ألقى الكاتب البحريني الدكتور عبد الله المدني، محاضرة بعنوان "البحرين حالة ثقافية خليجية متميزة..علاقة البحرين بمصر وتأثير مصر الثقافي على حركة الإبداع في البحرين" في قاعة ضيف الشرف، بمعرض القاهرة للكتاب، وقدمها الإعلامي المصري محمد عبده. وأكد الدكتور عبد الله المدني، خلال محاضرته، أن لمصر مكانة سامية عند كل أبناء الخليج العربي، وعند الشعب البحريني تحديدًا، وأن نتاجها الثقافي والإبداعي ملموس منذ القدم بالنسبة له ولجيله من الكُتاب، حيث كانت مصر هي الرئة التي تتنفس بها البحرين، فكانت حاضرة في طابور الصباح المدرسي حين يردد التلاميذ نشيد "الله أكبر فوق كل المعتدي"، كذلك حاضرة في المناهج الدراسية التي هي طبق الأصل من مناهج مصر. وقال الدكتور عبد الله المدني، تشبعنا من الثقافة المصرية، حيث كنا نعيش عشقًا مع روايات إحسان عبد القدوس ، ويوسف السباعي، ونجيب محفوظ، وغيرهم من الأدباء، كذلك تفتحت ثقافتنا السياسية عن طريق المقالات التي كان يكتبها المصريون أمثال محمد حسنين هيكل، ومحمد أمين. وتابع الدكتور عبد الله المدني، إن مصر كانت الأداة التي تحرضنا على مقاومة المستعمر، من خلال سماع إذاعة القاهرة وصوت العرب، ومن هنا لم يكن غريبًا أن تصبح مصر ملازمة للبحرين، وعندما زار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر البحرين، خرج الشعب البحريني لتحية الزعيم، ولو من بعيد. وتطرق الكاتب عبد الله المدني في حديثه، إلى شغفه بقراءة المجلات المصرية عندما كان طفلا، وقال إنه كان يدخر من "مصروفه" اليوم قرشًا، حتى يتمكن نهاية الأسبوع شراء أحد المجلات المصرية كالمصور، أو آخر ساعة، أو غيرها، وروى قصة طريفة عن أنه ذات يوم اضطر إلى سرقة مجلة الكواكب لأنها كانت تحتوى على صورة خاصة للفنانة فاتن حمامة، ولم يكن يملك ثمنها. وانتقل الدكتور عبد الله المدني في حديثه إلى تفرد مملكة البحرين بين دول الخليج، قائلا: إن البحرين كانت أول بلد في الخليج العربي يُفتتح فيها مدرسة عام 1899م، كما كانت أول بلد في الخليج يفتتح بها مدرسة لتعليم البنات عام 1928م، وهي أول بلد خليجي يعرف الإذاعة عام 1940م، والتليفزيون عام 1957م، وأول بلد خليجي يعرف السينما عام 1937م، حيث كان أول فيلم يعرض فيها هو فيلم "وداد" بطولة أم كلثوم ومحمود المليجي، كما أنها أول بلد يعرف المسرح، ويفتتح بها مطار، ومعمل للمشروبات الغازية، وغيرها من الأشياء التي تميزت فيها عن دول الخليج. وأشار الدكتور عبد الله المدني، إلى أن هناك عدد من العوامل أدت إلى تميز البحرين بين دول الخليج، أولها هي أن البحرين تعتبر دولة جزيرة، والمعروف أن شعوب الجزر منفتحون على الثقافات الأخرى بعكس أهل البادية، وثانيًا يرجع إلى عامل الحضارة، حيث تبلغ حضارة دلمون البحرينية 6 آلاف سنة. وأكد المدني على أن العامل الثالث، هو اتخاذ الإنجليز من البحرين مقرًا رئيسيًا لهم بسبب موقعها الجغرافي المتوسط من دول الخليج، ورابعًا هو أن الطبقة التجارية البحرانية استغلت التسهيلات التي قدمتها لها السلطات الإنجليزية، فانفتحت على دولة الهند، وأصبحت تستورد السلع الثقافية والمعرفية مثل الراديو والمجلات وغيرها، إلى جانب السلع التجارية. وأخيرًا قال الدكتور عبد الله المدني، أن العامل الخامس هو أن البحرين كانت أكثر مراكز التعليم في دول الخليج، حيث تعلم البحرانيون قبل غيرهم، فنشأت طبقة متعلمة واعية تبحث عن المعرفة، فظهرت بعض مظاهر الثقافة في البحرين.
