أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2023 في سوق العبور    تراجع ملحوظ في أسعار السلع الغذائية بالأسواق اليوم    نائب وزيرة التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    الشرطة الفرنسية تقتحم جامعة سيانس بو في باريس لتفريق داعمي فلسطين    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: 140 صحفيا فلسطينيا استشهدوا منذ 7 أكتوبر    ضبط سيدة في بني سويف بتهمة النصب على مواطنين    ضبط 24 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    3.8 مليون جنيه إيرادات 4 أفلام بالسينما في يوم واحد    اليوم.. الإعلامي جابر القرموطي يقدم حلقة خاصة من معرض أبوظبي للكتاب على cbc    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    توريد 46 ألف طن قمح للصوامع والشون بالقليوبية    الإسكندرية.. تنفيذ 96 إزالة على الأراضي الزراعية ضمن الموجة 22    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2024 في الدقهلية    محافظ أسيوط يعلن استعداد المحافظة لبدء تطبيق قانون التصالح في مخالفات المباني الجديدة    وزيرة الهجرة تستقبل السفير اليوناني لدى مصر لبحث تعزيز سبل التعاون    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد محمد فريد خميس بالعاشر من رمضان    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    أخبار الأهلي : العروض الخليجية تغازل حارس الأهلي    جمال علام يكشف مفاجأة بشأن مشكلة الشيبي وحسين الشحات    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    «كلوب» يتحدث مجددا عن خلافه مع محمد صلاح: تم حل الأمر    15000 جنيه شهريا.. فرص عمل مميزة للشباب | تفاصيل    سبت النور 2024.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    ضبط 101 مخالفة تموينية في حملة على المخابز ببني سويف    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا وإصابة 6 أشخاص    الوزراء: 2679 شكوى من التلاعب في وزن الخبز وتفعيل 3129 كارت تكافل وكرامة    مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    البابا تواضروس يترأس صلاة الجمعة العظيمة    مدير مكتبة الإسكندرية: العالم يعيش أزمة أخلاق والدليل أحداث غزة (صور)    وزارة التضامن الاجتماعي تكرم الفنانة سلوى عثمان    الليلة.. تامر حسني يحيي حفلا غنائيا بالعين السخنة    أبرز تصريحات فريدة سيف النصر.."نور الشريف تنبأ لي بمستقبل كبير"    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    «اللهم احفظنا من عذاب القبر وحلول الفقر وتقلُّب الدهر».. دعاء يوم الجمعة لطلب الرزق وفك الكرب    «أمانة العامل والصانع وإتقانهما».. تعرف على نص خطبة الجمعة اليوم    لإنقاذ حياة المرضى والمصابين.. أمن بورسعيد ينظم حملة للتبرع بالدم    استشاري يكشف علامات ضعف عضلة القلب وأسبابه    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    السنوار يعارض منح إسرائيل الحق في منع المعتقلين الفلسطنيين من العيش بالضفة    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    حماس تثمن قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الحريات وضد الإرهاب ومع من يواجهونه
نشر في محيط يوم 06 - 07 - 2015

