شدد الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الأحد أمام مؤتمر عقد في باريس بحضور ممثلي أكثر من سبعين دولة ومنظمة عن النزاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين، أن حل الدولتين "ليس حلما ويبقى هدف المجتمع الدولي". وقال أولاند في كلمته أمام الحضور وبغياب ممثلين عن الطرفين المعنيين "إن حل الدولتين ليس حلم نظام مر عليه الزمن. انه لا يزال هدف المجموعة الدولية". واضاف أولاند في رد مباشر على انتقادات إسرائيل لعقد هذا المؤتمر "من غير الوارد فرض معايير التسوية على الطرفين (...) وحدها المفاوضات المباشرة يمكن أن توصل إلى السلام، ولا يمكن لأحد أن يقوم بذلك مكانهما". وقبل أولاند حذر وزير خارجيته جان مارك ايرولت من العمل على تنفيذ ما قاله الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب بنقل السفارة الامريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وقال ايرولت على هامش مؤتمر باريس في تصريح للقناة الفرنسية الثالثة ان "اي رئيس اميركي لم يسمح لنفسه باتخاذ قرار كهذا"، مضيفا "ستكون لذلك عواقب خطيرة (...) حين يكون المرء رئيسا للولايات المتحدة لا يمكن أن يكون موقفه حاسما واحاديا إلى هذا الحد بالنسبة إلى قضية مماثلة، يجب السعي إلى تأمين ظروف السلام". وتعكس هذه التصريحات قلق المجتمع الدولي حيال استراتيجية ترامب حول الملف الاسرائيلي الفلسطيني. وتميز ترامب باتخاذ قرارات منحازة جدا للدولة العبرية خصوصا بشأن القدس. فقد وعد خلال حملته بالاعتراف بالمدينة عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة اليها من تل ابيب. ويشكل ذلك خطا أحمر لدى الفلسطينيين الذين يهددون بالتراجع عن اعترافهم باسرائيل في حال حدث ذلك. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية السبت إن "هذه الخطوة لن تؤدي إلى حرمان الولاياتالمتحدة من اي شرعية للعب دور في النزاع فحسب، بل ستقضي على حل الدولتين ايضا". واكد عباس السبت في الفاتيكان أن "كل محاولة لاضفاء طابع شرعي على ضم اسرائيل غير المشروع للمدينة (القدس) سيقضي على فرص العملية السياسية، وسيبدد الامال بحل يرتكز على اساس دولتين وسيشجع التطرف في منطقتنا والعالم". ويشارك في مؤتمر باريس ممثلو أكثر من سبعين بلدا ومنظمة وهيئة دولية (الاممالمتحدة والجامعة العربية واللجنة الرباعية...)، لكن بدون الطرفين المعنيين. وقد عبر الفلسطينيون عن دعمهم لللاجتماع بينما اعتبرته اسرائيل "خدعة". ويندرج المؤتمر في اطار مبادرة فرنسية اطلقت قبل عام لتعبئة الاسرة الدولية من جديد وحض الإسرائيليين والفلسطينيين على استئناف المفاوضات المتوقفة منذ سنتين. ويرتدي هذا الاجتماع أهمية مع تراجع فرص حل الدولتين بسبب الوضع على الارض الذي يشهد استمرارا للاستيطان الإسرائيلي وهجمات فلسطينية وتشددا في الخطاب وتزايد الشعور بالاحباط. وجدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاحد، انتقاد مؤتمر باريس للسلام ووصفه بانه "عبثي". وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الاسبوعي لحكومته في القدس "المؤتمر الذي يعقد اليوم في باريس هو مؤتمر عبثي تم تنسيقه بين الفرنسيين والفلسطينيين بهدف فرض شروط على إسرائيل لا تتناسب مع حاجاتنا الوطنية". واضاف: "هذا المؤتمر يبعد السلام أكثر عنا لأنه يجعل المواقف الفلسطينية أكثر تشددا ويبعد الفلسطينيين أكثر عن إجراء مفاوضات مباشرة بدون شروط مسبقة". ويفترض ان يؤكد مؤتمر باريس التزامه حلا تفاوضيا وسيذكر في بيانه الختامي بالوثائق الدولية المرجعية حول النزاع وخصوصا قرارات الاممالمتحدة، بدون ان يدخل في التفاصيل او يحدد اطرا دقيقة لتسوية النزاع. وقال دبلوماسي فرنسي "اذا فعلنا ذلك فسنواجه مطبات". وقالت مصدر دبلوماسي فرنسي إن إدراج قضية القدس وتوجيه رسالة بذلك إلى ترامب، تشكل محور مناقشات حادة في المؤتمر. والاسرة الدولية، وان كانت تؤكد من جديد التزامها حل الدولتين، ليست موحدة في موقفها. فسواء داخل الاتحاد الاوروبي او بين الدول العربية، هناك بعض البلدان التي لديها اولويات اخرى او لا تريد اثارة استياء الادارة الاميركية المقبلة. وقال الدبلوماسي الفرنسي ملخصا الوضع "يبدو لنا من المهم في الاجواء الحالية ان يؤكد سبعون بلدا من جديد ان حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن. الامر بهذه البساطة وليس اكثر من ذلك". واستبعدت مصادر دبلوماسية عدة ان تدرج نتائج مؤتمر باريس بعد ذلك في قرار جديد لمجلس الامن الدولي، كما قالت إسرائيل معبرة عن قلقها. واجتماع باريس هو المحطة الاخيرة في سلسلة من المبادرات حول النزاع الاسرائيلي الفلسطيني التي كان اهمها القرار الذي تبناه مجلس الامن الدولي في 23 كانون الاول/ ديسمبر الماضي. فقبل شهر من مغادرتها السلطة، امتنعت ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن التصويت على قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي، للمرة الاولى منذ 1979. واثار هذا الموقف غضب ترامب الذي كان دعا واشنطن إلى استخدام حق النقض (الفيتو) ضد النص. وبعد أيام، القى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يحضر مؤتمر الاحد، خطابا اقرب إلى شهادة سياسية، دان فيه الاستيطان وعدد مبادئ حل للنزاع.