"أسعار الذهب في مصر اليوم".. استقرار الأسعار وتأثير العوامل المحلية والعالمية    أسعار اللحوم اليوم الإثنين 29 أبريل 2024 في أسواق الأقصر    بلينكن يصل السعودية ضمن جولة تشمل الأردن وإسرائيل    قطر توضح حقيقة دعمها للمظاهرات المناهضة لإسرائيل ماليا    بعد مشاركة الأهلي والزمالك في نهائيات قارية.. مصر تكرر الإنجاز    ترتيب الدوري المصري الممتاز 2023-2024 قبل مباريات اليوم الإثنين    توقعات الطقس اليوم: فرصة لسقوط أمطار وتحذيرات من الشبورة المائية    كوافير المرج ..7 أبرحوه ضربا حتى لفظ انفاسه في الطريق العام.. التفاصيل    أحمد المرسي بعد فوز باسم خندقجى بجائزة البوكر: فوز مستحق لرواية رائعة    لأول مرة تتحدث عن طلاقها.. طرح البرومو الرسمي لحلقة ياسمين عبدالعزيز في برنامج صاحبة السعادة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الإثنين 29 أبريل    روجينا تنعي المخرج والسيناريست عصام الشماع    صحة قنا: خروج 9 مصابين بعد تلقيهم العلاج في واقعة تسرب غاز الكلور    صحيفة بريطانية تكشف تطورات جديدة في أزمة محمد صلاح وكلوب    مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائيل    أخبار مصر: حواس يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة، وفد حماس في القاهرة لحسم الهدنة، حقيقة رفض شيكابالا لعب مباراة دريمز، السديس يطلب وجبة إندومي    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    عمر عبد الحليم ل«بين السطور»: فيلم «السرب» أثر في وجداني ولن أنساه طيلة حياتي    أدعية للحفظ من الحسد وفك الكرب والهم.. رددها لتحصين نفسك    شبانة: الزمالك يحتاج للتتويج ببطولة تشعر لاعبيه بجماهيرية النادي وحجم الانتصارات    المؤتمر الدولي للنشر العربي يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشرية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    فيديو| 5 قتلى جراء أعاصير في وسط الولايات المتحدة    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    فضيحة مالية.. الحزب الحاكم يفقد 3 مقاعد لصالح المعارضة باليابان    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    وزير الاتصالات: نعمل على زيادة سرعة الإنترنت وتثبيتها وتقوية شبكات المحمول    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طائف ليبي
نشر في محيط يوم 23 - 05 - 2015

لم تنته الرياض من إعادة السلام والوفاق الى اليمن، فهل من المنطق أن تمضي في مشروع سلام نحو ليبيا؟ نعم، لأنها قادرة على ذلك، ولأن شياطين الشر الكامنة داخل وحول الصراع الليبي، الكفيلة بتوحشه أكثر، لن تنتظر حتى تفرغ المملكة مما في يدها.
الوضع هناك سيء، ولكن يمكن أن يصبح أسوأ إذا ما طال إهماله، بينما هو سهل ممتنع، يمكن إصلاحه إذا ما توافرت العزيمة والنية الطيبة والأخوة الصادقة، وهذا كله متوافر في الرياض، التي لا مصلحة لها في ليبيا، ولا تطمع في أرضها ولا نفطها، إنها تريد سلامتها فقط.
