قال الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس إن حملة الجمهوريين للرئاسة قد تتحول إلى سباق بين رجلين أحدهما دونالد ترامب والآخر مناوئ له وهو سيناتور فلوريدا، ماركو روبيو، إذا ما صحّ حديث المحيطين بالأخير. وفي مقال نشرته (لوس انجلوس تايمز) فسرّ مكمانوس ما قام به روبيو مؤخرا من شنّ سلسلة من الهجمات المباغتة ضد ترامب فيما يتعلق بأعماله التجارية، ومصداقيته وغير ذلك - فسّر ذلك بأن روبيو وأعوانه قد قرروا مؤخرا أنه قد آن الأوان لفتح ملفات ترامب. وتمثلت نتيجة هذا القرار في مباراة من الصياح جرت وقائعها الخميس الماضي في مدينة "هيوستن" على نحو كشف كيف أن أسلوب ترامب –الثقيل على صعيد الإهانات الشخصية ، والخفيف على صعيد السياسة- هذا الأسلوب قد حوّل حملة الجمهوريين كُليّا .. "عندما يكون ترامب في الحَلبة، فلا يمكن لأحد أن يتفادى مصارعة الوحل". وأضاف مكمانوس أن "مناظرة الخميس الساخنة هذه لم تكن غير طلقة البداية؛ إذْ تابع روبيو الهجمات يوم الجمعة، عندما أعاد وصم ترامب بأنه "نصاب"". ورصد الكاتب قول روبيو عن ترامب في دالاس: "رجل مشاكس .. قد ورث 200 مليون دولار.. لم يواجه أية عقبات في حياته". في أثناء المناظرة، زعم روبيو أن منافسه (ترامب) إنما "طلب مرآة كبيرة الحجم ربما ليتأكد أن سرواله لم يتبلل." وعلّق مكمانوس قائلا "إن هذا لم يكن تماما نوع الخطاب الذي حسبه الآباء المؤسسون في أذهانهم عام 1787، وربما كانوا مُحقّين عندما خولوا الهيئات التشريعية في الولايات سلطة انتخاب الرئيس بدلا من العامة. واستدرك صاحب المقال "ومع ذلك فإن هجمات روبيو كانت استراتيجية؛ فبعد مشاهدة إخفاق مرشحين آخرين في إيقاف ترامب عبر مناقشة سياساته، استنتج روبيو أن الطريق الوحيدة للانتصار هي الهجوم على أصل جاذبية ترامب: مصداقيته كبطل لطبقة العمال الغاضبين من ذوي البشرة البيضاء". وقال مكمانوس على لسان ستيورات ستيفنس، مستشار حملة ميت رومني في عام 2012 "لا تقصف الطائرات، وإنما انسف قواعدها: إن حملة إلحاق الهزيمة بترامب يتعين عليها إثبات أن أصل رسالته وصاحبَها مزيفان". ورأى الكاتب أن ثمة "سخرية في تحوّل روبيو المفاجئ إلى "الإدارة السلبية للحملة" .. عندما دشن روبيو حملته تلك، ساد جوٌ من التفاؤل بينما تحدث عن "قرن أمريكي جديد" وجيل جديد من المحافظين، مدّعيا أنه يمثل جيل "أبناء ريجان". وعملا منه بوصية رونالد ريجان، فإن روبيو لم يعمد أبدا إلى انتقاد زميل جمهوري، فلم يكتف بالامتناع عن الاشتباك مع ترامب؛ بل إنه قد أثنى على الملياردير لمقترحه بخصوص حظر كافة المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة. وتابع صاحب المقال "ولكن بماذا يمكن وصف روبيو؟ إذا لم يكن رشيق التحول، فهو لا شيء.. لقد لقي استحسانا وانتقادا بالتناوب على طموحه السياسي منذ أول سباق له على السلطة التشريعية في فلوريدا عام 2000 ...وغداة انتخابه لمجلس الشيوخ عام 2010 كمنافس من حزب الشاي لمؤسسة الجمهوريين، غداة ذلك بدأ روبيو التفكير في خوض سباق الرئاسة". ويُحْسَب ماركو روبيو على المحافظين الحقيقيين ممن يباركون خفض الضرائب بشكل كبير ويعارضون الإجهاض، ويشككون في التغير المناخي، ويميلون بشكل تام إلى جانب الصقور (المتشددين) على صعيد السياسة الخارجية. على أن روبيو ليس متمردا على غرار تيد كروز؛ فهو يريد أن يعمل ضمن النظام، لا أن ينسفه .. يُمكن وصفه بأنه عاقد صفقات .. وقد قاده ذلك إلى اتخاذ أكثر خطواته جرأة، والتي كانت فيما بعد أكثرها إيلاما له – وقد تمثلت هذه الخطوة في مغامرة تشريعية عام 2013 خاصة بمشروع قانون الهجرة. وتابع مكمانوس قائلا إن "روبيو ساعد في كتابة مشروع القانون هذا، والذي تضمن جواز الحصول على حق المواطنة للمهاجرين ممن ليس معهم أية وثائق .. هذه الخطوة كانت سببا قويا في الإضرار بشعبية روبيو بين الناخبين الجمهوريين. ويتعهد روبيو حاليا بعدم محاولة المساس بقوانين الهجرة ريثما يتم تأمين الحدود بشكل كامل، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى تشكك الكثير من الناخبين الجمهوريين في تعهدات روبيو هذه." وعليه، فبدلا من محاولة تغيير وجهة نظر الناخبين الأساسيين حول تلك القضايا، فإن روبيو يأمل في تحويل أنظار بعضهم بعيدا عن منافسه ترامب عبر وصمه له ب "النصاب" الذي استأجر مهاجرين ليس معهم وثائق للعمل في مشاريع مقاولاته. ورغم ذلك، فقد يكون روبيو تأخر كثيرا لإيقاف ترامب؛ فهو لم يفُزْ في أي انتخابات تمهيدية، حتى في انتخابات ولايته فلوريدا التي يعول عليها الجميع – تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم ترامب. واختتم مكمانوس قائلا "حتى لو أخفق روبيو في إسقاط ترامب أرضا، يبقى عزاؤه الوحيد أنه لم يتجاوز الرابعة والأربعين من العمر، وسيكون مؤهلا بشكل جيد لخوض السباق في المرة المقبلة."