صدر عن دار الفكر في دمشق كتاب "الإسلام الرّاديكالي بين الأصولية والحداثة" للكاتب العربي من العراق حسام كصاي، وهي دراسة علمية أكاديمية لما ينتمي لهُ الكاتب، ومعرفية تناولت القضية بحيادية تامة، فيما يقع هذا المنجز الفكري في ثمانية فصول تناول بها الدين والنظرية السياسية كفصل أولي، ثم الحكومة الإسلامية وجدل السلطة الروحية والزمنية في الإسلام في الفصل الثاني. أما الفصل الثالث فتناول علاقة الإسلام بالتطرف، وكيف نشأ التطرف في البيئات العربية، فيما جاء الفصل الرابع لبحث حقيق العنف الإسلامي بين الفنتازيا والواقع الراهن، أما الفصل الخامس فناقش موضوع الدولة الطائفية وجدل الدين والسياسة في الفكر العربي المعاصر، بينما جاء الفصل السادس لنقد المؤسسة الدينية وتفكيك خطاب المقدس عن المدنس فيها وعلاقتها بالدولة، أما الفصل السابع فناقش موضوعة المقارنة بين الإسلام الرّاديكالي والإسلام العلماني وما الذي يصلح كقاطرة للعرب، أما الفصل الثامن والأخير فناقش قضية الفكر الأصولي المتطرف وماهيتهُ مع التأكيد على أنْ الأصولية القديمة والحداثة الرّثة كلاهما متهمان في صناعة ونشأت الإسلام الراديكالي المعاصر. ويُعد هذا المنجز الفكري بمثابة صرخة تابوهات مُنتهكة بوجه الادعاءات الغربية الأوروأمريكية التي نكلت وشوهت صورة الإسلام، من أجل سيادة العالم وقمع المشروع الحضاري للإسلام الحقيقي، وتفوّق الكيان الصهيوني ديمغرافياً بعدما تفوّق على العرب في جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، وهذا الكتاب هو بمثابة صرّخة بوجه التطرّف الديني والعنف الأصولي والإرهاب العالمي، وضد ممْوّلي هذه المشاريع من الغرب الاستعماري ومن الجماعات الإسلامية المتشددة التي أشعلت العالم بالثورات والخراب والدمار والحروب الطاحنة بين العرب والعرب. فيما نسعى في هذا المنجز إنصاف الإسلام ورّد الاعتبار له من خلال تعرّية الإسلاميين المتشدّدين؛ أو بعض المسلمين المتطرّفين؛ إذ ليس هناك إسلام مُتطرّف قطعاً؛ وهو ما توصلنا له في ثنايا هذا البحث؛ وإنما يوجد مسلمين أو بالأحرى (إسلاميين متطرّفين)؛ ومن الضروري أنْ نفكك ذلك الخطاب من أجل تبرئة ساحة (الإسلام المُبكر) أولاً؛ وانقاذ البشرية من مرّض التطرّف ثانياً؛ وأنْ هذا التصور لا يتم إلا من خلال التحرّي من ذلك علمياً وأكاديمياً وفقاً لمناهج النقد العلمي والعملي. وفيما توصلت له هذه الدراسة هو إنْ الإسلام الرّاديكالي كان نتاج للظاهرتين (الأصولية الدينية والحداثة الغربية)؛ _ وليس واحده منهما دون الأخرى _ أو بالأحرى أنْه نتّاج للأصولية في بعض جوانبه؛ ونتّاج للحدّاثة في جوانبها الأخرى؛ فالإسلام الرّاديكالي هو أبن الأصولية الغربية نشأ وترعرع في بيئات معادية للإسلام المُبكر؛ كما هو أبن فشل الحداثة. وأنْ جميع الأصوليات الدينية تشترّك في التطرّف والغلو؛ وبكونها جماعات مُتشدّدة، متطرّفة، تتمسك حرفية النص الديني، تغلق باب الاجتهاد، وتُقدم النقل على العقل، أو تلغي العقل نهائياً، وتحاربه؛ ولا نستثني أصولية من هذا التصور أو نُبرئ ساحة إحداهما؛ فكل الأصوليات متشابهة إلى حد ما، مع فروقات طفيفة ومتوّاضعة.