القحطاني: المخطوط العربي أهم روافد توثيق الثقافة العربية معروف: أشرت لأخطاء بأعمال أحمد شاكر ولم ألقبه بغير "العلاِّمة " سالم: بعض الورّاقين تحولوا من نُسّاخ إلى مُسّاخ سلامة: الموهبة وحدها لاتكفي ولابد من صقلها بالدراسة.. وعلى المسئولين الاهتمام بمدارس الخط العربي استضافت المنظمة العربية للتنمية الإدارية المنبثقة عن جامعة الدول العربية، أمس الاثنين، (يوم المخطوط العربي)، وهو اليوم الذي اعتمدته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، للاحتفال بالمخطوط العربي في الرابع مِن ابريل مِن كل عام. اليوم نظمه "معهد المخطوطات العربية" المنبثق عن الألكسو في مقر المنظمة العربية للتنمية الإدارية الدائم بالقاهرة. بدأ الاحتفال بكلمة لمدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم راعي الحفل، الدكتور عبدالله محارب، أشار فيها إلى أهمية التراث العربي المتمثل في المخطوط، موضحا ان يوم المخطوط لا يقل اهمية عن يوم العربية، فّان كانت العربية هي اللسان وما وراءه فإن المخطوط هو فكر هذا اللسان وحياته العلمية والإبداعية والشعورية. وفي كلمته إلى الحضور قال مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية، الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، إن الاحتفالية تأتي انطلاقا من أهمية المخطوط العربي في توثيق ونقل الثقافة العربية وما تزخر به من معارف وقيم وكنوز نستلهم منها حضاراتنا العربية العريقة لتكون لنا نبراسا للإبداع والتجديد في شتى مجالات العلوم، مؤكدا ان المنظمة العربية للتنمية الإدارية شرفت باستضافة هذه الاحتفالية انطلاقا من حرصها على تعزيز التعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. جانب من الحضور من جهته قال مدير معهد المخطوطات العربية، الدكتور فيصل الحفيان، إن الاحتفال السنوي ب" يوم المخطوط العربي"، يهدف إلى التوعية بالتراث العربي والتعريف بجهود الحضارة العربية ومنجزاتها وما خلفه الاسلاف من تراث عريق، مشيرا أن الاحتفالية أقيمت هذا العام تحت عنوان " قيم الثقافة وثقافة القيم"، لتحقيق نقلة نوعية في فحوى الاحتفال بالمخطوط، فليس المخطوط وليس التراث معلومة ومعرفة وعلما، وإنما هو –ايضا- قيمة وخلق وأدب. قيم صناعة التحقيق قال الدكتور بشار معروف، إن المحقق ينبغي أن يتقن علم من العلوم التراثية ثم يتعلم مهنة التحقيق بعد ذلك،مضيفا أن التحقيق ما هو الا نوع من الدراسات العليا بموجب قواعد وهو إخراج نص صحيح، ولا يمكن للمحقق أن يحقق في كل العلوم، فالاختصاص شئ أساسي . وأشار إلى أن للتحقيق فروض ونوافل كما الصلاة. وأن له نوعين من التعليقات الأولى لإخراج نص صحيح والثانية إضافية تتمثل في الحكم على الحديث. ولفت معروف إلى أن الخط العربي متطور، فالمصريون الآن لايضعون النقطتين تحت الياء وهذه مشكلة، تدل على أن الخط المعين لم يعد موجودا فهو متطور والكتاب يواكبون في كتاباتهم الطرق الحديثة، مضيفا أن للخط انواع، منه المغربي والأندلسي والشرقي والقديم..، على الإنسان أن يبرع فيها ثم يتعلم اللفظ، وكلما زادت ثقافة الإنسان بتعلمه للغات الأعجمية، عليه أن يعلم اللغات المرتبطة بها، ولا يمكن إمتهان شخص ما لمهنة التحقيق دون أن يتعلم اللغة العربية، فالتحقيق هو ضبط للنص بالحركات. وأكد أن الأمانة في التحقيق هى الأساس، ومن الضروري التأدب مع النص ومع المحققين الآخرين، فدائما المخطوطات تنقل عن نسخة المصنف ومن الواجب أن نبقي المخطوطات على حالها وخطئها، مشيرا إلى ان 80% من المصادر التي اعتمد عليها كانت مخطوطات، كان يلقي الضوء عل الأخطاء في بعض الأعمال ولكن بأدب دون تجريح في الكاتب، احتراما لمجهود الغير، وهو ما يجب على المحقق اتباعه، ذاكرا انتقاده لبعض أعمال الكاتب أحمد شاكر إلا أنه كان يجله ولا يذكر أسمه دون أن يسبقه لقب العلامة. قيم العنوان في