كشف أحد الضباط الذين شاهدوا الهجوم الذي استهدف فندق "سويس إن" الذي كان يقيم فيه القضاة المشرفين على الانتخابات البرلمانية في العريش، عن تفاصيل الحادث الإرهابي الذي أسفر عن استشهاد 7 أشخاص بينهم مستشارين وأفراد أمن، وإصابة أكثر من 10 آخرين. وقال الضابط في تصريحات لصحيفة "المصري اليوم" في عددها لصادر اليوم الجمعة: «صباح الثلاثاء الماضي، كنت أتولى قيادة قوات الدعم المختصة بتأمين هذا الفندق، كنا في وضع استعداد، وكنا نوزع أنفسنا في مجموعات مكونة من ضباط وجنود، مجموعة من الجنود كانت تقف على ساحل البحر من ناحية الغرب، ومجموعة مثيلة لها على الشاطئ من ناحية الشرق، وفي المنتصف حول حمام السباحة حيث مدخل الفندق مجموعة أخرى». وأضاف الضابط: «أما عن الشارع الرئيس خارج الفندق، فكان مغلقاً من قبل بمدرعة ومجموعة من الحواجز الحديدية من الجهتين الشرقيةوالغربية، لم يكن مسموحاً لأحد بالمرور سوى للعاملين في المكان، وبعد المدرعة الأولى من الناحية الغربية كانت هناك مدرعة هامر أخرى، تؤمن الفندق طوال أيام الانتخابات، ومدرعة أخرى أمام الفندق ليصل العدد إلى 4 مدرعات بها عشرات الجنود والضباط يعملون طوال 24 ساعة، وفى صباح الثلاثاء الحزين، وفى تمام الساعة السابعة و10 دقائق صباحاً، جاءت سيارة ماركة هيونداى فيرنا، مسرعة من الاتجاه الغربى، واقتحمت الكمين بمنتهى السرعة، وسارع ضباط المدرعة الأولى بإطلاق وابل من الرصاص تجاه السيارة وقائدها، وما إن مرت أمام مدرعة الهامر حتى أمطرتها المدرعة بوابل من طلقات الآلى والمتعدد، وكانت السيارة اقتربت من مدخل الفندق، والرصاص قد فجر إطاراتها تماماً». وتابع الضابط: «كل ما أحكيه حدث خلال ثوان معدودة على أصابع اليدين، كلها مشاهد لحظية، وعندما قلت سرعة السيارة للغاية، لأنها أصبحت تسير على الجنوط الحديد، وكان هناك مدرعة من طراز فهد تتمركز أمام مدخل الفندق مباشرة، وأصبحت المسافة بين المدرعة والسيارة المفخخة لا تزيد على 5 أمتار، ويبدو أن الانتحارى مات أو يصارع الموت بعد إصابات برصاص من كل المدرعات، وفجأة انفجرت السيارة». وأستطرد الضابط حديثه قائلاً: «كنت أتخذ ساتراً خرسانياً بجوار المدرعة وأتعامل مع السيارة المفخخة بسلاحي الآلي، واصطدمت المفخخة بأحد حواجز الخرسانة قبل انفجارها، وعندما انفجرت كان الضربة قوية للغاية هزت مدينة العريش كلها، وتناثرت الدماء والأشلاء في المكان». وأوضح الضابط، وقد ملأت الدموع عينيه: «لن أنسى مشهد الشرطي شعبان عبدالمنعم عبدالعال، والمجند محمد إسماعيل حسن، اللذين هرولا خلف السيارة مسرعين من الكمين الأول عند الحاجز الغربي بسلاحهما يطلقان عليها النيران، حتى فرغت ذخيرتهما ووصلا إلى السيارة قبل أن تنفجر، بعد أن قطعا حوالي 500 متر في ثوان معدودة، وانفجرت السيارة وهما خلفها وسقط البطلان شهيدين على الفور»، مضيفاً: «كانا يحاولان إنقاذ الموقف غير عابئين بما في السيارة من متفجرات، كان معدنهما أصيلاً، وأثبتا أن مصر ستنتصر بمثل هؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم دون تردد أو خوف وبكل شجاعة». وتدخل ضابط آخر في الحديث قائلاً: «عندما انفجرت السيارة سارعنا جميعاً لنرى ما حدث، وتم رفع حالة الاستعداد وإطلاق الرصاص في كل