الفَن .. الفكر والإبداع ..ثَلاث كلمات بسيطة ولكنها في واقع الأمر هى أسلحة القوى الناعمة التي نَشحذها الآن في وجه التَطرف والعنف والإرهاب الأسود .فإذا كان رِجال القوات المسلحة والشرطة يقدِمون أرواحهم من أجلِ هذه الأرض الطيبة ، فإنهم لن ينتَصروا بمفردهم على خفَافيشِ الظلاَم وعملياتهم الخسيسة التي تطعن الأبرياء في الظهر ، ولابد من نهوض المثقف بدوره في المعركة التي تخوضها مصر ضد قوى الشرِ المأجورة . كانت تلك كلمات وزير الثقافة المصري د . عبد الواحد النبوي والذي افتتح فعاليات مؤتمر القوى الناعمة.. الفن والفكر والإبداع في مواجهه التطرف والإرهاب، ظهر اليوم. وقال وزير الثقافة : المصريون يحملون بداخلهم تراثاً إنسانياً زاخراً بالخير والمودة والسلامِ .. تُراثاً ممْتداً بعمقِ التاريخِ .. واتساعِ الزمنِ عبر سبعةِ آلاف عام .. فالشعب المصري المسالم لم يعتد على جارٍ حرٍ شريف .. أو دولة صديقة .. وحضارة مصر التي أحتضنت الأديان السماويةَ السمحةَ منْذ بدء الخليقةَ : اليهوديةَ والمسيحيةَ والإسلام .. احتفت بأنبيائهم جميعاً .. وأصبحت سماحة الإسلام جزءا لا يتجزأ من مكونات الهوية المصرية بل والشخصية المصرية .. وفي مجمعِ الأديانِ في مصرِ العتيقةَ نرى بأعينِنا على أرضِ الواقعِ مسجدَ عمرو بن العاص .. بجوارِ الكنيسة المعلقة .. وبجوارهما المعبد اليهودي .. في مشهدٍ لا مثيل له في أي دولة من دولِ العالم على وجه الأرضِ .. والدولة المصرية والشعب المصري الذي احتضن بسماحته كل الأديانِ على مر العصورِ .. ويتابع النبوي : جاء المؤتمر ليطرح التساؤلات المسكوت عنها .. ويبحث عن الإجابات من خلال عدة فعاليات تتسع لكلِ الآراء وليضعنا جميعا أمام مسئولياتنا كمثقفين ومفكرين ومبدعين وفنانين .. لكي تتبوأَ مصر مكانتها التي تستَحقها بين الأمم . ومن جانبه أكد د . سيد خاطر رئيس المؤتمر أن وزارة الثقافة جهودها ستذهب سدى إذا لم تلق مساندة من مؤسسات إعلامية وتعليمية ورياضية ، وكذلك المحافظات والتي من المفترض أن توفر أماكن لإقامة وإعاشه الفنانين الذين يريدون عرض إبداعاتهم في تلك محافظات. وأكد "خاطر" أن كل المؤسسات لابد وأن تعمل في سيمفونية واحدة ولا تكون بينها نغمة نشاز ، مشيرا أن البيت الفني للمسرح أنتج 16 عرضا مسرحيا خلال العام لم يعلن عنه في وسائل الإعلام بسبب التكلفة . أما د. جابر نصار رئيس جامعة القاهرة فأكد أن الجامعة كانت تستعين بالقوة الناعمة لمحاربة هذا الإرهاب، واشار إلى تعاون الجامعة مع وزارة الثقافة متمثلة في البيت الفني للمسرح وعرض مسرحيات علي مسرح جامعة القاهرة، وأن مسرح جامعة القاهرة شهد 26 خطبة من خطب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، كما غنت عليه سيدة الغناء العربي أم كلثوم ، ودعا نصار في نهاية كلمته بنزول الفنانين إلى الجامعات كقوة ضاربة ضد العنف والإرهاب أما الكاتب الكبير ثروت الخرباوي فأكد أن ظاهرة العنف والإرهاب كانت واضحة ولكننا لم ندركها علي حقيقتها، ففي الفن والأدب نقرأ المستقبل ونستشرفه ، مشيرا أننا في تلك اللحظة الراهنة لابد وان نتحرك ونطلق الطاقات الجبارة لوزارة الثقافة التي تحركت ، لمحاربة الإرهاب، وتبني مواهب جديدة، واشار إلى تجربة الرئيس جمال عبد الناصر في السينما والمسرح، في فترة وجود مؤسسة السينما في الستينيات التي استطاعت أن تنتج أهم وأبدع الأفلام السينمائية أما الشيخ احمد