رئيس جامعة أسيوط يقرر إعادة تشكيل مركز دراسات المستقبل    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك شعب كنيسة عين شمس الاحتفال بخميس العهد    "التحلية" تختتم النسخة الثالثة من مبادرة "مجتمع أبحاث المياه" بجامعة تبوك    حماس تطالب بمحاسبة إسرائيل إثر استشهاد طبيب فلسطيني في سجونها    الحكومة: نعمل على توفير السيولة الدولارية لمواجهة أي تحديات اقتصادية إقليمية أو دولية    جوميز: أدائنا لم يكن مثاليا أمام البنك الأهلي.. والإصابات تعوقنا    التعليم: إتاحة ملفات تقييم الأداء (الأنشطة) على منصة أبنائنا في الخارج    زينب العبد عن كواليس مسلسل العتاولة: "طارق لطفي ضربني بالقلم بجد"    فيديو.. ياسمين عز ترفض الصلح مع نيشان: المسامح كريم ده برنامج نتفرج عليه    مسلم: الإعلام الإسرائيلى ارتكب كما كبيرا من الأكاذيب فى هذه الحرب    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    حركة شباب مصر للدفاع عن الوطن: القبائل العربية أدت دورا وطنيا وتستكمله تحت راية الدولة المصرية    الدوري الأوروبي، التشكيل الرسمي لمباراة روما وليفركوزن    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته بحضور أشرف زكي وحمادة هلال (صور)    وكيل صحة الشرقية يتابع العمل بمستشفى منيا القمح المركزي    الولايات المتحدة: حماس احتجزت شحنة مساعدات أردنية في غزة    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    مصرع سائق في اصطدام 3 سيارات بالطريق الصحراوي بالبحيرة    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    الخارجية الأمريكية تتهم حماس بتحويل مسار شاحنات المساعدات    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    خالد الجندي: العمل شرط دخول الجنة والنجاة من النار    أمين الفتوى: الإنسان المؤمن عند الاختلاف يستر لا يفضح    أخبار الأهلي: توقيع عقوبة كبيرة على لاعب الأهلي بفرمان من الخطيب    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    الإصلاح والنهضة: مدينة "السيسي" جزء من خطة الدولة التنموية    محمد سلماوي: الحرافيش كان لها دلالة رمزية في حياة نجيب محفوظ.. أديب نوبل حرص على قربه من الناس    ياسمين عز تعلق على صورة حسام موافي بعد تقبيله يد أبوالعينين :«يا عيب الشوم» (فيديو)    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    أدنوك الإماراتية: الطاقة الإنتاجية للشركة بلغت 4.85 مليون برميل يوميا    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    طلاب بجامعة مصر للمعلوماتية ينظمون فاعلية لاستعراض أفكار وتجارب النجاح الملهمة    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استفتاء بريطانيا المصيري .. مرحلة فارقة في تاريخ البلاد والقارة الأوروبية
نشر في محيط يوم 29 - 02 - 2016

بدأ العد التنازلي للاستفتاء المصيري على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي والذي تقرر أن يعقد في 23 يونيو القادم وسط موجة واسعة من الجدل بين مؤيدي ومعارضي البقاء داخل التكتل الأوروبي، وهو ما يمثل مرحلة فارقة في تاريخ البلاد ونقطة تحول فاصلة للقارة الأوروبية.
وأصبح استفتاء بريطانيا يحتل أولوية قصوى على الساحة البريطانية والأوروبية خاصة بعدما نجح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال القمة الأوروبية الأخيرة، التي عقدت يومي 18 و19 فبراير الجاري، في الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي على الإصلاحات التي تطلبها بريطانيا لضمان بقائها ضمن المجموعة الأوروبية.
وتتمثل هذه الإصلاحات في أربعة أمور أساسية أولها عدم تمكين المهاجرين الأوروبيين القادمين إلى المملكة المتحدة من المطالبة باستحقاقات الرعاية الاجتماعية ومساعدات السكن وغيرها إلا بعد مرور أربع سنوات على بقائهم داخل بريطانيا.
أما ثاني الإصلاحات فهي تتمثل في عدم التمييز الاقتصادي بين دول منظومة اليورو والدول التي لم تعتمد اليورو كعملة بديلة عن عُملتها الوطنية، وهو ما يعني جعل كل القرارات المتخذة من قبل أعضاء منطقة اليورو اختيارية وليست ملزمة بالنسبة لبقية الأعضاء خارج منطقة اليورو.
