رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم الهجوم على الإسلام والمسلمين
نشر في محيط يوم 27 - 11 - 2011

مع "قسمة الغرماء" ليوسف القعيد و"تيس عزازيل" للأب يوتا وقعتُ فى صحيفة من الصحف على مقالة تتناول بالتعليق رواية يوسف القعيد: "قسمة الغرماء" كتبها أحد النقاد، ونصها:

"يوسف القعيد كاتب مصري قدير احترف الصحافة والسياسة ورفقة العظماء. جمع بتوازن مدهش بين نضارة الوعي بالريف والالتزام بأخلاقياته، مع العلم ببواطن الأمور في المدينة والقدرة على اجتياز مسالكها الوعرة. ولعل خصوصية يوسف القعيد تكمن في استمرار ولائه الناصري لطفرة الستينات من القرن العشرين من دون تحفظات أيديولوجية كبيرة.

رواية "قسمة الغرماء" تغوص في أعماق الواقع المصري، وتوظف تقنية جديدة عند مؤلفها، وهي تعدد الرواة الموزعين على الفصول بالتناوب، بما يطرح مفارقات عوالمهم المختلفة ويقدح شرر التواصل والتناقض في علائقهم المتشابكة.

وإن كانوا يبدون كما لو كانوا يسكنون صناديق متجاورة غير متحاورة يتم الكشف التدريجي عن فحواها كلما تقدمت حركة السرد واحتدمت درامية المواقف.

على أن بؤرة الأحداث التي تتكثف عبر يوم واحد فحسب هو زمن الرواية تجسد أزمة التدين المفتعل في المجتمع المصري الراهن وما تفرزه من توترات غريبة على طبيعته المستقرة في جمعها بين الأضداد باتساق محسوب يضمن للحياة إيقاعها الباطني المفعم بالشهوة والتنسك معا.

يحكي الفتى ماجد عبود بقطر في الفصل الأول من الرواية قصة رحلته الشهرية من الفندق المتواضع الذي يقيم فيه مع أمه في حي شبرا المكتظ بسكانه والمختلط في شعائره إلى "أبلة مهرة" في المعادي.

وبقدر ما يجترح القعيد شيئا من الانتهاكات اللغوية المحببة يقترب من روح العامية المصرية في أطرف تجلياتها. وأهم من ذلك ينجح في تخليق نماذج مدهشة من الشخصيات التي تعلق بالذاكرة وتستقر في الضمير الأدبي.

"الجنرال عفارم"، الذي يطلع علينا من هذه الرواية، يختلف عن دراويش نجيب محفوظ بأنه صريع الجمال ومجنون غانية فريدة، وهي "مهرة"، التي تَمَثَّلها باعتبارها مليكة مصر، وهو واليها المنتظر طبقا لمبدأ تناسخ الأرواح.

العنوان الفقهي للرواية يُسْتَخْدَم بطريقة مجازية تحتمل تأويلات عدة لعل أقربها إلى الأحداث هو شراكة المواطنة عندما يتهددها الاحتقان والإفلاس، فتهرع كل طائفة لكي تحظى بنصيبها من الدَّيْن في رقبة الوطن ولو أدى ذلك إلى ذبحه.

وينطلق الحدث الرئيسي للرواية من سيرة "عبود بقطر" والد ماجد، الذي كان مديرا ناجحا في إحدى الشركات في أسيوط، فطاردته رياح التعصب المقيتة وهددته في حياته لمجرد أنه قبطي يترأس مسلمين ويصبح له حق الولاية عليهم، فيفكر في الفرار من موطنه.

وعندما يأتي دور "مرام" في الحكي طبقا لتقنية تبادل الرواة تكشف عن أبعاد أخرى لقراره بالسفر: "تكرَّس الانفصال الجسدي بيننا. قال لي أن مشاركتي له جفت في منتصف الطريق لأنني عجزت عن استيعاب الخطر الذي يتهدد حياته... نجا وحده وتركنا غارقين في هذه البلاد التي لا نعرف كيف ولا متى ستكتب لنا النجاة والإفلات منها".

وعندما تهاجر مرام من أسيوط للقاهرة بحثا عمن يُلْحِقها بزوجها لا تظفر في نهاية الأمر بسوى وسيط يرشدها إلى الوسيلة التي دبرها زوجها لتحصل على معونة شهرية منه تصلها عن طريق الممثلة المعتزلة "مهرة".

ومع أن الشكوك تأكل صدرها من طبيعة علاقة زوجها بهذه الممثلة فإنها تنتظم في إرسال ابنها كل شهر ليقبض من يدها المعونة الشحيحة المنتظرة. وتصب الفصول الأخيرة للرواية في مغامرة طائشة محسوبة تغوي فيها مهرة الصبي المراهق ماجد لتلهيه عن تقاضي حقه.

منتهزة فرصة استعارته لأحد الأفلام الإباحية كي يراها عندها، فتعود إليها طبيعة الأنثى المولعة بفتنة العشاق وتمزيق أقنعة الطهارة المصطنعة، وتُضْحِي حُمَّى الجنس اللاهبة نقطة الختام في رواية تفجر أسئلة المستقبل وهي تحفر في ألغام الحاضر".

هذا ما قاله الناقد المذكور الذى سوف أسميه من الآن فصاعدا ب"الناقد الانتهاكى" أو "الناقد المنتهك" لكثرة كلامه الممل عن الانتهاك.

والآن جاء دورى لأتناول الرواية، وسوف أتناولها على ضوء ما قاله ناقدنا الانتهاكى. وليست هذه أول مرة أتناول رواية كان ناقدنا قد كتب رأيه فيها، إذ سبق أن كتبت عن "وليمة لأعشاب البحر"، التى اشترك فى تمجيدها والدفاع عنها والقول بأنها رواية تدافع عن الإسلام (تصوروا!).

رغم كل ما تحويه من كفريات وبذاءات فى حق الله ورسوله والإسلام والمسلمين، وتزيين للفواحش بحجة تحرير الفتاة العربية من القيود التى تعوق حركتها، فبينت أن ما يقوله الأستاذ الناقد هو ورفاقه فى بيانهم الدفاعى عن الرواية المشبوهة شىء، وما تقوله الرواية المشبوهة شىء آخر مختلف تمام الاختلاف.

وأن باب الكلام الفارغ والمزاعم الزائفة الكاذبة مفتوح لمن يريد، لا يستطيع أحد أن يغلقه، إذ ليس على الكلام جمرك كما يقول العامة بحق.

