الجمعة العظيمة: محاكمة وصلب المسيح وختام أسبوع الآلام    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    شعبة المستوردين: الدولة نجحت منذ توافر الدولار وإعادة استقرار الأسواق وتوفير السلع    إدخال 237 شاحنة مساعدات من معبري رفح وكرم سالم لقطاع غزة    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    موعد مباراة الاتفاق والفيحاء اليوم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    بمشاركة متسابقين من 13 جنسية.. وزير الشباب والرياضة يطلق إشارة بدء فعاليات ماراثون دهب الرياضي للجري    الشارقة القرائي للطفل.. تجربة واقعية لقصة ذات الرداء الأحمر    نائب وزيرة التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    تطور جديد بشأن حماية المسنين والقومي لحقوق الإنسان يعلق    خطيب الجمعة الأخيرة من شوال: يكفي الأمين شرفًا أن شهد له الرسول بكمال الإيمان    تركيا: تعليق التجارة مع الاحتلال حتى وقف إطلاق نار دائم في غزة    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: 140 صحفيا فلسطينيا استشهدوا منذ 7 أكتوبر    تراجع ملحوظ في أسعار السلع الغذائية بالأسواق اليوم    وزير التنمية المحلية: بدء تلقي طلبات التصالح على مخالفات البناء 7 مايو    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    ضبط سيدة في بني سويف بتهمة النصب على مواطنين    تحرير 2582 محضراً في حملات تفتيشية ورقابية على الأنشطة التجارية بالشرقية    توريد 107 آلاف و849 طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    اليوم.. الإعلامي جابر القرموطي يقدم حلقة خاصة من معرض أبوظبي للكتاب على cbc    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    أحمد السقا: التاريخ والدين مينفعش نهزر فيهم    التضامن تكرم إياد نصار عن مسلسل صلة رحم    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    هيئة الدواء تكشف طرق علاج قصور القلب، وهذه أهم أسبابه    خطوات التقديم على 3408 فرص عمل جديدة في 55 شركة    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    المطران شامي يترأس خدمة الآلام الخلاصية ورتبة الصلب وقراءة الأناجيل الاثنى عشر بالإسكندرية    الوزراء: 2679 شكوى من التلاعب في وزن الخبز وتفعيل 3129 كارت تكافل وكرامة    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    ضبط 101 مخالفة تموينية في حملة على المخابز ببني سويف    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا وإصابة 6 أشخاص    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    مدير مكتبة الإسكندرية: العالم يعيش أزمة أخلاق والدليل أحداث غزة (صور)    الليلة.. تامر حسني يحيي حفلا غنائيا بالعين السخنة    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    زيادة جديدة ب عيار 21 الآن.. ارتفاع سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 في مصر    «اللهم احفظنا من عذاب القبر وحلول الفقر وتقلُّب الدهر».. دعاء يوم الجمعة لطلب الرزق وفك الكرب    «أمانة العامل والصانع وإتقانهما».. تعرف على نص خطبة الجمعة اليوم    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2024 في الدقهلية    لإنقاذ حياة المرضى والمصابين.. أمن بورسعيد ينظم حملة للتبرع بالدم    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف سخر المصريون من سلاطين المماليك؟
نشر في محيط يوم 08 - 07 - 2015

العامة أطقوا "المسجد الحرام" على جامع بناه المماليك بأموال غصب! بلباي المجنون وسلطان الجزيرة ألقاب لسلاطين كرههم المصريون في أيام المجاعة..رؤية رغيف خبز سبباً للوفاة!
يسجل الباحث الدكتور محمد رجب النجار في كتابه الصادر مؤخراً عن هيئة الكتاب "الشعر الشعبي الساخر في عصور المماليك"، روح المقاومة الشعبية التي تجلت في تراثها الأدبي الشفاهي أو الشعبي، ومن تلك الفنون التي ذاعت بين العامة الموشح والزجل وكانت هذه الفنون تعتمد في انتشارها على إلقائها الشفوي والغناء والتلحين والحركة والإشارة حتى يتسنى لسامعيها أن يتلذذوا بها، وإذا كان العصر المملوكي عصر رواج الأدب الشعبي العربي فهو عصر ازدها الأدب الشعبي الساخر، وفنون الشعر الشعبي، وازدهرت فنون النثر الشعبي مثل الفنون القصصية كالحكايات الشعبية ،وكتب النوادر، وحكايات خيال الظل وفنون الملحمة الشعبية .
ويقدم الكتاب نماذج ساخرة عن السلاطين والقضاة والمجاعات والأوبئة ووصف الأطعمة والملابس التي تقدم في الاحتفالات مع عرض لبعض السلبيات الموجودة في تلك الفترة فالفن ما هو إلا صور مصغرة لحياة الشعب .
