الصحافة الورقية تلفظ آخر أنفاسها شباب لا يشترون الصحافة الورقية ولا يعرفونها شيوخ لا يتابعون الصحافة الالكترونية شهدت الصحافة المطبوعة أكبر ثورة منذ ظهور المطبعة في القرن الخامس عشر وفى خضم هذه الثورة التكنولوجية تأثرت الصحافة بشكل ملحوظ، وظهر ما يسمى بالصحافة الإلكترونية التي لها عدة مسميات أخرى مثل "الصحافة الفورية"و"الصحافة الرقمية"و"الجريدة الإلكترونية"و"النسخ الإلكترونية". ويمكن تعريف الصحافة الإلكترونية بأنها: "منشور إلكتروني دوري يحتوى على الأحداث الجارية سواء المرتبطة بموضوعات عامة أو بموضوعات ذات طبيعة خاصة ويتم قراءتها من جهاز كمبيوتر وتكون متاحة عبر شبكة الإنترنت." وتعتبر صحيفة "الشرق الأوسط" هي أول صحيفة عربية ظهرت على الإنترنت عام 1995، ومن أهم الصحف الإلكترونية وأكثرها متابعة ومصداقية وفقا للإحصائيات ( الأهرام، أخبار اليوم، الجمهورية ) ثم يليهم (الوفد، الشروق ) ويليهم في الترتيب ( اليوم السابع، الوطن، المصري اليوم، فيتو، مبتدأ، محيط). وهناك بعض الصحف الرياضية أيضا مثل( الأهلي، يلا كورة، كورابيا ) الخاصة بأخبار الرياضة. وتعرف الصحافة الورقية بأنها: "كل مطبوع يصدر بصفة دورية تحت اسم ثابت بصفة منتظمة أو غير منتظمة ويتحدث في موضوعات متنوعة". وقال الدكتورة" ليلى عبد المجيد" عميد كلية إعلام القاهرة في حوار سابق لها، إن هناك تناقصًا كبيرًا في عدد قراء الصحف الورقية خاصة بين فئات الشباب الذي تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 35 عامًا، ويرجع ذلك إلى عجز الصحف المطبوعة عن تلبية احتياجات هؤلاء الشباب خاصة مع التطور التكنولوجي الكبير في مجال الإعلام الإلكتروني. بصيرة ومعرفة وكشفت نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز "بصيرة" هذا العام لاستطلاعات الرأي بالتعاون مع منظمة اليونيسكو حول إقبال المواطنين وخاصة الشباب على قراءة الصحف المطبوعة، إن معدلات القراءة تشهد تدنيا واضحًا، فقد بلغت نتائج الاستطلاع أن 65% من الشباب لا يقرأون الصحف على الإطلاق، و 28% يقرؤونها أحيانا، بينما 7% فقط هم من يقرأونها دائما. ويقول "عم جمال" بائع الصحف بمنطقة وسط البلد، إن بيع الجرائد قل منذ أن دخل الانترنت في مصر، ولم يعد البيع والشراء في هذه المهنة مربحًا كما كان قبل أن تدخل التكنولوجيا الجديدة البلاد. وأوضح "عم جمال" في حديثه ل "محيط" أن معظم المترددين عليه باستمرار لشراء الصحف هم من الفئات الأكبر سنا لأن" جيل الكبار" لا يثق سوى في الصحف الورقية ومصادرها، بحسب قوله. وأشار إلى أن سبب إقبال كبار السن على شراء الصحف، ناتج لعدم ثقتهم فيما تنشره بعض الصحف الإلكترونية اعتقادا منهم إنها تبالغ في وصف الأحداث سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وأنها تسعى فقط لإثارة الرأي العام وليس بغرض نشر وتوضيح المعلومات للجمهور. لذا يرفض البعض المقارنة بين الصحافة الورقية والإلكترونية من منطلق أن الصحافة الورقية صحافة بالمعنى العلمي والواقعي للكلمة. الصحافة الورقية بينما نحن نتجول في شوارع وسط البلط وجدنا محمد فتحي الأنبابي موظف "على المعاش" وبيده مجموعة من الصحف الورقية، سألناه: هل الصحف الورقية ما زالت لها رونق الماضي؟ كان رده بالقول: "مبقاش هناك عمود تحبي أن تقرأيه مثل مواقف لانيس منصور أو نصف الدنيا لأحمد رجب أو بصراحة زمان لهيكل، لكن صعب أن أتابع أنا الشبكات واللوحات المضيئة التي في يدي الشباب الآن" . وبحسب كتاب "نبوءة امون" الإنترنت من الحرب الباردة إلى حروب الجيل الرابع وفتنة الأجيال لدكتور خالد العمري والذي يتناول بعضا مما فعله الاستخدام الكثيف للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وتويتر وغيرهما بالثقافة والمعرفة واللغة ونفوس البشر وعقولهم والعلاقات بينهم . ويقول "العمري" إن الجيل الأول من الإباء لم يكن متعلق بالتكنولوجيا ويعتبر بوابة المعرفة هي الصحف الورقية والقنوات التلفزيونية التقليدية، بينما الجيل الجديد كله رقمي، شكل وعيه بنفسه خارق المسارات التقليدية في المعرفة القديمة فصنع في البداية المدونات ثم شبكات التواصل الاجتماعي ثم ما يعرف بعالم السوشيال ميديا . غير أن البعض يرى الصحافة الإلكترونية هي مجرد وسيلة للنشر وجمع النصوص والمقالات والأخبار والصور بشكل آلي مجرد من المشاعر والإبداع. بينما يرى البعض الآخر أن الصحافة الإلكترونية مكملة لدور الصحافة الورقية وأن ثقافة الإنترنت أصبح لها جماهيرها وشعبيتها وهي في ازدياد مطرد على العكس من قراء الصحف الورقية . الإلكتروني رخيصة السعر أما عن جيل الشباب كان لهم رأي آخر فيما يخص الصحافة الورقية والإلكترونية: ويفضل "عمر عبد العزيز" 20 عاما، طالب بجامعة القاهرة، الصحف الإلكترونية عن الصحف الورقية لأسباب متعددة منها أنه يستطيع الاطلاع على الأخبار في أي مكان وأي وقت مجانًا دون الحاجة إلى دفع مقابل مادي على عكس الصحيفة الورقية فإنه مجبر على دفع مقابل مادي ليقرأها. ولأنه أيضا يستطيع التعليق على الأخبار والتواصل مع الكاتب بسرعة والتفاعل معه من خلال الإنترنت وذلك لا يحدث في الصحف الورقية. بينما يفضل " عدنان محمد" 22 عاما، طالب مغترب من سوريا يدرس بنفس الجامعة، الصحف الإلكترونية لأنه يستطيع أن يعرف من خلالها كل ما يحدث في بلده بسهولة ويسر فالصحف الورقية أحيانا لا تذكر جميع التفاصيل. ونتيجة لتدني الإقبال على الصحف الورقية في مصر، فإن الصحافة الورقية في مصر تواجه عدة تحديات منها كيفية مواكبة التطورات التكنولوجية خاصة بعد احتلال المواقع الإلكترونية "المركز الأول" في السبق الصحفي وتفوقها على الصحافة الورقية التي أصبحت تنشر أخبارا وقعت بالأمس. ويتوقع عدد كبير من المواطنين في الشارع المصري أن تغلق العديد من الصحف القومية والخاصة أبوابها لعدم الاستقرار.. وعدم القدرة على الاستمرار. لذا فإن شبح الانقراض سيبقى هاجسا أمام الصحافة الورقية يجعلها مهددة بالشلل التام خلال السنوات القادمة.