المخطوط العربي من جهته قال الدكتور عبدالرحمن سالم، إن العنوان أهم العتبات التي يدخل منها القارئ إلى صلب الموضوع وهناك مايشبه قرابة النسب بين عنوان الكتاب ومضمونه، وقدم قراءة لكتاب د. عباس ارحيلة "العنوان: حقيقته وتحقيقه في الكتاب العربي المخطوط"، ناقش فيها قيم العنوان في المخطوط العربي،فالعنوان في المخطوط العربي بوابة المحقق والدارس إلى المعمار الداخلي للنص وإلى رؤية صاحبه، وهو قضية جليلة سواء في علم المخطوطات أو التحقيق، لها انعكاساتها على المعرفة في ذاتها، وفي نسبتها، وفي حركتها عبر الزمان. واكد أن الكتاب واحد من كتب قليلة جدا أفردت للموضوع، وعالجته برؤية تجمع بين أصالة النظرة الحداثية، وأفق الدرس الحديث، مشيرا إلى عدة قيم انتهى الكتاب إليها، منها ان العنوان أول مداخل النص، منه يكون النفاذ إلى فهمه واستبطانه، وإدراج العنوان ضمن مبادئ العلوم العشرة، كناية عن أصابته في التأليف ومناهجه عند المسلمين، وأهميته في تاريخ العلم، فالعنوان منصة مهمة لمعرفة حركة الفكر وطرق التفكير الإبداعي والمنهجي، ولحظة وضع العنوان كما يقول ارحيلة، هى مرحلة الإبداع. وأضاف سالم أن العنوان في التراث العربي الإسلامي حظى بعناية خاصة، فهو دال وموح، مع أناقة وإعجاب وتفنن في صياغته، وتحقيق النص يبدأ بتحقيق العنوان، فهو مواز، لا يقل أهمية عن النص ذاته، اولا ياتي، والمؤلف لا يقدم أسمه عليه، حتى في جغرافية المخطوط العربي، فوضع اسم المؤلف في أعلى الصفحة قبل العنوان في الكتب الحديثة، من آثار التبعية النزعة الفردانية في الفكر الأوروبي، وبعض الورّاقين تحولوا من نساخ إلى نساخ. قيم الخط العربي أما شيخ الخطاطين المعاصرين،محمود سلامة، فقال إن للخط العربي قيم، اولهم تحلي الخطاط بالصبر وألا يسمح لنفسه بأن يقيس ما كتبه بالوقت الذي يمر. فهناك موهبة خلقها الله، وهناك المجتهدين ومن لديهم رغبة في الكتابة وذلك يأتي بالتدريب المستمر. ولفت إلى أنه من الضروري امتلاك الخطاط للوعي، للتفرقة بين الخط الأساسي والخط الفرعي، فهناك خطاطون ليس لديهم ثقافة لغوية كافية وذلك يفقدهم قيمة عملهم بسبب الوقوع في الأخطاء الكتابية، حيث يقوم بالعمل ويثق بأنه عمل جيد يرضي القارئ وصاحب العمل، وعليه أن يراجع الكلمة حتى يقف على الأخطاء ويصححها، وأضاف أن كتابة عنوان كتاب هى مهمة صعبة في التفريق بين العنوان الرئيسي والفرعي، حيث يتوجب على الخطاط إظهارهم بشكل جمالي متناسق دون أن يخل ارتباط المعنى، مؤكدا على ضرورة أن يكون لدى من يتعلم الخط خلفية ثقافية عربية ليتمكن من الكتابة الصحيحة وضبط التشكيل. ونصح سلامة الجيل الجديد من شباب الخطاطين، بأن يكون لديهم الرغبة الحقيقية عند التعلم ، فالموهبة وحدها لا تكفي ولا بد من صقلها بالدراسة سواء عن طريق مدرس خاص أو مدرسة، و هناك مدارس خط ولكن على المسئولين بمعاهد وكليات الفنون والتعليم العناية والإهتمام بها، وأوصى كل من يريد تعلم الخط بأن يجاهد ولا ينظر للناحية المادية، لأنه يكتب خط مقدس. حضر الاحتفالية رئيس الوزراء المصري الأسبق، الدكتور عصام شرف، ووزير الثقافة المصري السابق، الأستاذ صابر عرب، والمفكر سليم العوا و العديد من الشخصيات العامة ومحبي التراث والثقافة وجهات ثقافية ومؤسسات تراثية وجامعات عالمية من العالم العربي والإسلامي، وتضمنت تكريم الدكتور بشار عواد معروف، بلقب "شخصية العام التراثية"، والاحتفاء بكتاب "العنوان: حقيقته وتحقيقه في الكتاب العربي المخطوط" للدكتور عباس أرحيلة، بوصفه من أبرز كتاب العام التراثي، بالإضافة إلى تكريم شيخ الخطاطين المعاصرين، الأستاذ محمود سلامة. وتضمَّنَ الاحتفال عدة أنشطة: ثقافية، وتكريمية، وعلمية، كما تضمن معرضٍ لمخطوطات آداب العلم، وآخر خاص بشيخ الخطاطين المعاصرين الأستاذ محمود إبراهيم سلامة، ومعرض الكتاب التراثي لعدد كبير من دور النشر التراثي.