ونبدأ بقول الناقد الانتهاكى إن"بؤرة الأحداث التي تتكثف عبر يوم واحد فحسب هو زمن الرواية تجسد أزمة التدين المفتعل في المجتمع المصري الراهن وما تفرز من توترات غريبة على طبيعته المستقرة في جمعها بين الأضداد باتساق محسوب يضمن للحياة إيقاعها الباطني المفعم بالشهوة والتنسك معا".

وواضح أن الدكتور يرمى التدين فى المجتمع المصرى الحالى بأنه تدين مفتعل، أى تدين كاذب لا يراد به وجه الله. فهل هذا حكم صحيح؟ لو أنه قال إن بعض التدين فى المجتمع، أى مجتمع، لا بد أن يكون تدينا كاذبا قائما على الرغبة فى المراءاة واكتساب حسن السمعة، مَثَلُه فى ذلك مَثَلُ أىّ اعتقاد أو اتجاه آخر لما وجد من ينكر عليه.

أما أن يرمى التدين كله فى مجتمع من المجتمعات بأنه تدين مصطنع فهذا حكم متهافت لا يليق، ويدل على تحيز صاحبه وكراهيته المسبقة لمن يتحدث عنهم. لكن من أولئك الذين يتحدث عنهم الناقد المنتهك يا ترى؟

إنهم المسلمون، والمسلمون وحدهم، فهم المتدينون الكذابون لا غيرهم، إذ الرواية لا تتحدث إلا عن تدينهم المفتعل هذا ولا تتطرق ولا يمكن أن تتطرق، بل لا تجرؤ أن تتطرق، إلى التدين عند شركاء الوطن، فهؤلاء "تابو" لا يجوز، ولا حتى فى الأحلام، لأى وغد أن يتناوله ولا أن ينتقد فيه شيئا.

وإلا حقت عليه اللعنة ولم يجد من ينشر له مقالا أو كتابا أو يشير إليه فى الإذاعة أو المرناء أو الصحافة مجرد إشارة أو يعينه مستشارا فى كل مجلات الوطن العربى أو يعطيه جائزة ولو "بثلاثة أبيض".

ومن يا ترى يهتم بأن يشير إلى أى وغد لا يحسن الكتابة والتأليف إذا افترضنا مجرد افتراض أن يفكر هذا الوغد مجرد تفكير فى الكتابة عن تدين غير المسلمين، لا بالافتراء والمزاعم كما يصنع حين يريد الكتابة عن المسلمين، بل بالتزام ذكر الحقائق ليس إلا؟

وبالمناسبة فناقدنا الانتهاكى أزهرى صميم، لبس العمامة نحو عشر سنوات حتى تركت حزا فى جبهته كما يقول الأزهريون، ثم التحق بكلية دار العلوم، وهى حصن آخر من حصون الثقافة الإسلامية.

أى أنه لا يجهل هذه الثقافة، ويعلم تمام العلم أن التدين الإسلامى فى مجمله تدين عفوى يراد به وجه الله مهما كان فيه من قصور وبعد أحيانا عن لب الدين تبعا لدرجة فهم صاحبه وطبيعة ثقافته.

إلا أن الرجل قد تغير بعد ذهابه إلى أوربا خاما لا يعرف لغة أجنبية، وحصوله على الدكتورية من إحدى جامعاتها وهو كبير السن. وأنا، حين أقول إنه أزهرى خلفت العمامة على جبهته حزا واضحا، لا أقصد إلى أى شىء من الإساءة.

وكيف أفكر فى الإساءة وأنا مثله أزهرى تركت العمامة حزا على جبهتى، وإن لم أمكث بالأزهر إلا سنوات أربعا لا غير لم تَدَعْ للحَزّ أن يتعمق أكثر مما هو الآن فى جبهة العبد لله غير المنتهك، تركتُه بعدها إلى المدارس، وحصلت مثل ناقدنا الانتهاكى على درجة الدكتورية من بلاد الخواجات؟

كل ما هنالك أنه من أهل التنوير والحداثة، أما أنا فرجعى ظلامى متخلف متعصب ضيق الأفق حتى لأخشى أن يطالب نقادنا الانتهاكيون بوضعى فى المتحف كى يتفرج الجمهور على حفرية من الحفريات العجيبة التى ما زالت تفتخر بدينها رغم أن أكبر دول العالم تكره هذا الدين وتعده من مخلفات الماضى.

ثم أظل بالمتحف إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا وتنهزم أمريكا وتابعو أمريكا ويعود الإسلام وأتباعه المتخلفون إلى صدارة المشهد كَرَّةً أخرى فيغرق العالم وقتذاك فى مستنقع الظلام والرجعية و"القَدَامة"، التى هى عكس "الحداثة".

على أن الناقد المنتهك لا يستطيع أن يرى العيب إلا فى الورد، أما الشوك فإن ملمسه عنده كملمس الحرير، ولا يمكن أن يقول عنه إنه يَشُوك ويؤلم ويؤذى، إذ مثل هذا القول غير مسموح به، وإلا انسدت أبواب النشر والشهرة فى وجه قائله فى كثير من بلاد المسلمين .

حيث يقبض على أَزِمّة المؤسسات الثقافية فيها فى الغالب من يكرهون الإسلام ويحاربونه ويعملون على إقصاء أى قلم شريف يحب دينه ويعمل على نصرته فى وجه الهجمة الغاشمة الطاغية عليه مما لم يعد خافيا على أحد لأن كل شىء قد صار مكشوفا بل مفضوحا، و"على عينك يا تاجر".

ولسنا نحن الذين نقول هذا، بل تقوله التقارير الأمريكية التى تتحدث عن خطط أمريكا فى الاستعانة بالعلمانيين والملاحدة ضد المتدينين المسلمين لإقصاء الإسلام والقضاء عليه تدريجيا وبطريقة منهجية طبقا لما وضع دهاقنةُ السياسة والاستخبارات وشياطينُ علماء النفس والاجتماع وثعالبُ الاستشراق من برامج وتخطيطات.

واقرأوا فى هذا الموضوع تقرير مؤسسة "رانْد" الأمريكية لعام 2007م مثلا، ففيه الغَنَاء. بيد أننا نحن المسلمين ندرك، رغم تقصيرنا بوجه عام فى نصرة ديننا العبقرى، أن كل مجهودات الولايات المتحدة فى هذا السبيل سوف تضيع فى الهواء كالهباء المنثور.

لقد "كان غيرها أشطر". ولديها الاتحاد السوفييتى، الذى احتل أفغانستان منذ وقت غير بعيد، وكان له جمهور ضخم بين المسلمين، وكانت تتبعه كثير من دولهم، ويفتخر كثير من حكامهم بأنهم من أذنابه. فأين الاتحاد السوفييتى الآن؟ لقد تفكك وانهار وصار فى خبر "كان".

