إصابته لم تمنعه من أن يناضل من أجل أن يري العلم المصرى يرفرف على الضفة الثانية.. فعبر قناة السويس بذراع واحد واصر على الاستمرار فى أرض المعركة بجانب زملائه وسبح فى مياه القناة وصل إلى الضفة الشرقية. جندى مجند إسماعيل بيومى جاب الله من أبناء محافظة الاسماعيلية الذى شارك فى المقاومة الشعبية بمحافظة السويس قبل أن ينضم إلى سلاح المهندسين بالجيش المصرى فى عام 1969، وكان حمكدار أحد المجموعات فى حرب أكتوبر التى كانت مكلفه بإزالة الساتر الترابى " خط بارليف". يتحدث بيومى عن ذكرياته فى حرب أكتوبر قائلاً : شاركت في المقاومة الشعبية بالسويس حتى عام 1967، و بعدها قررت أن التحق بالتجنيد في الجيش المصرى بسلاح المهندسين، وتم تدريبي علي سلاح المياه، و هو سلاح جديد وقتها، وكنا نبني ساترا ترابيا، و نقوم بعمل مناورات و مشاريع كثيرة و كل هذه المشاريع مهمات سرية، وكنا نقوم بعمل تدريبات شاقة ليلا ونهارا لمدة خمس سنوات في انتظار لحظة بدء إشارة الحرب. وعن أول يوم فى 6 أكتوبر يتحدث بيومى ل"محيط" قائلاً: قالوا لنا هناك مشروع جديد علي شاطيء الجبهة بالسويس ونقلنا المعدات وكانت الكتيبة كلها تعمل في المشروع وتم إلغاء كل الإجازات، بعد ما وجدنا الطيران المصري فوق رؤوسنا وقام بالضرب في الطلعة الأولي، في تلك اللحظة خرجت من داخل قلوبنا جميعا قوة و نداء للحرب وإيمان بالله في النصر، ورددنا وراء الصول "عطية القبطي" و هو قائد المجموعة كلمة: "الله أكبر الله أكبر". ويسترد بيومى حديثه عن الذكريات قائلاً : " جاءت أوامر بفتح ثغرات في الساتر الترابي، و كنا نفتح ثغرات بحجم 6:10 أمتار، حسب المكان الذي نفتح فيه، و كان يصل وقت فتح الثغرة الواحدة إلي حوالي 3 ساعات، و بعد فتح العديد من الثغرات أصبحت مهمتنا تأمين الكباري في عيون موسي و لسان بورتوفيق و تأمين عبور فرقتين من فرق الجيش. وكان يتقدمنا دائما في تأمين العبور والمشاريع القادة، وهنا أذكر البطل أحمد حمدي الذي استشهد في تأمين أحد المواقع من جراء ضربات العدو و في 7 أكتوبر و أثناء التأمين ضرب اللنش الذي كنا فيه بصاروخ أدي إلي جرح في الرأس و بجوار عيني، و في الحال أمرني القائد إلي الرجوع و لكنني رفضت حتي استكمل الحرب من زملائي. ويتابع حديثه بسرده للذكريات قائلاً: "استمرت حالة التأمين حتي يوم 22 أكتوبر الذي جاءت فيه أوامر بوقف إطلاق النار من جهتنا و تعطيل المعابر لمنع عودة الاحتلال مرة أخري، و في ذلك الوقت كنا نعلم أن الذي يحاربنا هو أمريكا و ليس إسرائيل. حيث كانت تخرج علينا الطائرات الأمريكية في السويس من طريق الجناين والشلوفة و أيضا تحاول المدرعات و الجنود العودة من خلال تلك الطرق، وهنا جاءت أوامر مرة أخري بعمل كماين لتعطيل دخول العدو عن طريق عمل حفر برميلية و وضع الألغام في كل مكان نقوم بتأمينه." ويكمل: " بالفعل وجدنا هجوم من العدو و لكن دمرنا عددًا كبيرا من الدبابات و كان لي شرف تدمير أحداها مما أدي لتراجع الدبابات والالتفاف حولنا وضرب قذائف من بعيد، و في ذلك الوقت وجدت عبوة ناسفة بجواري أدت إلي بتر ذراعي اليمني في الحال. وعندما رأها أحد زملائي قام بربطها و كان يريد أن يقف معي و لكن رفضت حتي لا يقل عددنا أمام العدو، ومكثت في موقعي لمدة ستة ساعات وعند الغروب قررت أن أعوم للجهة الشرقية بسيناء لوجود هناك كتيبة طبية للعلاج. وعن مغامرته فى القنال قال: " قمت بالسباحة حوالي نصف القنال إلا أن الجرح أدي إلي غيبوبة في الوقت الذي كانت فيه طائرات العدو تقذف في المياه صواريخ، مما أدى لقذفي نحو الجهة الشرقية و لكني لم أستطيع الخروج من المياه و أصبحت متعلق في الشعب المرجانية و الطحالب بأيد واحدة حتي صباح اليوم التالي و لم أشعر في ذلك الوقت بالجوع أو العطش أو النوم سوي الرغبة في أن أعيش أري لحظة النصر لمصر." ويختتم حديثه بالقول: في 16 نوفمبر 1973 تم عقد اتفاقية بين مصر و إسرائيل بقيادة عبد الغني الجمصى رئيس هيئة العمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت والتى نصت علي إخراج الجرحي من السويس و تبادل الأسري وعلى أساسها تم نقلي إلي مستشفي. وهناك زارتنى السيدة جيهان السادات و بعض قادة الجيش و قالوا لى : " عايز حاجة نعملها لك؟ قلت: "إللي أنا عوزته أخذته و هو النصر"، وبعدها بأسبوع سافرت إلي يوغسلافيا بعمل أطراف صناعية لكل مصابي حرب أكتوبر.