يقول المؤلف في مقدمة كتابه أنه لا ينكر باحث منصف تلك الفترات البطولية الرائعة الحافلة بالانتصارات القومية والدينية العظيمة التي حققها هؤلاء السلاطين العظام في عصور المماليك، هذه الصفحات البطولية الباهرة هي وحدها التي أعطت شرعية الانتماء والحكم لعدة قرون متواصلة لهؤلاء المغامرين الذين "مسهم الرق" ولهذا، ليس من المبالغة أن نقول أن دولة المماليك هي الابن الشرعي لهذه الانتصارات التاريخية الحاسمة.
يتابع: كان طبيعياً أن يرث هؤلاء السلاطين العظام بقايا الإرث العباسي الكبير، ولهذا لم يكن محض مصادفة أن تصل مصر المملوكية أوج رخائها الاقتصادي ومجدها السياسي وازدهارها العلمي وبطولاتها العسكرية بعد انهيار بغداد، وانتصارات عين جالوت. غير أن هذا العصر الذهبي كما يشير الكتاب سرعان ما كان ينهار فجأة إلى دور الحضيض الذي يأتي كالنقيض في عصور السلاطين الأطفال وسلاطين "الراح والملاح"وسلاطين خيال الظل وطيف الخيال، وما أكثر هؤلاء السلاطين، ولا سيما أيام الدولة المملوكية الثانية!.
وهذا الذي دفع معظم الدارسين إلى شئ من التعميم في أحكامهم التاريخية، فأطلقوا على تلك العصور جميعاً عصور الظلام والظلم وعصور الركود والانحطاط، وقد دفعهم إلى هذا ذلك القدر الهائل من حرية التعبير التي كان يمارسها الأدباء في تلك العصور، وتمارسها العامة، كما تمثل في نتاجهم الشعبي، ويمارسها المؤرخون وتمثل في نتاجهم التاريخي، حتى يخيل لمن يقرأ هذا التراث أننا نعيش في أقسى وأقصى عصور الظلام، ولولا هذا القدر من الحرية في التعبير لما أتيح لهم إنتاجه وتدوينه.
ويشير الكتاب أنه مما أتاح للعلماء الكتابة بهذه الحرية، أن العلم كان ممولاً من الأوقاف العامة المنتشرة في ذلك الوقت، ناهيك عن عدم إجادة سلاطين ذلك الزمان للغة العربية وأسرارها البلاغية.
وما بين فترة حكم السلاطين العظام، وفترات حكم السلاطين المستبدين تتشكل تلك المعادلة الصعبة في فهم العلاقة بين النظام المملوكي والشعب العربي فهماً حيادياً صحيحاً، وجُل ما يعنينا هنا - يواصل المؤلف - هو تسجيل روح المقاومة الشعبية، كما تجلت في تراثها الأدبي الشفاهي أو الشعبي، ولا سيما في فترات حكم هؤلاء السلاطين المستبدين، وإذا كان هؤلاء قد نجحوا في وأد روح المقاومة الإيجابية أو العسكرية التي كانت تشكلها هبات العوام بزعامة الحرافيش والشطار والعيارين والزعار وأشباههم من البطالي أو العاطلين، فإنهم لم ينجحوا أبداً في سلب هؤلاء العوام روح السخرية المريرة المشهورة التي توسلوا بها في التنفيس عن معاناتهم وآلامهم وأحلامهم في الخلاص من بطش هؤلاء المستبدين.
الشعر السياسي الساخر
تظاهر سلاطين المماليك أمام الرعية بأنهم حماة الشرع الحنيف، فحتضنوا الحركات الصوفية، وانشئوا الخوانق والتكايا للمتصوفة وأوقفوا عليها الأموال و"الأوقاف" وأكثروا من إنشاء المساجد بشكل لم تعرفه مصر والشام في غير عصورهم، فقد كان المماليك يؤمنون أن بناء مدرسة أو مسجد أو سبيل ماء كفيل بغفران ما تقدم من كبائرهم، وعلى رأسها ظلم العباد وخراب البلاد وقتل النفس، حتى لو كان هذا المشروع الخيري من مال حرام؛ بل هو دائماً كذلك فقد جمعوه بطريق الظلم والعدوان والمصادرات، وتحفل كتب التاريخ بالأمثلة على ذلك، ويحدث أن يدهم هذا البناء خلل أو يصيبه فساد أو يقع فيه الهدم، فيجد العامة في ذلك فرصة للشماتة ويرجعون ذلك إلى المال الحرام.