يخطئ من يسىء تقدير مصر وقوتها وبأس شعبها وبطولة جيشها. فهذه الأمة التى شرعت حب الوطن وجعلته جزءًا من ضمير الإنسانية لقادرة دوما على أن تبنى وتعلو فوق كل المحن.وقد يجدى ولو إلى حين،عبث حشرات الدواعش ومن ورائهم أسلحة وأموال النفط والغاز والعثمانيين والغرب، مع دول منقسمة قبليا وعرقيا وطائفيا ومذهبيا ولديها جيش منقسم أو ضعيف أو يتم إغراء ضعاف النفوس والخونة منه. أما فى مصر فإن تلك الحشرات الإرهابية أيا كان مسماها من الإخوان لبيت المقدس لكل إخوان الشيطان والدواعش فإنهم يصطدمون بشعب موحد على مر الدهور ويحترف الاحتشاد فى لحظات المصير، وجيش جبار ومؤمن بالوطن وحافظ للذاكرة الوطنية منذ إعادة بعثه فى القرن التاسع عشر على يد محمد على ونجله العظيم إبراهيم باشا. وكان ذلك الجيش لدى إعادة بعثه قد دمر الوهابيين وأزاح كابوس الاحتلال العثمانى عن مصر والمشرق العربي، بل عاقب الدولة العثمانية الرثة بتدمير جيشها كليا واحتلال بلادها واستسلام أسطولها بالكامل فى الإسكندرية. وكان من تبعات ذلك الأداء المذهل أن تآمرت أوروبا كلها غربا وشرقا ضد مصر بعد أن أفزعتها قوتها وجبروت جيشها البطل. وهذا الجيش نفسه هو من نهض من هزيمة 1967 ببأس شعبه الجبار ليسطر البطولات الأسطورية فى حرب الاستنزاف، وفى العبور العظيم. وعندما بدأ الهجوم الإرهابى فى الشيخ زويد وتأخرت الدولة فى تقديم الحقائق والبيانات، حاول بعض الموتورين فى الداخل والخارج تصويره على أنه بداية لتحول مماثل لما يجرى فى سوريا وليبيا، لكن عصف الجيش المصرى بالمحاولة الإرهابية الخائبة أحبط كل الرغبات الشريرة فى حدوث هذا التحول غير الوارد فى مصر بحكم طبيعة بنيتها الاجتماعية المتماسكة والوطنية حتى النخاع، وبأس جيشها البطل. وعلى العكس من تلك النظرة المتربصة او المتشائمة فى أفضل التفسيرات، فإن تجمع الإرهابيين فى شبه جزيرة سيناء يسهل سحقهم ويبعث على التفاؤل لا التشاؤم. كما أنه يثير قضية التسوية السياسية مع الكيان الصهيونى وضرورة تعديل شروطها بما يسمح لجيش مصر بالانتشار الدائم والكامل فى سيناء لبسط الأمن والاستقرار فيها. وكانت التسوية المختلة والمهينة لمصر التى عقدها الرئيس السادات مع الكيان الصهيونى وترك بموجبها معظم سيناء خاليا من قوات الجيش لتترعرع فيها كل قطعان العنف والإرهاب، سببا رئيسيا لنمو الإرهاب فى سيناء وتكوين بعض الحاضنات الاجتماعية له. وقد لقى ذلك الإرهاب وتجمعاته وقياداته رعاية استثنائية أثناء حكم مرسى وجماعته مما أسهم فى استفحال خطره.
حديث الأخطاء والخبرات العالمية
رغم أن العملية الإرهابية التى راح ضحيتها النائب العام الشهيد، ورغم أن عدد الشهداء فى عملية الشيخ زويد يشيران إلى ضرورة تطوير الكفاءة الأمنية وجاهزية ويقظة القوات للتعامل مع الإرهاب، فإن الأخطاء أمر وارد دائما فى كل عمل دون أن يعنى ذلك تجاهل المحاسبة والتصحيح باستقامة وصرامة. والأخطاء واردة حتى فى أعتى الأجهزة الأمنية والجيوش وأكثرها حداثة وتطورا من الناحية التقنية، وإلا ما وقعت أحداث 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة وتفجيرات لندن وطوكيو وباريس وغيرها.
وللمولعين بأحاديث الأخطاء والوقوف عندها بنوع من الشماتة أكثر من أى شىء آخر، فعليهم بالرجوع إلى التاريخ الذى يحفظ أخطاء كبرى لأجهزة أمنية وجيوش عملاقة. وبعض الأخطاء العسكرية والأمنية كانت المدخل لتحولات وابتكارات فى الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية.
