هذا الرجل الذى اشتهى أن يصلح العالم ، قائلا : " هذه الإنسانية الضعيفة التي لا تريد أن تموت في صمت" .. عاش حياته من أجل العلم و الثقافة ، و أبدا لم يتزحزح عن مبادئه برغم ما تعرض له من إيذاء و نكبات ، هو المفكر المصرى الذى نحتفل بمئويته اليوم " لويس عوض " . انطلقت الاحتفالية برعاية المجلس الأعلى للثقافة ، و التى تستمر على مدى يومين ، و غاب عنها وزير الثقافة د. جابر عصفور ، و د. محمد عفيفى ، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، لسفرهما للرياض لحضور مؤتمر وزراء الثقافة العرب. و فى حفل الافتتاحية وجه د. رمسيس عوض شقيق الكاتب الراحل لويس عوض ، الشكر لوزارة الثقافة لاحتفائها بمئوية لويس الذى أعده أستاذه فى الحياة ، و ما هو إلا ثمرة فكره ، مؤكدا أنه أكثر من تأثروا بلويس عوض . و قال الدكتور خلف الميري رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية، أن الاحتفال بمئوية لويس عوض في هذا التوقيت، يعد تحديا لقوى الإرهاب الأسود الذي يفتك بالوطن حيث إن لويس عوض أحد أبرز المفكرين المؤيدين لمدنية الدولة ، و أن المنيا التى أخرجت لنا لويس عوض و طه حسين وغيرها من الأقاليم هى " الموطن الحقيقى " للمبدعين . من جانبه أشار د. مراد وهبة مقرر اللجنة العلمية بالمجلس ، إلى مدى حاجتنا اليوم لفكر لويس عوض المعاصر ، موضحا أن عوض و غيره من الأدباء هم " بوابة الخروج " من هذا النفق المظلم ، فى زمن " الإرهاب الكوكبى " . و عن فصل لويس عوض من الجامعة ، قال وهبة إن تعرض عوض لإشكالية " الدين و الفن " فى مقالاته التى نشرت فى كتاب " المسرح المصرى " ، هى السبب فى فصله من الجامعة عام 1954 بقرار من مجلس قيادة الثورة ، و ختم حديثه بالتأكيد على أن لويس عوض مازال حيا بيننا ، بفكره الذى كان سابقا لعصره . أدب الحياة قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، إن احتفال الدولة بمئوية المفكر المصري لويس عوض، تعتبر صرخة ضد الإرهاب ، مضيفا أن "عوض" تعرض للأذى عندما دافع عن الديمقراطية؛ حيث تم اعتقاله وفصله من عمله في عهد الرئيس الراحل السادات ، و طالب عبد المعطي، الدولة برد اعتبار المفكر المصري وتعويضه عن كل الأذى الذي تعرض له طوال حياته ، فكان لويس عوض مثالا للمثقف الفاعل ، الذى جعلت منه النكبات مثقفا نقيا صلبا متمسكا بمواقفه . و عن وصية لويس عوض بإهداء مكتبته لجامعة القاهرة ، التى رفضت وقتها ذلك الطلب رغم الإلحاح المتكرر ، فى حين قبلته الجامعة الأمريكية على الفور ، و ضمته لمجموعة كتبها النادرة ، قال حجازى أن هذه خسارة كبيرة ، فمكتبة عوض كانت غاية فى الثراء بين مؤلفاته و ترجماته . فيما تحدث د. إبراهيم فتحى عن الحساسية الجديدة و الحداثة عند لويس عوض ، كما تحدث عن علاقة الحداثة بالتراث ، و أكد أن د. لويس عوض انحاز إلى أدب الحياة على أدب المجتمع ، و كان من أوائل النقاد العرب الذين عمقوا مصطلح الحساسية الجديدة ، فى حساسية الأديب بالحياة و انفعاله بها لغة و خيالا و تصويرا . و أكد فتحى أن عوض لم يجرى يوما وراء الشعارات المحفوظة ، بل تميز بدوره التنويرى المجدد فى الأدب و الفكر . شهوة إصلاح العالم " أعلم أنى أحمل بين جوانبى شهوة لإصلاح العالم " ، قال د. عبد الرحيم الكردى ، أن هذة الجملة استوحاها لويس عوض من ترجمته للشاعر "برسى بيش شلى "، الذى أحب فيه النزعة التمردية ، تلك الروح الذى ميزت شلى أصابت لويس عوض و تلبسته ، فشكلت شخصيته و فكره ، و أشعلت به جذوة " النار المقدسة " ،متابعا أن كل الشخصيات التى حملت التمرد فى داخلها ، كان ينجذب لها عوض ، و قال لويس عوض عن الأفغانى " آه لو كان هذا الرجل مصريا " رغم اختلافه معه ، و لكنه حمل بذرة التمرد . و أكد الكردى أن كل ما كتبه لويس عوض يرتبط بشكل ما بشهوة إصلاح العالم ، و تلك الشهوة تولدت فى عوض منذ نشأته فى فترة " الليبرالية المريرة " لوجود الاستعمار ، ورغم وجود السجون و لكن كان هناك حرية كبيرة للكتاب ، ولدت العديد من المبدعين الأحرار ، و قال عوض عن عميد الأدب العربى " طه حسين " الذى أعده أستاذه : شهوة إصلاح العالم فى طه حسين كانت تحمل الحكمة ، و ياليتنى أحمل تلك الحكمة " . كتابات لويس عوض من جهته حدثنا د. محمود فهمى حجازى عن مشروع جمعه بلويس عوض ، و دعمته الدولة فى عهد وزير الثقافة " ثروت عكاشة " و لكنه لم يكتمل بسبب النكسة ، المشروع هو " القاموس الإنجليزى " الذى شارك فيه 40 من أساتذة اللغة الإنجليزية و اللغة العربية ، و عدد من الأساتذة فى التخصصات الأخرى ، مناديا بعودة تمويل الدولة للمشروعات الثقافية الكبرى ، و إنتاج المعاجم ، بدلا من أن نكون عالة على المعاجم التى تصدرها الدول العربية . و عن لويس عوض قال حجازى أنه كان هناك " منطلقات أساسية فى كتاباته " ، أولها أن الدين لله و الوطن للجميع ، و معاداة الاستعمار لا الفكر الأوروبى الذى رأى أننا يجب أن نتعلم منه كل ما يفيد ، و أن التخلف يجعلنا مطمع للدول الأخرى . و اتسم إنتاج لويس عوض النقدى للأدب الإنجليزى بالجدية قبل فصله من الجامعة و تحوله للعمل العام ، كما أكد على أهمية التعليم فى كتاباته فى تكوين الانتماء ، و أكد على قيم المواطنة ، و الدولة الحديثة . و فى الختام دعا المخرج " شفيع شلبى " المشاركون لحضور الجزء الأول من فيلمه التسجيلي "أوراق العمر"، غدًا الثلاثاء، في الثالثة عصرًا، بالمجلس الأعلى للثقافة ، و الذى يدور حول مشروع لويس عوض الثقافى .