بعد رحيل شيخنا أبي همام فقد الشعر العربي أحد شعرائه المجيدين الحقيقيين. كان عقاب العربية الشيخ محمود محمد شاكر (رحمه الله) يفضله على الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل (رحمه الله) ويقول له: (أنت أشعر من محمود حسن إسماعيل!). وبالطبع فإن هذا رأي شخصي للشيخ شاكر، فيه بعض المبالغة؛ لأن محمود حسن إسماعيل -كما قال الشاعر فاروق شوشة- أهم شاعر مصري بعد شوقي. وبالتالي يكون معنى مقولة الشيخ شاكر أن أبا همام أهم شاعر مصري بعد شوقي! ومن الطريف أن أبا همام كان يقول عن محمود حسن إسماعيل: (إنه صبأ إلى الشعر الحر!)؛ لأنه كان من الشعراء الذين ينظمون الشعر المقفى، ثم ترك الشعر المقفى إلى الشعر الحر مواكبة لحركة التجديد الشعري آنئذ. هكذا كتب الشاعر محمد المعصراني بتدوينته التي خص بها "محيط" والتي نشرها أيضا على صدر صفحته ب"فيس بوك" مؤكدا أنه بعد رحيل أبي همام ، يجب أن يحرص الشعراء المجيدون الخليليون على ما انتهجه في أشعاره من التزام دائم بالشعر المقفى والاعتناء بالكتابة على بحور وصور عروضية نادرة. ومصر -بحمد الله- مليئة بالشعراء المجيدين الممتازين ممن يحرصون على الشعر المقفى في إبداعاتهم. منهم على سبيل المثال: شاعر مصر الكبير: الشاعر أحمد غراب والشاعر حسن شهاب الدين والشاعر أحمد حسن محمد والشاعر الشربيني شريدة، وشعراء آخرون كثيرون يضيق المجال عن ذكرهم. ومن المعروف أن أبا همام كان له اعتناء بالغ ببحر المنسرح وبعض الصور العروضية النادرة. وكان لا يميل إلى النظم على الأوزان المشهورة. وحين نشرت ديواني (مقام المديد) كتبت كلمة في آخر الديوان قلت فيها: (لعل هذا الديوان يكون دعوة لأصدقائنا الشعراء إلى أن يكتبوا بعض قصائدهم على بحر المديد). وفي ظني أن الشعراء المجيدين الآن إذا توجهوا للنظم على المديد والمنسرح والمقتضب والمضارع ونادر الكامل ونادر الخفيف فإن البحور العروضية ستتغير درجاتها لتتقدم في رتبتها والنظم عليها، وسيتأخر الرجز والمتدارك والرمل الذين تقدموا في إحصائيات البحور المنظوم عليها في الشعر العربي المعاصر.