وإن شاء الله سوف تلحق به الولايات المتحدة الأمريكية إلى ذات المصير عاجلا أو آجلا. لقد كان الاتحاد السوفييتى ملء السمع والبصر، ولم يكن أحد عشية انهياره ودماره يتصور، ولو فى الأحلام، أنه يمكن أن ينهار ويختفى من خريطة الدنيا.

ولكن ها هو ذا قد اختفى. ولقد شرعت تباشير تفكك الولايات المتحدة ذاتها تظهر من الآن للعيان، ولسوف يندم العملاء ساعتئذ، لكنْ حين لاتَ مَنْدَم! وفى ضوء هذا الكلام يستطيع القارئ الطيب الذى لم يكن يفهم السر فى انتشار أقلام بعينها فى عديد من الصحف من أقصى شرق العالم العربى لأقصى غربه، وبالذات فى صحف الخليج.

لناس لا يقدر الواحد منهم، لضحولة ثقافته وانعدام موهبته، أن يكتب أو يقرأ جملة واحدة سليمة، ومنهم ذلك التومرجى الشيوعى الحقير مؤجّر أَسِرّة المستشفى للمومسات وزبائنهن قبل أن تنتشله بعض الجهات وتجعل منه كاتبا لامعا رغم أن أقصى ما كان مثله يحلم به، وهو عريان غير متغطٍّ بشىء، أن يشتغل مدرسا فى مدرسة ابتدائية هى كل ما يؤهله له الدبلوم البائس الذى حصل عليه بشق الأنفس.

فذلك التومرجى الشيوعى المتأمرك الذى يكره الإسلام لهذا السبب، إذ لا يمكن أمثاله أن يحبوا دينا نظيفا كالإسلام يأمر أتباعه بالطهارة والعفة والاستقامة، على حين أتى هو من بيئة دنسة مثله، ومن ثم فمن الطبيعى أن يقبل على القذارات والقمامات يتمرغ فيها ويَطْعَم منها ويدافع عنها ويهاجم الإسلام الكريم.

أقول إن ذلك التومرجى تجد له، أيها القارئ العزيز، مقالات فى الصحف العربية المختلفة من المحيط إلى الخليج، وتراه يتنطط بالطائرات فى بلاد الله بين خلق الله، وهو العارى عن الموهبة والثقافة الحقة جميعا، وكان أبعد ما يطمح إليه أن يركب عربة يجرها حمار.

والبركة فى تلك الجهات التى تأمر مسؤولينا الخونة أن يصدروا بدروهم أمرهم لنشر ما يكتبه هؤلاء الحقراء الجهلة فى صحف بلادهم ومن خلال دُور نشرها فلا يملك المسؤولون الخونة إلا أن يطيعوا، وفى فم كل منهم فردة حذاء قديم، بل الفردتان كلتاهما!

وقد شاهدت ذات مرة فى مطار أبو ظبى منذ عدة سنوات ذلك التومرجى الذى تَشِى سَحْنَتُه بالبَلَه الخبيث وتَنِزّ ذلةً وخنوعًا رغم ما قد يُتَصَوَّر أنه انتفاش وثقة، وكنت عائدا من مؤتمر أدبى فى سورية، وكنا أنا وزميل السفر والمؤتمر، وهو سورى ينتمى إلى نفس التوجه العقائدى للتومرجى .

جالسين ننتظر ميعاد إقلاع طائرتنا إلى الدوحة بعدما حطت بنا فى ذلك المطار فى طريق العودة لنحو ساعة، حين انتفض رفيقى بغتة كمن لسعته عقرب مناديا: "يا قواد!"، ثم التفت إلىَّ يقول موضحا: إنه القواد الفلانى. ألا تعرفه؟ قلت: سمعت به.

فنهض من جوارى وتقدم إليه وأنا أشاهدهما يتصافحان ويتكلمان بحرارة. ثم عاد الرفيق، ومضى القواد لطِيَّته، وكانت المرة الأولى والأخيرة التى شاهدت فيها قوادا عن كَثَب.

وفى ضوء هذا الكلام أيضا يستطيع القارئ الطيب الذى لم يكن يفهم السر فى سرعة ظهور المقالات النقدية التى تتناول أعمالا بعينها فى عدد من صحف العالم العربى المختلفة، وفى وقت واحد، عازفة نفس النغمة مع بعض التلوينات هنا وهناك، وإلا فمتى أُرْسِلَتْ نُسَخ الرواية مثلا محلّ النقد إلى أولئك النقاد فى بلادهم العربية المختلفة؟ ومتى قرأها هؤلاء المُسَمَّوْن: نقادا؟

وكيف اتفقوا كلهم أجمعين أبصعين أكتعين (كتب الله عليهم أن يكونوا من الأكتعين!) على الإشادة بالرواية وصاحبها العبقرى؟ لكن لا تنس أيها القارئ أن هناك الشيخ ناسوخا! والشيخ ناسوخ، لمن لا يعلم، هو من أهل الخطوة، الذين يوجدون فى عدة أماكن فى وقت واحد ثم لا يبرح مع ذلك مكانه الأصلى.

"بركاتك يا شيخ ناسوخ"! حاجة كذا على وزن "حلمك يا شيخ علام" للشيخ أنيس بن منصور! ومهمة الشيخ ناسوخ أن يحمل الأوامر والتوجيهات النقدية التى لا يستطيع أى واحد من هؤلاء "البنى آدم" أن يخرج عليها، وإلا خَرَج "فِلْس عينه" من محجره!

أما ما كتبه الناقد الانتهاكى عن الحياة وإيقاعها الباطنى المفعم بالشهوة والتنسك معا مما يريدنا أن نتمسك به فهو إشارة إلى أنه ينبغى ألا يحاول المتدينون دعوة الناس إلى الطريق المستقيم بل يتركونهم لما يمارسونه من زنا وعهر وخمر وسكر وشذوذ.

إذ إن الأساتذة التنويريين الحداثيين المتحضرين لا يريدون أن يكون للإسلام بالذات مكان فى المجتمع، أما أى دين آخر حتى لو كان دين عبادة الخنافس والديدان فأهلا به ومرحبا. وإنك لتنظر فى الأجهزة الثقافية التى يمسك بأعنتها التنويريون منذ عهد الوزير الشاذ الذى استغرق ما لا أدرى كم من الأعوام فلا تجد مثقفا متدينا إلا على سبيل الشذوذ.