كالجامع الذي بناه الملك المؤيد عام 820 ه من مال حرام،، اغتصبه بطرائق مختلفة وتشاء الأقدار أن تميل إحدى مئذنتي الجامع، قبل تمام البناء فأمر بهدمها، فانتهز العامة ذلك وشنعوا على السلطان. وكان ذلك مدعاة لسخرية البعض ودعابتهم ووصل ذلك للسلطان. ومثال ذلك أيضاً ما أطلقه العوام على المسجد الذي بناه السطان قانصوه الغوري من الظالم والمال الحرام فسموه "المسجد الحرام"، وهي تورية ساخرة لاذعة.
ولم يكن هذا شأن المماليك في أعمالهم الخيرية بل كان ذلك شأنهم في سياستهم للرعية، يتظاهرون بالتدين وهم أبعد ما يكونون عن التدين ويلخص الضمير الشعبي هذه الرؤية في مقولة ساخرة:
قد بُلينا بأمير ظلم الناس وسبح فهو كالجزار فيهم يذكر الله ويذبح
كذلك كان الصراع على السلطة هو محور الوجود المملوكي كله، افتقد أثناءه المجتمع العربي أمنه وأمانه، فلا يكاد ينتشر خبر بمرض سلطان أو مقتله حتى يعيش الناس فترة عصيبة يتزعزع فيها الأمن، وتضطرب الحياة، حتى سئم الناس هذا الصراع الذي تحول إلى مهزلة حقيقية تعكسها الأمثال الشعبية، أو الألقاب الشعبية الساخرة التي أطلقها العامة على بعض السلاطين مثل السطان "قُل ..له" وفي الملفوظ الشفوي تنطق أيضاً "قلة" وقد كان هذا السلطان مشهوراً بعبارة "قل له".
أو السلطان "بلباي المجنون"، والسلطان "بخشي"، وسلطان "الجزيرة"، أو السلطان أبو عيشة، وهذه الألقاب والكُنى إنما تشير إلى سلوكهم أو إلى كونهم ألعوبة في يد الأمراء، أو أنهم لم يلبثوا في السلطة غير ليلة واحدة، أو تسلط بعضهم في الجزيرة - بالنيل - وهكذا .
الأطفال المماليك والحكم
قصة تنصيب الأطفال المماليك كما يشير الكتاب على عرش مصر والشام والحجاز واليمن رواية مثيرة ومسلية، لكنها مبكية، فقد بلغ عددهم في دولة المماليك البحرية سبعة عشر طفلاُ، وامتدت سنوات حكمهم جميعاً قرابة نصف قرن، ويسجل الشعراء هذه الظاهرة تسجيلاً ساخراً:
ما للصبي وما للمُلك يكفله شأن الصبي بغير المُلك مألوف
وعن الانقلابات العسكرية والإطاحة بالمماليك والصراع على السلطة، حتى أن الواحد منهم لا يكاد يصل عرش مصر والشام حتى يفاجأ بعد أيام معدودات بانقلاب عسكري مضاد، وعن هذا يقول الشعر الشعبي:
فلم يقم إلا بمقدار أن قلت له: أهلاً أخي، مرحباً
كان الظاهر بلباي الذي تولى السلطنة عام 872ه من عمره قليل المعرفة وكان يُعرف بين العامة بالمجنون، وكان عمره كله في غلاسة هو ومماليكه، وتدبيره سئ، وشكله سمج فجمع بين قبح الفعل والشكل وسوء الطباع ومقت اللسان، ويعبر شاعر مجهول عن هذا فيقول:
وفظ غليظ الطبع لا وُد عنده وليس لديه للأخلاء تأنيس تواضعه كبر، وتقريبه جفا وترحيبه مَقتٌ وبشراه تعبيس
ويسخر الوجدان الشعبي أيضاً من الأتابكي قوصون نائب السلطان الذي استأثر لنفسه بأمور المملكة، وصار صاحب الحل والعقد دون الملك الأشرف علاء الدين كجك "أي الصغير" ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون، الطفل الذي ولي عرش مصر وهو دون السابعة من عمره، ولكن الشعب لا يزال يدين بالولاء لأيام الملك الناصر، ولبعض عوام مصر قصيدة يقول مطلعها:
من الكرك جانا الناصر وجاب معه أسد الغابة ودولتك ياأمير قوصون ما كانت إلا كدابة
ومن أطرف النواهي والأوامر التي تهكم عليها الشعراء الشعبيون بشكل لاذع، تلك الأوامر السلطانية الخاصة بتحريم الزنى ومنع تعاطي الخمر والحشيش ووجه السخرية في ذلك أن الدولة كانت تلجأ لذلك كلما ألَم بها قحط أو وباء أو مجاعة، لعدم وفاء النيل، فتعزو ذلك إلى شيوع الفساد وقلة الدين والموبقات.