يدعوها لذلك أيضاً، فشل الأمم المتحدة وعجز جيران ليبيا، ووجود رغبة حقيقية لدى الليبيين. يريدون دوراً للرياض، ومن هؤلاء وزير الخارجية الليبي محمد الغيراني، ووزير العدل مصطفى القليب، وحسين الجازوي المحسوب على الحركة الإسلامية، هكذا قدم نفسه، والذين التقيت بهم - مصادفة ببهو فندق بأنقرة - فأبلغوني رسالتهم هذه وأمنوني أن أوصلها للقيادة السعودية، وها أنذا أفعل. نعم جميعهم من حكومة طرابلس التي يترأسها عمر الحاسي، والمسماة «حكومة الإنقاذ الوطني»، ويعترفون بأنه مختلف عليهم وليسوا محل إجماع، ولا يعترف بهم العالم ولا العرب، فلن يحضر الغيراني اجتماعاً في الجامعة العربية، ولا القليب اجتماعاً لوزراء العدل العرب، ولكنهما يمثلان حكومة تأمر وتنهى في ليبيا الممزقة على مساحة أكبر مما تتمتع به حكومة طبرق التي توصف بالشرعية، والتي تعيش في ظل الجنرال خليفة حفتر الذي يريد ان يكون «الزعيم» المنقذ لليبيا، وتتعامل معهم الدول المعنية بالأزمة الليبية، مثل تونس والجزائر مثلما تتعامل مع حكومة طبرق، وكذلك الأمم المتحدة ومبعوثها برناردينو ليون.
كانوا يستعدون لاجتماع مع الحكومة التركية، التي تؤيدهم هي وحكومة قطر فقط، بينما تؤيد حكومة طبرق التي تحاول حسم الصراع بالقوة الإمارات ومصر فقط، بينما تؤيد بقية دول المنطقة حلاً سلمياً هناك، لإدراكها، عن حكمة ومعرفة، أن لا أحد يستطيع حسم الصراع بالقوة. الشيء الوحيد الذي تستطيع القوة فعله في ليبيا هو تدميرها بالكامل وتحويلها إلى صومال أخرى، وهذا ما يفسر ابتعاد حكومتي الجزائر وتونس عن الموقف المصري، بل كان مفارقاً رؤية الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مجتمعاً مع علي الصلابي المحسوب على "الإخوان" و"فجر ليبيا"، ما أثار استهجان حكومة طبرق، وربما القاهرة أيضاً، بحكم أن السبسي محسوب على المعسكر العلماني المعادي للإسلاميين، ولكنه تصرف بصفته رئيساً مسؤولاً في تونس ومعنياً بأمنها، بالسعي نحو سلام في ليبيا المجاورة، بعدما أدت صراعاتها إلى لجوء أكثر من مليون من مواطنيها إلى بلاده بكل مشكلاتهم وخصوماتهم، فكان طبيعياً أن يقول: «تونس على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية».
موقف الجزائر والمغرب مماثل، وكلهم سيرحبون بوساطة سعودية، بل إن مصطلح «طائف ليبي» بدأ يتكرر في صحفهم، ولكن المهم هو موقف الليبيين. سألت وزير خارجية حكومة طرابلس ووزير عدلها، رد الغيراني بحماسة شديدة: «نعم، لن نجد أفضل من الملك سلمان، أنتم - السعوديين - تفهموننا، نحن قبائل وخلافاتنا ليست عقدية، إنها أطماع وحسد ونتيجة لفقداننا آلية للحكم بعد أعوام طويلة قتل فيها القذافي السياسة". ومن دون أن أسأله تطوع بالقول: «نحن لسنا إخواناً مسلمين، الإخوان لا يمثلون 2 في المئة من الشعب الليبي، إنهم طرف بين أطراف عدة، هكذا ليبيا الجديدة لا تقصي أحداً، أنا شخصياً أختلف معهم كثيراً، ولكننا لا نقبل بديكتاتور آخر». ومضى يهاجم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر الذي يريد أن يكون زعيم ليبيا الأوحد، ويروي كيف أنه بدأ الحرب حتى قبل انتخاب مجلس النواب الحالي محل الجدل.
عندما قلت: ولكن الشرعية معهم، انتفض أكثر من واحد رافضين ذلك، تركوا مجالاً لوزير العدل مصطفى القليب يشرح كيف أن برلمان طبرق كان يرافع بحماسة أمام المحكمة الدستورية العليا، ويحضر جلساتها، وعندما صدر الحكم بعدم شرعيته قالوا إن ميليشيات "فجر ليبيا" ضغطت على المحكمة وبالتالي رفضوا الحكم.
