قيادات الجيش والوزراء يؤدون صلاة الجنازة على الضحايا في مطار ألماظة العسكري ، والأهالي في استقبال جثامين أبنائهم لاصطحابها إلى مثواها الأخير موزعة الحزن على محافظات مصر.. هذا هو المشهد المتكرر، الذي باتت مصر على موعد معه كل فترة. قبل 3 شهور، أنتج حادث كرم القواديس "الإرهابي" بمحافظة شمال سيناء هذا المشهد، وأمس كان المصريون على موعد جديد معه، ولكن مع تفاصيل أكثر إيلاما وأشد قسوة، أنتجتها طبيعة الحادث الذي شهدته المحافظة ذاتها مساء الخميس. فبينما تسلم أهالي ضحايا حادث كرم القواديس جثامين أبنائهم، وقاموا بتشييعها إلى مثواها الأخير، لا تزال بعض عائلات ضحايا الحادث الأخير، في انتظار جثامين أبنائهم، التي شوهتها التفجيرات وضيعت ملامحها. واستهدفت 3 تفجيرات متزامنة، مقار أمنية وعسكرية بمدينة العريش، مركز محافظة شمال سيناء، وفي نفس الوقت شهدت مقار أمنية أخرى في الشيخ زويد ورفح بنفس المحافظة هجوما بالأسلحة، وقال التلفزيون المصري الحكومي إن الحوادث أسفرت عن سقوط 20 قتيلا و36 مصابا، فيما أفاد مصدر طبي تحدث لوكالة الأناضول، مفضلا عدم ذكر اسمه، بأن عدد القتلى بلغ 29 بالإضافة إلى 45 مصابا، في حين لم تصدر أي جهة رسمية حتى الآن حصيلة نهائية بشأن الضحايا. وتعيش محافظة الشرقية هذه المعاناة، فمن بين ست ضحايا للحادث ينتمون لها، تم تشييع جثماني اثنين منهم، فيما بقي أربعة جثامين في انتظار تحليلات الحمض النووي DNA التي تجرى للتعرف على هويتهم. أحمد علام ، وهو شقيق والدة أحد الضحايا، يعيش مع شقيقته معاناتها، وهي في انتظار جثمان ابنها المجند أحمد عدوي، لتودعه إلى مثواه الأخير. ويقول علام لمراسل الأناضول في كلمات خرجت بصعوبة نتيجة حالته: "كنت أتمنى أن أشارك في زفاف ابن شقيقتي، إلا أن الإرهاب الأسود تسبب في أن تكون أمنيتنا هي التعرف على جثمانه". وبكلمات حاول من خلالها إبداء حالة من التماسك، أضاف متحديا : "قد يكون هول الصدمة أحزننا، لكننا سنتجاوزها بإذن الله، وأبناء العائلة كلها فداء لمصر في حربها مع الإرهاب". وتعيش أسرة الملازم أول أحمد صلاح محمد بلال ذات المعاناة، حيث أقيم بالأمس سرادق العزاء أمام منزل الأسرة في انتظار وصول الجثمان من مطار ألماظة العسكري بالقاهرة، لتشييعه إلى مثواه الأخير، ولكن طال الانتظار. وبحسب مراسل الأناضول، استقبل والد الملازم أول بلال طلبا من القوات المسلحة المصرية، لأخذ عينات منه، لإجراء تحليل الحمض النووي، لمطابقته بالجثث مجهولة الهوية لضحايا الحادث، لاكتشاف جثة ابنه. وعلى خلفية هذه التفاصيل المأساوية، لم تقو فادية محمد أحمد زوجة الملازم أحمد بلال على تحمل الصدمة، فخارت قواها ودخلت في نوبة إغماء، لتطالب بعد الاستفاقة منها، بالقصاص لمقتل زوجها. وقالت لمراسل الأناضول: "تزوجته قبل ستة أشهر، كان صديقي وزوجي وكل حياتي، لكن الإرهاب الأسود حرمني منه بعد فترة قصيرة جدا من الزواج .. أنا في انتظار القصاص". وبينما تنتظر هذه الأسر جثامين أبنائها لوداعها إلى مثواها الأخير، انتهت بالأمس أسر أخرى من وداع أبنائها، حيث تمكنوا من التعرف على جثامين ذويهم، وشيعوها إلى مثواها الأخير، وسط حكايات حزينة، ومنها حكاية المجند أحمد عصمت محمد صقر من إحدى قرى محافظة الشرقية. عصمت محمد صقر والد المجند بدا متماسكا وهو يودع نجله إلى مثواه الأخير، ولكن أهالي القرية الذين شاركوا في تشييع الجنازة أبدوا تعاطفهم مع الأب، الذي كان يجهز لزواج نجله بعد انتهائه من أداء الخدمة العسكرية. وقال خالد شكري، وهو أحد أبناء القرية لمراسل الأناضول: "هذا الأب المكلوم كان يجهز لزواج نجله، وبدلا من أن يزفه لبيته الجديد، شيع جثمانه إلى مثواه الأخير". وفي مدينة فاقوس من نفس المحافظة ، خرج الآلاف في وداع جثمان الرائد أركان حرب هشام محمد السيد عبد العال من قوة كتيبة 101 التي استهدفها الحادث الإرهابي. وحرصت والدة الرائد الراحل على محاولة التماسك وهي تصطحب نجلها الآخر وهو طيار بالقوات المسلحة لإلقاء نظرة الوداع على جثمان شقيقه، مطالبه إياه بالثأر لمقتل شقيقه. وإذا كانت محافظة الشرقية قد استأثرت بالنصيب الأكبر من الحزن، وكان نصيبها 6 ضحايا "اثنان شيعت جنازتهما وأربعة في انتظار تحليل الحمض النووي"، فإن محافظة الغربية كان لها نصيب هي الأخرى، وتحديدا في مدينة المحلة الكبرى، حيث خرجت "قرية محلة أبو علي" لوداع ابنها مجند القوات المسلحة محمد عادل حسن العدل، وفي مشهد اختلطت فيه الدموع مع الهتاف، ردد المشاركون في تشييع جنازته هتافات منها "الجيش والشعب يد واحدة". وشهدت محافظة كفر الشيخ هي الأخرى وداع 3 من أبنائها وهم سمير رفعت سيد شحاته ، ومحمد عاطف فرج، وأحمد عبد العزيز عبد المقصود المجندان بالجيش، كما ودعت محافظة أسيوط جثامين المجندين عبدالوهاب أحمد، وهاني محمد عبدالله، وصلاح سالم محمود، وودعت البحيرة (شمال دلتا النيل) جثمان مجند الشرطة شحاتة فتحى دسوقى مبروك، وودعت الدقهلية جثمان مجند الجيش تامر ماهر رجب.