طبعا "على سبيل الشذوذ"، فكل حياتنا كانت شذوذا فى شذوذ فى عهد ذلك الوزير صاحب الشذوذ حتى إن أشهر روائى فى ذلك العصر هو الروائى ذو الروايتين الممتلئتين بألوان الشذوذ! بركاتك يا شيخ شذوذ!

ومع هذا كله فَلْنُصَدِّقْ هذا الذى كتبه الناقد المنتهك، وتعالوا نَرَ ماذا هنالك. يقول ناقدنا الانتهاكى عن التدين الإسلامى من حولنا إنه تدين مفتعل، أىْ تدين لا يصح أبدا.

لكن لماذا، والمتدينون فى الرواية، وهم من ذوى التدين المفتعل كما رأينا، يمارسون الشهوات مع تدينهم جنبا إلى جنب، ورغم ذلك تسخر الرواية منهم وتجعلهم مثلا للسخف والتنطع، ولسان حالها يقول: انظروا إلى نفاق هؤلاء المتدينين؟

ألم يكن المفترض، طبقا لما يقوله الناقد المنتهك وما تقوله الرواية من قَبْل الناقد المنتهك، أن يحظى هؤلاء المتدينون بالرضا السامى من الرواية وناقدها باعتبار أنهم يجمعون بين ما يتضمنه إيقاع الحياة الباطنى من شهوة ونسك؟

أرأيتم الفرق بين ما يقال من طرف اللسان وما يعتقده الجَنَان؟ أليس الرجل الملتحى صاحب شركة توظيف الأموال مثلا الذى تصوره الرواية شخصا شهوانيا غارقا فى الجنس ويمارس حياة الترف والتنعم بالنساء هو ممن ينبغى أن يقابله ناقدنا وروائينا بالأحضان على أساس أنه قد حقق المعادلة العظيمة التى وضعها لنا الناقد المنتهك، معادلة الانغماس فى الشهوة والتنسك فى ذات الوقت؟

لكن لا ينبغى أن يفوتك أيها القارئ أن ذلك الملتحى شخص مسلم، والمسلم مدان مهما صنع، ومدان حتى لو لم يصنع شيئا. إنه مدان فى كل الأحوال. ثم تعال إلى الناحية الأخرى، ناحية شركاء الوطن. إنهم هم أيضا يظهرون تدينا، وتدينا مستفزا فى كثير من الأحيان.

انظر مثلا إلى دقهم الصليب رجالا ونساء على ظهور أرساغهم. انظر إلى تعليقهم الصليب رجالا ونساء فوق صدورهم على نحو زاعق. انظر إلى رفعهم الصليب فى كل تظاهرة وانهيالهم ضربا به على رؤوس من يقابلونهم من المسلمين وما يجدونه فى طريقهم من سيارات.

انظر إلى زعمهم بأنهم هم أصحاب البلد، بينما المسلمون، وهم يمثلون خمسة وتسعين بالمائة، أغراب، وفى أحسن الأحوال: ضيوف ينبغى ألا يطيلوا المكث فى البلاد، فيا بخت من زار وخفف، ويرحلوا عائدين إلى "جزيرة المعيز"، التى جاؤوا منها.

انظر إلى دعاوى ظهور العذراء فوق أبراج الكنائس من حين لآخر وشفائها المرضى، فى حين يحرص كبيرهم على التردد على أطباء أمريكا، الذين لا علاقة لهم لا بالعذراء ولا بأية ظهورات.

انظر إلى سعار بناء الكنائس فى كل مكان لصبغ المدن والقرى المصرية بما يوحى بأن البلاد تَدِين بدين الصليب مع أن عدد المؤمنين بالصليب لا يتجاوز خمسة بالمائة، ثم إذا أبدى المسلمون ضيقا بهذه الخطة التى تجرى على قدم وساق منذ نحو أربعين عاما ارتفعت الصيحات بأن المسلمين يضطهدون النصارى ويضيّقون عليهم.

ثم إذا توترت الأوضاع أطلق النصارى النار على جماهير المسلمين ليعقبها تصايحات الاضطهادات وسائر التهم المجنونة التى يخيفون بها المسلمين ويوهمونهم أنها كفيلة بتهييج أمريكا ودفعها إلى احتلال البلاد دفاعا عن النصارى.

انظر إلى بقاء الكنائس مفتوحة ليل نهار تسربلها الأنوار، بينما المساجد تسبح فى الظلام الدامس ويلفها الحزن والاكتئاب. ترى أهذا هو السبب فى أن المتنورين المصريين يقفون مع الكنيسة ضد الإسلام ميلا من التنويريين إلى النور المسربل للكنائس ليلا، وكراهيتهم للمساجد، التى يلفها الظلام، وهم بحمد الله يبغضون الظلام والظلاميين؟

ألا لعنة الله عليهم، فهم الذين اختلقوا هذا الوضع المزرى الذى يستحقه المسلمون عن جدارة بسبب ذلتهم وخنوعهم ورضاهم بالهوان. ولا أدرى لم لم يثوروا عليه بعد الثورة العظيمة التى قاموا بها، ولم يشاركهم فيها رفقاء الوطن نزولا على أوامر كبيرهم، الذى كان يقف بكل قواه مع المخلوع زوج الحيزبون.

تلك التى انتشر فى المواقع المختلفة فى الآونة الأخيرة خبرٌ مُفَاده أنها متنصرة، لكنها كانت تخفى نصرانيتها، وأن هذا هو السبب فى مناصرتها للكنيسة ورئيسها وبغضها للإسلام ومساجده!

ومع هذه المظاهر التدينية النصرانية المتعصبة والمنافية للعقل والحكمة والوطنية، بل للإنسانية ذاتها، يذهب القارئ فيُفَلِّى الرواية التى نحن بصددها لعله أن يجد فيها لتلك المظاهر أثرا يناظر الأثر الذى تنسبه بالباطل إلى التدين الإسلامى فلا يعثر على شىء منه أبدا.