وعلى سبيل المثال فإنه فى بداية الحرب العالمية الثانية وقف الجيش السوفيتى الهائل متأهبا على طول الحدود مع ألمانيا النازية التى جسدت هوس الاستحواذ الرأسمالى العدوانى فى أحط صوره وأكثرها شرا. لكن ألمانيا النازية ركزت هجومها فى ثغرة بين جيشين سوفيتيين واخترقتها وحاصرت أحدهما وقتلت وأسرت أعدادا ضخمة وأجبرت الجيش السوفيتى العملاق على التراجع أمامها وحوصرت العاصمة السوفيتية الثانية ليننجراد، واندفعت القوات النازية حتى مشارف العاصمة الأولى موسكو. صمدت موسكو للقصف الألمانى وردت المعتدين فتوجهوا جنوبا إلى المدينة العملاقة الأخرى ستالينجراد (فولجاجراد) التى دارت عندها رحى معركة المصير فى الحرب العالمية الثانية كلها، وتمكنت القوات السوفيتية من سحق الهجوم الألمانى الإجرامى وقتلت وأسرت مئات الآلاف من الألمان. وإندفعت القوات المدرعة السوفيتية لتلتقى بنظيرتها الألمانية فى السهول المحيطة بمدينة كورسك حيث دارت أكبر معركة للدبابات فى التاريخ. وتمكنت القوات السوفيتية من سحق الألمان والاندفاع نحو عاصمتهم برلين أو مركز الشر والإجرام العالمى آنذاك والتى سقطت تحت أقدام الجيش السوفيتى لتنتهى الأسطورة الإجرامية للنازية الألمانية.
وكان الدرس الاستراتيجى (العسكري) من تلك الحرب ومن الخطأ السوفيتى الجسيم فى بدايتها أنه لا يجوز أن تترك الثغرة بين أى جيشين دون حماية من قوس نيرانى قوى قادر على منع أى اختراق لها. ولم تمنع هذه الخبرة العالمية من تكرار هذا الخطأ فى حروب أخرى ومن ضمنها حرب أكتوبر عندما أصر الرئيس السادات وهو رجل محدود الخبرة عسكريا حيث قضى أغلب حياته مدنيا، على دفع الفرقة التى تحمى الثغرة بين الجيشين الثانى والثالت إلى قلب سيناء تاركا تلك الثغرة بلا حماية لتدخلها القوات الصهيونية لتعبر إلى الضفة الغربية للقناة وتحاول حصار مدينة السويس والجيش الثالث.
وكان الدرس الثانى هو أن الشعب المتضامن مع جيشه والمتلاحم معه فى الدفاع عن الوطن يمكنه أن يقهر كل المستحيلات ويسجل بطولات تصل إلى حد الأساطير مثلما صمدت مدينة ليننجراد للحصار الألمانى لمدة 900 يوم ولم تستسلم وتمكن الجيش السوفيتى من فك حصارها والعصف بقطعان المجرمين الألمان النازيين الذين كانوا يحاصرونها. وكررت مدينة السويس المصرية نفس البطولة فى حرب أكتوبر 1973 وسجلت صمودا أسطوريا فى وجه الهجمات الصهيونية الإجرامية الرامية لاقتحامها، ودفعت قوافل من الشهداء لكنها لم تستسلم وسجلت للوطن وللإنسانية نصرا هائلا ضد آلة القتل والتدمير الصهيونية الإجرامية.
علاقة الشعب بالدولة فى مصر
ترسل مصر فى هذه اللحظة المصيرية أبناءها لحرب حقيقية من أجل حماية هويتها وحدودها وأمن شعبها ووحدتها الباقية إلى الأبد ببأس شعبها العظيم وجيشها البطل. وهذه اللحظة لا تحتمل الشماتة أو الحياد فهما خيانة لوطن فى حالة حرب حقيقية.
وربما يكون الشعب المصرى من أكثر أو هو أكثر الشعوب إدراكا لأهمية الدولة ووحدة الوطن بحكم التاريخ العريق وخبراته العظيمة والمريرة. وكانت مصر هى البلد الذى أسس أول دولة وحضارة فى التاريخ الإنسانى فى الألف السادسة قبل الميلاد. وكانت تلك هى الوحدة الأولى لمصر. ووقتها كانت الدنيا ظلاما، وكانت الجماعات البشرية الصغيرة المتناثرة على خريطة العالم ما زالت فى مرحلة الهمجية الأولى ما قبل التاريخ والحضارة. وتفككت مصر بعد ذلك لمدة ألف عام ذاق الشعب خلالها الأمرين من الصراعات بين المقاطعات. لكن مصر استعادت وحدتها المستمرة من عهد الملك مينا عند نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد أو بتاريخ تقريبى نحو 3200 قبل الميلاد وحتى الآن وإلى الأبد بإرادة شعبها العظيم وقوة جيشها البطل. وكونت مصر دولة أرست أسس الحضارة والضمير الإنساني، بينما كانت الجماعات البشرية فى كل العالم لاتزال على تناثرها وهمجيتها إلا من بؤر صغيرة فى سومر (العراق) وبعض أودية الأنهار الكبرى فى آسيا. ونتيجة الويلات التى عانى منها المصريون القدماء فى زمن التفكك، فإنهم رفعوا الدولة الموحدة لمصاف إله وأصبحت قوتها ووحدتها هدفا أسمى تهون من أجله أعظم التضحيات.
