عمار على حسن و حكاية الثلاث نوارس فاطمة ناعوت تودع " عصفورة الأدب " مفتاح : الدولة تتجاهلنا وحل مشكلة الكتاب سيكون ذاتيا يوسف : منحة القاسمى " محرجة " لمصر ..والأخوان سيطروا على اتحاد الكتاب صالح : رواية ابتهال الأخيرة " رثاء ذاتى " قبل الرحيل أعمال ابتهال سالم تعكس جماليات الأدب والنضج السياسى هكذا يرحل النبلاء فى صمت و دون مقدمات ، كانت تلك كلمات الناقد شعبان يوسف فى تأبين الراحلة ابتهال سالم بورشة الزيتون ، بحضور الباحث السياسى د. عمار على حسن ، و الناقد ربيع مفتاح ، و الناقد د. محمد الشحات ، و الكاتبة سحر توفيق ، و الناقدة هويدا صالح . استعاد الناقد شعبان يوسف مشوار الراحلة النضالى فى السبعينات مع الانتفاضة الطلابية ، و اتجاهها بعد ذلك للنضال الأدبى ، لتساهم فى إشعال الحياة الثقافية فى ذلك الوقت ، فقامت ابتهال سالم مع سلوى بكر و سحر توفيق و غيرهن بتأسيس جماعة " أبناء البطة السوداء " التى أثارت جدلا كبيرا حينها ، ثم أسسن " كاتبات خارج الدعم " فكانت تعبر عن الكتاب خارج حسابات الساحة الثقافية بعيدا عن السلطة و جماعات الشللية ، تلتزم فقط بسلاح الإبداع . و أضاف أن الراحلة مزجت بين الهم السياسى و الذاتى ، و هذا يظهر فى أعمالها " صندوق صغير فى القلب " و " نوافذ زرقاء " ، مشيرا أن سالم كان لديها " حالة عكسية " بين القصة و الرواية ، فتكثف فى القصة فى حين تسهب فى الرواية ، لذا كانت مميزة فى فن القصة، و شهد لها إدوارد الخياط بذلك . و أشار شعبان يوسف أن صاحب فكرة حفل التأبين هو الباحث السياسى د. عمار على حسن ، الذى تابع إبداعات ابتهال سالم منذ بدايتها فى الصحف و المجلات ، و عندما قرء مجموعتها " النورس " أصبح قارئ دائم لكل ما قدمت من إبداع حتى رحيلها ، قائلا : أثناء تجنيدى أغرمت بثلاث ، نوارس قناة السويس ، و نوارس ابتهال سالم ، و نوارس محمد المخزنجى فى مجموعته " شق السكين " . و قال عمار أنها كانت أطيب من قابلهم من أدباء ، فلم تعرف فى حياتها الحقد ، و كانت تأخذ بأيدي الشباب و تشجعهم ، و أنها كانت كاتبة متنوعة قدمت القصص و الروايات و المترجمات و المقالات و كتابات الأطفال و المقالات البحثية ، و لكن ليس هذا ما مميزها عن غيرها بل اتساقها مع ما تكتب و شخوص أعمالها ، و دراستها لعلم النفس أثر فى تعاملها مع الناس و كتاباتها ، و لذا كسبت احترام الجميع و حبهم ، و كانت تتصدى لمن يحاولون تصفية الحسابات و إثارة الأحقاد ، خاتما بقوله : عاشت ابتهال فى سلام و مضت فى سلام . من جهتها تساءلت رفيقة عمرها الكاتبة سحر توفيق عن سبب إغفال التلفزيون و السينما لأعمال ابتهال سالم التى تميزت بعمقها و اهتمامها بغربة المرأة و المثقف فى المجتمع . و لدواعى سفر الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت لأمريكا تغيبت عن حفل التأبين ، لذلك أرسلت مقالها للناقد شعبان يوسف ، تعبر فيه عن حزنها لعدم قدرتها على الحضور ، و عدم قدرتها أن تكون بجوار ابتهال سالم فى أيامها الأخيرة ، قائلة عنها : نادرة أنت بين الأدباء لأنك جعلت الجميع يقع فى حبك ، ففى وسطنا الثقافى نادار ما نقابل قلب صافيا كقلب ابتهال سالم فمثلها لا يجوز له إلا أن يحمل الفرح ، قلب نقى لم تلوثه الأحقاد و المطامع كان مفتوحا للجميع، وداعا يا "عصفورة الأدب " . بينما تحدث الناقد ربيع مفتاح عن مشكلة العلاج و المعاشات باتحاد الكتاب ، قائلا أنه اقترح عمل