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يتخذ من سكرتيرات الأنبا فلان الحسناوات (ونكتفى ب"الحسناوات" فلا نقول شيئا آخر) موضوعا لرواية أخرى من رواياته السخيفة، على الأقل كلون من المعادلة لما صنعه فى الرواية الحالية تجاه الإسلام والمسلمين؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يدير عملا من أعماله القصصية المتهافتة حول اعتقال الكنيسة فى الدير لكل امرأة نصرانية تُسْلِم وتغييبها عن العالم فلا يدرى أحد أهى لا تزال على قيد الحياة أم تم قتلها ودفنها، ولا من شاف ولا من درى؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يقول شيئا أى شىء عن فِرَق الموت التى تنطلق طبقا لفتوى القساوسة فتقتل من خلعت من النساء النصرانيات ربقةَ النصرانية واعتنقت دين التوحيد فلم تستطع الكنيسة أن تضع يدها عليها وتعتقلها فى دير من الأديرة، ثم لا تكتفى تلك الفرق الشيطانية بقتل المرأة وحدها بل تقتل معها زوجها وأطفالها بقسوة إجرامية لا تعرف حلالا ولا حراما، ولا عيبا ولا نخوة ولا إنسانية.

بل كل ما تعرفه هو تنفيذ ما قاله القسيس من وجوب تطبيق الفتوى حتى لا تفكر أية امرأة أخرى فى الانتقال من النصرانية إلى الإسلام؟ ترى هل يجرؤ الكاتب أن يفتح "خشمه" بكلمة عن المخطط الذى يقول للمسلمين إنكم لا مكان لكم فى هذا البلد، بل لا بد لكم من المغادرة بعدما طالت إقامتكم الثقيلة أربعة عشر قرنا؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يجعل موضوع إحدى رواياته التافهة جماعة "الأمة القبطية" وأهدافها وسجلها الحافل بالموبقات والخيانات و ألوان الإجرام، ودور كبيرهم فيها وفى تنفيذ مخططاتها وإدانة المحكمة له فى عهد السادات؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يحوم ولو من بعيد حول الأوضاع المالية للكنيسة مما عالجه القس إبراهيم عبد السيد فى أحد كتبه فحقت عليه اللعنات وحاقت به من كل جانب دون بارقة من أمل فى الصفح والغفران من جانب الكبير القاسى الفؤاد الذى يعمل على إحراق الوطن من أقاصيه إلى أقاصيه؟

ترى هل يجرؤ الكاتب على الإشارة إلى الأوامر التى يصدرها الكبير الميت القلب فلا يجرؤ أحد على إقامة طقوس الدفن لأى إنسان توسوس له نفسه بمخالفته كائنا من كان، من العلمانيين أو الكهنوت، فتحمل أسرته نعشه وتجرى به من كنيسة إلى كنيسة فلا تجد قسيسا واحدا يوافق على القيام بهذه الطقوس؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يسلط ولو بصيصا ضئيلا من الضوء على موقف الكنيسة الرجعى المخزى من الثورة، ومعاضدة كبيرها وجماهيرها للمخلوع الملعون، ومناصرتهم لخطة التوريث متحدّين أمانى الأمة وتطلعاتها وطموحها إلى التساوى بالأمم الكريمة والانعتاق من أوهاق الاستبداد والتجبر والغطرسة والسرقات التى لا ترضى بأقل من مئات المليارات وتضييع البلاد والتطويح بها فى هاوية العدم؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يفكر، يفكر فقط، فى إدانة البذاءات وألوان السِّباب التى يوجهها الخونة إلى النبى الكريم ودينه العظيم؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن ينبش فى ملف استعانة شركاء الوطن بالمحتلين الصهاينة والصليبيين الأمريكان "عينى عينك" وهتافهم بهم فى الشوارع وأمام ماسبيرو وداخل الكاتدرائية ذاتها على مرأى ومسمع من جميع القساوسة بما فيهم كبيرهم أن يأتوا فيحتلوا البلاد ويذلوا المسلمين مؤكدين لهم أنهم سيكونون ذراعهم الأيمن فى ذلك الاحتلال؟

هل يجرؤ الكاتب فيتحدث عن وجوب امتثال الكنيسة لقوانين الدولة بدلا من تشكيلها دولة داخل الدولة لا يجرؤ الحاكم ذاته على مراجعتها فيما تقول أو تفعل بشأن المواطنين النصارى، وشأن من يُسْلِم منهم؟

هل يجرؤ الكاتب أن يقترب من اعتقادات الكنيسة فى الخوارق والظهورات فى القرن الحادى والعشرين، فضلا عن أن يجعل من ذلك موضوعا للمناقشة؟

ترى هل يجرؤ الكاتب فينادى بألا تكون مرجعية النصارى كلام الكنيسة بل القوانين المدنية مستعينا بالحقيقة المتمثلة فى أن الأناجيل تخلو من التشريعات والقوانين؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يفتح قضية السعار المعمارى الذى يستولى على شركاء الوطن ويدفعهم إلى استفزاز المسلمين استفزازا شبه متواصل كلما هدأ عاد جَذَعَةً كما تقول العرب، فألفينا الكنائس تسد عليك الأفق، ورأينا الكنائس تقوم مكان البيوت والمضايف .

رغم أن الحالة لا تستدعى شيئا من ذلك، إذ الكنائس أكبر مما يحتاجه النصارى فى مصر بآمادٍ طبقا لمعيار الأمم المتحدة بحيث يحتاج المسلمون إلى بناء الألوف والألوف من المساجد كى يقتربوا من العدد الملاثم لنسبتهم المئوية فى مصر، لكن الرغبة فى صبغ البلاد بالصبغة النصرانية تستوجب هذا؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن ينادى بالعدل بين المسجد والكنيسة بحيث لا يُغْلَق المسجد فور الانتهاء من الصلاة فى أول الوقت، وتبقى الكنيسة على مدار اليوم والليلة مفتوحة لمن يريد أن يقصدها فى أى وقت .

رغم أن الصلاة فى الإسلام مستمرة طوال الأربع والعشرين ساعة فى حين أن الصلاة فى الكنيسة لا تكون إلا لساعة أو ساعتين يوما فى الأسبوع، وبحيث تُمْنَع الشرطة والمباحث من اقتحام المساجد أسوة بمنعهم من فعل ذلك بالنسبة للكنائس؟

ترى هل يجرؤ الكاتب على الاقتراب من ملف السفينة المحملة بالأسلحة التى ضبطتها الدولة قبيل الثورة الينايرية، وكانت تتبع ابن أحد كبار الكنيسة؟

ترى هل يجرؤ الكاتب أن يسجل فى رواية أخرى من رواياته التافهة ما سمعه ورآه العالم كله حين هدد أحد القساوسة محافظ أسوان قبيل عيد الأضحى من عام 1432ه بالضرب بالجزمة وبالموت خلال ثمان وأربعين ساعة.

وهدد فوق ذلك رئيس المجلس العسكرى بأنه، وهو جالس فى كرسيه، يعلم جيدا ماذا يمكن أن يفعله النصارى إذا لم يستجب لما يريدونه، وصولا إلى ما وقع بعد ذلك من مهاجمة النصارى حاملى الصليب لقوات الجيش التى تحرس مبنى الإذاعة والتلفاز وقتل العشرات منهم.

