العشر الأواخر من شهر رمضان أيام مباركة عظيمة الأجر عالية المنزلة فهي أفضل أيام الشهر الكريم. وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يجتهد فيها كما لم يجتهد في غيره، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله". كما خص الله تعالي العشر الأواخر بفضائل كثيرة ونفحات ربانيه فهي، بمثابة أيام الحصاد، وفيها "ليلة القدر" وما أعظمها من ليلة، فهي التي نزل بها القرآن الكريم "إِنَّآأَنزلنَهُ فيِ لَيلَةِ القَدرِ"، وهي ليلة يكثر فيها نزول الملائكة على الأرض رحمةً بالمؤمنين لما فيها من خير وبركة، وهي ليلة سلام لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يعمل فيها أذى. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه". وعن أنس بن مالك قال: "دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم". موعد ليلة القدر عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر". والأحاديث هنا كثيرة وثبتت أنها تأتي في ليلة وتر من العشر الأواخر (الحادي والعشرون، الثالث والعشرون، الخامس والعشرون، السابع والعشرون، التاسع والعشرون)، ولعلها لم تحدد بشكل قطعي حتى يجتهد المسلمون في طلبها بالقيام والدعاء. أمارة ليله القدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمارة ليلة القدر أنها صفية بلجة كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنة سجية لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب يرمي به فيها حتى تصبح، وأن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج يومئذ. سبب تسمية ليلة القدر -ُميت ليلة القدر "أي ليلة التعظيم والشرف"، أي أنها ليلة ذات قدر لهذه الخصائص التي اختصت بها. وقيل القدر أي التضييق ومعنى التضييق فيها أي إخفاؤها عن العلم. وأنه يُقدر فيها ما سيكون في ذلك العام لقوله تعالي "فيها يفرق كل أمر حكيم" أي تقدر في هذه الليلة مقادير الخلائق على مدى العام فيُكتب فيها الأحياء والأموات والناجحون والهالكون والسعداء والأشقاء والأعزاء والأذلاء والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالي في تلك السنة. وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم وفيها يمكن أن تتغير أقدار البشر بالدعاء. دعاء ليلة القدر عن عائشة رضي الله عنها قالت: "يا نبي الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال، تقولين: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". والخلاصة أن ليلة القدر هي أعظم هدايا شهر رمضان للمسلمين وعلينا جميعًا أن نجتهد لطلبها بقيام الليل والدعاء علها تُصادفنا وتتغير فيها أقدارنا ويجعلنا الله فيها من المعتوقين .