ويتمثل المطلب الثالث لبريطانيا في التركيز على تمديد السوق الموحدة وتعزيز القدرة التنافسية للدول الأعضاء من خلال تسهيل حركة رؤوس الأموال و تخفيف القوانين الأوروبية الخاصة بالشركات.
أما المطلب الأخير فهو يتعلق بمنح البرلمانات الوطنية حق تعطيل قرارات اتخذتها المؤسسات الرسمية للاتحاد الأوروبي وذلك تعزيزا للسيادة الوطنية للدولة.
ومنذ إعلان كاميرون عن إجراء الاستفتاء في يونيو القادم، تسود بريطانيا حالة غير مسبوقة من الانقسام ما بين مؤيد ومعارض لهذا الاستفتاء المصيري. وتتضارب استطلاعات الرأي حول موقف البريطانيين من استمرار عضوية بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي غير أن آخر الاستطلاعات التي أجريت كشفت عن تزايد المؤيدين للانسحاب من الاتحاد والذين ارتفعت نسبتهم إلى 52% مقابل 36% يؤيدون البقاء بينما لا يزال 19% منهم لم يحددوا قرارهم بعد.
وقبل أربعة أشهر من موعد الاستفتاء المنتظر، يواجه كاميرون حملة شرسة داخل حزبه بعدما أعلن مساندته لفكرة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي في أعقاب موافقة القادة الأوروبيين على الإصلاحات التي تمنح المملكة المتحدة "وضعا خاصا" داخل الاتحاد.
ويقود الحملة المعارضة لكاميرون مجموعة من الوزراء داخل حكومته من بينهم وزير العمل والتقاعد ايان دنكان سميث، ووزير الثقافة جون ويتنغيل، ووزيرة شؤون ايرلندا الشمالية تيريزا فيليرز. وكانت المفاجأة في تأييد بوريس جونسون رئيس بلدية لندن لفكرة الخروج من الاتحاد الأوروبي -وهو من أقوى الشخصيات السياسية في بريطانيا- والذي استبعد أن تؤدي الإصلاحات الأخيرة التي توصل إليها كاميرون في مفاوضاته مع الاتحاد إلى خفض عدد الوافدين لبلاده والحد من الهجرة.
وفي ضوء هذه الأجواء المليئة بالتوتر يسعى كاميرون إلى استقطاب "القطاع الثالث المتردد" بين المؤيدين والرافضين لكي يتمكن من مواصلة معركته التاريخية من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي، الذي بات موضع جدل كبير في المملكة المتحدة.
ويتفق عدد كبير من المراقبين الأوروبيين على أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيحمل أضرارا وخيمة سواء بالنسبة لبريطانيا أو الاتحاد الأوروبي. فعلى الصعيد الاقتصادي، يتوقع هذا الفريق أن يكون الثمن الاقتصادي للانسحاب باهظا على لندن.
فقد يؤدي هذا الأمر إلى تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 2,2 في المئة عام 2030. فعلى سبيل المثال تعتبر تجارة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي شديدة الأهمية بالنسبة للاقتصاد البريطاني، نظراً لأنها تمثل 45% من إجمالي صادرات بريطانيا وتقدر بنحو 230 مليون جنيه إسترليني (329 مليون دولار) ، بينما تأتي 53% من واردات بريطانيا من دول الاتحاد وتقدر بنحو 289 مليون جنية إسترليني (413 مليون دولار)، وتخلق تلك التجارة عدداً كبيراً من الوظائف، حيث تعتمد نحو 3.4 مليون وظيفة في بريطانيا على الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي وهو ما يعكس الارتباط الوثيق بين الاقتصاد البريطاني والاقتصاد الأوروبي.
كما ينتظر أن يؤثر قرار الانسحاب سلبا على الاستثمارات داخل بريطانيا، فاستمرار البلاد داخل المنظومة الأوروبية يعطي ثقة أكبر في الاقتصاد البريطاني ويمثل ضمانة لاستمرار الاستثمارات المتبادلة بين الدول الأوروبية. وهو ما تؤيده غالبية الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات التي تقود منطقة اليورو الاقتصادية. فالاتحاد الأوروبي يعد مصدراً رئيسياً للاستثمار الأجنبي المباشر في بريطانيا، حيث استثمرت دول الاتحاد الأخرى 496 مليون جنية إسترليني (708 ملايين دولار) في بريطانيا خلال 2014، وهو ما يمثل قرابة نصف الاستثمارات الخارجية في البلاد.
