تحل فى الرابع والعشرين من أبريل الذكرى الحادية عشر لرحيل الفنان المصرى القدير محمود مرسي الذي فارق الحياة فى مثل هذا اليوم من العام 2004 عن عمر ناهز 81 عاما بعد إصابته بأزمة قلبية . عتريس السينما المصرية الانطلاق والبداية فى شخصية عتريس زعيم المنصر فى فيلم " شيء من الخوف " من إخراج حسين كمال ، والفيلم تم تصويره بالأبيض والأسود بالرغم من إمكانية تصويره بالألوان لانتشار الأفلام الملونة في هذا الوقت، ويرجع ذلك لاستغلال المخرج حسين كمال لظلال الأبيض والأسود ببراعة لم تكن ممكنة فيما لو تم التصوير بالألوان.و رشح الفيلم لجائزة مهرجان موسكو السنيمائي. الابنودى صديق البدايات يبقى دور «عتريس» الذي اداه في فيلم «شيء من الخوف» هو الأشهر في تاريخه. الفيلم المأخوذ عن رواية أدبية لثروت أباظة كتب لها السيناريو صبري عزت، وتولى الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي صياغة حوار الفيلم وأشعاره التي لحنها باقتدار بليغ حمدي وغنتها بطلة الفيلم شادية، وشاركها البطولة عدد من ألمح نجوم السينما يومها: يحيى شاهين، سميرة محسن ومحمد توفيق وصلاح نظمي والوجه الجديد محمود ياسين وكان عرضه الأول في 3 فبراير عام 1969. بين الثورة وعبد الناصر كان الفيلم مليئاً بالإسقاطات السياسية الواضحة، والتي كانت تجسد موقف كاتب الرواية ثروت أباظة من الثورة وقادتها، وهو موقف معارض، ولسان حال باشوات العصر الملكي وإقطاعيه، والذين رأوا في الثورة مجرد انقلاب عسكري على الشرعية والديمقراطية، وهو ما عبرت عنه أحداث الفيلم بوضوح. وأشارت الى أن هناك حالة سطو قام بها الضباط الأحرار، الذين رمز لهم الفيلم بعتريس وعصابته، وأن الضحية كانت مصر، التي رمز لها الفيلم بشخصية فؤادة «شادية». كان صناع الفيلم كما يقول الناقد السينمائي علي أبو شادي في كتابه القيم «السينما والسياسة» يحاولون الإشارة الى عبدالناصر ورجال الثورة، ويشككون في شرعية نظام الحكم القائم. ولم تجد الرقابة يومها صعوبة في أن تضع يدها على تلك المعاني، وأن تعترض، بل لا تكتف بالاعتراض، وتهمس في اذن السلطة أن الفيلم ينتقد عبدالناصر صراحة، وان عتريس ما هو إلا تجسيد له مجرد زعيم عصابة، دموي، غليظ القلب، يعيث في الأرض فسادا، وقائد مجموعة غير شرعية استولت على البلد بالإرهاب والترويع، وتحاول ان تغتصب اشرف ما فيها «فؤادة» وان الصرخات التي تنطلق في نهاية الفيلم. «جواز عتريس من فؤاد باطل» ما هي الا رفض لسلطة عبدالناصر، بل ان الفيلم يتوقع نهاية دامية درامية قاسية لعبدالناصر، وستسحقه ثورة شعبية مثلما كانت نهاية عتريس الطاغية. وصل الهمس إلى عبدالناصر نفسه، ورغم انه كان يومها منهمكا في بناء الجيش ، وإصلاح الجبهة الداخلية، وإزالة آثار النكسة وتوابعها، واثبات ان مصر مازالت قادرة على المواجهة والردع والصمود واستعادة أرضها المحتلة، الا ان اللغط الذي اثير حول الفيلم جعله يقتطع من وقته وجهده ليتابع تلك الأزمة، خاصة ان اللجنة التي تشكلت من قيادات وزارة الثقافة لتقييم الفيلم أكدت الشكوك حوله. وذهب الفيلم الى بيت عبدالناصر ليحكم عليه بنفسه، وعلى شاشة العرض المنزلية شاهده، وتأمله، وقال بعدها قولته المشهورة: «والله لو احنا كده، نبقى نستاهل الحرق» في إشارة منه الى أن الفيلم جرى تحميله بمعان لا يحتملها، ولا يمكن ان يتصور أن يكون هو عتريساً. وكان موقف عبدالناصر بمثابة ضوء أخضر لعرض الفيلم، الذي وصل فيه محمود مرسي الى حالة من التألق، الى درجة أنك لا تتخيل غيره مكانه. تلميذته وزوجته مرسي، كان كارهاً للزواج، ولم يكن يفكر