وبغض النظر عن اليقين بأن مصر ستبقى موحدة قوية عزيزة إلى الأبد، وستسحق قطعان الإرهابيين وتنفضهم كبثور مرض عارض لتزدهى بوجهها الصبوح المتنور بهية كل الأزمان، فإن هناك الكثير من العمل والسياسات الضرورية لمصر فى الوقت الراهن.
الدعوات الغبية لكبت الحريات
إذا كان الإرهاب يستحق الضرب بيد من حديد لقطع دابر الإرهابيين، فإن هناك الكثير من الدعوات الموتورة والغبية والتى تشكل خطرا على قيم الدولة والحكم والتى انطلقت فى الفترة الماضية تحت دعوى مكافحة الإرهاب. واقصد كل الدعوات التى تنادى بتجاهل حقوق وحريات الإنسان فى وقت الحرب ضد الإرهاب، وهى دعوة مناقضة لفكرة الحرب ضد الإرهاب ذاتها بصورة جوهرية. فالحرب ضد الإرهاب هى حرب ضد تيارات إجرامية تصادر حريات وحقوق الإنسان والمجتمع فى الاختيار، وتتصور ان ارتكاب بعض الجرائم الإرهابية يمكن أن يدمر الاستقرار والدولة، أو يشكل ضغطا على المجتمع والدولة للموافقة على خياراتهم المتخلفة والمتطرفة والإرهابية أو التصالح معها. ولا يعقل لمن يخوض حربا ضد هذا الإرهاب ان يقبل دعاوى تجاهل حقوق الإنسان وحرياته لأنه حينها لن يفرق كثيرا عن هؤلاء الإرهابيين.
ضرورات تعزيز تلاحم الشعب والدولة
إذا كانت المعركة ضد الإرهاب هى معركة الشعب ودولته وجيشه ضد عصابات التخلف والتطرف والإرهاب، فإن النصر فيها لا ريب فيه طالما بقى هذا التلاحم بين الشعب ودولته وأمنه وجيشه. وهذا التلاحم يتحقق باحترام الدولة واجهزتها للقانون ولتطبيقه العادل على الجميع على قدم المساواة، واحترامها لحريات وحقوق الإنسان من أبناء هذا الشعب الطيب. وهذا الاحترام يتجلى عند تعامل الإنسان البسيط مع أجهزة الدولة فى أقسام الشرطة والأجهزة السيادية وفى الإدارات والهيئات الحكومية. ويتجلى أيضا فى حقه العادل فى الالتحاق بالكليات الشرطية والعسكرية وبالهيئات القضائية إذا كانت مؤهلاته العلمية والبدنية تسمح بذلك، والالتحاق بمختلف اجهزة وإدارات الدولة عندما تتوفر فيها وظائف حقيقية خالية، إذا توافرت فيه المؤهلات المطلوبة.
ورغم أن تلاحم الشعب مع الدولة وأجهزتها يتعاظم فى حالة تمكن الدولة من حل أزمات البطالة والفقر وتوفير الرعاية الصحية والتعليمية للمواطنين بصورة مجانية أو شبه مجانية وتطوير البنية الأساسية وتحقيق التنمية الاقتصادية التى تكفل رفع مستويات المعيشة، إلا أنه حتى فى حالة بطء أو تعثر التنمية، فإن احترام الدولة للقانون وتطبيقه على الجميع على قدم المساواة وعدم وجود من هم فوقه ومن هم تحته، ومراعاة العدالة الاجتماعية والإجراءات الضرورية لتحقيقها، تكفى لتعزيز التلاحم بين الشعب ودولته وأجهزتها.