وهو ما يُعَدّ صدًى لتهديد كبير النصارى للحكومة فى أوائل السبعينات بأنه على استعداد لإحراق البلد كله من الإسكندرية إلى أسوان؟

ترى هل يجرؤ الكاتب، الذى هو شجاع فقط فى الهجوم على الإسلام دين الأغلبية الخانعة الذليلة التى لا تهش ولا تنش وتغرى أمثاله بنهش لحمها وتشويه صورتها والتشنيع بالباطل عليها، أن يقول كلمة حق ينصر بها المسحوقين النصارى الذين يريدون معاودة الزواج بعدما استحالت العشرة بينهم وبين رفقاء حياتهم ووقع الطلاق؟

أتراه يجرؤ على أن يناقش شيئا أى شىء من ذلك الإجرام العاتى؟ أتراه يجرؤ؟ الحق الذى لا مرية فيه أنه لا الكاتب (ولا الناقد أيضا) يمكن أن يفكر فى شىء من ذلك، فضلا عن أن يجرؤ على التلميح، مجرد التلميح، إليه، وإلا راح فى شربة ماء وألفى نفسه وقد رجع إلى حجمه الصحيح.

أم هل ترى يجرؤ الكاتب أن يقترب من الملف التالى، الذى تحدث عن بعض أسراره الأستاذ جمال أسعد، وهو نصرانى وليس مسلما؟ تقول صحيفة "الفجر":

"لم يهنأ جمال أسعد السياسي والمعارض المصري، قبل أن يكون القبطي، بتعيينه نائبا في مجلس الشعب بالقرار الجمهوري رقم 253 لسنة 2010 ضمن النواب العشرة المعينين الذين كان من بينهم سبعة أقباط، فبدلا من أن يتلقى تهنئة الأقباط قابل سخطهم وغضبهم ولعنتهم.بل هناك من وصفه بأنه يهوذا العصر الحديث.

كان تعيين جمال أسعد مفاجأة للجميع بالفعل. كان هناك اعتقاد أن قائمة النواب المعينين من قِبَل الرئيس إذا ضمت أقباطا فلا بد أن يوافق عليهم البابا شنودة، لكن ما جرى مع أسعد جعل الجميع يتأكد أن ما قيل كان وهما كبيرا لأن القائمة لو كانت عُرِضَتْ علي البابا لرفض رفضا قاطعا تعيين أسعد، وأسعد بالذات، في مجلس الشعب.

فالبابا لا يعتبره معارضا له، بل يتعامل معه على أنه عدو. وهو ما فهمه كل رجال البابا في كل كنائس مصر. وكان طبيعيا أن يمنع جمال أسعد من دخول الكنائس رغم أنها بيوت الله لا بيوت البابا شنودة.

حالة الغضب القبطي على جمال أسعد لا يعرف جذورها الكثيرون. لا يعرفون أسباب خلافه مع البابا ولا لماذا تتخذ الكنيسة منه هذا الموقف الحاد العنيد، وهو ما جعلني أفتش في أوراق جمال أسعد القديمة.

فقبل عشر سنوات تقريبا أصدر أسعد كتابه "إني أعترف- كواليس الكنيسة والأحزاب والإخوان المسلمين". سجل فيها مذكراته في السياسة والصحافة.

في هذا الكتاب الذي صدر عن دار الخيال ونَفِدَتْ طبعاته الأولي كتب جمال أسعد فصلا مطولا عن علاقته بالبابا شنودة: من الصداقة الحميمية والقرب الشديد إلي الصدام والعداء المطلق.

كان عنوان الفصل موحيا ودالا: "قصتي مع البابا من البداية إلى النهاية". فأسعد يقر بالفعل أن علاقته بالبابا انتهت، لكنه لا ينسى تسجيل هدفه من كتابة مذكراته.

الحكاية تحكي لنا لماذا يحظى جمال أسعد بكل هذه الكراهية وكل هذا العنف في الاعتراض على تعيينه في مجلس الشعب. وهذه فصول ما جرى.

التقى جمال أسعد البابا شنودة عندما ذهب إليه في الكاتدرائية الكبرى بالعباسية بصحبة القمص ميخائيل متى، الذي كان أستاذا للبابا شنودة ولغيره من الأساقفة. يقول أسعد: "ذات مرة ذهبت مجموعة من شباب القوصية مع القمص ميخائيل، فاستقبلهم الأنبا شنودة أسقف التعليم وقتها.

وكان يقدم لهم الفاكهة بنفسه ويذيب السكر في الشاي بيده حين كان يتصف في تلك المرحلة بالشخصية المتواضعة جدا التي تمارس التقشف إلى أبعد الحدود حتى أنه عندما كان يصوم كان لا يأكل الفول المدمس، حيث إنه يحب الفول.

وكان يعتبر الفول الذي يحبه عندما يأكله فإنه يمارس إحدى شهوات النفس رغم أن الفول يعتبر من الأكل الصائم لأنه نباتي. ويسجل جمال أسعد سمة أخرى من سمات البابا، ففي هذه الفترة لم يكن يحب أو يَقْبَل أن يقبّل أحد يده، وهي عادة يفعلها أغلب الأقباط كنوع من التكريم للكهنة من وجهة نظرهم.

فكان هو لا يقبل تلك العادات، وكان يسحب يده سريعا من يد أي شخص يريد تقبيل يده. كان الأنبا شنودة، كما يقول جمال أسعد، "في ذلك الوقت غاية في التواضع والروحانية، شديد التقشف مملوءا بالمحبة الخالصة المستعدة للبذل من أجل الآخرين. وكان بذلك النموذج المفضل للشباب حتى أنهم كانوا يلتفون حوله ويعشقونه.

ويظهر هذا بشدة في لقائه الأسبوعي الذي كان يعقده كل يوم جمعة داخل البطريركية بالعباسية، وكان يقبل على هذا الاجتماع أعداد غفيرة من الشباب حتى إن البعض كانوا يطلقون على محطة الأتوبيس القريبة من البطريركية بالعباسية اسم "محطة الأنبا شنودة".

ولم يكن يخطر ببال أحد أن كل هذه التصرفات من قبل الأنبا شنودة كان يخفي وراءها مقاصد أخرى. تعددت زيارات أسعد للبابا. منها زيارته له بعد أن تصاعدت الأمور بين البابا شنودة والسادات، واعتكف البابا في دير الأنبا بيشوي.