جدياً أن يُقدم عليه في يوم من الأيام، ولكن المعايير تحطمت مع رؤيته الأولى لسميحة، التي عشقت بدورها الاستماع لمحاضرته كأستاذ لها في معهد التمثيل، وأحبت أداءه كممثل عملاق، وطالما تناقشا أوقاتاً طويلة عن الفن والأداء التمثيلي، حتى أخذ الحوار بينهما في أحد الأيام منحنى آخر، حينما قرر أن يصارحها بمشاعره، التي حكمت عليها بأنها ليست ككل النساء، فهي تتمتع بصراحة لم يرها في امرأة مصرية من قبل. اتفقا على الخطبة حتى يتمكنا من الظهور سوياً، وبعد ثلاثة أشهر يعقدان القران بعد أن تتعرّف على عائلته في الإسكندرية وهم يتعرفون عليها، ثم أعلنت الخطوبة وكانت إعصاراً بالنسبة للنساء الطامعات في حبه، ثم سافرا وتم التعارف واستقبلتها والدته وزوجها بحفاوة بالغة، وراحت تتحسس موقعها منهم، ونالت القبول، واتفقوا على عقد القران في الإسكندرية، بعد إيجاد المسكن المناسب للعروسين، وجاءت الصدفة بشقة في إحدى بنايات الزمالك، تسكن في الطابق الأول بها الفنانة تحية كاريوكا، فكانت خير جيرة. بعد الزواج اكتشفا أنه كان خطأ كبيراً، فقد أحبت سميحة فيه الأستاذ والممثل، وهو أحب فيها قدراتها التمثيلية، ومن هنا أدركا استحالة الحياة الزوجية، واختلف شكل الأحاديث بينهم، عما كانت عليه قبل الزواج، فانفصلا ولكن ظلت هناك علاقة أقوى هي الصداقة المخلصة والزمالة الفنية، وهو ما بدا واضحاً في الحزن الذي سكن الفنانة القديرة بعد رحيل الأستاذ والصديق. جاءته الفرصة السينمائية لأول مرة مع المخرج نيازي مصطفى ففي عام 1962 عُرض على مرسي دور في فيلم «أنا الهارب» مقابل 300 جنيه فقط، وكان حينذاك متزوجًا من تلميذته الفنانة الناشئة سميحة أيوب، فجاءت موافقته على الدور رغم كمّ الشر الذي تمارسه الشخصية في الفيلم، ليُثبت لها أن التلميذة لن تتفوق على مُعلمها. وظنّ وقتها الفنان أنها المرة الأولى والأخيرة التي يُقدم فيها دور الشرير، ولكنه أصبح دون أن يدر نموذجًا جديدًا للشرير على شاشة السينما، وأصبح دوره السينمائي الأول محور اهتمام الصحافة والنقاد الذين أشادوا بموهبة صاحبه، وذوبانه في الشخصية التي قام بها بشكل مميز ينم عن مدرسة «سينمائية» جديدة خاصة فيما يتعلق بأدوار الشر. محمود مرسي أجاد بعد ذلك مباشرة أربعة أدوار شريرة ولكنه قدمها بأداء مميز عن بعضها البعض؛ حيث قدم «الباب المفتوح» مع فاتن حمامة، «المتمردة»مع صباح، «الليلة الأخيرة» مع أحمد مظهر، «أمير الدهاء» مع فريد شوقي. أهم «ممثل» مصري في القرن العشرين في أوائل الثمانينات أدرك محمود مرسي بحسه الصادق أن السينما الجديد لم تعد تصلح له، ولا هو يصلح لها، فأتخذ قراره بالاتجاه الى الدراما التلفزيونية، وفيها وضع كل خبرته ورصيده وتجاربه، خاصة مع حسن اختياراته لأدواره وأعماله، التي تكاد جميعها تكون من أنجح ما قدمت الدراما المصرية في ربع قرن الأخير، يكفي أن نذكر أدواره في «أبو العلال البشري» و«العائلة» و«الثلاثية» و«الرجل والحصان» و«عصفور النار»، وآخرها «بنات أفكاري». فقد كان أداؤه المشحون بالصدق والعفوية والتعبير والإقناع يجعل منه ماركة مسجلة غير قابلة للتقليد أو الاستنساخ، ولم يبالغ الكاتب والسينارست أسامة أنو عكاشة، كثيرا عندما وصفه بأنه أهم «ممثل» مصري في القرن العشرين. سيرة ذاتية ولد يوم 7 يونيو لعام 1923م في الإسكندرية، حصل علي ليسانس من قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة إسكندرية، ثم سافر إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي حيث أمضى خمس سنوات غادر بعدها إلي بريطانيا لاستكمال دراسته بمعهد السينما في لندن.