تصاعدت في الآونة الأخيرة التوترات بين إيران وبريطانيا بعد هجوم مجموعة من الطلبة الإيرانيين الغاضبين علي مجمع السفارة البريطانية في طهران في 29 نوفمبر /تشرين الثاني الماضي ، احتجاجا علي العقوبات الاقتصادية التي فرضتها لندن علي بلادهم ، مما تسبب في أزمة دبلوماسية بين طهرانولندن ، حيث تبادل الجانبان إغلاق السفارات وطرد الدبلوماسيين . ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، حيث تعتبر بريطانيا أن حادث اقتحام سفارتها في طهران عمل مدبر برعاية المرشد الأعلى على خامنئي ، وبإشراف قائد قوات "الباسيج" رضا نقدى . وبررت مصادر هذا الهجوم بأن المرشد خامنئي كان يسعي لخطف الأنظار قليلا عن الحليفة سوريا وتخفيف الضغوط عليها.
وتعد عمليات الاغتيال واحتجاز الرهائن والاعتداء علي مقرات البعثات الدبلوماسية من أدوات النظام الملالي الحاكم في إيران، للتأثير علي السياسات الدولية. "وكر للتجسس" ومن جانبه ، قال الدكتور فتحي المراغي الخبير في الشأن الإيراني لشبكة الإعلام العربية "محيط" أن العقيدة الإيرانية في ظل الجمهورية الإسلامية تدور حول اعتبار السفارات الأجنبية "وكر للتجسس"، وأن الهجوم علي السفارة البريطانية هو نموذج مصغر من هجوم مماثل وقع عام 1979 علي السفارة الأمريكية في طهران.
ورأي أن الأزمة بين إيران وبريطانيا تعود لسنوات سابقة وليست وليدة اللحظة، خاصة مع اتهام طهران المستمر للندن بإثارة دول الاتحاد الأوروبي ضدها إضافة إلي إثارة القلاقل في الجزء الجنوبي منها والقريب من الخليج العربي ، وذلك لتواجدها خلال فترة احتلال العراق في البصرة القريبة من حدودها.
وأكد أن أي هجوم أو قرار يتم اتخاذه في إيران يكون بموافقة المرشد الأعلي للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، الأمر الذي يثبت صلته بالهجوم علي السفارة البريطانية في طهران.
وتوقع الخبير في الشأن الإيراني أن تقوم الكثير من دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانياوفرنسا وهولندا والسويد وتغلق سفاراتها تضامنا مع بريطانيا، مشيرا إلي أن الاتحاد يعتبر أن أي هجوم علي إحدى دوله بمثابة اعتداء علي الجميع.
وردا علي سؤال حول اتجاه الغرب لاستخدام الحل العسكري لحل أزمته مع إيران، رأي المراغي أن الغرب يعلم جيدا خطورة هذا التوجه خاصة مع امتلاك طهران لمنظومة صواريخ بعيدة المدي قادرة علي الوصول إلي بعض أجزاء أوروبا وإسرائيل.
وأضاف الخبير في الشأن الإيراني أن طهران تعلم جيدا أنها قادرة علي الرد علي أي هجوم ضدها بدون تعريض أراضيها للخطر، وذلك بفضل قطعها البحرية وصواريخ "شهاب 3" الذي يصل مداه إلي ألف و200 كيلومتر، الأمر الذي يدفع الدول الأوروبية وأمريكا للتفكير كثيرا قبل الإقدام علي الحل العسكري.
وأوضح أن علي الغرب دراسة التداعيات التي ستترتب علي مثل هذا التوجه حيال إيران، مستبعدا القيام به في الوقت الراهن خاصة مع تحذير فرنسا وأمريكا كثيرا لإسرائيل من القيام بأي ضربة ضد طهران.
وتابع قائلا أن دور إيران في المنطقة ودعمها الكبير لسوريا و"حزب الله" و"حماس" هو ما يقلق الدول الغربيةوالولاياتالمتحدة، إضافة إلي برنامجها النووي الذي تشكك في سلميته. تهديد إيران ورأي المراغي أن تهديدات إيران من تجاوز سعر برميل النفط 250 دولار في حال فرضت الدول الأوروبية حظرا علي نفطها، ليس له تأثير مع اعتماد الغرب في المرحلة القادمة علي النفط الليبي خاصة مع سعي طرابلس لزيادة إنتاجها مستقبلا إضافة إلي إنتاج السعودية والكويت من النفط.
وعن دور الولاياتالمتحدة في الأزمة بين إيران وأوروبا، قال إن واشنطن لا تزال في حالة ذهول بسبب ثورات العالم العربي، فهي بين مؤيد ورافض لها في نفس الوقت، فعلي الرغم من انهيار الأنظمة المؤيدة لها في المنطقة إلا أن "الربيع العربي" جاء ليثبت توجهاتها الديمقراطية التي طالما ما نادت بها.
وأوضح أن واشنطن كانت ترغب في سقوط نظام الملالى في إيران أولا قبل نظام بشار الأسد في سوريا، خوفا من اختلال التوازنات في المنطقة بعد سقوط الأسد ، مستشهدا بتصريح سابق لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حين قالت " بشار شخص لا يمكن الاستغناء عنه في المنطقة".
وتجدر الإشارة إلي أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي لفت إلي قيام إيران باختبارات تطوير سلاح نووي ، ساهم في إثبات المخاوف الغربيةوالأمريكية حيال البرنامج النووي الإيراني ومدي سلميته كما تدعي طهران دائما.
وقد أثار التقرير الكثير من التكهنات حول اتجاه الولاياتالمتحدة وإسرائيل إلي القيام بعمل عسكري ضد إيران بهدف تدمير برنامجها النووي.
ويتوقع الكثيرون أن تأخذ الأزمة بين إيران وبريطانيا منحني خطير في الأيام المقبلة، خاصة مع وصف حسن قشقاوي نائب وزير الخارجية الإيراني للشئون القنصلية مستقبل العلاقات بين البلدين ب"الغامض، معربا عن قلقه من العواقب الوخيمة للأزمة علي حوالي 200 إلي 300 ألف إيراني يعيشون هناك.