الدكتور ليون برخو الذي تقول عنه الصحف النصرانية أنه "متطرف له اجندة لقلب الحقائق التاريخية، القومية والطائفية وتزويرها. وله اسلوب ماكر فهو يضرب من اسفل الجدار"، بسبب مواقفه المتشددة تجاه بعض مذاهب المسيحية، يشيد بدور الإسلام في التجارة والصيرفة الحديثة، ويقر بفضائل الإسلام التي جعلت الإقتصاد الإسلامي يدرس في جميع كليات الإقتصاد في العالم كثاني أهم مادة اقتصادية. يقول برخو في أحد مقالاته علي موقع الإقتصادية السعودية "قد لا يصدقنا البعض عندما نقول إن الإسلام في حقيقته لا يقبل الكثير مما نلاحظه من سلبيات في الدول والمجتمعات التي تدين به، وأكثر ما يعارض الإسلام كفكر ونعمة للبشرية هو العنف غير المبرر ضد الآخرين المختلفين عنه فكريا ومذهبيا وطائفيا ودينيا.
وعندما تتوافر الظروف الملائمة للإسلام كي يظهر على حقيقته تهرع الناس للاستفادة من أخلاقة التي - مع الأسف الشديد - تخلى عنها الكثير من أتباعه.
وهنا أقصد مساهمة الفكر الإسلامي في التجارة والاقتصاد والصيرفة الحديثة، حيث تهرع الناس اليوم في الغرب إلى وضع ما تملكه من أموال في مصارف تطبق الشريعة الإسلامية السمحة.
الصيرفة الإسلامية وما يتعلق بها من بنوك وحسابات صارت اليوم عِلما قائما بذاته تدرّسه الجامعات الغربية وتمنح فيه أعلى الشهادات ويتبحر فيه علماء من غير المسلمين.
واليوم تمنح جامعات عديدة شهادات الماجستير في هذا العلم، ومنها مدرسة لندن للاقتصاد الشهيرة.
وبينما كانت المصارف الغربية الكبيرة تترنح تحت ثقل الأزمة الاقتصادية - كما أشيع - كانت المصارف الإسلامية، ولا سيما في الغرب، في ازدهار رغم أنها لا تتعامل بالربا ''سعر الفائدة''. فما السر؟
السر واضح. هذه المصارف وحسب كبريات الصحف الاقتصادية في الغرب تتعامل مع الناس ومع الشركات والمنظمات من منطلق الأخلاق الإسلامية الحميدة التي لا تقبل الغش ولا الكذب ولا الرياء ولا النفاق ولا التزوير ولا السرقة ولا تقبل الاستثمار في مجالات غير أخلاقية وما أكثرها اليوم.
وأخيرا اعترفت صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' بأن معظم زبائن المصارف الإسلامية في الغرب اليوم من غير المسلمين - أي عامة الناس من الذين ما زالوا يؤمنون بأن الأخلاق الحميدة تأتي قبل الربح والصفقة التجارية.
والكتب العلمية والأكاديمية عن الاقتصاد من وجهة نظر إسلامية في ازدياد مطرد والطلب عليها كبير جدا في الغرب، وذلك لازدياد أعداد طلبة الجامعات من الذين يرغبون في الاختصاص في الصيرفة الإسلامية والمحاسبة الإسلامية والتجارة الإسلامية. وهناك عدة مجلات علمية أكاديمية في الغرب في هذا الشأن.
واليوم، وحسب جريدة ''فاينانشيال تايمز''، التخصص في الصيرفة الإسلامية يأتي في المرتبة الثانية في العلوم الاقتصادية في مدارس وجامعات العالم التي تعنى بشئون الاقتصاد.
لا يتسع الحيز المخصص لهذا العمود التحدث بإسهاب عن الاقتصاد الإسلامي ولكن هذه الظاهرة العالمية مثار غبطة لنا نحن الكتاب والأساتذة المعنيين بالشئون العربية والإسلامية في الغرب، لأنها تبرهن بالدليل القاطع أننا صادقون عند تحدثنا عن فضائل الإسلام وأخلاقه.
ألم تكن هذه الأخلاق بالذات التي جذبت شعوبا بأكملها في جنوب شرق آسيا صوب هذا الدين ولم تطأ أراضيهم أقدام جندي مسلم واحد، واليوم تشكل شعوبها الأغلبية الساحقة من المسلمين في العالم؟
وما يشرح صدر المختصين بشئون الإسلام في الغرب هو الحداثة والعصرنة التي تعامل بها المسلمون المعنيون ومنهم دعاة وشيوخ مع هذه المسألة الحساسة، حيث إنهم استجابوا في تفسيرهم للنص المقدس والحديث الشريف لمتطلبات هذا العصر.
وهكذا نرى كيف يستأنس المسلمون بآراء علماء غربيين في الاقتصاد وينقلون المفاهيم والمعادلات الاقتصادية الغربية التي تنسجم مع روح الأخلاق الإسلامية في إدارة شئون البنوك الإسلامية التي لا يمكن أن تحيا في جزيرة خارج نطاق الصيرفة العالمية.
ونحن في شوق كي نرى الأخلاق الإسلامية الحميدة تطبق في مناحٍ أخرى من الحياة العصرية."
وتقديرا لكلمة الحق التي قالها ليون برخي عن حقيقة الإسلام، ولأن الإسلام بالفعل دين السماحة واحترام الغير، فقد أرسل إليه الشيخ عوض القرني رسالة تقدير واحترام، قال فيها:
"سعادة الدكتور ليون برخو......السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.... فقد اطلعت على مقالكم المنشور بصحيفة الاقتصادية السعودية، وسرني كثيرا مناصرتكم لقضايا الحق والعدل وتعاطفكم معها وإنصافكم في الحكم على الأحداث رغم ما قد يلحق بكم جراء ذلك من أضرار مادية أو معنوية من آلة القمع الصهيونية أو ممن يدور في فلكها كعادتها مع الأحرار والشرفاء ومن لا يرضخون لظلمها وجبروتها .. ، كما إنني أقدر لكم وأشكر موقفكم النبيل المتمثل في الوقوف في وجه الطغيان ونصرة المظلومين في فلسطين وهو بلا شك موقف يسجله لكم التاريخ للارتقاء بالعلاقات الإنسانية المشتركة إلى مستوى يليق بالإنسان كما أراده الله وكما كان ذلك واقعا حياً خلال أغلب فترات التاريخ الإسلامي المشرق في ظل العدل واحترام حقوق الإنسان والتي ألزمنا بها ديننا الإسلامي وأمرنا بأن تكون أساس التعامل بيننا كمسلمين وبقية شعوب الأرض.
صديقي الكريم .. نحن نثمن لكم دعمكم وموقفكم المشرف كمثقف حر شريف يتعامل بمبادئه ومثله نتمنى أن يكون ذلك موقف كل الأحرار في الغرب بعيدا عن مكائد الساسة ودهاليز السياسة المظلمة وأن تكون مواقفهم تطبيقا عمليا واقعيا لمبادئ الحقوق والحرية واحترام خيارات الشعوب في حق تقرير مصيرها ويسرني استمرار التعاون معكم وفق تلك المبادئ فيما يعود على الإنسانية بالخير والمنفعة ودمتم بخير وطمأنينة."