تزوج الفنان "محمود مرسي" مرة واحدة فقط كانت من الفنانة "سميحة أيوب"، وله ولد واحد يدعى "علاء" يعمل طبيباً نفسياً. بدأ الفنان "محمود مرسي" حياته الفنية بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلا أنه قرر العودة إلى مصر في أعقاب أحداث العدوان الثلاثي وعمل مخرجاً للبرنامج الثاني بالإذاعة المصرية عام 1957م، ثم مخرجا بالتليفزيون عام 1959م، كما عمل مدرساً للتمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة ومديراً للمسرح الحديث. قدم أول أدواره الفنية عام 1962م من خلال فيلم "أنا الهارب" للمخرج نيازي مصطفى، ثم قدم دور البطولة في فيلم "الباب المفتوح"، وقد برع "محمود مرسى" في أدوار الشر خاصةً في دور ضابط السجن بفيلم "ليل وقضبان"، ودور "بدران" في فيلم "أمير الدهاء. على الرغم من امتلاك "محمود مرسي" لموهبة فنية حقيقة إلا انه كان مقلاً في الأعمال التي قدمها وخاصةً الأعمال السينمائية لاهتمامه بالكيف عن الكم، ومن أبرز الأعمال التلفزيونية التي شارك بها : "العملاق" و"زينب والعرش" و"الرجل والحصان" و"عصفور النار" و"إني راحلة" و"بين القصرين" و"قصر الشوق" و"رحلة أبو العلا البشري" و"أبو العلا البشري 90" و"العائلة" و"لما التعلب فات" و"بنات أفكاري". شارك في عدد من الأعمال السينمائية المتميزة منها : "ثمن الحرية" و"فجر الإسلام" و"أغنية على الممر" و"أمير الدهاء" و"حد السيف" و"السمان والخريف" و"ليل وقضبان" و"شئ من الخوف" و"سعد اليتيم" و"طائر الليل الحزين" و"الباب المفتوح" و"زوجتي والكلب" و"العنب المر" و"فارس بني حمدان" و"أبناء الصمت" و"أمواج بلا شاطئ" و"الشحاذ". نال الفنان "محمود مرسي" خلال مشواره الفني العديد من الجوائز والتكريمات حيث حصل علي جائزة التمثيل الأولى عن دوره في فيلم "الليلة الأخيرة" عام 1964م، وجائزة أحسن ممثل عام 1969م عن دوره في فيلم " شيء من الخوف"، كما تم تكريمه في مهرجان الفيلم الروائي عام 1998م. الصمت منهجه رفض محمود مرسي قبل خمس سنوات ترشيحه للفوز بجائزة الدولة التقديرية في مصر كممثل لأنه يرى ان الممثل ليس مبدعا، وان الأحق بالتقدير هما المخرج والمؤلف فلا قيمة لممثل بلا مخرج أو مؤلف جيدين لكنه نال جائزة الدولة التقديرية لان صفة الترشيح قد تغيرت فقد نالها تقديرا لعطائه الفني طوال مشواره. حوار نادر وفى حوار نادر أجرته مجلة "المصور" المصرية مع الرجل الذي لا يتكلم يقول مرسي عن حماسه للمطرب الشعبي أحمد عدوية وأغنيته السح دح امبو: "نعم وماذا في ذلك؟ إنها افضل من معظم أغاني هذه الأيام وأحمد عدوية فنان شعبي حقيقي تخرج من الحارة المصرية وأنا أرى انه يجب أن يكون للحارة أغانيها وللغرز والمقاهي والمواخير والطوائف المختلفة أغانيها أيضا". ويضيف فى نفس الحوار عن أفلام هنيدي وغيره من الشباب: "محمد هنيدي ممثل محدود القدرات ربما يضحك الناس لكنه غير قابل للتطوير ولن يصل أبدا إلى مقدرة عادل إمام وهناك آخرون مثله في القدرات المحدودة مثل علاء ولي الدين وآخرين لا اذكر أسماءهم وفيلم الواحد منهم يكلف ملاليم ويدر عليه ملايين والتفسير الوحيد هو أن طوفان التفاهة طاغ وعموما أنا لا أشاهد التليفزيون المصري ولا اذهب إلى السينما أو المسرح". قالوا عنه قالت عنه الفنانة كريمة مختار التى شاركته بطولة "ابو العلا البشري" فى لقاء لها مع برنامج "آخر النهار" مع الإعلامي محمود سعد على قناة النهار: "محمود مرسى مدرسة، وأنا بمثل معه كأنه بيدرس لك دورك، ومش عشان فى الأصل هو مخرج إذاعي ولكن عشان هو محمود مرسى، وده أسلوبه ".