دخلت قمة دول الأمريكيتين في دورتها السابعة والتي ستستضيفها بنما الأسبوع المقبل التاريخ حتى على الرغم من أنها لم تبدأ بعد، حيث أن قائمة المشاركين فيها تتضمن لأول مرة كوبا جنبا إلى جنب مع الولاياتالمتحدة. ومن المتوقع أن يصافح الرئيس الكوبي راؤول كاسترو نظيره الأمريكي باراك أوباما أمام آلات التصوير العالمية، وذلك في أول لقاء رسمي يعقد بين رئيسين من الولاياتالمتحدةوكوبا منذ قرابة 60 عاما. وعملية التصوير المتوقعة وما قد يعقبها من مباحثات في القمة يومي الجمعة والسبت المقبلين ستكون بمثابة صورة مثالية توضح مدى التقارب بين البلدين اللذين اشتد العداء بينهما في السابق بسبب الخلاف الأيديولوجي والتوترات التي لا تزال سارية. وفي مقابلة مع محطة "إن.بي.سي" التليفزيونية الأمريكية أذيعت في آذار/مارس الماضي قالت نائبة رئيس البنمي ومضيفة المؤتمر إيزابيل سان مالو دي ألفارادو " إن طاولة الحوار أصبحت جاهزة، والجميع مدعوون للجلوس عليها ". وتعد استضافة كوبا أمرا جديدا، فقد تم فصلها عام 1962 من منظمة دول الأمريكيتين التي تضم الدول الديموقراطية فقط، وذلك بعد أن تولى فيدل كاسترو الحكم فيها، وبعد أن أصرت الولاياتالمتحدة وكندا على عدم مشاركة كوبا في قمم الأمريكيتين التي كانت تعقد من آن لآخر منذ أن بدأ تنظيمها عام 1994. غير أن حلفاء كوبا في المنطقة مارسوا الضغوط من أجل إحداث تغيير، وأصدرت القمة الأخيرة التي عقدت في قرطاجنة عام 2012 قرارا برفض الاعتراضات الأمريكية والكندية على دعوة كوبا للمشاركة في القمة التالية. وعندما أعلنت الولاياتالمتحدةوكوبا سياسة الوفاق بينهما بشكل مفاجئ في 17 كانون أول/ديسمبر الماضي، تحولت القمة المرتقبة في بنما من مأزق دبلوماسي محرج إلى فرصة لإلقاء الضوء على التقدم. واستضافت كل من واشنطن وهافانا أربع جولات من المباحثات الرسمية منذ كانون ثان/ يناير الماضي، وتركزت على محاور إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بل وطرح قضية حقوق الإنسان الأكثر حساسية. وأعرب أوباما عن أمله في أن يتمكن البلدان من إعادة فتح سفارتيهما قبل القمة، على الرغم من تعثر المسار حول مطالب كوبا التي تشمل رفعها أولا من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. وقال ميشائيل شيفتر من مركز " الحوار بين الدول الأمريكية " للدراسات بواشنطن لوكالة الأنباء الألمانية " إنه من الواضح وجود إرادة من الجانبين للتقدم صوب الأمام، وليس ثمة من يعتقد أنه يمكن أن تختفي عقود من عدم الثقة والشكوك ما بين ليلة وضحاها ". غير أنه في الوقت الذي يتم فيه الإعداد للاحتفال ببداية المصالحة الأمريكية الكوبية، تهدد التوترات المتصاعدة منذ عام بين الولاياتالمتحدةوفنزويلا بسرقة المشهد ". فبعد المظاهرات الحاشدة المعارضة التي شهدتها فنزويلا في شباط/فبراير 2014 احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، ألقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالمسؤولية على واشنطن لما تعرضت له بلاده من متاعب اقتصادية وسياسية. وفي أعقاب ذلك حدثت سلسلة من تبادل طرد الدبلوماسيين بين البلدين، وتم سحب السفيرين، وبدأت الولاياتالمتحدة في توقيع عقوبات على فنزويلا بسبب مزاعم بانتهاك حقوق الإنسان. وساندت مجموعة من دول أمريكا اللاتينية المعارضة الفنزويلية لهذه العقوبات، وكانت كوبا من أبرز هذه الدول حيث أدانت الخطوة " التعسفية والعدائية " الأمريكية وتعهدت بتقديم " دعهما الكامل " لفنزويلا التي تعد حليفتها الوثيقة. والآن بدلا من أن يستخدم أوباما محفل القمة للتأكيد على حسن النوايا الجديدة في أمريكا اللاتينية، من المحتمل أن يواجه الانتقادات من جانب فنزويلا وبقية دول المنطقة. إن خسارة أوباما للنوايا الحسنة يمكن أن تصب في صالح كاسترو. وقال جيم سوشليكي مدير معهد الدراسات الكوبية، والكوبية- الأمريكية لوكالة الأنباء الألمانية " إن ما يريده كاسترو هو الحصول على الدعم من جانب دول أمريكا اللاتينية- ومن المرجح أنه سوف يحصل عليه من منطقة تشعر بالمرارة تجاه الولاياتالمتحدة". ولا يزال يتعين على كل من واشنطن وهافانا الإعلان عن عقد جلسة مباحثات ثنائية بين أوباما وكاسترو في أعقاب المصافحة بينهما. وأعلنت الولاياتالمتحدة فقط يوم الجمعة الماضي أنه سيتم حدوث " تفاعل " بين أوباما وكاسترو، وأنها لا تعتزم تناول موضوع خلافاتها مع فنزويلا خلال القمة. وقالت سينثيا أرنسون ، مدير برنامج أمريكا اللاتينية في مركز ويلسون بواشنطن لوكالة الأنباء الألمانية إنه سيكون"انتصارا " لجميع الأطراف أذا استطاعت القمة أن تسفر عن" تفاعلات إيجابية بين رؤساء الدول التي كانت في حالة عداء في الماضي". واضافت" سوف يكون انتصارا لكل المنطقة بوجه عام".