وموضع السخرية هو أن السلاطين أنفسهم هم رأس هذا الفساد، ومن ثم فلا معنى لتغريق خاطئة في النيل وفي جسمها حجر، أو صلب واحد من العامة شوهد وهو يجتاز إلى حانة وفي يده "باطية خمر" ما دام كبار المماليك يمارسون ذلك علناً.
كذلك تعترف الدولة بالبغاء، وتفرض عليه ضرائب هو والحشيش، والرشوة أمر مشروع من الدولة كالوزراء والقضاء ونيابة الأقاليم وولاية الحسبة وسائر الأعمال، والأكثر إثارة للسخرية أن بعض السلاطين حين يتحمس لتطهير البلاد من أنواع الفساد التي حرمها الإسلام كان لا يُطبق الحدود التي شرعها الإسلام بل الحدود التي شرعها هو، فإذا ما وقف قضاة الأربعة وقاضي القضاة يعلنون رفضهم لتنفيذ العقوبة عزلهم السلطان جميعاً.
وصف الأطعمة
من الموضوعات التي استأثرت بجانب كبير من الشعر الشعبي الطعام والحرمان منه، والاشتهاء إليه، فالشعراء من العامة يعانون مثلهم، فقد دار أغلب شعر الطعام حول افتقاد الحلوى وبخاصة في شهر رمضان، حيث العادات والتقاليد الشعبية التي غرسها الفاطميون كانت قد استأصلت في الناس، ومع كثرة الضرائب وارتفاع الأسعار أصبح إحياء هذه العادات مقصوراً على الأغنياء.
ورائد هذا الشعر هو أبو الحسين الجزار، الذي أفرد باباً في شعره للحديث عن الكنافة والقطايف الرمضانية، يقول الجزار عندما حل به شهر الصوم وقد وقف أمام دكان الكنافة:
ما رأت عيني الكنافة إلا عند بياعها على الدكان ولعمري ما عاينت مقلتي قطراً سوى دمعها من الحرمان
ويقول أيضاً:
سقى الله أكناف الكنافة بالقَطر وجاد عليها سكراً دائم الدر وتباً لأيام المخلل إنها تمر بلا نفع وتحسب من عمري
والشاعر الآخر هو الشيخ حسن شمة، الذي ذكر له الجبرتي "مواليا" مشهوراً بين الناس هو:
قالوا: تحب المدمس؟ قلت: بالزيت الحار والعيش الأبيض تحبه؟ قلت: والكشكار قالوا: تحب المطبق؟ قلت: بالقنطار قالوا: اش تقول في الخضاري؟ قلت: عقلي طار
فهو يشتهي الفول المدمس ولو بالزيت الحار والخبز الأبيض، وغير الأبيض التي لم تُنزع نخالته، ويشتهي "المطبق" وهو نوع من الفطير، وإذا عُرض عليه لحم طيور الخضاري كان طبيعياً أن يطير عقله. ويوضح الكتاب أنه ليس في الأمر مبالغة، فقد حكى المؤرخون أن بعضهم إبان المجاعات كان يشتهي النظر إلى الخبز إذا ر آه سقط ميتاً!.
وصف الملابس
اتخذ بعض الشعراء الشعبيين في العصر المملوكي من الملابس موضوعاً آخر لسخرياتهم وفكاهاتهم، فعلى حين كان السلاطين والأمراء يتبخترون كالطواويس في طول البلاد وعرضها بملابسهم العسكرية وثيابهم المزركشة، كان العامة لا يجدون ما يسترون به أجسادهم، وإن وجدوه فهو لا يعدو أن يكون أسمالاً بالية.
فقد كان من المظاهر الأساسية للفصل بين الطبقات في ذلك العصر الحرص على التفرقة بينها في الزي واللون، بل حتى في نوع الدابة التي يركبها الفرد، وحجم عمامته .
الشاعر أبو الحسين الجزاء يقارن بين عُريه في فصل الشتاء على حين كان غيره يرفلون في أفضل أنواع الثياب، على حين أقصى أماني الشاعر مجرد ثوب يقي جسده برد الشتاء.
اتقى الشتا بجلدي وغيري يتلقاه بالفرا السنجابي وأود المشاق والقطن والصوف وغيري لم يرضَ بالعتابي ونهار الشتاء أطول عندي من نهار الصيام في شهر آب
ويقول "الحكري" أحد شعراء الشعب أن الشتاء بالنسبة إلى الفقراء لا يقل بطشاً عن شدة السلطان عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.