انفجر حي "بويونزي" ذو الأغلبية المسلمة في العاصمة البوروندية بوجمبورا، إثر اغتيال المعارض المسلم، زيدي فيروزي، السبت الماضي، أمام منزله برصاص مجهولين قالت قوى المعارضة انهم محسوبون على النظام. فبعد يوم حافل، لقي 3 من بين المحتجّين على ترشّح الرئيس، بيير نكورونزيزا، لولاية رئاسية ثالثة، حتفهم أمس الثلاثاء، وحي "بويونزي" الذي كان إلى فترة قريبة، ينعم بالسلام والتسامح والتعايش السلمي بين عرقيتي الهوتو (أغلبية) والتوتسي (أقلية)، إلا انه تخلّى عن هدوئه فجأة بعد اغتيال فيروزي، ليلتحق بالحراك الذي تشهده العاصمة منذ شهر. الحاج هارونا نكوندويغا، أحد أكثر المسلمين البورونديين تأثيرا في البلاد، ورئيس "مسلمي بوروندي"، وهي جمعية غير معترف بها من قبل النظام، قال للأناضول، إنّ "اغتيال فاروزي يشكّل –بلا أدنى شكّ- عنصرا هاما للتعبئة، والتي انطلقت الثلاثاء أمس في حي بويونزي"، مضيفا أنّ "الأخير لا يعتبر الحي ذي الأغلبية المسلمة فحسب، وإنما هو الحي الأكثر كثافة سكانية في العاصمة، بما أنه يعدّ حوالي 80 ألف ساكن، وهو أيضا الحي الذي يضمّ أكبر عدد من أنصار حزب الاتحاد من أجل السلام والديمقراطية، والذي كان يرأسه فيروزي". نكوندويغا لفت أيضا إلى أنه قبل محاولة الانقلاب الفاشلة، في 13 مايو/ أيار الجاري، على الرئيس بيير نكورونزيزا، أطلق "دعوة إلى المسلمين للإلتحاق بإخوانهم وأخواتهم (المحتجين)، غير أنّ الدعوة لم تلق استجابة"، مشيرا إلى أنّ المسلمين الذين يمثلون أقلية في هذا البلد (أقل من 5 % من السكان، وفقا لأرقام غير رسمية)، لطالما حافظا على طابع "تصالحي" بعيد عن المواجهات". لكن "إثر اغتيال فيروزي"، يتابع نكوندويغا، "انتهى الأمر حتى بأولئك الذين يعتبرون الأكثر خجلا، بالنزول إلى الشوارع،لأنهم أيقنوا أنّ زعماءهم أضحوا هدفا للتصفية الجسدية واحدا تلو الآخر"، واصفا حادثة الاغتيال ب "الشرارة" التي فجّرت حيّ بويونزي منذ أمس. أحد مسلمي الحيّ قال، من جانبه، للأناضول، مفضلا عدم ذكر اسمه، إنّ "قوات الأمن والجيش منتشرة في حينا منذ الخامسة صباحا من يوم الأحد الماضي، ولقد منعونا حتى من أداء صلاة الصبح". نار الغضب المشتعلة في صدور المسلمين المناهضين لولاية نكورونزيزا الثالثة، وتنديدا بالقمع الذي يمارسه نظامه ضدّ المحتجّين البورونديين، لم تهدأ، فلقد أضرم عشرات المتظاهرين، أمس الثلاثاء، النيران في الإطارات المطاطية، وتبادلوا التراشق بالحجارة مع عدد من قوات الأمن المدعومين من الجيش. وفي نهاية اليوم، خيّمت سحابة كثيفة من الدخان الممزوج بالغاز المسيل للدموع، على سماء المنطقة، وسط تواصل دوي الرصاص. أما الشوارع، فقد أقفرت من سكانها حتى حلول الليل، فيما أوصد سوق روفوميرا، أكبر أسواق العاصمة البوروندية، أبوابه، ولم يفتحها إثر ذلك. حالة من الصمت المريب أطبقت أيضا على جميع المحلات والورشات المصطفة على جانبي الطرقات الرئيسية، والتي لم تفتح أبوابها كعادتها لاستقبال زبائنها. حي بويونزي ذو الأغلبية المسلمة (98 %)، كان، إلى حين إغتيال فيروزي، مكانا يسوده الوئام والسلام والتسامح. إيدي رادجبو كابانو، المسؤول الإداري عن الحي، قال للأناضول، إنّه "طوال فترة بلقنة مدينة بوجمبورا على أسس عرقية، لاسيما من 1995 إلى 1997، لجأ الهوتو المطرودين من منطقة موساغا ذات الأغلبية التوتسي، إلى بويونزي. والأمر نفسه حصل مع التوتسي حين طردوا من حي كامينجي ذي الأغلبية الهوتو، حيث توجّهوا، هم أيضا، نجو حينا هذا". وبقدوم العرقيتين إلى حي المسلمين، انتفت العداوة التي كانت مشتعلة بين الهوتو والتوتسي، وتمكنتا من التعايش بشكل سلمي يسوده الوئام، على قطعة واحدة من الأرض لا تزيد مساحتها عن ال 1.4 كم مربع. ويمثّل المسلمون 5 % من سكان بوروندي المقدّر عددهم، في 2014، ب 10.3 مليون نسمة، وفقا لإحصائيات رسمية. وخلال الفترات القاتمة التي شهدتها البلاد، لعب المسلمون أدوارا حاسمة في المصالحة بين التوتسي والهوتو، لاسيما خلال الحرب الأهلية التي هزت البلاد من 1993 إلى 2005، وخلفت مئات الآلاف من القتلى.