تأمين صحى شامل للكتاب على محمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب السابق ، و لكنه أجابه أن الدستور سيكفل ذلك ، و لفت مفتاح ان لتحقق ذلك سيستغرق الأمر الكثير من الوقت . و أشار مفتاح أن ال 20 مليون جنيه الذى أعطاها سلطان القاسمى لصندوق الإعانات و المعاشات باتحاد الكتاب وضعها فى صورة وديعة ، فى حين الدولة " تضع يدها فى وسطها " و لا تلقى بالا للكتاب . و أضاف ان ابتهال عاشت وفقا للحد الأدنى لمتطلبات الحياة ، قانعة كمعظم الأدباء ،ولم تكف لنهاية حياتها عن الكتابة و الترجمة و المشاركة فى الندوات ، مطالبا الدولة من قلب ورشة الزيتون أن ترعى الأدباء و تلتفت إليهم ، من خلال وديعة من 50 إلى 100 مليون جنيه . كما طالب بإيجاد حل ذاتى من الكتاب ، لأن مظلة اتحاد الكتاب لا ترعى الجميع ، أما عن دور رجال الأعمال فى مصر فقال أنهم غير فاعلين فى دعم الثقافة . و علق شعبان يوسف قائلا : أن الأديب مواطن عادى ، و أن منحة السلطان القاسمى " محرجة " فى ظل عدم وجود دعم من الدولة ، لافتا أن الدولة لا تهتم بالثقافة و لا الأدباء ، أما عن دور اتحاد الكتاب ، فقال شعبان الذى لم يعد عضوا بالاتحاد أنه لا يعترف بدور هذا الاتحاد الذى أصبح تحت سيطرة الأخوان ، لذا اقترح هو و عدد من المثقفين بعمل " مستشفى الأدباء " . من جانبه قال الناقد د. محمد الشحات إن جيل السبعينات يعد جيل إشكالى ، ظلم لصالح سطوة جيل كتاب الستينات ، و الجو الظلامى الذى وجدوا فيه فى ظل الهزائم و الانكسارات ، و معايشتهم الانتفاضة الطلابية . و أشار أن بداية ابتهال سالم كانت مع الشعر ، ، ثم اتجهت للقصة القصيرة التى استحوزت على معظم انتاجها ، و لكنها كانت عامل تميزها ، فى حين عانت أزمة مع الرواية . تميزت روايات سالم وفقا للشحات بالإحكام و الوعى بقضايا السبعينات و المرأة و المجتمع ، كما تميزت بتعبيراتها البكر ، وزاويتها المختلفة للنظر للقضايا التى تنطلق من الحنين للماضى ، و البحث عن العدالة ، ففى آخر أعمالها صنعت عالم سردى موازى تحدثت فيه عن الثورة . و استطرد الناقد أن ابتهال سالم لم تقرء نقديا بشكل جيد حتى الآن ، و أرجع ذلك لتأخر نشر مجموعتها الأولى حتى أواخر الثمانينات ، مطالبا بالاهتمام النقدى بأعمالها ، بعيدا عن النقد التقليدى . فى حين عبر إبراهيم فتحى عن حزنه لرحيلها المفاجئ ، و سعادته لبقاء أعمالها التى تعكس جماليات الأدب و النضج السياسى . و فى كلمة د.هويدا صالح قالت أن مفتتح الرواية الأخيرة لابتهال سالم أقرب للرثاء الذاتى ، و كأنها شعرت بقرب الرحيل . أما عن إبداعاتها ، قالت هويدا إن ابتهال انشغلت ببناء عالمها السردى فى أبسط صوره ، ووازنت بين الاجتماعى و السياسى ، فلم ترد أن تتحول رواياتها لمنشور سياسى ، ففى رواية " أوقات الحزن و الفرح " جعلت من الرواية استعارة كبرى لتصوير أزمات الوطن . و فى رواية " نوافذ زرقاء " تحدثت عن انتفاضة الخبز ، كما عبرت عن أزمة المرأة فى المجتمع الذكورى ، من خلال البطلة التى أطلق عليها والدها اسم ذكر ، و كيف عانت من قيود الأهل و المجتمع ، فالمرأة حاضرة بقوة فى أعمالها ، و كذلك المهمشين و الفقراء ، و المثقفين فى مواجهة السلطة ، فكانت تؤمن بالكتابة كفعل مقاومة و اسمى أنواع التظاهر . و ختمت هويدا صالح بقولها : جميعنا نخشى نهاية ابتهال سالم ، فالمجتمع لديه صورة كاريكاتورية عن المثقف ، و السلطة لا تلتفت إلينا .