مكان لتمشيط المنطقة ومنع أي هجمات أخرى، وكل الضباط والجنود اتخذوا مواقعهم التأمينية المكلفين بها بكل بسالة وإقدام، ومرت حوالى 15 دقيقة، وبينما نحن ننقذ زملاءنا المصابين سمعنا صوت إطلاق رصاص داخل الفندق، هرعنا إلى مصدر الإطلاق، وكان هو مطعم الفندق الواقع على الجهة اليسرى في مدخل الفندق، كانت كل النوافذ الزجاجية تهشمت بفعل الموجة الانفجارية للسيارة المفخخة». وأكمل الضابط: «كانت المشكلة الأكبر بالنسبة لنا هي وجود ستائر خلف الزجاج المهشم تخفي ما بداخل الفندق، إلا أن منطقة ما لم تكن عليها ستائر رأينا ما بداخل المطعم منها، كانا شخصين يرتديان ملابس تشبه تماماً ملابس القوات المسلحة، يحملان بنادق آلية، كان المطعم به شخصان آخران هما وكيل النيابة عمرو مصطفى حسنى وأمين شرطة آخر، سمعنا وكيل النيابة وهو يوجه كلماته لنا: متضربوش نار لو سمحتم، دول عساكر جيش جاتلهم هيستريا من الانفجار وبيضربوا نار في المطعم». وأستكمل الضابط: «توقفنا فعلاً عن إطلاق الرصاص، وحاول وكيل النيابة تهدئتهما إلا أنهما استمرا في إطلاق النيران بشكل عشوائي، وبادرا أمين الشرطة الموجود في المطعم بإطلاق الرصاص على قدميه فسقط على الأرض، فصرخ وكيل النيابة فيهم: بتضربوه ليه يا ولاد ...، فبادرا وكيل النيابة بإطلاق الرصاص عليه فأصابوه إصابات خطيرة توفي على إثرها وهو في طريقه إلى المستشفى، فتمركزنا بعدها خلف أعمدة حائط المطعم من الخارج، وبدأنا في إطلاق الرصاص بكثافة، وكانت قوات الدعم من القوات المسلحة وصلت المكان». وأضاف الضابط: «فجأة نفدت ذخيرة المسلحين، وأصابتهما حالة هيستريا وبدآ في البحث عن منفذ للهروب من رصاصنا بعد إصابتهما، فلم يجدا مفراً ففجر أحدهما حزاماً ناسفاً كان يرتديه فتحول إلى أشلاء وقتل زميله الثانى في الانفجار، بدأنا بعدها في إجلاء الجرحى». وحول كيفية استهداف المستشار عمر حماد، قال قائد أمني ل«المصرى اليوم»، إن المستشار خرج من غرفته بعد الانفجار لاستطلاع ما حدث، إلا أنه بعد خروجه شاهده أحد المسلحين المتسللين، فأطلق عليه رصاصة واحد أصابت قدمه، فعاد إلى غرفته مرة أخرى لمحاولة كتم الجرح، إلا أن الرصاصة أصابت شريانا رئيسيا في قدمه، وصُفى دمه على أرضية الغرفة بالكامل وفارق الحياة في دقائق معدودة. وأوضح الشيف فرج موسى، رئيس قسم التجهيز والتحضير بالفندق، إن "المسلحين حاولا الهروب من باب الطوارئ بعد نفاد ذخيرتهما إلا أنه لحسن الحظ كنا وضعنا منذ فترة ثلاجة حفظ الطعام ودواليب تقديم الطلبات خلف باب الطوارئ فأصبح مغلقاً، ولم يعد باباً للطوارئ ولم يستطيعا فتحه". وتابع: «لو استطاع المسلحان فتح باب الطوارئ وفجرا نفسيهما في مخزن وصالة تحضير الطعام لكانت كارثة بكل المقاييس، لأن هذه المنطقة تحوى سخانات المياه المركزية وخطوط الغاز الطبيعى لكل الفندق وانفجارها خطير للغاية. وأشار أحد الضباط: «ربنا أراد لهؤلاء القضاة النجاة»، سألناه لماذا فقال: «مواعيد إفطار القضاة في أيام الانتخابات كانت في تمام السابعة صباحاً، إلا أن تأخر القضاة في عملية الفرز حتى الساعة الرابعة فجر الثلاثاء، جعلهم ينامون حتى وقت متأخر، ولا ينزلون لتناول الطعام، باستثناء وكيل النيابة عمرو مصطفى حسنى، وهو ما أنقذ الجميع من كارثة».