الشاهد الأول في كل ما سبق أن القضية الليبية معقدة جداً، ولكل طرف وجهة نظر، وليست خلافاً بين إسلاميين وعلمانيين، أو شرق وغرب، إنها خلاف وأطماع كل مدينة، وجهة وعرق وقبيلة، مع خلطة لم تستقر بعد من الأحزاب والزعامات السياسية، بل إن حكومتي طرابلس وطبرق، اللتين انسابت إليهما شتى القوى وفق هوى كل مكون منها، ليستا صلبتين، فالشروخ ظهرت فيهما لأسباب عدة، منها ضيق أطراف باستبداد وتصلب بعض مكونات كل حكومة، وشعورهم بأن الأطماع الشخصية للبعض أدت إلى انسداد الحوار، إضافة إلى حجم الفساد والعبث بالمال العام الذي يلغ فيه الجميع، فاستقال نائب رئيس كتلة التحالف الوطني، المكون الرئيس لحكومة طبرق، لرفضه استمرار "عملية الكرامة" التي يقودها حفتر وأدت إلى تدمير نصف بنغازي، وفي مصراتة، التي تعد أساسية في كتلة حكومة طرابلس، تحرك المجلس البلدي المنتخب وأرسل وفداً إلى أبوظبي يقلب فرصاً للسلام مع المعنين هناك، وثمة تشققات أخرى أفقية وعمودية، وعلى من يريد التصدي للحال الليبية أن يستوعبها ويحتمل ساعات طويلة من الصراخ والجدل وتبادل اللوم.
الشاهد الثاني، أن ثمة تياراً كبيراً في الكتلتين تعب من الحرب، وبدأ أصحابه بالتواصل في ما بينهم، وصفه الصحافي المخضرم - الذي تحول إلى سياسي - الزميل محمود شمام بتغريدة في «تويتر» الأربعاء الماضي، قال فيها: «قد تكون المصالحات الأفقية أجدى وأفضل من المصالحة الرأسية، حيث إن فكرة التقاسم لا تعنيها».
ولكنهم أيضاً يريدون أخاً أكبر يجمعهم في «طائف ليبي»، كما طالب أصدقائي الذين التقيتهم صدفة في أنقرة، وسبق أن سمعت حديثاً مثله من السياسي الليبي وليد ارتيمة الذي أرسل إلي قائمة طويلة بأعضاء في المجلس الوطني والبرلمان مؤيدين لفكرة «الطائف الليبي». ولكن لا بد أن يسبقه تحييد القوى التي غذت الصراع هناك (مصر والإمارات - تركيا وقطر)، وأكاد أجزم بأن الأخيرتين مستعدتان لترك الساحة للسعودية إن أقبلت ونزلت بثقلها وحدها أو مع الأمم المتحدة، وأتوقع أن مصر والإمارات ستفعلان الأمر نفسه إن رأتا حزماً سعودياً كالذي رأتاه في اليمن.
قد يأتي الليبيون إلى الطائف أو تذهب الطائف إليهم، المهم أن تنزل إلى المعركة ديبلوماسية الحكمة والصبر السعودية، تجامل هذا وتضغط على ذاك، فيحضر الجميع، باستثناء «داعش» وكل من يفتقدون روح المشاركة، الذين أتوقع أن يكون منهم اللواء خليفة حفتر، فيرفض الحضور، مثلما فعل ميشال عون عام 1989 وأصر على أن يستمر في معركته ضد السوريين الذين يتحالف معهم اليوم. الضغط على حلفائه كفيل بتحييده، والولايات المتحدة مستعدة لاستقباله مرة أخرى مثلما فعلت بعدما خسر حرب تشاد العبثية، فهو مواطن أميركي ابتداء.
لن تكون مهمة سهلة، سيختلف الليبيون، وستكون مفاوضات شرسة، ولكن من دون سلاح، ثم يتفقون في النهاية.
نقلا عن "الحياة " اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.