استضافت مكتبة " ألف " مساء أمس الجمعة الدكتور جلال أمين في لقاء مفتوح لمناقشة و توقيع كتابه الأخير " مكتوب علي الجبين ..علي هامش السيرة الذاتية ", الصادر عن " دار الكرمة " . سرد "أمين" بكتابه قصصا عن حياته و أخري أثرت فيه ليشارك بها قراءه و ينقل لهم خبرته ففي كتابه يطرح زاوية نفسية و فلسفية للحياة و شخصيات تعلم منها . وقد نقل جلال أمين هذه القصص في فصول من خلال خمسة أبواب هم : " عائلتان محترمتان , في الصبا و الشباب , مشاهير و عظماء , في الحياة الحديثة , مكتوب علي الجبين " . أدار النقاش عماد عدلي المستشار الثقافي لمكتبة ألف بحضور أحمد رحمي المدير العام للمكتبة ، بحضور حشد من قراء الكاتب الكبير. وقال "أمين" أن أكثر نوع من الكتابة مفضل لديه هو كتابة السيرة الذاتية فيقول " السيرة الذاتية طريقة مناسبة جدا لمزج العام و الخاص و هي طريقة جديرة بالوصول لعقل القارئ بكل سلاسة " . و عن أصل فكرة عمل الكتاب يقول ضاحكا " عندما أجلس مع أسرتي أو تلامذتي في الجامعة تلمع في عقلي قصة فأحكيها لهم فيقولون لي أنه سبق و قصصتها عليهم و لكني أستمر و أقصها فقررت أن أكتب هذا الكتاب و أجمع فيه هذه القصص لأشاركها مع أكبر قدر من الأشخاص و لرؤيتي أنها قد تفيد القارئ " وعن حال الكتاب و الكتابة أعرب الدكتور جلال أمين عن استيائه من تدهورها؛ فيقول : " قدرة الكتاب علي إخفاء الحقائق مدهشة , فتبين لي أن الكذب له أشكال و صور مختلفة فليس الكذب فقط أن تقول عكس الحقيقة ولكن أن تتحدث خارج الموضوع هذا كذب و أن تقول شيء ليس له أي أهمية كذب أيضا . و أنا عندما أنوي الكتابة أكتب قبل قرائتي للجرائد فإذا أجلت الكتابة لبعد قرائتها فلن أكتب و سأقول كيف أكتب وسط هذا الكلام , وهذا الكلام عيبه أنه ليس له أهمية أو مكتوب لشخص بعينه أو يهم فقط من يكتبه شخصيا " . الحياة الاجتماعية المصرية مليئة بالمجاملات هكذا وصف جلال أمين حال كتابة السيرة الذاتية في مصر كما ذكر أن أفضل من كتب في السيرة الذاتية هو والده الكاتب الكبير أحمد أمين . اتجه الحديث قليلا إلي جانب سياسي بسبب مداخلات الحضور الذين أرادوا التعرف علي رؤية جلال أمين فيما يخص حال البلد و تطرق البعض بشكل خاص إلي فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر و ذلك بسبب رأي أمين و نظرته المختلفة عن تلك الحقبة والتي أشار إليها في كتابه في لفتة صغيرة دون استطراد . علق أمين عن الفرق بين التخطيط ففي فترة عبدالناصر و التخطيط الآن أنه في السابق كان كل شيء يسير في إطار من الجدية أما الآن لم يعد هناك إرادة و إصرار و همة في تنفيذ أي تخطيط من شأنه رفع الاقتصاد و رفع حالة البلد , و نوه جلال أمين أنه ليس ماركسيا و لكنه يري أن "الاقتصاد يغير التاريخ" فكرة باقية . وذكر عدد من الكتاب أن "أمين" خصص أمين فصلا كاملا للحديث عن علاقته بالناقد الراحل رجاء النقاش والخلاف الذى وقع بينهما ووصل إلى المحاكم بسبب أن النقاش اعتبر فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل إنجازا يحسب للرئيس الأسبق حسنى مبارك فرد عليه أمين فى «الأهالى» وتطور الأمر حتى وصل ساحات المحاكم وانتهى الأمر بمصالحة بينهما قام بها الروائى السودانى الراحل الطيب صالح، ومن بين ما قاله المؤلف عن النقاش: جاء ذكر الرجل -أى النقاش- فى حديث بينى وبين الطيب صالح وتساءلت: أليس فيه بعض الانتهازية؟ فكان رد الطيب صالح أن قدرا من الانتهازية قد يكون مطلوبا. ويشير الكتاب إلى أن كثيرا جدا مما تحققه الحضارة في الكم يقابله تدهور في الكيف. السلع تصل إلى أعداد من الناس لم تكن تصل إليهم، ولكنها أصبحت أقل جودة وأتفه شأنا وأقصر عمرا . الخدمات تصبح أكثر فأكثر في متناول أيدي الناس، ولكن درجة الاتصال الإنسانى فيها تضعف أكثر فأكثر. الصحف يصل توزيعها إلي عدة ملايين بدلا من الآلاف، ولكنها تعتمد الآن على الإثارة بأخبار الجرائم والفضائح . برامج التليفزيون تستمر طوال 24 ساعة في اليوم ، ولكن البرامج الجادة تختفي لتحل محلها برامج يتطلب فهمها درجة أقل من الذكاء ومن رهافة الحس. الزعماء والسياسيون يصبحون أكثر شهرة، ولكنهم يستخدمون أساليب أكثر تضليلا. كل شىء يصبح أكثر ديمقراطية من ذى قبل، ولكن الديمقراطية نفسها تتحول أكثر فأكثر إلي أكذوبة أيضا حينما يتطرق الدكتور جلال عن موضوعات مثل السعادة، الموت، السعي وراء الشهرة والمال والربح كأن يصف النفس البشرية في المجتمعات الحديثة وما كانت عليه من قبل