كان أسعد موفدا من حزب التجمع لتحديد موعد لمقابلة وفد من الحزب. إلا أن هذه المقابلة بين وفد الحزب والبابا لم تتم بسبب تصاعد الأمور بين السادات والبابا. وعندما عزل السادات البابا زاره أسعد، لكنْ هذه المرة بتصريح من وزارة الداخلية.

يقول أسعد عن هذه الزيارة: "كان لقاؤنا مع قداسة البابا عندما تم تقديم وجبة الغداء لنا، حيث تناولنا هذه الوجبة معا. وكان ذلك في أيام الصوم، فأكلنا طعاما يتكون من فول وطعمية. لكن كان أهم ما يميز المائدة هو وجود الفاكهة ذات الأصناف الراقية التي تدعو إلى الاستفزاز".

بدأ أسعد حوارا مع البابا منذ الساعة الثالثة عصرا، ولم ينته إلا بعد منتصف الليل. لكن أهم ما دار بين الرجلين في الحوار كان المشاهد التي تحدَّث عنها أسعد في الدير الذي عُزِل فيه البابا.

يقول: "جلست مع قداسة البابا أمام المقر البابوي الموجود بالدير، وكان يوجد أكثر من خمسة كلاب من سلالة راقية يقوم البابا علي تربيتها. وكنت أجلس بجواره بينما كان قداسته يستخدم أحد الكلاب القابعة بجواره للاتكاء عليه".

ويقول: "لم يتوقف الحديث بيننا إلا في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لتنتهي هذه الجلسة الممتدة، لنقوم بعد ذلك بالذهاب على ضوء كلوب بسبب انقطاع التيار الكهربائي لكي نشاهد نسناسا قدمه أحد الزوار من دولة إفريقية هدية للبابا.

وكان هذا القرد موضوعا في قفص، ويقف بجوار القفص أحد الرهبان، الذي يحمل كرتونة تفاح أمريكاني مستورد، ويقوم البابا بمداعبة القرد ويلقي له بالتفاح. وقمت بالنظر في قاع القفص فوجدت أن هناك أكثر من عشرة كيلو جرامات من هذا التفاح ملقاة في القاع لأن الكميات التي كانت تقدم لهذا القرد أكبر بكثير من أن يلتهمها".

ويقول: "من المواقف الطريفة خلال هذه الزيارة كان موقف جعلني أشعر بفزع شديد، فلقد كنا جالسين بعد فترة راحة، وذلك نحو الساعة السادسة مساء، وكان هذا أمام المقر البابوي داخل الدير.

حيث التقيت قداسة البابا مرة أخرى، وفوجئت بمجموعة من الكلاب الضخمة جدا تهجم علينا، فتملكني الرعب والفزع، خاصة أن أحد هذه الكلاب قام بالقفز برجليه على كتفي، وعنئذ صاح البابا في هذا الكلب قائلا: ارجع يا ولد.

فتراجعت الكلاب وسارت خلف البابا وظلت مصاحبة لنا خلال هذه الجلسة التي استمرت عدة ساعات، حيث ذهبنا بعد ذلك لتناول العشاء. وكان البابا يستخدم أحد هذه الكلاب كوسادة يتكئ عليها.

في جريدة "الشعب"، التي كان يكتب فيها جمال أسعد، أجري حوارا مع الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي. اختار جمال الأنبا غريغوريوس لأنه صاحب رأي وفكر متجدد ومميز.

كان جمال وقتها عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب "العمل" الاشتراكي. نُشِر الحوار كاملا، وكان حديثا حول السياسة والكنيسة بل والعقيدة المسيحية أيضا، حتى إن وكالات الأنباء تناقلته وتناوله بعض الكتاب والسياسيين بالتعليق في مقالاتهم.

غضب البابا من حوار أسعد مع غريغوريوس، ونقلت الغضب عضوة بحزب "العمل" هي بهجة الراهب. قالت لجمال إن البابا غاضب بشدة، وعنَّفت جمال، الذي قال لها: "يا سيدتي، نحن لا نعمل عند البابا. وليس من حقه أن يتدخل بالمنع أو التصريح بإجراء حديث صحفي مع هذا أو ذاك. رغم ذلك إذا كان لدى قداسة البابا تعليق على ما تم نَشْرُه عليه أن يرسل هذا التعليق، وسوف ننشره".

تراجعت بهجة الراهب، وقالت لجمال إن البابا يريد مقابلتك. فقال لها: "إذا كانت المقابلة ستكون من خلال طريقتك هذه في التعامل فإنني لن أقابل البابا". وبالفعل تمت المقابلة.

يقول أسعد: "دخلت إلى البابا في مكتبه الساعة العاشرة مساء ووجدته ممسكا بملف به مجموعة من الأوراق التي اكتشفتُ أنها أوراق الحديث الصحفي الذي سبق أن أجريته مع الأنبا غريغوريوس كلمة كلمة، ويرد على كل ما جاء بهذا الحديث، ليس من أجل تفنيد ما جاء به أو الرد عليه، ولكن كانت دهشتي وصدمتي أن هذا من أجل تسفيه كل ما قاله الأنبا غريغوريوس.

ولم يترك شيئا في الحديث إلا قام بنقده والحط من قدره لدرجة أن الأنبا غريغوريوس قال في معرض حديثه معي أنه يجيد التحدث بخمس لغات، فوجدت أن البابا شنودة يقول: ماذا في هذا؟ أنا أتحدث سبع لغات حية".

أجرى أسعد الحوار مع البابا، لكنه فوجئ بأنه يقول له: "كيف تجري حوارا مع الأنبا غريغوريوس، وهو شخص خائن وافق على أن يكون أحد أعضاء اللجنة التي قام بتشكيلها السادات عندما قام بعزلي ووضعي تحت التحفظ؟".

وكان لا بد لأسعد أن يعلق. قال: "أحسست أن هناك صراعا غير عادي لا يليق بهذه القيادات الدينية، بل لا يليق إطلاقا أو يتفق مع أبسط مبادئ المسيحية وقوانين وأعراف الكنيسة، خاصة في ظل الوضع الروحي والخاص لهذه القيادات لدى النفوس. وفي تلك اللحظات شعرت بالاكتئاب والتعب النفسي الحقيقي.

لقد سبب لي البابا بهذا التصرف الذي لا يليق به كقيادة روحية صدمة كبيرة جدا لأنني كنت أتصور أن هذه القيادات الروحية أكبر بكثير جدا من مثل هذه التصرفات وأنها تترفع عن هذه الأفعال التي تتعارض مع الكتاب المقدس".