ترك فعبر من جهته عن حقيقة أن القوى الناعمة لا تنحصر فقط في الكلمات الثلاث الفن والفكر والإبداع ، وإنما تشمل أيضا الدين والإعلام ومنظمات المجتمع المدني ، ولابد أن تتناغم تلك المنظومة وتكون علي قلب رجل واحد ، وتلك الخطابات المختلفة وعلي رأسها الخطاب الديني لابد وأن تتصالح مع الثقافة ، فالدين لا يتعارض مع الفن والإبداع وإنما يتعارض مع الإبتذال الذي يتخاصم أيضا مع الهوية المصرية وأشار إلى أن الإرهابيين يحتاجون الي إرتواء روحي عبر الدين الوسطي، وإرتواء فكري من خلال الفن والثقافة، واختتم كلمته أننا الآن في حرب مفتوحة وأخطرها الحرب علي الهوية ومن جانبه قال الأب بطرس دانيال أننا نريد حربا لتحرير النفوس قبل حرب تحرير الأرض، وقال "علموا أولادكم القوة الناعمة وأغلقوا السجون" كما قال افلاطون، علموا الناس الفنون ستقضون علي الإرهاب، وأشار إلي تجربة سليم سحاب في تعليم أطفال الشوارع الموسيقي والغناء، فخرج أطفال فنانين بدلا من أن يحاربوا الشرطة ويستخدمون العنف والبلطجة ، أصبحوا فاعلين في المجتمع وفي كلمته قال د . كمال مغيث أن هناك عدة قيم لابد من الحفاظ عليها وهي قيمة احترام الحياة ، قيمة العمل ، الحق ، الأمن ، التنوع والإختلاف ، مؤكدا أن الدولة المصرية يوم أن فرطت في هذه القيم نكبنا بالإرهاب ولابد من عودة تلك القيم . وقالت د . نهاد أبو القمصان أن الفن هو نقطة الميزان في المجتمع فإذا حدث تراجع لهذه النقطة ندرك جيدا أن هناك اعجواج في المنظومة، الجيش والأمن وحدهما لن يستطيعا محاربة الإرهاب ، بل بتعاون كل الجهات وكذلك مؤسسات المجتمع المدني أما السفير صلاح عبد المقصود فاكد أن الهيئة العامة للاستعلامات تمتلك 96 مركزا إعلاميا علي مستوي الجمهورية وأنها مستعدة للتعاون في منظومة القوي الناعمة ، بالإضافة الي مراكز الهيئة في الخارج والتي تعمل علي توصيل صورة مصر الي العالم ، فالهيئة هي ذراع العلاقات العامة للدولة ، وأكد أن التنافس أصبح شديدا في ظل السماوات المفتوحة . وفي كلمته قال اللواء رفعت قمصان أنه شارك في مواجهه هذا الفكر في فترة الثمانينات ، عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وعرف كم الحقد والغل في هذا الفكر ، ولابد أن يكون هناك تصدي وتكاتف من كل أجهزة الدولة ، ولا يجب أن تتوقف الجهود أمام البيروقراطية وأن يقف الجميع امام الفكر المنحرف ، مشيرا أن ثورة 30 يونيو بدأت من أحد قلاع الثقافة، والحرب علي الإرهاب ستبدا بالقوى الناعمة من وزارة الثقافة أما العميد راضي عبد المعطي فأكد علي ضرورة تكامل كل مؤسسات الدولة في الحرب علي الإرهاب ومواجهه الفكر المتطرف ، وهذا التوجه ضروري لرجال الشرطة لأنهم يؤمنون بدورهم كرجال أمن ، وقدموا منهم الشهداء ، مشيرا ان المواجهه المجتمعية هي الأساس وقال ياسر عبد العزيز أن القوة الناعمة تجبر علي التأثر ، والقوة الصلبة تجبر علي القتل، والقوة الناعمة لسيت سلاح في يد الأخيار وحدهم بل من الممكن استغلالها في شتي الطرق ، فبعض القوي الشريرة تستغل الأغنية مثلما كانت تفعل الجماعة في أناشيد الحماس أو القنوات التي تدعو لفكرهم ومن جانبه قال الناقد طارق الشناوي أن المادة التي تقدمها وزارة الثقافة لابد وأن تكون جاذبة للناس وكذلك للإعلام ، ووزارة الثقافة لها دور أساسي هو حماية الفكر وتقلص هذا الدور ضربة حقيقية للإبداع ، وعلي الدولة حماية الإبداع وتدافع عن الحرية