وكيل كلية الشريعة والقانون: المشروع يصب في اتجاه منع الجريمة إدريس: المواريث حدود الله يعاقب من يتعداها سامية خضر: يجب تشديد العقوبة بالحبس والغرامة معا يتجنى البعض على حق المرأة في الميراث وخاصة في بعض قرى الصعيد فيمنعون حقها الشرعي في الميراث، وهذا ما دفع الكاتب قاسم أمين في بدايات القرن العشرين إلى تأليف كتابيه "تحرير المرأة "وبعدها "المرأة الجديدة". الأمر بات إشكالية قديمة متواصلة منذ عقود وتتجدد وكثيرا ما تقع أزمات على إثر تلك المعتقدات بعدم توريث المرأة، حتى جاءت موافقة مجلس الوزراء على مشروع قرار بتعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث والمنازعات المتعلقة به. التعديلات جاءت بإضافة مادة جديدة خاصة بالعقوبات لم تكن موجودة في القانون القديم المكون من 48 مادة، وتنص المادة المضافة على تجريم الامتناع العمدي عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، حيث ينص على مُعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث. وفي الوقت الذي ينتظر القانون عرضه على البرلمان وإقراره بعد موافقة قسم التشريع بمجلس الدولة عليه، أشاد خبراء علم اجتماع وأساتذة بالأزهر بالقانون معتبرين أنه خطوة في سبيل تحقيق العدالة والحد من الأزمات التي تتبع تسليم الميراث. تحقيق للعدالة قال الدكتور عبد الحليم منصور وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إن أن تدخل المشرع وإن كان قد جاء متأخرا إلا إنه تدخل صحيح تماما فكل شخص يمتنع أو يعرقل تسليم حقوق الورثة ينال عقابه، مضيفا أن الميراث كثيرا ما يسبب مشاكل عدة وخاصة فيما يخص توريث المرأة والتي في معظم الأماكن لا تأخذ حقوقها في الميراث وتحديدا في الصعيد والأرياف وقد يتبع هذا جرائم تصل للقتل. "إصدار مثل هذا القانون وإقراره من البرلمان أمر هام ويصب في اتجاه منع الجرائم في المجتمع" يصف منصور القانون، مضيفا أنه يؤدي إلى إيصال الحقوق إلى أصحابها واستقرار المجتمع نتيجة لسيادة القانون وتطبيقه فكل يأخذ حقه دون جور ما يعالج مشاكل التوريث التي انتشرت خلال العقود السابقة. وأضاف أن العقوبة التي يحددها القانون تحذيرية من الدولة ضد الامتناع عن تسليم الحقوق إلى أصحابها، موضحا أن القرآن حين تحدث عن المواريث وحقوقها قال إنها حدود الله والتعدي على الحقوق يستوجب عقوبة تكون إما بالحبس أو بأي شكل رادع تحدده الدولة لمنع وقوع هذا السلوك. وقال الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن الله سبحانه وتعالى فرض لمن تربطهم صلة القرابة أو المصاهرة بالمتوفى فروضا من بينها الميراث وحقه فيه مقرر بأدلة قطعية الثبوت والدلالة وهي آيات المواريث في سورة النساء والتي ختمها الله سبحانه وتعالى بقوله (تلك حدود الله) وهذا يعني أن آيات المواريث وما ورد بها من أنصباء للورثة هي من قبيل حدود الله وتوعد سبحانه وتعالى بالعذاب من يتجاوزها. وأوضح أن من يتعد تلك الحدود وهي أنصباء الورثة سواء بحرمان أحد من حقه أو إعطائه أقل أو زيادة من حقه فإنه يتجاوز حدود الله وينال ما توعده الله سبحانه وتعالى عن تلك الفعلة، مضيفا أن سن قانونا لمعاقبة من يمنع أحد من حقه في الميراث هو تطبيق لشرع الله وليس هناك ما يمنع أن تكون عقوبة دنيوية لمن لا يوف حقوق الغير. وأضاف أن سن قوانين تجرم منع الناس من حقوقهم في الميراث هو من تحقيق العدل بينهم ومنع الجور والظلم ومن شأنه استتباب الأمن في المجتمع وهذا أمر مقرر في الشرع، مشيرًا إلى أن القوانين موجودة في المجتمع وبالرغم من تطبيق الكثير منها لكنها لم تمنع الجرم الذي يقترفه البعض إما لأن الإجرام متجذر في نفسه أو لاستهانته بالعقوبة المقررة على ارتكابه للجرم لكن سن القانون من شأنه أن يقلل هذه الجريمة بقدر الاستطاعة ويمنع الظلم. العقوبات الرادعة "أي انحراف يجب أن يتبعه قانون رادع" تؤكد ذلك الدكتور زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع، واصفة القوانين بأنها أداة فعالة في مثل تلك المشاكل فالتوعية المجتمعية في مثل تلك المشاكل وغيرها كزواج القاصرات لا تحل وحدها المشكلة، وقالت إن "الأهم صياغة قوانين وتطبيقها وتحديد عقوبات رادعة فكيف يتم حرمان المرأة مثلا من الميراث رغم إقرار ذلك في الشريعة والقانون". ورأت أن إقرار القانون أمر هام، والأهم هو تفعيله وتطبيقه في المجتمع وكذلك الرقابة والجدية في العقوبة وهي كلها عوامل مساعدة للحد من أزمات الميراث، مضيفة أن عدم العدالة في تطبيق العقوبة واستثناء من لهم وساطات أو يستطيعون الإفلات من القانون كلها أمور تحجم من فاعليته، بحسب قولها. السجن أفضل فيما رأت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن العقوبة سجنا هي أفضل لأن الغرامة غير كافية، مؤكدة أنه كلما تشددت العقوبة في أمر إخفاء الورث أو التضليل بشأنه كانت النتيجة أفضل، رافضة إجراء مصالحات وتغريم المتجاوزين في حق الورثة وما شابه لأنها ليست عقوبات رادعة وأن الحبس والتغريم في تلك الحالة الأفضل والأكثر ردعا. وأضافت إما أن نكون في دولة قانون أو لا دولة فلا يجب المناقشة في أمر الحقوق وتطبيق القانون بشكل حازم على الجميع دون استثناء، موضحة أن معاقبة أحد بشكل عادل وقانوني وتوقيع العقوبة على فعلته ستجبر الآخرين على إعادة حساباتهم والامتناع عن التجاوز.