توثقت علاقة جمال أسعد بالبابا، لكن أسعد كانت له آراؤه التي أغضبت البابا منه، وكانت هذه بداية النهاية. كان يرى مثلا أن الكنيسة مسئولة مسئولية مباشرة عن الفتنة الطائفية، وهو ما اعتبره البابا شنودة نقدا شخصيا له. يفصّل جمال ما جرى، يقول:

"قمت بطرح هذا الرأي من خلال مقالات في الصحف، وكانت إضافاتي الجديدة أن ممارسة القيادة الكنسية باعتبارها زعامة كاريزمية (البابا شنودة) وسيطرتها الكاملة علي الأقباط من خلال استقطاب الكنيسة لهم وهجرتهم إليها جعلها بديلا كاملا عن المجتمع.

وهذا أشبع غرور البابا شنودة وجعله يشعر أنه زعيم سياسي لا يمثل الأقباط فقط دينيا، بل وسياسيا أيضا. وبالتالي اكتفى الأقباط بالتقوقع داخل أسوار الكنيسة واستغنَوْا عن المجتمع، مما تسبب في إصابتهم بداء السلبية الخطير، وأصبح الأقباط سلبيين تجاه المجتمع المصري. وهذا أدى إلي زيادة الاحتقان الطائفي اشتعالا".

وجد جمال أسعد صعوبة في نشر مقالاته في جريدة "الأهالي". ويفسر هو ذلك بأن هناك "علاقة خاصة بين البابا شنودة وحزب "التجمع" عن طريق رفعت السعيد، أمين عام الحزب. وهذه العلاقة أرى أنها غير طبيعية وغير صادقة لأن د. رفعت السعيد وحزب "التجمع" اعتبرا أنفسهما حاميي حمي الأقباط في مصر والمدافعين الأولين عنهم.

بل إنهما أحيانا كانا يُعْتَبَران المتحدث الرسمي باسم الأقباط. وهذا لا يخلو من مصلحة تداخلت فيها الانتهازية السياسية مع الدين". ويفصّل أسعد ما أجمله بكلمة "المصلحة"، يقول: "هذه العلاقة المشبوهة كانت في شكل تبرعات وشيكات مالية تأتي لجريدة "الأهالي" ولحزب التجمع ولشخصيات بارزة أيضا من قِبَل أقباط المهجر.

الذين كانوا يدعون كل أقباط العالم لقراءة جريدة "الأهالي" باعتبارها جريدة المسيحيين في مصر لا جريدة حزب من المفروض أنه اشتراكي تقدمي. ولم ينزعج حزب "التجمع" من هذا الوضع، لكنه كان مستريحا تماما وراضيا لأنه كان المستفيد ماديا من وراء كل ذلك".

اعتبر جمال أسعد أن هذا كان سببا في بدء المغازلة المتبادلة بين البابا شنودة ود. رفعت السعيد، الذي تحدث مع أسعد بشكل مباشر وصريح عندما كان في ذلك الوقت عضوا بالأمانة العامة لحزب "التجمع"، وقال له إنه لا يوافق على ما يكتبه وإن الحزب لا يستطيع أن ينشر مقالاته.

سأله أسعد: كيف تطلبون هذا من عضو في الأمانة العامة وأحد القيادات المؤسسة للحزب؟ وإذا تم إغلاق أبواب صحيفة الحزب أمام إحدى قياداته فماذا يحدث مع من أهم أقل في المستوى التنظيمي للحزب؟ وأين كل الديمقراطية والتقدمية التي يتحدث عنها الحزب ويتشدق بها ليل نهار؟

لم يكن هذا فقط ما لاقاه جمال أسعد في حزب "التجمع"، فعندما عقد الحزب مؤتمرا في الإسكندرية تحت شعار "الوحدة الوطنية" كان مشاركا فيه خالد محيي الدين وأبو العز الحريري. وكانت المفاجأة أن الكاهن الذي حضر قال لجمال أسعد إن لديه تعليمات واضحة وصريحة من قِبَل البابا شنودة بأنه إذا حضر جمال أسعد فإنه يجب أن ينسحب من المؤتمر.

شهد أبو العز الحريري على هذا الكلام، وأقنع الكاهن أن يتحدث في المؤتمر قبل جمال أسعد ثم يعتذر ويطلب الانصراف لأي سبب. وبذلك يكون قد نفذ كلام البابا. وعندما نشر جمال أسعد هذا الكلام كذبه أبو العز الحريري لأسباب انتخابية.

وكانت المفاجأة أن الحزب حَوَّل جمال إلى التحقيق، وطالبه بالاعتذار للحريري، وهو ما جعله يطوي صفحة "التجمع" إلى الأبد.

هناك قضايا كثيرة اتفق فيها جمال أسعد مع البابا شنودة: منها مثلا موقف قداسته من زيارة القدس، وتحريم قيام الأقباط بزيارة الأراضي المقدسة طالما كانت تحت الاحتلال الصهيوني. ويتفق معه في موقفه من القضية الفلسطنية بشكل عام.

لكن هناك قضايا أخرى اختلف فيها جمال أسعد مع البابا، وهي جميعا قضايا متعلقة بحقوق الإنسان. يقول: "على سبيل المثال قام قداسة البابا بمنع الصلاة على جثمان القس الراحل إبراهيم عبد السيد بعد وفاته، إذ أصدر قرارا بهذا الشأن وهو في أمريكا في أول سبتمبر 1999.

وهو الشيء الذي جعل أهله ومحبيه يتنقلون من كنيسة إلي أخري طوال أربع وعشرين ساعة متواصلة من أجل الصلاة على جثمانه، حتى إن الكنيسة الإنجيلية بادرت من جانبها بالترحيب بالصلاة على الجثمان، وذلك في كبرى كنائس الطائفة الإنجيلية (كنيسة قصر الدوبارة بالقاهرة)، وهو الأمر الذي جعل الراهب أغاثون المقاري يقوم بالصلاة على جثمان القس الراحل في كنيسة صغيرة توجد بمقابر أرض الجولف في مصر الجديدة.

وكان هذا حفظا لكرامة القس، وخوفا على تاريخ الكنيسة من أن يتحول إلى عصر تكفير وتهديد لكل من يبدي مجرد الرأي حول طريقة إدارة الكنيسة".

بحث جمال أسعد عما يؤكد وجهة نظره فوجده في تصريحات الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس، الذي صرح لمجلة "المصور" وقتها بأن الكنيسة تصر علي ذلك "قسمة الغرماء" ليوسف القعيد (ط. دار الساقى/ لندن/ 2004م)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.