كما يرى هذا الفريق من المراقبين أن مغادرة بريطانيا للسوق الموحدة والاتحاد الجمركي لن يوازنه في أي من الأشكال اتفاق تجاري جديد يتم إبرامه مع الاتحاد الأوروبي وبالتالي لن يكون هناك ضمان بدخول الشركات البريطانية التام إلى السوق الأوروبية.
أما على الصعيد السياسي فإن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى تراجع مكانة بريطانيا على الساحة الدولية. فعلى سبيل المثال تعتمد الولايات المتحدة اعتمادا كبيرا على دور بريطانيا ومكانتها داخل المنظومة الأوروبية وبالتالي فإنها لا تنظر إليها كشريك فقط ولكن كدولة صديقة يمكن الاعتماد عليها في كثير من الأحيان لدعم مواقف تتفق مع المصالح الأميركية في بروكسل ، وهو ما يعني أن خروج بريطانيا يمثل تراجعا لهذا الدور الهام مما يؤثر سلبا على العلاقات البريطانية الأمريكية.
وفي السياق ذاته تعد بريطانيا واحدة من أهم الاقتصاديات العالمية وثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي وواحدة من أهم القوى العسكرية، فضلا عن كونها عضوا في مجلس الأمن الدولي ودولة نووية عضو في حلف شمال الأطلنطي وبالتالي فإن خروج بلد مهم كهذا من التكتل الأوروبي من شأنه إعطاء انطباع سلبي عن أوروبا وقد يؤدي إلى تراجع مكانة الاتحاد على الساحة العالمية.
كما أن هذا الانسحاب قد يؤدي بدوره إلى انفصال اسكتلندا عن بريطانيا لتمسكها بالانتماء للاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد أكدت الوزيرة الأولى لإقليم اسكتلندا نيكولا ستورجون بأنه في حالة أيدت نتائج استفتاء بريطانيا خروجها من الاتحاد الأوروبي، فإنها ستنظم استفتاء في المقابل للانفصال عن بريطانيا مشيرة إلى أن النتائج هذه المرة ستكون مؤيدة للانفصال على خلاف الاستفتاء الذي أجرى عام 2014 ومؤكدة على أن اسكتلندا ستكون أفضل بكثير حال انضمامها للاتحاد الأوروبي بشكل مستقل عن بريطانيا.
وفضلا عن ذلك يتوقع أن تؤدي مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي إلى تأجج التوتر في أيرلندا الشمالية حيث أن اتفاق السلام القائم بين الإقليم ولندن يعتمد بشكل رئيسي على اتفاق وجود بريطانيا عضوا مع الآيرلنديين داخل الاتحاد الأوروبي وفي حالة الخروج من الاتحاد فإن هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار اتفاق السلام وعودة الصراع من جديد.
في مقابل ذلك يرى بعض المراقبين المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي أن عضوية الاتحاد مكلفة وتخلق روتينا تنظيميا بالإضافة إلى أنها تجلب الكثير من المهاجرين لبلادهم وهو ما يمثل ضغطا هائلا على السكن والخدمات الاجتماعية والتعليم. وفي ضوء ذلك يرى هذا الفريق أن انسحاب بريطانيا سيمكنها من استعادة السيطرة على حدودها والحد من الهجرة من جميع البلدان. وسيكون بوسع البرلمان الوطني إلغاء القوانين الأوروبية المدرجة في القانون البريطاني.
كما أن هذا الانفصال من شأنه أن يحرر بريطانيا من "أغلال" عضوية الاتحاد الأوروبي مما قد يجعل نموها الاقتصادي يسير بوتيرة أسرع ، وهذا التحرر سيمكن بريطانيا من تنظيم أسواق العمل فيها ، والتخلي عن سياسات الطاقة المكلفة، والسيطرة على الهجرة، والانضمام لاتفاقات تجارة حرة مع مناطق أخرى، واستيراد المواد الغذائية الرخيصة من أي مكان في العالم.
وما بين مؤيد ومعارض يبقى رهان الاستفتاء غير محسوم في المرحلة الراهنة غير أن المؤكد في هذا المشهد أن بريطانيا مقبلة خلال الأشهر المقبلة على مرحلة فارقة في تاريخها قد تشهد خلالها تغييرا جذريا بقيادة ديفيد كاميرون الذي يخوض أصعب مهماته السياسية على الإطلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.