2018 عاما لذوي الاحتياجات الخاصة، وإطلاق مبادرة تجميل الميادين، وتقنين أوضاع المشروعات الشبابية. واستنادا إلى أن الحوار هو السبيل الأفضل الذي يتعين الاعتماد عليه في السعي نحو علاج وتقييم المفاهيم الخاطئة، فلقد أدمج الرئيس عبد الفتاح السيسي ولأول مرة اللقاءات الدورية مع الشباب ضمن أجندة برنامج عمله، وفيها تلتقي مفردات حماسة الشباب وخبرة المسئولين، ويملك الشباب فيها حرية التعبير بحرية وصدق عن آرائهم وأفكارهم، فيما يقوم المسئولون بالاستماع لمشاكلهم والقضايا التي تشغلهم لأنهم الشريك في التنمية المستقبلية بما لديهم من طاقة وحماس وآراء وفكر جديد، مما يجعلهم المستفيد الأكبر من هذه اللقاءات، التي تساعد في حشد كل الإمكانات الإيجابية لتزويد هؤلاء الشباب بالأدوات والموارد والثقة بالنفس لتمكينهم في تحقيق طموحاتهم.