إن الخطر الحقيقى فى اى حرب بين الدولة والإرهاب هو فى وقوف المواطنين على الحياد بسبب تجبر بعض أجهزة الدولة عليهم. ورغم وجود بعض الممارسات الخاطئة فى هذا الشأن، إلا أن الإيمان التاريخى للمصريين بالدولة ما زال قادرا على الحفاظ على قوة تلاحمهم معها. لكن دولة صاعدة لبناء مستقبل جديد مؤسس على شرعية ثورة الشعب العظيمة فى 25 يناير 2011 والتى أطاحت بالحكم الاستبدادى الفاسد، وموجتها الثانية الهائلة فى 30 يونيو 2013 والتى أطاحت بحكم الفاشية الدينية، تستحق إصلاح أداء أجهزة الدولة لتعزيز التلاحم المبنى على احترام الحريات وحقوق الإنسان والتراضى وليس لمجرد الخوف على الدولة.
ورغم أهمية خطوة الإفراج عن بعض الشباب ممن تم الحكم عليهم بموجب قانون تنظيم التظاهر الذى يصادر عمليا الحق فى التظاهر السلمي، إلا أن غالبية من تم الإفراج عنهم ينتمون لتيارات دينية هى فى طبيعتها طائفية ومعادية للحريات وأقرب للعنف. ولا ضير من افراج عمن لم يتورطوا فى العنف، لكن عددا مهما من الشباب المسالم الذى كافح ضد استبداد وفساد نظام مبارك وضد فاشية وطائفية حكم جماعة الإخوان الإرهابية ما زال قابعا فى السجون بأحكام مبنية على ذلك القانون، وهم كانوا ضمن الكتلة الأكثر حيوية واستعدادا للتضحية والفداء فى تحالف 30 يونيو وخلال فترة حكم الإخوان.
ولابد من تعديل القانون وإنصاف ضحاياه واستعادة لحمة ذلك التحالف الكبير والضرورى فى معركة مصر المصيرية ضد الإرهاب والمجموعات التكفيرية. وفى نفس سياق البناء بروح ثورة تستهدف الارتقاء بالنظام والدولة إلى مستوى يليق بقيمة وقامة مصر الحضارية، فإن محاسبة رموز عصر مبارك على جرائمهم الحقيقية فى الفساد السياسى وتزوير إرادة الشعب، والفساد المالى ونهب المال العام وتدمير ما أنتجته الأجيال والحكومات السابقة عليهم من خلال برنامج الخصخصة الفاسد، واستعادة حقوق المال العام من أموالهم والأصول التى استولوا عليها داخل مصر، هى أمور فى غاية الأهمية لتعزيز الدعم الشعبى لمعركة مصر المصيرية ضد الإرهاب وكل من يدعمه محليا وإقليميا ودوليا.
ضرورة استعادة سورية والتحالف معها ضد الإرهاب
كما أن معركة مصر ضد الإرهاب تبدأ فى الحقيقة من الوقوف صفا واحدا مع من يواجهونه فى سورية وليبيا. وعلى سبيل المثال لو تم التضامن مع سورية فى مواجهة حشرات داعش وجبهة النصرة الإرهابية وجيش العمالة «الحر» لما تمدد الإرهابيون وانتقلوا لدول أخرى أو شكلوا اى تهديد لمصر. ورغم تشابك العلاقات والتحالفات الإقليمية لمصر، إلا أن مصالحها الاستراتيجية تقتضى اتخاذ موقف حاسم إلى جانب سورية فى مواجهة الإرهاب واستعادة العلاقات الكاملة معها والتى قطعها نظام الإخوان الطائفى والمتطرف. ومن المؤكد أن نجاح الدولة السورية فى حربها ضد الإرهاب هو درء لخطر إقليمى عن باقى دول المنطقة. أما الدول التى مولت وسلحت قطعان الشر الإرهابية الطائفية من جبهة النصرة إلى داعش والسلفيين بتخلفهم وطائفيتهم، فإنها إذا لم توقف سياسة بث الطائفية وتخريب دول المنطقة فإن سحرها الأسود سينقلب عليها ويومها لن ينفع الندم.
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.