انتشر زواج القاصرات خلال الأعوام الماضية حتى أصبح ظاهرة في العديد من القرى والمدن المصرية بشكل خاص، بالرغم من المحاذير القانونية التي حددت سن الزواج ب 18 عاما للفتيات حسبما جاء في نص المادة 31 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لعام 2008. وتُرجع الكثير من الأسر المصرية الظاهرة للظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تحاول فيها تلك الأسر "ستر" بناتهن وترضى بأول عريس يدق بابهن، بالرغم من عدم ظهور علامات النضوج عن الكثيرات منهن، وبرغم فارق السن الكبير الذي يتعدى ال 15 عاما وال 20 عاما في كثير من الأحيان. طفولة وعذاب السيدة "ف. ص" 60 عاما وتعيش في منطقة شبرا تقول: "لم أكمل تعليمي وتركت المدرسة عندما كنت في المرحلة الإبتدائية وتمت خطبتي الأولى وعمري 12عاما". تضيف: "أتذكر وقتها ان والدتي جعلتني أرتدي ملابس غير المعتادة كي أبدو كبيرة في السن ولكن هذه الخطبة لم تستمر". " تزوجت بعدها ب 4 سنوات من أحد اقربائي بسبب ميراث العائلة وكان سني 16عاما، ولم أكن أفهم معني الزواج ومسئوليته, وليلة زواجي كنت خائفة ومرتعبة ولا أعلم ما الذي سيحدث في هذه الليلة وبالفعل تم زواجي, ولكني عيشت أسوء أيام حياتي في هذا الزواج" تحكي السيدة عن تجربتها. وتوضح: "كانت والدة زوجي تحملني فوق طاقتي لدرجة أني اضطررت لخلع أسناني وأنا في العشرين من عمري، ورزقت ب أطفال عشت من اجلهم فقط برغم المعاناة التي كنت ألاقيها من والدة زوجي، وأتمنى أن يعود بي الزمن لكي أعيش طفولتي وأكمل تعليمي وأتزوج في السن المناسب". السيدة ( أ .أ) من أسيوط وعمرها 23عاما تقول: "لم اكمل الاعدادية, وتزوجت وعمري 14عاما ابن خالتي وكان أكبر مني ب12عاما, ولم أكن أريد الزواج وكانت رغبتي أن أكمل تعليمي، ولكن أهلي أصروا". وتضيف: لم أكن مستوعبة معني الزواج لدرجة أني قبل الزواج بأيام كنت ألعب مع الأطفال في الشارع, ولم أنجب إلا بعد زواجي ب 7 سنين لأن جسدي لم يستحل الحمل". وتنصح السيدة، بألا تقبل أي فتاة على الزواج قبل السن المناسب وقبل إكمال تعليمها. السيدة (س أ) من الشرقية وعمرها 50 عاما تقول: لم أدخل المدرسة أبدا وكنت أساعد أبي في رزاعة الأرض, وتزوجت وعمري 16عاما وكان زوجي أكبر مني ب 17عاما, وقبلت بمجرد أن عرض أبي الأمر حتى لا يغضب". وتضيف: " لم أكن أريد هذا الزواج, وأنجبت بعدها ب 12عاما فتاة وحيد, وبعدها مات زوجي، فقررت أن أعمل لكي أعلم ابنتي ولا اجعلها تمر بتجربتي". جريمة عزه سليمان رئيس مركز قضايا المرأة قالت: ليست هناك إرادة سياسية للقضاء علي زواج القاصرات لأنها جريمة في حق المرأة، منوهة بأن منظمات المجتمع المدني تقوم بدورها من خلال التوعية. وشددت على ضرورة أن تقوم الحكومة بدورها من خلال تحسين الأمن والعمل علي تعزير الاقتصاد. عزة سليمان وأوضحت أنه ليست هناك إحصائيات فعلية عن نسبة زواج القاصرات ولكن هناك مؤشرات على ارتفاع زواج القاصرات من عام 2012م. ونبهت لضرورة تصليح المنظومة التعليمية وجعل البنات يحبون التعليم، والعمل علي تعزيز ثقة الفتيات في أنفسهن بدلا من جعل قيمتهم فقط في الزواج. الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر قال: ليس هناك علاقه بين السن والنضوج النفسي، لافتا إلى أن الفتاة الصغيرة لن تستطيع تحمل مسئولية إنشاء ورعاية أسرة، لا سيما وأن الفتيات الناضجات ليس لديهن القدرة أيضا على تحمل مسئولية البيت فكيف الحال بالنسبه لفتاه صغيرة التي لم يتجاوز عمرها 13عاما. وأضاف أن من يتزوجن صغيرات سيتعرضن لضغوط نفسيه عنيفة جدا، لعدم قدرتهن على تحمل المسئولية، وليس لديهن الخبرة لإدارة المنزل بعد الزواج. الدكتورة نجلاء مصطفي مدير إداره الثقافة الصحية بمديرية الصحة قالت إن الزواج المبكر له خطورة كبيرة من الناحية الصحية قد تصل لحد الموت عند الوضع، وقد يكون الطفل المولود معاقا، لافتة إلى أن معدلات الإجهاد في تزيد في حلالات زواج القاصرات، وقد يحدث نزيف وتشوهات في الحوض. بدون حقوق أيمن المراكبي محام بالأحوال الشخصية، قال إن الفتاة القاصر المتزوجة ليس لها حقوق في القانون، لأن زواجها لم يتم عند مأذون شرعي فهو عبارة عن زواج عرفي. وأضاف إذا حدث وانجبت الفتاة فلن تستطيع تسجيل أبنائها لعدم وجود أوراق تثبت زواجها, وفي حالة وفاة الزوج يقوم والد الفتاة بتسجيل المولد باسمه. وأوضح أنه إذا تزوجت الفتاة مرة أخرى بعد وفاة زوجها مثلا، فلن تستطيع أن تكتب بكر في عقد الزواج، لعدم وجود ما يثبت أنها تزوجت في السابق، وفي حالة وجود خلافات ليس لها أي حقوق، والشئ المعترف به فقط في المحكمة هو إثبات النسب. محرم الشيخ احمد ترك مدير بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف قال إن من شروط الزواج في الإسلام أن تكون الفتاة لديها طاقة للزواج، لافتا إلى أن ذلك ليس مرتبطا بالسن ولكنه مرتبط بالنواحي النفسية والجسدية وغير ذلك. الشيخ احمد ترك وأضاف: لو أن الفتاة بالغة وليس قادرة على الزواج فلا يجوز لها الزواج إلا إذا بلغت لتلك القدرة. ونوه بأن هناك فرق بين سن البلوغ وسن الرشد، فالرشد هو سن ما بعد البلوغ وقد يكون الإنسان بالغا وغير راشد، والزواج الأساس فيه هو الرشد وليس البلوغ لأنه في الأصل مسئولية وتكوين أسرة يحتاج إلى رشد وليس بلوغ, وما يسمي بزواج القاصرات بهذه الطريقة التي نراها الآن حرام لما يحدثه من أضرار. اقرأ أيضا : زواج القاصرات .. مأساة في ربيع العمر